جوهرة مطير
جوهرة مطير
الحلقة الثامنة


السلام عليكم...كيف حالك يا روحي!!!..

ردت عروسي بتثاقل يكاد يسقط سماعة الهاتف من يدي:وعليــــــــــــــــك السلام....

كيف حال القمر....


قمر مين يا حبيبي؟؟...


قمر ميــــــــــــــن؟؟؟وفي قمر غيرك يا روحي...

صحيح أنا قمر....

نعم قمر ومائة قمر....ومن غضب فليشرب من البحر ملحا أجاجا...

لو كنت قمرا كما تقول لما أهنتني وتخليت عني....

أنا أهنتك....وأنا تخليت عنك....بسم الله الرحمن الرحيم...

هل أنت صادقة فيما تقولين؟؟؟...يا بنت الحلال؟؟؟...

أجل وإلا أنا مجنونة يا حبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيب قلبي....خرجت منها تلك الكلمتان من بوابة التهكم والإزدراء تلك البوابة التي لا تكاد تخلو حياة امرأة منها قط....وتفتحها متى شاءت...

يا عالم يا هـــــــــــــــــــوه...وش السالفة؟؟؟...

السالفة...إنك للأسف الشديد....ما قدرتني ولا راعيتني....

ما قدرتك!!!!!ولا راعيتك...أعوذ بالله من الشيطان الرجيم....وش هذي الكلمات؟؟؟أنت شكلك تمزحين....أكيد تمزحين....معقولة القمر الحلو يطلع منه مثل هذه الكلمات...

صاحت قائلة:أي ي ي ي ي....أنا ما أمزح....وأرجوك لا تستخف دمك يا عيونـــــــــي.....طبعا كلمة عيوني خرجت أيضا من تلك البوابة القاتمة البغيضة....

كلمات:يا عيوني....وحبيب قلبي....وروحي....ما أعذبها من كلمات حنونة وما أجمل وقعها في قلب الرجل حين تخرج من قلب الزوجة المحبة العاشقة....

ولكن ما أثقل هذه الكلمات وما أقبح أثرها في القلب إن هي خرجت مخرج التهكم والسخرية...

يا الله مساء خير....يا الله إنك تعدي هذي الليلة على خير....

كنت كمن كان ينتظر زائرا محبوبا يحمل هدايا ثمينة.....فجاءه آخر ثقيل الظل يتشاجر معه ويمعن في الخصومة.

وزادت الحسرة بعدما علم أن الزائر الأول قد ألغى الزيارة نهائيا....

حاولت تلطيف الجو معها بكل سبيل....وكنت كمن أخذت ألسنة النيران تلتهم ما حوله في الحجرة وهو يحاول إطفاءها هنا أو هناك....فإذا أخمدها في جهة عادت واشتعلت في جهة أخرى....

وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال....

كانت صالة الأفراح هي السبب وراء تلك المشكلة المشتعلة؟؟؟...بل لم يكن ذلك هو السبب الحقيقي بل كان سببا ظاهرا يخفي خلفه شخصية عصبية منزعجة تسلطية تكشفت لي فيما بعد....

حاولت إقناعها أننا نستطيع أن نتفق على صالة الأفراح....وأبشري بالخير....ولا يصير إلا ما تريدين...

فصرخت:أنا لست واثقة منك....أنا لم أر حتى صورة لبطاقتك!!!!...ولا أعرف حتى رقم منزلك....

صورة لبطاقتي.....بعد كل هذه المدة....وكيف تم عقد القران إذن بيننا؟؟؟؟ألم ير إخوتك بطاقتي....

قالت:لا يا حبيبي....أريد صورة من بطاقتك....

وهل أنكرت زواجي بك؟؟؟.. أنتِ صاحية وإلا جرى لعقلك حاجة على قول إخواننا المصريين!!...

ومن هنا بدأت القصة تأخذا منحنى جديدا....وذلك أنني كنت حتى هذه اللحظة أداريها وأراعيها....وأحاول إفهامها بلطف والاعتذار منها من أشياء لا يعتذر منها ولكن حرصا على إرضائها...

ولكنني عبثا كنت أريد...

ورقم الهاتف...لماذا لا تعطيني إياه؟؟؟....

رقم الهاتف يا عزيزتي في بيت زوجتي الأولى وهو حق للأسرة هناك....وعندما يكتمل بيتك سوف يكون لك هاتف خاص بك...قاتل الله الجوال لم يكن أطل علينا بعد و إلا لما جاءت هذه المشكلة من أصلها....

شفت....كيف إنك خايف على زوجتك الأولى....وأما أنا ففي ستين داهية.....

يا بنت الحلال....أنا في كل يوم أتصل عليك مرة أو مرتين....ماذا تريدين بالضبط من هاتف منزلي؟؟؟....

وفي هذه الأثناء اختفى صوتها من الهاتف....فاعتقدت أنها قد قطعت الخط...وليتها صنعت...

ولكن حدث ما لم أكن أتوقعه....إذ أمسك شقيقها الأصغر-وكان يملك عفا الله عنه قدرا لا بأس به من الحماقة والرعونة بسبب مرضه النفسي-فانطلق يصرخ عليَّ بصوت عالٍ وهو منفعل....وقد بدأ صراخه وانتهى بشأن صالة الأفراح...

ثم أخذ يتهمني صراحة بأنني لم أعطه قدره من الاحترام والتقدير....وذلك حين سألني مرة عن موعد الزواج ومراسمه فقلت له بحسن نية:سوف أتباحث في هذا الموضوع مع عروسي....وكنت قد أتفقت معها ومع أشقائها الكبار على أغلب الأشياء....فساءت ظنونه....

ثم أخذ يكرر على مسامعي وأنا مذهول مما يجري معي ترى أنا رجال وأحسن من مائة رجال...انتبه لنفسك...

لازم تعرف مع من تتكلم....

حاولت تلافي الحديث معه ولكن لا فائدة....فاضطررت آسفا لقطع المكالمة....

وضعت سماعة الهاتف وعرقي يتصبب....وقلبي من هول المفاجأة ينبض بسرعة وحسرة....

هل هذا كابوس؟؟؟تجرعت المرارة...وتذكرت كلمة أحد الخبراء في ميدان التعدد بدرجة بيرفسور:

من بغى الدح لا يقول أح....

فقلت:أح.....وقلت....أوه....ولكن في نفسي جريا على منهاج المعددين....وهربا من شماتة الشامتين....

أتكأت على ظهري وطفقت أستعرض الشريط المريع وأحاول تفسير ما حدث....

وإذا بالهاتف يعلن الرنين....


قررت عدم الرد....فلم تكن حالتي النفسية مهيأة للكلام مع أية شخص كان...

وعاد الهاتف مرة ومرتين للرنين....فرفعت السماعة وكأنني أحاول رفع أفعى ألفها حول عنقي...

كانت زوجتي الأولى هي الطرف الآخر على الخط....

فقلت في نفسي....اكتمل المشهد الآن....

كيف حالك يا عزيزي؟؟؟..لماذا كان الخط مشغولا كل هذه المدة؟؟؟...

رددت عليها ببطء وتثاقل....وأن أحد أصحابي قد اتصل عليَّ....

قالت:صرتم معشر الرجال مثل الحريم في طول المكالمات!!!!...

ولكن زوجتي قد أدركت من نبرة صوتي أن أمرً قد حدث....

طمني يا حبيبي...هل أنت متعب....لماذا صوتك متغير؟؟؟...

طمنتها بأنني مرهق وأن الصداع قد قام بزيارة رأسي....

قالت:ولكنني خرجت وأنت مثل الحصان فماذا طرأ عليك؟؟؟...

المهم أنهيت المكالمة....وعدت إلى شريطي أتذكره وأحاول فهم ما جرى وأتهيأ للخروج من هذه الأزمة نفسيا...

طرأت لي فكرة....وقد رفضها سلطان عقلي في بداية الأمر....ولكن قلبي فرضها في نهاية المطاف....

لماذا لا أتصل بها...وأستطلع الأمر معها....

اتصلت...فلم يرد عليَّ أحد....فزادت همومي وغمومي...

ثم اتصلت أخرى ولا من مجيب....


ثم انتظرت برهة وأنا أتقلب على جمر الحزن والألم والمرارة....فعاودت الاتصال فرفعت السماعة...

و كان الجواب دموعا و بكاء و نشيجا .....
جوهرة مطير
جوهرة مطير
الحلقة التاسعة




ارحمني يا حبيبي..أرجوك أرحمني..الله يخليك..





ارحمك؟؟ارحمك من أيش؟وش السالفة..وش الحكاية..





كان بكاؤها يتواصل وينقطع قليلا لتحاول التحدث ولكن البكاء كان يغلب ولقد أحسست بحرارة دموعها في صميم فؤادي عبر سماعة الهاتف..





اضطررت لوضع السماعة وأنا أضرب أخماساً بأسداس

واتكأت على الجدار وبدأت رحلة الذكرى في ماضي الزمن القريب

وبدأت أحاول استرجاع آخر الأحداث التي أعقبها التوتر في العلاقة الجديدة

وبعد الرجوع من رحلة الذكرى التي كانت تختلف مشاهدها بين الفرح والألم إلى الواقع الذي بدأت تطل في سماه مشكلات وخلافات

ويا فرحة ما تمت





خرجت من المنزل بعد أن هاتفت العديل المحترم ليركب معي في سيارتي بعد أن تولى قيادتها حيث كان يكفيني ما أنا فيه من هم وغم وطلبت منه أن نتجه صوب بيت العروس..




وفي الطريق شرحت له الموقف فهدأني وطمأنني ولكنه عارض فكرة الذهاب إلى بيتهم حتى نستوضح الأمور






وليس للمعدد في مثل هذه الظروف الحالكة والأجواء الصعبة من صديق صدوق صاحب رأي فإن كان عديلا فقد اجتمع الحسنيان





ولكنني طلبت منه أن يقترب من بيت العروس لعلني أجد في مرأى منزلها شيئا من السلوان






وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا





وبينما نحن نلف وندور في الحي الذي يوجد فيه منزل أهل العروس رأينا صديقا لنا فسلمنا عليه وصرنا ثلاثة وصرنا ركبا









وكان حديثنا منصبا على مشكلتي مع العروس وأهلها..





طلب هذا الصديق أن أنزل لاتصل بالعروس من إحدى الكبائن وأكلمها ثانية..





ففعلت ونزلت إلى الكابينة ورجلاي لا تكادان تحملاني وقلبي يرتجف لأنني لا أعرف ماذا ستئول إليه الأمور








اتصلت فردت أختها وسألت عنها وأنا أتوجس خيفة فلطعتني على الخط دقائق حتى انقطع الخط أو قطعته لم أعد أذكر..

نحوا من خمس اتصلت ثانية فردت امرأة أخرى لا أدري من هي وقالت:إنها نائمة في غرفتها وقد أغلقت الباب



فعدت بخفي حنين إلى صاحبي..





وفي هذا الأثناء واليوم كان جميلا من أوله كما تعلمون اكتمل المشهد حيث التقينا بأخيها الأكبر في أحد الشوراع الضيقة وجهاً لوجه..





واضطررنا للنزول والسلام فقابلنا كما يقابل الأسد الجائع الهصور مجموعة من الضباع-معليش-وكان في غاية الغضب والغضب يرى في وجهه







بل ويتناثر على منخريه اللذينِ بديا لنا غاضبينِ أيضاً..






وفجأة انقض عليَّ بسؤال هادر قاصف عاصف:





أنت يا الأخو وش بينك وبين فلانة أخته العروس؟؟

هكذا في عرض الشارع وقدام الله وخلقه وقدام اللي يسوى والذين لا يساوون قيراطاً ولا قطميرا وكان مجموعة من البنقالة علينا يتفرجون ويسمعون ولا يفهمون غير أنهم بأن قرقر زعلان كتير يجزمون.







طبعا صاحباي والله والنعم فيهم يسوون ويسوون





فقلت:ما بيننا إلا كل خير




فرد علي بعنف :وش الخير الذي يجي منك ومن أمثالك؟؟..




فرددت عليه بلطف خصوصا وقد أوتي بسطة في الجسم والحمق:يا بن الحلال صلِّ على النبي..واذكر الله..




وهنا تدخل العديل وأخذ يهدئه وأن الكلام هذا لا يصلح في الشارع.




فقال مغاضبا:وأين يصلح يعني..في المسجد في الحرم في الجامعة..




فأخذه عديلي جانبا وقال :خير..ما الذي حدث؟؟وش الي صار بين نسيبك وأختك..




فقال ساخرا:نسيبي الله يقطع اليوم والساعة اللي صار هذا نسيبا لي..




طبعا كنت أستمع كل تلك الشتائم وكأن المقصود بها رجل في جنوب إفريقيا كان يعيش إبان حكم الفصل العنصري وقبل خروج نيلسون مانديلا من السجن..




وما كان ذلك الرجل ليهدأ وأنى له أن يسكت فنزع يده من يد العديل واقترب نحوي وصاح في وجهي:أنت وش واللي سويته في فلانة -عروسي-وخلاها قاعدة تبكي كل وقتها وقافلة على نفسها باب الغرفة ولا هي راضية لا تأكل ولا تشرب ولا تكلم أحد..




يا شيخ حرام عليك..أنت ما في قلبك رحمة؟؟..





حاول صديقنا الآخر مع العديل تهدئة الموقف دون جدوى..




وهنا رأيت أنه لا مندوحة أبدا من المواجهة طبعا المواجهة الفكرية لا الجسدية التي ربما كان المذكور يتوق إليها..

وأتوقع أنه يتفوق فيها أيضاً




فقلت بصوت مرتفع:اسمعني زين..الكلام هذا ما يصلح في الشارع قدام الناس..وإذا كنت تبغى التفاهم فاسبقنا إلى بيتك..أو في بيت فلان -صديقنا الذي لقيناه وأشركناه في همنا وغمنا-وأما رفع الصوت فأرجوك أن تكف عنه..ماله أي داعي..

وأقبل عليه عديلي وصاحبنا يوبخانه حتى تم التفاهم على اللقاء ليلا بعد العشاء في منزل صاحبنا هذا..




وما إن ركبت في السيارة حتى شعرت بأنني بدأت أتنفس من جديد وكأني كنت في قاع محيط مظلم أصارع قرشا مخيفا مفترسا..




وبعد مداولات في السيارة جاء رأي يقول بتجديد محاولة الاتصال ثانية ففعلت وليتني لم أفعل..




ردت عليَّ حماة الهنا وعجوز العنا وبادرتني بنفس الاسطوانة المشروخة التي سمعتها من ابنها..




غير أنها أكثرت حفظها الله وكفاكم وكفانا الهموم والغموم من قولها:خاف الله واتق الله وراقب الله..

وكأنني مجرم أثيم جاء من السجن..




طبعا كانت عباراتي تتخذ نمطا واحدا من التصميم الجرافيكسي التقليدي:


أبشري يا عمة..لبيك يا خالة..من عيوني يا أم فلان..ولا يهمك أنت تأمرين..




ولم نكن نعرف في ذلك الحين الجرافكيس ولا الثري دي ماكس ولا المساير بقس ولا المطيار طس




طبعا نجحت هذه التصاميم والتعابير في تخدير الحماة قليلا هكذا خُيل إليَّ..




ولكن تبين أنني أسير وراء سراب خادع..ظهر ذلك حين توسلت إليها أن أكلم عروسي..




فهبت في السماعة صائحة حتى لكأنما خرجت منها لتقول:لا شبيك ولا لبيك ...وعروسك ليست إليك..ولن تكون بين أيديك..




فلانة يعني عروسي..تعبانة و زعلانة وطفشانة وجوعانة وعطشانة وزهقانة وباختصار ما تبغى تكلم سيادتي ولا سعادتي ولا حتى تعاستي..




عدت إلى الصديقين وأخبرتهما الخبر..فقالا عليك بالصبر..




وجلست في المرتبة الخلفية أهوجس وأتفكر وجاءت مجموعة مخيفة من طيور الوساوس وأعقبتها أسراب من غربان القلق والنكد..




فاستعذت بالله وقطع المشهد الكئيب الذي أعيشه في عقلي ونفسي ووجداني سؤال صديقي:



ما الذي تتوقع أن يكون سببا لذلك التوتر بينك وبين عروسك وهل أنت لحقت تشبع وإلا تتهنأ وإلا تعيش زي بقية العرسان..




لا شبعت وهل أكلت أصلا..ولا تهنيت..كلها كم ليلة حلوة ولكن لا أدري ما هو السبب..




هل هو قصر الأفراح..وإقامة ليلة الملاح..فنحن ما زلنا في طور النقاش؟؟؟




المهم جاء الموعد المنتظر..وجاء أخوها ومعه ثلاثة رجال تبين أن اثنين هما نسيبان له يعني عديلين لسيادة تعاستي..طبعا عديلي القديم جاءته نفحة من غيرة..وأما الثالث فهو قريب له أظن أنه ابن خالته..




صاحبنا أعد القهوة وعرض على الفريقين المجتمعين العشاء فاعتذر الفريقان-طبعا فريقنا اعتذر ظاهرا وإلا في الباطن فقد بتنا في ذمة صديقنا ومعزبنا تلك الليلة-




كنت أحاول أتصنع الهدوء ولكن القلق والارتباك يكادان يفضحان ذلك الهدوء المصطنع الزائف..




وبدأ النقاش..وأخذ النسيب يكيل مجموعة من التهم..




طبعا كنت أنا المتهم..وهو سامحه الله المدعي العام..والقضاة أصحابه..والمحامي عديلي وصاحبنا راعي البيت الجمهور المحايد!!




التهمة الأولى:أخطأت بحق أخيه الصغير..



التهمة الثانية:أخطأت بحق عروسي في عدة مواقف..وما في داعي حسب قوله يعددها لأنه ما يبغى يكبر الموضوع بزعمه لأن ما في شيء أصلا!!!!.



التهمة الثالثة:أنني لم أبلغ إلى الآن والديي حفظهما الله ورعاهما..



التهمة الرابعة:لم يعطنا هاتف منزله واكتفى بإعطائنا هاتف عمله..



التهمة الخامسة:لم يعط زوجته صورة من بطاقته تحتفظ بها عندها..




طبعا هنا انفلتت مني كلمة ساخرة حانقة:فقلت وصورة من الرخصة حتى تطمئن إذا ركبتك أختك معي أني أعرف أسوق من صح..عشان سلامتها وسلامتك..




وهنا وكزني عديلي بمرفقه في جنبي وكزة أعادت إليَّ هدوئي المصطنع..




فقال أحد أنسابه:لو سمحت خل الرجال يكمل كلامه وبعدين تكلم زي ما تبغى..




فقال النسيب:لا ما نبي رخصتك خلها في جيبك..إحنا يهمنا نحافظ على حقوق بنتنا!!




واستأنف سلسلة التهم التي كان يقرأها من ورقة صغيرة..




التهمة السادسة:إنه إلى الآن لم يجد بيتا للعروس..




التهمة السابعة:إنه إلى الآن لم يحجز قصرا للأفراح والليالي الكلاح..




التهمة الثامنة:إنه إذا جاء بيت الوالدة للزيارة فإنه يطيل اللبث والجلوس حتى يلحق بأهل البيت وبالجيران وبالحارة الضرر والأضرار..




التهمة التاسعة:حاول أن يقرأها ولم يكن الخط واضحا..فقال أحسن الله إليه وزاده ورعا:




هاذي لا لا ما هي واضحة..بلاشي منها..تكفِّي اللي فوق..




تكِّفي اللي في فوق!!!

طبعا تكفِّي وتكفِّي وتدخل السجن وربما أوصلت إلى حبل المشنقة..أقول ربما..




وهنا بادر رئيس المحكمة أعني نسيب النسيب الذي يساوي عديل المستقبل القريب فقال بورك فيه:



طبعا هذا كلام خطير..وغلط عظيم..وفي الحقيقة ما كان يتوقع أنه كل هذي الأشياء تصدر مني..بالرغم من أنه لا يعرفني..ولكنه سمع عني خيرا..




وحملق فيني بعينين كعيني ذئب غادر وقال:بصراحة وخلني أكون معك صريح..ما كنت أتوقع أنك تسوي كل هذه الأشياء..




يا أخي إذا كنت ما أنت قد المسئولية فليش تتزوج من الأصل..ترى بنات الناس ما هي لعبة لك ولأمثالك..




طبعا لم يكن الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله قد حوكم بعد وإلا لهانت عليَّ هذه المحاكمة ولم أعبأ بها شيئاً..




هنا انتفض عديلي البطل وقال:فلان وأشار بيده الكريمة نحوي..قد المسئولية وقدها وقدود وأبو جد قدة وقدات وقدود..




وأنت الآن يا حبيبنا صدقت كلام نسيبك وحكمت على الرجال

وكنت عفا الله عني مطرقا برأسي لا أدري ربما كنوع من الإنحناء لجلب بعض مظاهر التعاطف في تلك المحكمة التي كانت رياحها تسير عكس اتجاهنا..




وكان الأولى وما زال الكلام لمحامي المتهم عديلي وصديقي ورفيقي وزميلي وعزيزي أن تسمتع لجواب المتهم عفوا عديلك يقصدني فأنا عديل القاضي..وإذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي..




طبعا كان القاضي قبل أن يأتينا قد أفرغت زوجته أخت العروس على رأسه مجموعة من الشائعات والقصص الفارغات والتهم العريضات..

وأثارت في نفسه شيئا من البطولة الزائفة ضدي وأنه بطل العائلة ولا بد أن ينتصر لأختها المظلومة ويقوم بتلقين ذلك العريس الجديد العريس المتطاول درسا في احترام بنات الناس..




وكلمته أم الزوجة أيضا حماتي وحماته وقالت:إن الأمل معقود عليه في إصلاح الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح..وأخذت تترجاه بأن يكون قويا حازما فإن ابنها(المدعي العام)طيب القلب..وأخاف ما يعرف يأخذ بحق أخته..مسكين!!!!..



ولا بد من إعادة الهيبة لمكانة العائلة الكبيرة التي أسيء إليها من جنابي المحترم




ومن هنا كان هذا النسيب لنسيبي والعديل لي مشتدا في الكلام معي..




لم نكن نعلم أن هناك شخصا آخر كان حاضرا لأكثر اجتماعنا ومستمعا لأغلب كلامنا..
أعــــاني بصمت ~
ولكن والحق يقال-وهذا من طبيعة الإنسان-أنني كنت مشغولا بالتفكير في العروس....فالجديد له طابع قوي من الجذب والقبول.... صوت آخر من ردهات الاحزااااااااااااان والدموع ... يطالب بالاكمال ... ياترى هل هذه هي نفس المشاعر التي تكنها زوجته الجديده له .. وهل مشاعره التي قرأتها هي نفسها مشاعر زوجي تجاهها....... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ....... آمنت بالله
ولكن والحق يقال-وهذا من طبيعة الإنسان-أنني كنت مشغولا بالتفكير في العروس....فالجديد له طابع قوي...
لا طعم للحياة بدون مشاكل ولاقيمة لها بدون متاعب ...

لولا الحُزن لمَ صار للفرح طعماً نتوق له...

ثقي غاليتي بعداله السماء واحتسبي الأجر ..
جوهرة مطير
جوهرة مطير
الحلقة العاشرة

كانت زوجة صاحبنا وراعي المنزل الذي تحول إلى محاكمة غير عادلة لجنابي تسترق السمع..

واستطاعت بأذنيها اللتين تشبهان أذني الأرنب ليس في الشكل وإنما في الوظيفة والأداء والمهارة أن تسمع شيئا مما جرى..

وأن تجمع معلومات استخبارتية مهمة لصالح دولة أجنبية عفوا أعني لصديقة لها ألا وهي زوجة عديلنا الثالث الذي كان وما زال فيه من مكر الثعالب ما يطول وصفه وشرحه..وسيأتي بعض ذلك..

طبعا حاولت جاهدا أن أدافع عن موقفي وكذلك صنع عديلي والمحامي الخاص لي..

ولكن نتيجة المحاكمة قد عرفناها سلفا حين حكموا بأنني مخطئ أشد الخطأ..

مذنب أعظم الذنب..معتد أكبر العدوان..

والنتيجة أننا خرجنا أو بالأصح خرجوا من المجلس دون أن نصل إلى نتيجة..

كل الذي حدث كلام واتهام..

ولقد وجدت أنهم مجمعون بأنهم عائلة عريقة وأفرادها ذوو مناصب مهمة وشخصيات مرموقة..

وأخذوا يكررون ذلك ويلتُّونه ويعجنونه ويخبزونه ويلبزونه..

مع أن عائلة جنابي المحترم لو جاريت مفهومهم أشد عراقة ومنصبا وجاها..

ولكنني آثرت السكوت ورأيت أن من الحمق أن أجاري أناساً يمثلون عقول وتفكير نسائهم فحسب..

وخرجوا ساخطين بعد أن قال شقيقها الأكبر:إذا ما أنت كفو المواضيع هاذي فطلق أحسن لك..

وبقيت في صاحبيّ ساخطين..ومسخوطين..

زوجة صاحبنا جزاها الله كل خير وأكلت لحم طير نيئاً أو محروقا كل يومً بدأت في اتصالاتها ونحن ما زلنا في منزلها مسارعة باعتقادها إلى الخيرات ونصيحة لذوات الوداد من الصديقات..

دخلنا بيت صديقنا لنعالج مشكلة وخرجنا من منزله عفا الله عنه وأيقظه من رقدات الغافلين لنعالج مشكلتين كبيرتين سمينتين..

تناولنا العشاء عند صاحبنا وما علمنا حين كنا نتناول الشاي أن الاتصالات الساخنة تجري بين النساوين..

وكم كانت لهفة زوجة صديقنا على هذا الصيد الثمين الذي جاء إلى منزلها لأنها يبدو سامحها الله وشغلها بطاعته تعشق الأخبار النادرة والأنباء السارة خصوصا الواردة إلى منزلها..

المهم الصيد الثمين الذي هو أنا العبد الغلبان المسكين وقع في الفخ..

بقي عديلاي..وبقي زوجها الذي لم يسلم حتى هو من شرهها الإخباري العجيب..

عرفتْ أنني أنا بطل المسرحية التي سمعت شيئا من الحديث عنها بين المخرجين والمنتجين والممثلين..

ولكنها آثرت ألا تكتفي بذلك بل تواصل المهمة العظيمة فربما يقع في الفخ صيد آخر حتى ولو لم يكن صيدا ثمينا..

غير أنها كانت كنصف حال جان الكهان تسمع كلمة وتزيد عليه خمسين كلمة من كيسها..

خرجنا آخر الليل من بيت صاحبنا الذي ودعنا بحفاوة وتكريم ولم نعلم أننا سندفع ثمن كرمه وعشائه واستضافته للمحاكمة نكدا وهما وغلبا..

ولكن ذلك مصير المعددين فليصبروا فإن الله مع الصابرين..

عدت إلى منزلي وكانت زوجتي ترقد وطفلاها فألقيت نظرة عليهم

وقلت في نفسي:ويحك ما الذي أوردك الموارد؟؟وجعلك تقتحم المخاطر؟؟هلا أكتفيت بزوجتك الجميلة الحنونة..

وكنت حينها أطالع في وجه زوجتي وهي نائمة..

فألتفت فورا حتى لا أشعر بشيء من تأنيب الضمير ولكني قلت في نفسي لأرد بشكل عاجل على تلك النوازع الخطيرة التي لو استرسل معها المعدد الجديد لنكص على عقبيه وفشل في مشروعه العتيد:
اصمد اصمد وخلك رجَّال.. وماذا صنعت يا حساس يا رهيف!!!
أنت لم تصنع شيئا وزوجتك الحبيبة وطفلاك الحبيبان في قلبك وفوق رأسك وبين عينيك..

استلقيت على الأرض لأن سعادة الطفلين كان يرقدان في المكان المخصص لجناب والدهما بجوار والدتهما على السرير..<<<(انتبهوا يا متزوجات)

فقلت في نفسي:آه و آخ و أح و أووه و أفف لو كانت زوجتي الثانية على رأس العمل لنمت في حضنها الدافئ..

ولكني تذكرت سريعا بألم وحرقة تجربتي الحديثة المريرة..

وبينما كنت أجول بين تذكار واعتذار غلبتني عيناي فأخلدت إلى منام وشيء من أحلام...

في اليوم التالي ودعت زوجتي بعد أن تناولت معها الإفطار..

ولم تكن قد وصلت إليها الأخبار..

وذهبت إلى عديلي لأتدارس معه الحلول لمشكلتي مع عروسي الجديدة التي تحولت كالغول أعني المشكلة وليس العروس..

فاجأني عديلي بالقول:إنه ينصحني بالتراجع عن المشروع نهائيا!!!

قلت:وكيف ذاك؟؟وعروسي؟؟وأحلامي وآمالي؟؟..

فذكر أنه يخشى أنني سوف أتعب وسوف ألقى صنوف الغلب والنكد إن لم يكن منها فمن أهلها..

وأنت كما قال لي يا حيبي مرتاح مع زوجتك الأولى وتزوجت الثانية لتزداد راحة وسعادة لا لتشقى وفي الغلب تعيش وتبقى..

كانت كلماته في قلبي تطعن كالسهام لمعرفتي بأن لها من الواقع والحقائق سندا ورصيدا..

ولكني كنت في بادئ الأمر مكابرا عنيدا..

سرحت بتفكيري طويلا:تذكرت ليلة الخطبة وتذكرت حلاوة الملكة وتذكرت ابتسامة العروس وتذكرت مشيتها وكلامها فكانت تلك الذكريات تتراقص في مخيلتي كأنها مجموعة من الطيور البيضاء الجميلة تحلق فوق واحة خضراء وارفة غنَّاء..تشدو بلحنها العذب الأخاذ..

ثم فجأة تذكرت مشاهد الخلاف ومشهد المحاكمة في بيت صديقنا وتذكرت كلام شقيقيها وزوج أختها فأحسست بظلام يسدل رداءه فوق عيني..حتى لكأنما تلك الذكريات الأليمة قد تحولت إلى مجموعات من الغربان والخفافيش تطير حول رأسي..

صاح العديل:هيه..أين ذهبت يا عريس الهنا؟؟..

فانتبهت وقلت:سوف ابذل محاولة آخيرة واتصل بالعروس..

فأيد الفكرة أيده الله بنصره..

ذهبنا لمكتب أحد المعارف فاتصلت وطلبت العروس مرات وكرات فاعُتذر مني..مرات بلطف ومرات بعنف..

وفي مرة قيل لي عن العروس:إنها لا تريد أن تكلمك أو حتى تشوف رقعة.....

فأخذتني الحمية وزاد فيها ونفخ عديلي إذ هو بطبعه أقشر ذو عصبية..يميل إلى الحلول التصادمية لا التسامحية..

فقلت بصوت مرتفع:اللذي لا يعدك مكسبا لا تعده رأس مال..

هدأت قليلا وفكرت كثيرا واستخرت الله فرأيت أن الفراق أسلم طريق والحال ما ذكرت والظرف ما شرحت وعنه أبنت..

فقلت لعديلي:الطلاق أحسن حل..

فأدركني بشاهد آخر كي نتوجه للمحكمة لإيقاع الطلاق وأخبر صهر الهنا ونسيب العنا حتى يوافينا هناك لأن الطلاق قبل الدخول لا بد فيه أيها السادة من حضور المرأة أو وكيلها الشرعي..

تواعدنا في يوم قريب..

وأنا في نفسي أودي وأجيب..

وعندما دخلت بيتي قابلتني زوجتي بوجه كئيب وحال جد صعيب..

فقلت:ما الذي حصل..وخيرا ما هذا الزعل...

فبكت وقالت:يا ليتك تزوجت بسرعة وفكيتني من مشاكلك ولكن جالس يا بطل تزور أصحابك وتفتخر أمامهم بأنك تزوجت وعددت وتنصحهم بالتعدد بل وتشجعهم عليه..بل وتقول لهم إنك ما تحسب لي ألف حساب..وأن الذي رجال لازم يعدد ويقهر زوجته بعد..
كل هذا عشان أنا طيبة معك وصابرة ومحتسبة!!!

ففتحت فمي لسببين:
أولاً:لاستنكاري هذا الكلام واستغرابي من زوجة صاحبنا كيف حبكت ذلك السيناريو الفظيع..
وثانيا:أنني بقيت كالمحارب على جبهتين..حيث كنت مهموما مشغولا بأمر مشكلة العروس التي توشك أن تكون مطلقة.

حاولت تهدأتها وطمأنتها وحلفت أن هذا إفك مفترى...

وعرفت بعد تحقيق لطيف سريع سلسلة الأخبار وسند النسوان..

حتى وصل الخبر لزوجتي الأولى..

وفي اليوم التالي توجهنا للمحكمة أنا وعديلي وصديق ثالث..

ورأينا شقيق العروس ينتظر في الصالة كضبع جريح..

وحين رأنا هرول إلينا فحاولنا التلطف معه فغضب وثار..

وأخذ يزمجر ويصرخ وجلب بفعله إلينا الأنظار..

فقلت:يا الله صباح خير...

وتذكرت صيحة المدرس الشرس بنا أيام كنا طلابا مع الصغار..

ودخلنا إلى مجلس القاضي حيث هذه أول مرة أدخل فيها إلى المحكمة..

وسلمنا على القاضي..

ودخل شقيقها يزمجر وحاول أن ينال مني في حضرة القاضي وأخذ يمتدح أسرته وآباءه وأجداده وأسلافه فأسكته القاضي بلطف وكان القاضي والحق يقال لطيفا ذا خلق..

بل وأخذ القاضي يمتدح أسرتي أيضاً..فما أعجب ذلك صاحبنا..

وسأل القاضي شقيق الزوجة:هل الزوجة مدخول بها؟؟..

فأجاب :نعم..

فاعترضت وقلت:يا شيخ أحسن الله إليك العروس لم أدخل بها..

فصاح شقيقها:ألا تخاف الله بل لقد دخلت بها...

دخلت بها ولم أدخل بها...
جوهرة مطير
جوهرة مطير
يقول صاحب القصة



ذكرى التعددِ في الفؤادِ جميلةٌ


حتى ولو حزن الفؤادُ ببعضِها..



هي صفحةٌ لحياتِنا مزدانةٌ



أو لوحةٌ قد شُكلت في أرضِها



إن التعددَ شرعةٌ محمودةٌ



فلم التشنجُ في دواعي بغضِها



هي ذكرياتٌ واحةٌ وملاحةٌ


فلتسرحوا في طولِها أو عرضِها