من أضرار الذنوب على المسلم ( 2 ) ( الحرمان من الرزق )

الثاني من اضرار المعاصي حرمان الرزق :

وهذا ايضا مشاهد ومحسوس ، فقد يشعر به البعض وقد لا يشعر ..ولعل من امثلة ذلك ان البعض يرى الناس من حوله يرزقون بأرزاق مختلفة ، وفيهم من هو اقلُ شانا منه في الدنيا . . اما هو فلا يرى بابا للرزق الا وسد في وجهه .. ولم يعلم المسكين ان أهم سبب في ذلك هو المعاصي التي يمارسها في السر او في العلن .. ومن اوضح الادلة على صحة هذا الامر قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ) اخرجه بن ماجه..

ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا السياق ( وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق ، فترك التقوى مجلبة للفقر ، فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي ..) انتهى كلامه رحمه الله ..

ولعله يشير الى قوله تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) ..فاذا أردنا الرزق الحلال المبارك اخوة الإيمان فعلينا ان نقلع عن المعاصي ظاهرة وباطنة .. وسنجد عاقبة ذلك حميدة بإذن الله تعالى ..

وسنجد أن الرزق يأتينا من حيث لا نشعر ، وإذا لم يأتنا ما نريد ، فسيبارك الله لنا فيما عندنا من أرزاق .. فالبركة شيء لا يشعر به إلا أهل الإيمان .
ايها الاخوة وفي هذا الباب ترد عدة أسئلة : منها على سبيل المثال
إن بعض الناس يظهر عليهم الصلاح والتقوى ومع ذلك نجد انهم فقراء ويحتاجون الى المال دائما ..

وهذا يقال له ان الصلاح والتقى امر داخلي لا يعلم به الا الله ، والمظهر قد لا يدل عليه .. فقد يكون في الظاهر صالحا ولكنه في السر غير ذلك ..

وعلى فرض انه صالح في الظاهر والباطن ، فربما يكون الفقر خير له من الغنى ، فاكراما له ولطاعته ، فقد رزقه الله الفقر خوفا عليه من البغي والفساد ، فبعض الناس لا يصلحه الا الفقر .. والله تعالى هو الاعلم بذلك ..يقول سبحانه ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ، وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ، إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)

ثم ان الرزق ايها الاخوة : ليس مقصورا على المال ، فهو جزء يسير من الرزق .. بل أنواع الرزق كثيرة ، فالصحة من رزق الله ، والأمن النفسي رزق الله ، والعقل والحكمة من رزق الله ، والبركة من رزق الله ، والتقوى والعمل الصالح من رزق الله .. والولد من رزق الله ..وهكذا خزائن الله ملآ .. ومن الغلط أن نحصرها في جانب واحد ..

وهنا سؤال آخر : يقول ( بعض الناس يرزق أموالا عظيمة وهو مقيم على المعاصي ومفرط في طاعة الله تعالى ) فهل هذا يدل حب الله له ؟؟

وهذا يجاب عليه بان ما تشاهده من هذه النوعية من الناس ليس دليل على حب الله لهم ولا رضاه عنه ، بل هو استدارج لهم ، وفي نفس الوقت عذاب نفسي وجسمي لهم من حيث لا يشعرون ..وهولاء قد حذرنا الله من الاغترار بهم فقال تعالى ( فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ )
النص واضح ايها الاخوة ( فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ )
اخوة الايمان نخلص مما سبق ان المعاصي من اسباب الحرمان من رزق الله تعالى..