الحسيــــــــــن ابن علي..ريحانة المصطفـــى
سأذكر في هذه الأسطر القصة الخالدة على لسان الحقيقة الواضحة المنيرة بلسان علمائنا ومشايخنا السلفيين الأفاضل الذين نقلوا لنا ما حدث في ذاك الزمان.
قصة استشهاد ريحانة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وآله..ورضي الله عن الحسين..من القصص التي لا يمكن لمسلم أن ينساها أو أن يتجاهلها..لا سيما أن الشهيد ليس رجلا عاديا من بقية القوم إنما هو بضعة النبوة..
وفي كتب أهل السنة ذكر لقصة استشهاد الحسين ابن علي صحيحة مؤصلة , لا زيادة ولا نقصان ولا أكاذيب ولا مبالغات , بل ذكرها السابقون والحاضرون بكل شفافية ومصداقية منزهة من كل العوالق الجرثومية التي ألصقها بها بنوا رفض عليهم من الله ما يستحقون.
ونحن والذي نفس محمد بيده بذكرنا هذه القصة صحيحة إن شاء الله..لتتفطر أكبادنا حزنا وتدمي قلوبنا ألما على ما حدث له رضي الله عنه , ونتحسب على كل من ناله ونال جسده الطيب بسيفه وبلسانه..
ولا نعبث ولن نكترث بكل دعاوى ومعمعة شيوخ هذه الفرقة الناقصين الذين حينما لم يجدوا حلاً للخروج من مأزق وعار خذلانهم وخيانتهم للحسين رضي الله عنه , ما كان أمامهم إلى أن ألصقوا عارهم بأهل السنة ـ فأدعوا ظلما وزورا أن أهل السنة هم ظلمة آل للبيت وقتلتهم ..
فتبا لتاريخهم النجس الذي لعب لعبته القذرة العفنة بطي صفحات التاريخ الصحيح..لكنه لم يفلح في خديعته ولم ينجوا من خطيئته..
بل ونعلنها قسما بالله وتا الله وبالله ـ أن الأجساد الطاهرة تناثرت في أرض كربلاء على أيدي شيعة الخيانة والرذيلة , شيعة الغرور والهزيمة , شيعة الحقد والضغينة , شيعة القبح والفضيحة.
نعم أنتم يا مدعي حب الحسين وحب آل للبيت من قصمت أيديكم ظهور أجساد ورثة الجنة وليس أهل السنة أعلنتم ذلك أم كتمتموه ,,صرحتم بذالك أم أخفيتموه
سيبقى عار آباء الماضي معلق بوجه أبناء الحاضر
نعم /رضي الراضي , ورسخط الساخط ..
لا إله إلا الله ـ تبرأنا منهم ومن عملهم إلى يوم الدين..
أقول وقول الله خير وأبقى ::
بعدما استشهد علي رضي الله عنه على يد عبد الرحمن بن الملجم المرادي وكلنا يعلم أن هذا الخبيث خارجي ممن نافق الإمام علي , كما يفعله اليوم أتباعه.. بايع أهل الكوفة الحسن ابن علي رضي الله عنهما...
الحسن رضي الله عنه هنا نجد أنه تنازل عن الخلافة كلها إلى معاوية رضي الله عنه..
لذا سمي هذا العام بـ( عام الجماعة )
ملاحظة :
(ولقد قيل أن عام الجماعة بمثابة العلقم في حناجر الخوارج ، لأنهم لم يريدوا أبدا أن تهدأ الأمة وأن تنعم بالحب والسلام والإجتماع ,,بل على النقيض كانوا يريدون أن يكملوا سيرة الفتن والحروب فيما بين المسلمين .. خاصة أن الأمة لا تزال متألمة من الفتنة التي حلت في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب ومن ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم جميعا..لذا كان هذا العام بمثابة اليد المباركة التي مسحت على جسد الأمة المريض في ذاك الوقت..وفعلا هدأت المشكلات , بل تحولت إلى فتوحات ونصر وخير للأمة ولله الحمد والمنة)
هنا..انتقل الأمر من الخلافة إلى الملك..
تولى معاوية 20 سنة حتى سنة 60 ولم تكن مشكلات بل فتوحات..خلالها توفي الحسن ..ولم يأتي شيء بسند صحيح عن سبب موته 49""وكان رضي الله عنه من أشد الناس معارضة لخروج الإمام علي لأجل القتال...
فرضي الله عنه وأرضاه..وجمعنا به وبوالده وجده في جنة الخلد.
أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه..أمر الناس بمبايعة ابنه يزيد بعد موته ـ
موقف اهل السنة..فهم مقرون على البيعة تلك ـ لكنهم عابوها لأمرين :
1/ بدعة جديدة ـ حيث جعلها في ولده فكأنها صارت وراثه بعد أن كانت شورى ـ من أهل بيته فأهل السنة في موقفهم أنهم رفضوا المبدأ فقط بغض النظر عن الشخص.
2/ عدم أهلية يزيد للخلافة وأنه كان هناك من هو أولى منه بها كابن عمر والحسين وغيرهم.
أما الشيعة
يرون أن الإمامة في علي وأبناءه فقط فلا يعيبون بيعة يزيد ذاتها بل يعيبون كل البيعات بغض النظر عن المبايع فهم يعيبون خلافة أبو بكر وعمر وعثمان..لأنهم لا يرون أحدا أحق بالإمامة إلى علي وأبناءه أما غيرهم فلا.. رضوان الله على الجميع...
..وهذا من معمعتهم الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع..
خــروج الحسين رضي الله عنه..
نلاحظ أنه كانت هناك أسباب لخروج الحسين ابن علي رضي الله عنه ..
منها مشيئة الله النافذة وإرادته التي لا راد لها مهما كانت الأسباب أو الشخصيات ..فما كان حاصل وما لم يكن لن يحصل مهما كان..فسبحانه الله .
كذلك..اعتقاد الحسين من تولية معاوية لإبنه يزيد بالخلافة .. مخالفة أمر المسلمين بأن تكون الخلافة شورى بين المسلمين لا وراثة..لأجل هذا كان ذلك الأمر يعد مخالفة لما عليه المسلمين..
ومع ذلك فإنه لم يهتم بالخروج على معاوية، نظراً لمبايعته له بالخلافة، فظل على عهده والتزامه. ولكن بعد وفاة معاوية تغير الموقف، فالحسين لم يعد في عنقه بيعة توجب عليه السمع والطاعة، ويدل على ذلك محاولة والي المدينة الوليد بن عتبة أخذ البيعة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وخروجهما بعد ذلك إلى مكة دون أن يأخذ بيعتهما
إن موقف الحسين وفتواه ضد الحكم الأموي مرت بمرحلتين:
الأولى: مرحلة عدم البيعة ليزيد، وذهابه إلى مكة، وهذه المرحلة أسس فيها الحسين موقفه السياسي من حكم يزيد، بناء على نظرته الشرعية لحكم بني أمية، فهو يرى عدم جواز البيعة ليزيد، وذلك لسببين، فعلى الصعيد الشخصي فإن يزيد لا يصلح خليفة للمسلمين نظراً لانعدام توفر شرط العدالة فيه، كما أن الحسين أفضل وأحق منه بمنصب الخلافة، فهو أكثر منه علماً، وصلاحاً وكفاءة وأكثر قبولاً لدى الناس من يزيد، أما الصعيد السياسي فلانعدام شرط الشورى، والاستئثار بالسلطة للحكم الأموي، والذي يخالف المنهج الإسلامي في الحكم. ولم يغب عن الحسين رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ولكن فهمه لهذاالحديث أنه في حق من كان صالحاً للخلافة وأهلاً لها وكان عن شورى المسلمين. وعدم مبايعة الحسين ليزيد كانت تعني عدم إعطاء الشرعية للحكم الأموي وهو أمر كان الأمويين يحرصون عليه أشد الحرص وقد كتب يزيد إلى واليه في المدينة بأخذ البيعة من الحسين وابن عمر وابن الزبير، وأن يأخذهم بالشدة حتى يبايعوا، وفي نفس الوقت فإن عدم البيعة يسهل له حرية العمل السياسي واتخاذ القرار الذي يراه مناسباً لمقاومة الحكم الأموي.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة العمل على مقاومة الحكم الأموي وطرح نفسه بديلاً للسلطة الأموية في دمشق، وهو ما يعبر عنها الفقهاء بالخروج على الإمام. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الحسين قد مكث في مكة بضعة أشهر قبل خروجه إلى العراق فقد قدم إلى مكة في الثالث من شعبان سنة 60هـ للهجرة، وخرج إلى العراق في الثامن من ذي الحجة من نفس السنة. وفي هذه الفترة كان رضي الله عنه يراسل أهل العراق، وتقدم إليه الوفود، حتى رأى أنه لابد من مقاومة الظلم وإزالة المنكر وأن هذا أمر واجب عليه، وكانت شيعته بالعراق على اتصال به وتمت بينهم مراسلات، وقد وصل الحسين بن علي إلى قناعة راسخة وبنى قراره السياسي على فتوى اقتنع بها في مقاومته للحكم الأموي، فهو يرى أن بني أمية لم يلتزموا حدود الله في الحكم، وخالفوا منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وبنى الحسين رضي الله عنه فتواه بتسلسل منطقي شرعي، فاستبداد بني أمية، والشك في كفاءة وعدالة يزيد، توجب عدم البيعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على علماء الأمة، ومن أكبر المنكر حكم بني أمية واستبدادهم، وبما أن الحسين ليس في عنقه بيعة، وهو أحد علماء الأمة وسادتها، فهو أحق الناس بتغيير هذا المنكر، وعلى ذلك فليس موقفه خروجاً على الإمام، بل هو تغيير المنكر، ومقاومة للباطل، وإعادة الحكم إلى مساره الإسلامي الصحيح، ومما يدل على حرص الحسين رضي الله عنه على أن تكون فتواه وتحركاته السياسية في مقاومته للحكم الأموي متماشية مع تعاليم الإسلام وقواعده، امتناعه عن البقاء في مكة عندما عزم على مقاومة يزيد حتى لا تستحل حرمتها وتكون مسرحاً للقتال وسفك الدماء، فيقول لابن عباس: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أقتل بمكة وتستحل بي
ذكر ابن كثير الفسق الذي نسب ليزيد لم يثبت عنه بسند صحيح..فالعلم عند الله في حالته وهذا لا يعنينا بل أمره إلى الله
بويع يزيد بن معاوية أميرا للمؤمنين عام 60من الهجرة النبوية.
ولم يبايع الحسين وعبد الله ابن الزبير...وخرجا إلى مكة..فبلغ ذلك أهل العراق وكانوا هم أيضا لا يريدون بيعة يزيد..فحين ذلك أرسلوا الكتب إلى الحسين وكلها فيها :
أننا بايعناك ولا نريد يزيد بل أنت وليس في عنقنا بيعة يزيد بل بيعتك أنت...
بعد توافد الرسائل من زعماء الكوفة على الحسين رضي الله عنه والتي تطلب منه المسارعة في القدوم إليهم، ولما كان العدد مشجعاً أراد أن يطلع على حقيقة الأمر، فبعث ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليستجلي له حقيقة الخبر، ثم يكتب إليه بواقع الحال، فإن كان ما يقولون حقاً قدم عليهم، خرج مسلم بن عقيل بصحبة عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي، وقيس بن مسهر الصيداوي، وعمارة بن عبيد السلولي فلما وصل مسلم المدينة أخذ معه دليلين، وفي الطريق إلى الكوفة تاهوا في البرية ومات أحد الدليلين عطشاً، وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه، وذلك بسبب إحساسه النفسي لمدى الصعوبات التي تنتظره في الكوفة، ولكن الحسين رفض طلبه، وأمره بمواصلة المسير نحو الكوفة.. ولما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة نزل عند المختار بن أبي عبيد في أول قدومه فلما جاء ابن زياد وتولى إمارة الكوفة، وأخذ يشدد على الناس انتقل مسلم عند هانيء بن عروة وذلك خشية انكشاف أمره ثم لمكانة هانيء وأهميته ..
ولما بدا الشك يساور ابن زياد من هانيء بن عروة خشي مسلم بن عقيل على نفسه، وانتقل أخيراً ولفترة قصيرة جداً عند مسلم بن عوسجة الأسدي أحد دعاة الشيعة(4)، ولما بلغ أهل الكوفة قدوم مسلم بن عقيل قدموا إليه فبايعه اثنا عشر ألف(5)، وتمت تلك المبايعة بصورة سرية مع تحرص شديد، ولما تأكد لمسلم بن عقيل رغبة أهل الكوفة في الحسين وقدومه إليهم كتب إلى الحسين أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله إن جميع أهل الكوفة معك فأقبل حين تنظر في كتابي
..وصار كل ما في الأمر هو انتظار متى سيأتي الحسين رضي الله عنه إلى الكوفة
، وهنا تأكد للحسين صدق نوايا أهل الكوفة وأنه ليس عليهم إمام كما ذكروا من قبل، فلا بد في هذه الحالة أن يفي لهم بما وعدهم به، حين كتب إلى أهل الكوفة: وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فإذا كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأته في كتبكم، أقدم عليكم إن شاء الله، فلما وصل إلى الحسن بن علي كتاب مسلم بن عقيل والذي طلب منه القدوم إلى الكوفة وأن الأمر مهيأ لقدومه تجهز الحسين بن علي وعزم على المضي إلى الكوفى بأهله وخاصته
بلغ الأمر أمير الكوفة النعمان ابن بشير..فترك الأمر ولم يعبأ به لأنه كان واضحا مراقبة الله في سيايته...حتى خرج الناس الذين عنده وأخبروا يزيد بذلك..في الشام
ولم تعجب يزيد سياسة النعمان فعزله من ولاية الكوفة وعين بدله عبيد الله بن زياد وكتب إليه: إن شيعتي من أهل الكوفة كتبوا إليّ يخبروني أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين فسر حين تقرأ كتابي هذا حتى تأتي أهل الكوفة فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة، حتى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه والسلام.
وغادر ابن زياد البصرة بعد أن اتخذ عدة إحتياطات خوفاً من حدوث إضطرابات وأناب عنه أخوه عثمان بن زياد على البصرة ثم خرج من البصرة ومعه وجوه أهل البصرة أمثال مسلم بن عمرو الباهلي، وشريك بن الأعور الحارثي وحشمه وأهل بيته(3). وأقبل ابن زياد إلى الكوفة ودخلها متلثماً والناس قد بلغهم إقبال الحسين إليهم، فهم ينظرون قدومه، فظنوا حين قدم عبيد الله أنه الحسين بن علي، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلا سلموا عليه وقالوا: مرحباً بك يا ابن رسول الله، قدمت خير مقدم، فلما أكثروا عليه صاح فيهم مسلم بن عمرو وقال: تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد فلما نزل في القصر نودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم ثم خطبهم ووعد من أطاع منهم خيراً وتوعد من خالف وحاول الفتنة منهم شراً
حرص عبيد الله بن زياد على جمع المعلومات بواسطة جواسيسه على الفئات المعارضة واستطاع أن يخترق أتباع مسلم بن عقيل وقد كلّف أحد رجاله بهذه المهمة فأعطاه مبلغاً من المال وكان الرجل من أهل الشام يقال له معقلاً..
فانطلق الرجل حتى دخل المسجد الأعظم، ثم نظر إلى رجل يكثر الصلاة فدنا منه وجلس، فقال: جعلت فداك إني رجل من أهل الشام مولى لذي الكلاع، وقد أنعم الله علي بحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب من أحبهم، ومعي هذه الثلاثة الآلاف درهم، أحب إيصالها إلى رجل منهم، بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين بن علي، فهل تدلني عليه لأُوصل هذا المال إليه؟ ليستعين ..
قال له الرجل: وكيف قصدتني بالسؤال عن ذلك دون غيري ممن هو في المسجد؟
قال: لأني رأيت عليك سيما الخير فرجوت أن تكون ممن يتولى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المهم أن مسلم ابن عوسجه أخبر الرجل عن أمره , وتعاهد معه أن لا يكتم أمره ,وقد أعطاه العهد ..فكان الرجل يمكث مع مسلم ابن عوسجة فيعرف جميع أخباره وينقلها إلى عبيد الله ابن زياد, وأخبره بمكان مسلم ابن عقيل وأنه يمكث عند عروة ابن هانئ وهكذا استطاع ابن زياد أن يعرف أخبار مسلم بن عقيل وتحركاته , وحقيقة أمر الحسين رضي الله عنه ومبايعة الناس له .
أرسل مسلم إلى الحسين أن أقدم فإن الجو قد تهيأ
فخرج من مكه يوم الترويه..فرجه
حينها رجع هذا المولى إلى ابن زياد واخبره الخبر فقال علي ببن هانئ
سأله أين مسلم ابن عقيل؟
فقال ابن النعمان : لا أدري
فنادى ابن يزيد مولاه..فقال هل تعرفه..قال نعم..فاسقط في يده..فعرف ابن النعمان أن االمسأله خدعة..
اين مسلم
فقال والله لو كان تحت قدمي ما رفعته..أي ما أخبرتك..
عندها ضربه ابن يزيد وأمر بحبسه
بلغ مسلم الأمر فخرج وحاصر القصر بأربعة ألاف رجل..وعندما عرف أهل الكوفة الخبر خرجوا معه ,
وكان ابن زياد يملك قدراً كبيراً من الدهاء والمكر والخداع، حيث أنه بمجرد دخوله القصر جمع وجوه الكوفة واحتفظ بهم عنده حتى يكونوا وسيلة ضغط مهمة عنده ستثمر عن نتائج إيجابية جداً لصالح ابن زياد. وتقدم مسلم بهذه الجموع، صوب قصر الإمارة التي يتحصن بها ابن زياد، وهنا طلب ابن زياد من أشراف الناس وزعماء الكوفة الذين معه أن يعظوا الناس ويخذلوهم ويخوفونهم بقرب أهل الشام وصار هؤلاء الأمراء والزعماء يثبطون الناس، ويذكرونهم بالسلامة والأمن، وأنهم إن لم ينصرفوا سيحرمون من العطاء، وسيساقون إلى الثغور وسينالهم العقاب الشديد، ولم يكن التثبيط مقصوراً على الأمراء فقط، بل إن النساء كان لهن دوراً كبيراً في إضعاف عزيمة المناصرين لمسلم، إضافة إلى الآباء وكبار السن فقد كان لهم نفس الدور. وكانت المرأة تأتي أبنها وأخاها وتقول: انصرف، الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر انصرف. وأخذت هذه الحرب النفسية التي جوبه بها المؤيدون لمسلم بن عقيل من التهويل والتخويف تعمل عملها بين صفوف الناس، فبدأوا ينصرفون عن مسلم بن عقيل وأخذ العدد يتضاءل سريعاً حتى أنه لما قرب المساء لم يبقى مع مسلم بن عقيل إلا عدداً بسيطاً يتراوح بين الثلاثمائة والخمسمائة رجل... ولما أمسى المساء تفرق الناس، وبقي مسلم بن عقيل وحيداً في طرقات الكوفة.
فأتى بيتاً فخرجت إليه امرأة، فقال: اسقني، فسقته، ثم دخلت، ومكثت ما شاء الله، ثم خرجت، فإذا به على الباب، فقالت: ياهذا، إن مجلسك مجلس ريبة، فقم، فقال: أنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوىً؟ قالت: نعم فادخلته، وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فانطلق إلى مولاه فأعلمه، فبعث عبيد الله الشُّرَط إلى مسلم، فخرج وسل سيفه، وقاتل فأعطاه ابن الأشعث أمانً فسلمّ نفسه
وفي الطريق نحو ابن زياد بكى مسلم فقيل له: إن من يطلب مثل ما تطلب لا يبكي إذا نزل به مثل الذي نزل بك. قال: إني والله ما لنفسي أبكي ومالها من القتل أرثي وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفاً، ولكني أبكي لأهلي المقبلين إلى الكوفة، أبكي حسيناً وآل الحسين. وأقبل مسلم على محمد بن الأشعث فقال: يا عبد الله، إني والله أراك ستعجز عن أماني، فهل عندك خير تستطيع أن تبعث رجلاً على لساني يبلغ حسيناً عني رسالة؟ فإني لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم أو غداً هو وأهل بيته، وإن ما تراه من جزعي لذلك، فتقول: إن ابن عقيل بعثني إليك وهو في أيدي القوم أسير لا يدري أيصبح أم يمسي حتى يقتل، وهو يقول لك:
ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة، فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، إن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي.
حين دخل إلى ابن عباده سأله عن سبب عمله..فأخبره مسلم أنها بيعة في أعناقنا للحسين
فقال إني قاتلك..قال إذا أوصي..فقال أوصي..
فنظر مسلم في جلسائه وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال: عمر، إن بيني وبينك قرابة، ولي إليك حاجة، وهي سر، فقم معي إلى ناحية القصر حتى أقولها لك، فأبى أن يقوم معه حتى أذن له ابن زياد، فقام فتنحى قريباً من ابن زياد، فقال له مسلم: إن علي ديناً في الكوفة سبعمائة درهم، فأقضها عني، واستوهب جثتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الحسين، فإني كنت قد كتبت إليه أن الناس معه، ولا أراه إلا مقبلاً, فقام عمر، فعرض على ابن زياد ما قال له: فأجاز ذلك كله، وقال: أما حسين فإنه لم يردنا ولا نرده، وإن أرادنا لم نكف عنه ثم أمر ابن زياد بمسلم بن عقيل، فأصعد إلى أعلى القصر، وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر ويصلي على ملائكة الله ويقول: اللهمّ أحكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا، ثم ضرب عنقه رجل يقال له: بكير بن حمران ثم ألقى رأسه إلى أسفل القصر، وأتبع رأسه بجسده
فأرسل رجلاً أن يأمر الحسين أن يرجع وأن الناس قد خذلوه وأن الأمر قد انقضى وانتهى..
وقال مسلم كلمة مشهورة (إرجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي)
لأنهم فعلاً خذلوه..وهكذا كان رأي أصحاب الحسين رضي الله عنه.
واتخذ ابن زياد إجراءً يدل على قسوته وجبروته وظلمه، فقد أمر بهانيء فأخرج إلى السوق وقتل وظل هانيء يصيح لقبيلته مذحج ولكن لم ينصره أحد، ثم صلب هانيء ومسلم في سوق أمام الناس، ثم أمر بضرب أعناق اثنين من الذين كانوا يخططون لنصر مسلم بن عقيل وصلبهما في السوق أيضاً. وكان في وسع ابن زياد أن يرسل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة إلى الخليفة بدمشق، وربما يسجنون أو يعفى عنهم فيما بعد بدلاً من أراقة الدماء وإيجاد الإحن والعداوات بين المسلمين. وقد برهن ابن زياد على بطش الدولة وعسفها وأنها لا تبالي إلا بالحفاظ على سلطانها مهما كلفها ذلك من سفك الدماء ويبدو أن مسلماً ـ رحمه الله ـ لم يكن بالسياسي المحنك الذي ينظر للمستقبل بحذر، ويزن الأمور بميزان الوقائع السابقة ويقيس الأحداث القائمة على نظيراتها الماضية لهذا غرّه تكاثر المبايعين، وبكاؤهم بين يديه ووعودهم الموثقة بنصرة الحسين فأسرع وكتب إلى الحسين يستقدمه، ويحثه على سرعة الحضور فقد تمهدت له البيعة والحضور. فالعواطف وحدها لتكفي في قلب الأنظمة وإزالة الدول، فلا بد من القيادة الراشدة، والتنظيم المحكم، والتخطيط البعيد، وتوثيق الأفراد، والأعداد المعنوي والمادي معاً جنباً إلى جنب، ونستطيع أن نقول بأن ما اعتمد عليه مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة من حسابات كانت خاطئة وغير صحيحة، فقد ظن مسلم بن عقيل إن العاطفة المحركة لكثير من العامة هي السبيل الوحيد للنصر ولم يأخذ في الاعتبار تأييد زعماء الكوفة أو الاتصال بهم، ولم يحاول مسلم بن عقيل أن ينظم تلك الجموع، وفق اختصاصات معينة تسيطر عليها منظمة سرية تستطيع أن تتحرك في الخفاء وبدون قيود، كما أنه أخفق في توظيف الإمكانات التي توفرت له، حيث أن العاطفة المسيطرة على المجتمع الكوفي كفيلة بأن تقلب الأمور لصالحه وذلك بعد إرادة الله، فيما لو استخدمت وأرشدت تلك العاطفة إرشاداً صحيحاً مميزاً، ونجد الطرف الآخر النصير وهو هانيء بن عروة والذي يعتبر من أبرز الناس الذين أيدوا مسلماً وناصروه اعتمد على قوة وكثرة قبيلته، وظن أنه بمنأى عن العقاب وكان هو أيضا أخطأ في الحسابات..فرحمهما الله .
خرج الحسين رضي الله عنه من مكة يوم التروية الموافق لثمان من ذي الحجة سنة ستين، أدرك والي مكة عمرو بن سعيد بن العاص خطورة الموقف فأرسل وفداً إلى الحسين وعلى رأسهم أخوه يحي بن سعيد بن العاص فحاولوا أن يثنوه عن عزمه ولكنه رفض فنادوه: يا حسين، ألا تتقي الله تخرج عن جماعة المسلمين وتفرق بين هذه الأمة، فردَّ الحسين قول الله تعالى: ((لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) ((يونس ، الآية : 41). فخرج الحسين متوجهاً إلى العراق في أهل بيته وستين شيخاً من أهل الكوفة. وكتب مروان بن الحكم إلى ابن زياد: أما بعد فإن الحسين بن علي قد توجه إليك، وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين، وإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء ولا ينساه العامة، ولا يدع ذكره، والسلام عليك، وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص ينهاه عن التعرض للحسين ويأمره بأن يكون حذراً في تعامله مع الحسين: قائلاً له: أما بعد فقد توجه إليك الحسين وفي مثلها تعتق أو تعود عبداً تسترق كما يسترق العبيد. وفي الطريق إلى الكوفة قابل الحسين الفرزدق الشاعر المشهور بذات عرق. فسأله الحسين بن علي عن تصوره لما يقوم به أهل الكوفة حياله، ثم أراد أن يعطي الفرزدق إيضاحاً أكثر وقال: هذه كتبهم معي، فرد عليه الفرزدق: يخذلونك فلا تذهب فإنك تأتي قوماً قلوبهم معك وأيديهم عليك.
لافض فوكـ ـ فإنهم والله لا يزالون اليوم على ماكانوا عليه بالأمس ألسنتهم معسولة يُخدع بها سامعها وقلوبهم يعتصرها الكره والبغض للأمة ولو بأيدي أحدهم لقطع أوصال الأمة قيحا وعدوا فبعدا للقوم الكافرين.
وليس الفرزدق هو فقط من حذر الحسين , بل الصحابة حاولوا منعه بكل الطرق والوسائل ولكنه أبى رضوان الله عليهم جميعا..
من الصحابة والتابعين الذين حاولوا صرفه عن هذا العمل :
أخوه محمد ابن الحنفية الذي ما إن علم بخروجه إلى الكوفة حتى قدم إليه وقال له : قال: يا أخي أنت أحب الناس إلي، وأعزهم علي، ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك، تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم أبعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدن الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ويذهب به مروءتك ولا فضلك أني أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم، فمنهم طائفة معك، وأخرى عليك فيقتلون فتكون لأول الأسنة، فإذا خير هذه الأمة كلها نفساً، وأباً، وأماً، أضيعها دماً، وأذلها أهلاً..
فأبى الحسين أن يقبل في نفسه على أخيه محمد وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟ فقال محمد وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم..
عبد الله بن عباس رضي الله عنه: ولما بلغ خبر عزمه على الخروج إلى ابن عمه عبد الله بن عباس أتاه وقال: يا ابن عم أنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبيّن لي ما أنت صانع؟ قال: قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين إن شاء الله تعالى، فقال له ابن عباس: أخبرني إن كان عدوك بعد ما قتلوا أميرهم ونفوا عدوهم وضبطوا بلادهم فسر إليهم، وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم، قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس ويقلبوا قلوبهم عليك، فيكون الذي دعوك أشد الناس عليك. فقال الحسين إني استخير الله وأنظر ما يكون. ولكن ابن عباس أدرك من كلام الحسين واستعداده أنه عازم على الخروج ولكنه يحاول إخفاء الأمر عنه لعلمه بعدم رضاه عن ذلك، لذا جاء ابن عباس إلى الحسين من الغد فقال: يا ابن عم إني أتصبر ولا اصبر، وإني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، أن أهل العراق قوم غدر فلا تغترن بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصوناً وشعاباً، ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس بمعزل، واكتب إليهم وبث دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب. فقال الحسين: يا ابن عم! والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير. فقال له: فإن كنت ولا بد سائراً فلا تسر بأولادك ونسائك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه، إلى أن قال: فوالله الذي لا إله إلا هو لو أعلم أنك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علي وعليك الناس أطعتني واقمت لفعلت ذلك.
أما عبد الله ابن عمر ابن الخطاب فعندما سمع بخروج الحسين لحقه على مسيرة ليلتين فقال: أين تريد؟ قال: العراق، ومعه وكتب، فقال: لا تأتهم قال: هذه كتبهم وبيعتهم. فقال: إن الله خير نبيه بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنكم بضعة منه، لا يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فارجعوا فأبى، فاعتنقه ابن عمر، وقال: استودعك الله من قتيل. وكان ابن عمر يقول بعد ذلك: غلبنا الحسين بن علي بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له ألا يتحرك ما عاش وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فإن الجماعة خير.
لكنه أيضا أصر..
أما أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : حيث قال: غلبني الحسين على الخروح وقد قلت له: اتق الله في نفسك والزم بيتك، ولا تخرج على إمامك.
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كلمت حسيناً فقلت له اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض فوالله ما حمدتم ما صنعتم فعصاني
وقد كتب إليه عبد ابن جعفر :
بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي، أما بعد، فإني أسأل الله أن يصرفك عما يبوقك، وأن يهديك لما يرشدك، بلغني أنك قد توجهت إلى العراق، وإني أعيذك بالله من الشقاق، فإني أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر، ويحي بن سعيد، فأقبل إليّ معهما، فإن لك عندي الأمان والبر والصلة وحسن الجوار لك، والله بذلك شهيد وكفيل، ومراع ووكيل، والسلام عليك(3)، ولكن الحسين رضي الله عنه رفض هذا الرجاء أيضاً وواصل مسيره.
سعيد بن المسيب: فقد نقل عنه الذهبي أنه قال: لو أن الحسين لم يخرج لكان خيراً له.
وهناك أقوال كثيرة أيضا حاول أصحابها ردع الإمام عما في رأسه لكن أبى الله أن يرد أمر كان مفعولا..
وبالرغم من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم قد كشفوا حقيقة أهل العراق الذين لا زال أحفاد قتلة الحسين على نفس منهاج أجدادهم اليوم لم يتغيروا ـوأعني مدّعي التشيع ـ إلى أن الحسين أبى وأصر على الخروج..ولا حول ولا قوة إلى بالله تعالى.
ونلاحظ هنا شيء مهما أن رغبة الصحابة والتابعين وفلسفتهم رضوان الله على الجميع في منع الحسين وقبلها اختيار يزيد ليست لأن يزيد كان أفضل من بقية الصحابة الذين كانوا في ذاك الزمان ولكنهم رضوان الله عليهم كعادتهم هي درء المفسدة وؤد الفتنة ودفن بؤر الفرقة في الأمة , وهذا إن دل على شيء لا يدل إلى على نجاح التربية المحمدية في نفوسهم رضي الله عنهم كلهم أجمعين .. وأيضا كان من الملاحظ في خطابات ونصائح الصحابة والتابعين للإمام الحسين بعدم خروجه هو توقعهم له بالقتل بناء على كل الأحداث الكبيرة التي حدثت بين الأميرين علي كرم الله وجهه ومعاوية رضي الله عنه فمن نصحه بعدم الخروج كان خوفه الكبير أن تعيد الأيام والحوادث نفسها معه رضي الله عنه ومع أهل الكوفة الذي عهد الجميع الخيانة والغدر كيف يجري في عروقعهم , وأوصالهم , وكيف أنهم يبيعوا الغالي لأجل النفيس . فهم إن باعوا الحسين تلك الأيام لعرض من أعراض الدنيا فهم هذا الزمان باعوا الدين والولاء لأمتهم لأعدائها من أهل الكتاب فقبحا لهم.
هنا نجد أن عبيد الله ابن زياد عمل تدابيره ليحول بين الحسين وأهل الكوفة من جمع المقاتلين وإعطائهم الأموال وبعض التنظيمات وغيرها ليظمن سيطرته على الأمور.
في هذه الأحيان كان الإمام رضي الله عنه يمضي في طريقه , ولقد أرسل رجلا إلى ابن عمه مسلم ولكنه وقع في يد رجال ابن يزيد فقتله , وقد قتل غيره من مراسيل الحسين وكان لهذا العمل أثره في إثارة خوف كل من أرد أن يتبع الحسين لأنه يلعم أن مصيره القتل.
واستمر التحذير من بعض رجال القبائل العربية الذين مرّ بهم، وبينوا له ذلك الخطر الذي يقدم عليه، ولكن الحسين كان يدلل على نجاح مهمته بالإشارة إلى ذلك العدد الهائل من أسماء المبايعين التي كانت معه، وحينما كان الحسين في الطريق جاءه خبر مقتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة وعبد الله بن بقطر، إضافة إلى تخاذل أهل الكوفة عن نصرته. وكان لهذا الخبر المفجع صدمة كبيرة على الحسين رضي الله عنه، فهؤلاء أقرب الناس إليه قد قتلوا والشيعة في الكوفة تخاذلوا في نصرته هنا انكشف الأمر وصارت الحقيقة المرة كالشمس في وضح النهار .
فقال لمن معه : من أحب أن ينصرف فلينصرف...... فتفرق الناس عنه يميناً وشمالاً..!!
وقد نصحه ممن بقي معه الرجوع ..لكن اخوة مسلم وأبناءه رفضوا وأصروا على الثأر بقتلة مسلم..فسار الإمام مع من بقي معه .
حتى ظهرت عليهم طلائع خيل ابن زياد عليها الحر بن يزيد وكان عددها ألف فارس وقد أدرك الحر بن يزيد الحسين ومن معه قريباً من شراف. ولما طلب منه الحسين الرجوع منعه وذكر له أنه مأمور بملازمته حتى الكوفة , وأخرج الحسين الكتب التي تطلب منه القدوم إلى الكوفة، فأنكر الحر والذين معه أي علاقة لهم بهذه الكتب،
وقيل..
أن جاء الحر ابن يزيد وسايره فقال : إلى أين يا بن بنت رسول الله . قال : إلى العراق....
فقال الحر : إني آمرك أن ترجع وإني لأرجوا الله أن لا يبتليني بك إرجع من حيث أتيتك أو ارجع إلى الشام إلى حيث يزيد ولكن لا تقدم .
وأيضا أبى الحسين رضي الله عنه .. فسار إلى العراق وصار الحر ابن يزيد يعاكسه ويمنعه.
فقال الحسين : ابتعد عني ثكلتك أمك .
فقال الحر ابن يزيد : والله لو أن غيرك من العرب قالها لاقتصصت منه.ومن أمه ولكن ماذا أقول وأمك سيدة نساء العالمين.
رفض الحسين الذهاب مع الحر إلى الكوفة وأصر على ذلك.، فاقترح عليه الحر أن يسلك طريقاً يجنبه الكوفة ولا يرجعه إلى المدينة، وذلك من أجل أن يكتب الحر إلى ابن زياد بأمره، وأن يكتب الحسين إلى يزيد بأمره(3). وبالفعل تياسر الحسين عن طريق العذيب والقادسية واتجه شمالاً على طريق الشام(4). وأخذ الحر يساير الحسين وينصحه بعدم المقاتلة ويذكّره بالله، وبيّن له أنه إذا قاتل فسوف يقتل(5)، وكان الحسين يصلي بالفريقين إذا حضرت الصلاة.
ولما وصل الحسينمكان سألأ عنه قيل له يدعى (كربلا)
فقال هو (كرب ـ وبلا )
هنا أدركته خيل عمر بن سعد ومعه شمر بن ذي الجوشن، والحصين بن تميم(1)، وكان هذا الجيش الذي يقوده عمر بن سعد مكوناً من أربعة آلاف مقاتل وكان وجهة هذا الجيش في الأصل إلى الري لجهاد الديلم، فلما طلب منه ابن زياد أن يذهب لمقاتلة الحسين رفض عمر بن سعد في البداية هذا الطلب، ولكن ابن زياد هدده إن لم ينفذ أمره بالعزل وهدم داره وقتله، وأمام هذا الخيار رضي بالموافقة(2).
... ولما وصل الحسين كربلاء أحاطت به الخيل، ويطلق على المنطقة كلها اسم (الطف).
وبدأ الحسين بن علي بالتفاوض مع عمر بن سعد، وبيّن الحسين أنه لم يأت إلى الكوفة إلا بطلب من أهلها. وأعطاه الدليل..وهي الكتب التي أرسلها له أهل العراق يريدون مبايعته.
فكتب عمر بن سعد لابن زياد بما سمعه من الحسين وقال: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي، فسألته عما اقدمه وماذا يطلب، فقال: كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذا كرهوني، فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم. فلما قريء على ابن زياد
ثم كتب ابن زياد لعمر بن سعد: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت، فاعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية وجميع أصحابه فإذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام. ولما اطلع عمر بن سعد على جواب بن زياد ساءه ما يحمله الجواب من تعنت وصلف، وعرف أن ابن زياد لا يريد السلامة(1). رفض الحسين هذا العرض، ثم لما رأى جدية الموقف وخطورته طلب من عمر بن سعد مقابلته(2)، وعرض على عمر بن سعد عرضاً في ثلاث خيارات:
*أن يتركوه فيرجع من حيث أتى.
*وإما أن يتركوه ليذهب إلى الشام فيضع يده في يد يزيد بن معاوية.
* أو يتركوه يذهب لإلى أي ثغر من ثغور المسلمين.
حينها أرسل عمر إلى عبيد الله ابن يزيد , فلما وصل الخطاب إلى ابن يزيد أوشكـ على الموافقة
لولا رجل كان جالسا عنده يقال له (شمر بن جوشن) فقال : لا والله حتى ينزل على حكمك...فقال نعم حتى ينزل على حكمي أي يأتيني إلى هنا
إذاً شمر بيّن لابن زياد أن الأمر الصائب هو أن يطلب من الحسين أن ينزل على حكمه ـ أي ابن زياد ـ حتى يكون هو صاحب الأمر المتحكم فيه(4). فلما وصل الخبر إلى الحسين رضي الله عنه رفض الطلب وقال: لا والله لا أنزل على حكم عبيد الله بن زياد أبداً(5)، وقال لأصحابه الذين معه أنتم في حل من طاعتي، ولكنهم أصرّوا على مصاحبته والمقاتلة معه حتى الشهادة(6)، واتخذ ابن زياد إجراءً احترازياً حين خرج إلى النخيلة(7)، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث، وضبط الجسر، ولم يترك أحداً يجوزه، وخاصة أنه علم أن بعض الأشخاص من الكوفة بدأوا يتسللون من الكوفة إلى الحسين(
خاصة بعد أن صاح الإمام في لجيش زياد فقال : راجعوا أنفسكم وحاسبوها , هل يصلح لكم قتال مثلي وانا ابن نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت رسول غيري وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ولأي هذان سيدا أهل الجنة .إلى آخر كلامه رضوان الله عليه...فانظم له بعض الرجال منهم الحر ابن زياد الذي كان في مقدمة جيش يزيد , فصاح به جيش يزيد بأنه كان في مقدمة جيش يزيد والآن هو مع الحسين !!
فقال مقولة النبيلة : يا أهل الكوفة، لأمكم الهَبل، أدعوتم الحسين إليكم حتى إذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه، ثم عدوتم عليه لتقتلوه، ومنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة الوسيعة التي لا يمنع فيها الكلب والخنزير وحلتم بينه وبين الماء الفرات الجاري الذي يشرب منه الكلب والخنزير، وقد صرعهم العطش؟ بئس ما خلفتم محمداً في ذريته، لا أسقاكم الله يوم الظمأ الأكبر إن لم تتوبوا وتتراجعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه واعتذر الحر عن موقفه الأول من الحسين وقبل الحسين عذره، فلما لامه بعض أصحابه عن الذهاب إلى الحسين قال: والله إني لأخير نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة غيرها ولو قطعت وحرّقت
ثم نجد الحسين رضي الله عنه قد أم الفريقين يوم الخميس الظهر والعصر , فلما جاء وقت المغرب تقدموا .. وكانوا يريدون إما النزول على أمر ابن زياد أو القتال..فلما اخبروا الحسين بما يريدون..
قال الحسين يمهلونا هذه الليلة فإني أحب أن أصلي لربي تبارك وتعالى.....فبات تلك الليلة يصلي لربه ويستغفر ويدعوا الله تعالى, هو ومن معه رضوان الله عليهم جميعا.
وصار جيش عبيد الله ابن زياد يحاصرون الحسين ومن معه , وفي الصباح نشب القتال بين الفئتين الغير متعادلتين , لأجل هذا كان جيش الحسين رضي الله عنه همهم الوحيد الموت بين يدي ابن بنت رسول الله لأنهم اتسموا رضي الله عنهم بالفدائية فليس أمامهم هنا إلى الموت ولا غيره.
وكان جيش عمر بن سعد يتدافعون ويخشى كل فرد أن يبوء بقتله وتمنوا أن يستسلم، ولكن الحسين رضي الله عنه لم يبد شيئاً من الليونة، بل كان رضي الله عنه يقاتلهم بشجاعة نادرة، عندئذ خشى شمر بن ذي الجوشن من انفلات زمام الأمور فصاح بالجند :
ويحكم ثكلتكم أمكم , أحيطوا به وقتلوه..
فحاصروه ثم قاتلوه..وكان كالأسد يقاتل بضراوة وإقدام لم يخف من كثرتهم , ولم يخشى الموت..وكيف يخاف الموت أو العدو وهو ابن أعظم , وأقوى , وأشجع رجل في الأمة محمد ابن عبد الله عليه من ربه الصلاة والسلام..
لكن لسان حال تلك المعركة الغير متكافأة تقول (الكثرة تغلب الشجاعة) وفعلا هجموا جميعا عليه بنداءات شمر قاتله الله..فحملوا عليه وقتلوه ..
نعم قتلوا الجسد الطاهر ابن بنت الحبيب..ابن علي..ابن فاطمة ..
ضربه زرعة بن شريك التميمي ثم طعنه سنان بن أنس النخعي واحتز رأسه(4)، ويقال أن الذي قتله عمرو بن بطار التغلبي، وزيد بن رقاده الحيني(5)، ويقال أن المتولي لإجهاز عليه شمر بن ذي الجوشن الضبي، وحمل رأسه إلى ابن زياد خولي بن يزيد الأصبحي(6)، وكان قتله رضي الله عنه في محرم في العاشر منه سنة 61
وبعد إنتهاء المعركة أمر عمر بن سعد بأن لا يدخل أحد على نساء الحسين وصبيانه، وأن لا يتعرض لهم أحد بسوء، وأرسل عمر بن سعد برأس الحسين الشريف , ونساءه ومن كان معه الصبيان إلى عبيد الله ابن زياد في الكوفة , فجعل يضرب رأس الحسين وكان معه قضيب فكان يدخله في فم الحسين ويقول : إن كان الحسن الثغري.
فقام أنس بن مالك وقال والله لأسوءنك إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه)
قال إبراهيم النخعي رضي الله عنه لو كنت فيمن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولقد قتل مع الحسين الكثير من آل بيت النبوة منهم الحسين نفسه وجعفر والعباس وأبو بكر وعثمان ومحمد أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عن الجميع
ومن أبناء الحسين : علي الأكبر الذي هو (عبد الله) غير علي الأصغر الملقب بـ (زين العابدين)
ومن أولاد الحسن قتل : القاسم وعبد الله وأبو بكر.
ومن أولاد عقيل جعفر وعبد الله وعبد الرحمن ومسلم بن عقيل وعبد الله بن مسلم
ومن أولاد عبد الله بن جعفر قتل : عون ومحمد
ثمانية عشر رجل من آل بيت النبوة قتلوا في المعركة..
ومن الذين استشهدوا أيضا أبو بكر وعمر أبناء علي بن أبي طلاب , وأبو بكر بن الحسن..والغريب أنك لا تجد لهم أي ذكر عند بنو رفض!!!!
لأنهما قد تسميا بأسماء الخلفاء الراشدون , وهم طالما ادعوا أن الخلفاء أبا بكر وعمر وعثمان هم أول أعداء آل للبيت ..
ولكن هل حصل أن أحدا يسمي أبناءه بأسماء أعداءه ؟!
وهذه حجة بسيطة تقدر أن تحاج بنو رفض بها..إذ كيف تدعون أن أمراء المؤمنين الثلاثة يكرهون آل للبيت ويقاتلونهم , ثم يسمي آل للبيت أنفسهم أبنائهم بهم...
ولكن العقول إذا تحجرت ماذا عساك أن تفعل لها ـ أقصد عقول أتباعهم ـ فلا أدري لماذا ما زالوا يدعون ليل نهار كره الصحابة لآل بيت المصطفى..وهم من فرط حبهم لهم قد سموا أبنائهم وبناتهم بهم..سواء في حيات الصحابة وأمهات المؤمنين أو حتى بعد مماتهم رضوان الله عليهم , وعليهن...!؟
أُكرمت نساء آل بيت النبوة وأجري لهم الكسوة والنفقة..ولم تذكر كتب التاريخ الصحيحة أن أحد تعرض لهن رضي الله عنهن بسؤ أبدا ..ما عدا كتب الروافض الذين أحدثوا قصصا وكلاما غير صحيح ليس له إسناد إلى عقولهم الفارغة والتي كانت عبادة عن لغط داخل في جملة آلاف وآلاف الأكاذيب المعلقة بهم ..!؟
كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه فلما بلغ الخبر يزيد بن معاوية بكى وقال: كنت أرضى من طاعتكم ـ أي أهل العراق ـ بدون قتل الحسين، كذلك عاقبة البغي والعقوق لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين.
وفي رواية أنه قال:... أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا ببعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه..
ولقد ذكر أن الله انتقم من قتلة الحسين والأجساد الطاهرة في الدنيا..ولهم من الله ما يستحقون في الآخرة.
أما من لم يشترك في قتل الحسين وآله في المعركة نفسها ..فكلهم أمرهم إلى ربهم سبحانه وتعالى وليس لنا من أمرهم شيء ..فلا نغالي فيهم فنكفر من نشاء أو نحكم بالردة والفسق و الفجور على من نشاء أو نلعن من نشاء..وفي المقابل لا نتساهل في أمرهم فنحبهم كحب أبو بكر وعمر أو نبرئهم من الخطأ أو نُبَسّط فعلتهم ـ بل أمرهم إلى الله تعالى هو كفيل بأن ينزل عليهم أعدل الأحكام فهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين ولا يظلم مثقال ذرة..
وهم الآن في ذمته سبحانه وبين يديه يفعل بهم ما يشاء هو وحده..
وصدق الله حين قال {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (134) سورة البقرة
وهذه والله وجهة نظري..فإن أصبت فمن الله , وإن أخطأت فمن تقصيري والشيطان.
أما بلبلة بنو رفض فلا تمت كالعادة للواقع بصلة وليسوا أصلا أهلا للحقيقة في شيء..و يكفي
روافض الكوفة وصفهم بالغدر والبخل، وقد سار المثل بهم فيها، حتى قيل أبخل من كوفي، وأغدر من كوفي، !!
ولقد اختلف في مكان الرأس الشريف رأس الحسين الذي قطع رضي الله عنه..فالإثنا عشريون يؤكدون على أنه في كربلاء وأتباعهم يقولون أنه في مصر موافقة لإدعائات من كان في زمن الدولة الفاطمية ومنهم من قال في دمشق ..وغير ذلك من التخمينات ..
ولقد ذكر الكثير من علماء الأمة المعتبرين ظنهم أنه دفن في البقيع عند قبر أمه الزهراء رضي الله عنهما..فالله أجل وأعلم.
المهم في الأمر أنه يؤسفنا أشد الأسف مئات الأضرحة المنتشرة في بلاد المسلمين كافة إلى ما ندر وتحمل أسماء الأئمة رضوان الله عليهم..و كلها يختلط بها الشركيات والبدع والخزعبلات..عند الأضرحة والقبور..
وفعلا وقع تحذير الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ..حينما حذر من محاكات من كانوا قبلنا من اليهود والنصارى والمجوس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم معابد تعبد من دون الله , وتمارس فيها أنواع البدع والشركيات والتوسلات..!!
فيا للأسف على أمة الحبيب ماذا دهاها..؟
عن أم سلمة قالت : نزل جبريل عليه السلام وكان معي الحسين فبكى , فتركته
فدنى منه النبي ـ فقال جبريل : أتحبه يا محمد ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم .
فقال جبريل عليه السلام : إن أمتك ستقتله , وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي سيقتل بها .
فأراه إياه..فإذا بتربة كربلاء...
أما غير ذلك من الحكاوي كاحمرار السماء , أو حدوث كسوف وخسوف , أو أن الجدران كان الناس يرونها ملطخة بالدماء ومكتوب اسم الحسين..إلخ..فهذا من خزعبلات الشيعة وقصصهم المزعومة..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : لم يكن خروج الحسين لمصلحة دينية , أو دنيوية لذلك منه الكثير من بل يُمكّن أولائك الطغاة الظلمة من سبط رسول الله ـ أي أن خروجه رضي الله عنه مكّن الطغاة منه , حتى قتلوه مظلوما شهيدا, وكان في خروجه من الفساد والقتل ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده .
لكن هذا أمر الله تبارك وتعالى..وقدر الله وما شاء فعل.
ونحن حين نذكر هذه القصة نشهد الله وملائكته والناس أجمعين أننا نحزن ونتألم عليه رضي الله عنه وأرضاه , بل ونتحسّب على من طالت يده هذا الجسد الطاهر وتآمر على قتله..
لا يعني ذلك أن نقدمه على من هم خير منه..أعني الأنبياء والرسل
فمن الأنبياء من قتل كنبي الله يحيى وكذا نبي الله زكريا , ولقد هدد الكثير من الأنبياء بالقتل ومنهم من حِيِكَت مؤامرة لاغتياله لكن الله نجاهم كخير وأعظم الناس محمد ابن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى إخوانه الأنبياء أجمعين...
وكذال قتل من هم أقل فضلا من الأنبياء وأعظم مكانة من الحسين كاعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
نعم هو عظيم ابن عظيم ابن عظيمة..وهو ريحانة المصطفى وحبه..وسيد شباب أهل الجنة.. وهو من تنازل عن ولاية الأمر لأجل أن يدحر الفتنة ويمنع إراقة دماء المسلمين , وهو إمام من أئمة آل للبيت رضي الله عنهم أجمعين..وإمام من أئمة السلف الصالح ..
لكن يبقى في مكانته التي جُبل لها , ويبقى في منزلته الطبيعية..
فلا ضرر ولا ضرار في الأمر.
ولا إفراط ولا تفريط.
وهذه هي الحقيقة التي لا خلاف عليها في الأمة بأكملها رضي من رضي وسخط من سخط.
أما أن يعطى شيئا من الحقوق والواجبات التي لم تعطى حتى لسيد الخلق فهذا هو الغير مقبول والمرفوض , بل يعتبر من المخالفات الدينية ..
ومن الحقوق التي أٌعطيت الأمير الحسين ابن علي رضوان الله عليه , وليست منّة منّا أو من أحد عليه بل هو حقه الذي لا يقاسمه أحد فيه ـ ونذكر منها :
الحب والترضي له , وإتباع نهجه الذي في الأصل هو مستمد من سنة جده الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم , وتتبع سيرته وأخلاقه وسماته وصفاته وأقواله وأفعاله الطيبة الطاهرة
و تعليم النشء من هو (الحسين ) الحقيقي , ووأد (شخصية الحسين المزيف) الذي أوجده بنو رفض ولا يمت للحقيقي بصلة, وأيضا من حقوقه علينا رضي الله عنه النصرة له والذب عن حياضه والدفاع عنه وصقل كل الأكاذيب والبدع التي ألصقت به..والإكثار من ذكر قصة استشهاده الحقيقة منزهة من الأكاذيب والنفاق والدجل..وهو في نهاية الأمر بشر يصيب ويخطأ وله حقوق وعليه مثلها والله الموفق.
أما الحقوق الباطلة التي ليست له..وحاشاه أن تكون له أو أن يرضاها على نفسه ـ بل هي مما ألصقت بمقامه وهي من أفاعيل بنو رفض أهلكهم الله..أنه كشفت له غيبيات كثيرة لم تكشف حتى للنبي صلوات ربي وسلامه عليه وآله لأجل هذا هو ليس كبقية الخلق بل هو منزه من الخطأ والعيب..ومعصوم كبقية أئمة آل للبيت رضوان الله عليهم ..
وأكبر من ذلك أنه عندهم أهلكهم الله ـ يجوز التوسل بمقامه , وطلب الشفاء والغوث والتفريج منه كما سبق أن تحدثنا ..ولهم قصص خياليه في التوسل به تثير الضحك .
كذلك من حقوقه التي تعتبر عقيدة داخلة في الدين بزعمهم هي البكاء والنياحة وشق الجيوب وضرب الجسد وتعذيبه تكفيراً لاستشهاده..!!
فهم ما فعلوا تلك الأفاعيل الشاذة عن العقل إلى اعتقادا منهم أن ذلك ندما وتحسراً على فعلتهم التي ما سبقهم بها من أحد (وهي قتل ابن بنت المصطفى)
ومن الحقوق أيضا التي عُلقت به أنهم يدّعون أنه أمر بذلك رضي الله عنه ـ لذا يتنافسون ويسابقون عليها .. هذا مع أنه رضي الله عنه أوصى أخته زينب رضي الله عنها إذا قدّر عليه الموت أن لا تخمش لأجله الوجه , أو أن تشق عليه الجيب ونحو ذلك..
وقبله الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه وآله وقوله أحق أن يتبع فهو وحي..في أن الله لعن من تشق جيبها أو من تحلق شعرها أو تنوح لأي مصاب كان..
إن الفرقة الإثنا عشرية خالفوا أمر الله بالصبر والاحتساب لأمر الله تعالى..
فهم بعيدين كل البعد من قوله تعالى في سورة البقرة شرفها الله
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
هذا هو التوجيه الإلهي لكل من حل به المصاب .. من صبر واحتساب ذلك ولهج لا حول ولا قوة إلا بالله أو ما شابه ذلك من الأذكار التي فيها تهدئة النفس والتخفيف عليها في المصاب.
ولكن ـ هل رأيت أو سمعت رافضياً في يوم العاشر من محرم..صابرا محتسبا كارهاً ما قام به أجداده من قتل الأئمة أو نادما على ما يفعله الأحفاد اليوم من ممارسات رجعية ما سبقهم بها من أحد من العالمين..أو سمعته يردد لا حول ولا قوة إلا بالله..أو يستغفر ويتوب..أو على الأقل يكون عضوا فعالا في مجتمعه وينتج جيلا نقيا صالحا وذلك بإعادة بلورة الحقيقة كما كانت وكما حدثت , مزيلا كل الأكاذيب التي رانت على تاريخ التشيع في قصة استشهاده رضي الله عنه..وبناء أجيال جديدة قاعدتها الأولى والوحيدة الصدق في قصص التاريخ الحقيقة و شرح الأحداث التي مرت على آل بيت النبوة شرحا وافيا حقيقيا خاليا من الأكاذيب والنفاق والمبالغات التي لا داعي لها وتبرئة تاريخ الأمة وأفراده من كل سؤ ألصقه أجدادهم القدماء درأ عن أنفسهم الخطأ والجرم الكبير الذي فعلوه..
إنما والله ما نراهم وما نسمعهم إلا سفاحين قتالين جزارين لعانين سبابين داعين بالويل والثبور على أرواح مضى عليها مئات السنين..معلقين ذنب أجدادهم وخيبة أمرهم على غيرهم..
فهم يلعنون مثلا (يزيد بن معاوية بن أبي سفيان)..ليل نهار..
لأنه من أهل السنة والجماعة ..ويكره الحسين وهو من أمر بقتله..
نعم أنا أتفق معك أننا لا نبرئه من الخطأ وذنب المشاركة في ما حدث للأجساد الطاهرة ..
فهم قد لعنوا الخلفا أبا بكر وعمر وعثمان ..وهم ماتوا قبل ما حدث للحسين فكيف من كا في وقته..!!
ولكن..
من قتل الأئمة بسيوفهم؟
أليسوا أناساً وعدوهم بالنصرة والإتباع؟
أليسوا أناساً فرشوا الطريق بزهور النصرة للأئمة في بغداد ..بالمقابل أزهقوها في كربلاء؟
أليسوا أناساً دعوهم لينصروهم ثم بغوا عليهم فقتلوهم؟
هؤلاء القوم هم من قتل الأئمة أي شيعتهم الكذّابين المخادعين الذين اسّتحبوا الحياة الدنيا على الآخرة..ولو فرضنا أن يزيدا أمر بقتل الحسين..المفترض والواجب عليهم لأنهم بايعوه ووادوه بالنصرة أن يأبوا ما يأمرهم ولي أمرهم بذلك..ولكن كلنا يعلم أن لا أحد أمر بقتل الحسين إلى أتباعه الذين خذلوه وخانوه..
إذاً ـ الأولى بالقوم إن لزم الأمر أن أن يدعوا على أجداهم..وليس تمجيدهم وتعظيمهم..والترحم عليهم..وإلقاء المسؤولية على غيرهم , كي يلتبس الأمر أمام العامة..فيظن الضان أن أهل السنة زمن الحسين هم من يحملون خطيئة مقتل الحسين والأئمة رضي الله عنهم..
بل حتى سنة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وآله..في صيام يومي عاشوراء هم قد خالفوه
فهم لا يصومنه كما صامه النبي والصحابة ومن اتبع نهجهم . بل استبدلوا صيام هذا اليوم الجليل العظيم الفضيل ببدع الصراخ واللطم , أو بالشركيات التي يفعلونها أمام الأضرحة بظنهم أنها ستنفعهم .
فهل حقاً ستنفهم..؟
الجواب في سياق هذه الآية الكريمة:
قال تعالى : {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (16) سورة هود
.........................................................
هذا الكلام الطيب المنصف..أخذته من مبحث كامل في كتاب تمضي الأخت (لطيفه إبراهيم) في تأليفه فهو في طور الإعداد فأعاننا الله وكل المسلمين على الخير .
........................................................
والله الموفق.
نصيرة الصحابة @nsyr_alshab
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
am arwwa
•
جزاك الله خير
مشكووورة وبارك الله فيج على النقل
عندي سؤال محيرني!!!
فهم يلعنون مثلا (يزيد بن معاوية بن أبي سفيان)..ليل نهار..
لأنه من أهل السنة والجماعة ..ويكره الحسين وهو من أمر بقتله..
نعم أنا أتفق معك أننا لا نبرئه من الخطأ وذنب المشاركة في ما حدث للأجساد الطاهرة .؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يعني هو فعلا شارك بالقتل بسكوته عنهم؟؟ ولا من تأليف الشيعة والأفتراء على يزيد؟؟؟
عندي سؤال محيرني!!!
فهم يلعنون مثلا (يزيد بن معاوية بن أبي سفيان)..ليل نهار..
لأنه من أهل السنة والجماعة ..ويكره الحسين وهو من أمر بقتله..
نعم أنا أتفق معك أننا لا نبرئه من الخطأ وذنب المشاركة في ما حدث للأجساد الطاهرة .؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يعني هو فعلا شارك بالقتل بسكوته عنهم؟؟ ولا من تأليف الشيعة والأفتراء على يزيد؟؟؟
الصفحة الأخيرة