من اكبر المشاكل التي قد تواجهك في طريقك الى ربك

ملتقى الإيمان

اختبـــار الكِبر الخفي


من أكبر المشاكل التي قد تواجهك في طريقك إلى ربِّك، هي أن تكوني مصابة ببعض الآفـــات الخفيَّة الخطيرة دون أن تشعري بوجودها .. فتُضيِّع عليكِ دينك، وتحول بينك وبين الصراط المستقيم ..

ومن أخطر الآفــات، التي قل من يتخلَّص منها في هذا الزمـــان:: آفة الكِبر ..

وأول معنى يتبادر للأذهان عن تلك الآفة، أنها مجرد إزدراء الناس والتعالي عليهم .. وللأسف فإن مفهوم الكِبر أشمل وأخطر من ذلك بكثيــر ..

فبنا لنفهم معنى الكِبر، ولماذا هو أخطر داء من أدواء الملتزمين في هذا الزمان ؟؟

قال رسول الله "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" . فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا. قال "إن الله تعالى جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس"
بطر الحق .. أي: دفع الحق والاعتراض عليه بعد معرفته .. كما جاء عن سلمة بن الأكوع: أن رجلاً أكل عند رسول الله بشماله، فقال "كُلْ بيمينك"، قال: لا أستطيع. قال "لا استطعت". ما منعه إلا الكبر. قال: فما رفعها إلى فيه.
وهذا ما يحدث عندما تعترض بعض الأخوات على أمر من الأوامر الشرعية .. فعندما تعلم أن الله تعالى لعن النامصة والمتنصمة، تعترض بأنها لا تستطيع أن تتوقف عن هذا الفعل! .. وأخرى لا تريد إرتداء الحجاب الشرعي؛ بحجة أنه قد يمنعها من العمل! .. وعندما تعلم أن الله قد أمر المؤمنات بالقرار في البيت، تقول أن هذا الأمر لا يُناسب طبيعتها! ..

وغيرها من الاعتراضات الكثير، وكلها من صور الكِبر الذي يُحرِّم على صاحبه الجنة ..


أرأيتِ مدى صعوبة الأمر وخطورته؟!




أما غمط النـــاس .. فلا يقتصر على احتقار الناس والتعالى عليهم فقط، بل هناك مظاهر أخرى عليكِ أن تعرضيها على نفسك، لتعلمي إن كنتِ مصابة بذرة من الكِبر دون أن تشعري أم لا ..
ومن تلك المظــــاهر:
1) حب لفت الأنظار .. فتحب أن ترتدي ملابس مميزة، وأن يكون لها طريقة مميزة في السير أو الحديث؛ حتى تلفت أنظار الناس إليها.
2) التشدُّق في الكلام .. فتختار لحديثها المصطلحات المُعقدة والكلمات المُقعَّرة؛ ليعلم الجميع أنها عالمة زمانها وأنه لا يوجد أحد في مثل علمها!
3) حب أن يكون لها معاملة خاصة بين الناس .. فتشعر أنه يجب على الأخوات أن يأتوا للسلام عليها ولا تأتيهم هي .. وتفرح جدًا إذا تم استقبالها بحفاوة، وتحزن إذا لم يحدث ذلك.
4) حب التقدُّم على الغير في المجلس أو المشي أو الحديث ..
5) المجادلة عند سماع النصيحة أو الموعظة .. فعندما تعلم الحق، تجادله وترفض الانقياد له.
6) أن ترى أنها أفضل من بعض النــاس .. فهي ترى أنها أجمل من هذه الأخت، وأغنى من تلك، وأذكى من أخرى، ولديها ميزة مختلفة عن كل أخت من الأخوات.
7) من الصعب جدًا أن تذل نفسها في الطاعة .. فإذا شاركت في إحدى الأعمال الخيرية، تخشى أن تتسخ ملابسها أو أن تجلس في مكان متواضع أو أن تذهب لمنطقة فقيرة.
8) التفاخر بالنفس وحب الكلام عنها ..
9) الانشغال بعيوب الآخرين، مع عدم الالتفات لعيوب نفسها ..

هذه كلها صور ومظاهر للكبر، سواء كان جليًّا أو خفيًّا ..


دعينا نضع أيدينا على مكمن الخطر ونحلل أسبــــــــاب تلك المشكلة ..





أسبــــاب الإصابة بآفة الكِبر ..

السبب الأول: إهمال النفس من التفتيش والمحاسبة ..
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} .. فلا بد أن تبحثي عن عيبك وتحاسبي نفسك باستمرار؛ حتى لا تقعي في تلك الكبيرة الخفية .. وتسألين أهل الخبرة والدراية من حولك؛ لتتوصلي لعلاج تلك الصفات المُهلكة في نفسك.
السبب الثاني: غيـــــاب التربية الإيمانيــة ..
عن أبي هريرة عن رسول الله قال: "المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه" .. فلابد أن تتقبلي النصيحة من أخواتك، وعلى الأخت أن تنصح أختها بأسلوب غير مباشر حتى تتقبلها.

فعدم وجود المُتابع أو الصحبة الصالحة، سبب لوقوعنا في المشاكل والآفــات.

السبب الثالث: التشدد والمغالاة ..
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله "هلك المتنطعون"، قالها ثلاثا.
كمن ليس لديها توازن بين الأمور، وتُغالي وتزيد عن الحد المطلوب في جانب كالعبادة وتُهمل جانبًا آخر هامًا كطلب العلم الفرض أو الدعوة .. فهي أمام الناس ونفسها عابدة، بينما هي مُقصرة في جوانب أخرى هامة .. مما يوقعها في التنطع والمغالاة وعلى أثرها تتكبَّر.

السبب الرابع: الاهتمام بالعلم دون العمل ..
فتعلُّم العلم مع إهمال العمل به، يورث الكِبر .. لذلك كان من دعاء النبي ".. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع .." .. ويقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (*) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}
قال رسول الله "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان، ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟. قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل به.

السبب الخامس: التكبُّر بالجوانب الإيجابية ..
فتتوقفي عند طاعاتك، وتنسين معاصيك وسيئاتِك .. بينما المؤمن إذا أحسن، يكون خائفًا وجلاً ألا يُقبَل عمله .. عن عائشة قالت: سألت رسول الله عن هذه الآية {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ..}، قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟، قال "لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم{ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}"
ويرى المؤمن ذنوبه كإنها جبل على عاتقه، والفاجر يراها كإنها ذباب مر على أنفه.

فلو لديكِ يقين بإنكِ لن تنجي بعملك، لن تُعجبي به وبالتالي لن تنظري لنفسك وتُعجبي بها،،

السبب السادس: الركون إلى الدنيــــا ..
فبعض الأخوات قد تعلم أنها مصابة بآفة كالعُجب مثلاً، لكن ركونها إلى الدنيــا وانغماسها فيها يجعلها تتكاسل في مداواة تلك الآفة ونفض غبار الكِبر عن نفسها .. فتؤجل التوبة إلى أن يتحوَّل هذا العُجب إلى كِبر حقيقي أو أبعد من ذلك ..

وهؤلاء الذين قال الله جلَّ وعلا فيهم {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (*) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}




السبب السابع: إساءة الظن بالقدوات ..
فلابد أن تلتمسي العذر ولا تتبعي أخطاء معلمتك أو قدوتك؛ لإنها قد تقع في بعض الأخطاء في نظرك وأنتِ لا تعلمين الأسباب أو الأعذار التي أدت لذلك.
وقد تقوم القدوة بإخفاء أعمالها .. فتحسبين أن أعمالك أفضل من أعمالها، بينما هي تقوم بأعمال خفية لا تظهر لكِ.
السبب الثامن: تفريق المعلمة بين الطالبات في المعاملة ..
مما يُسبب التشاحن والتباغض بين الأخوات، وتُصاب الأخت بالعُجب والغرور والكِبر من جراء معاملتها بطريقة خاصة ..
وقد كان النبييخشى على قلوب أصحابه من أن تصيبها ذرات الكِبر؛ لذا لم يُكن يُفرق بينهم في المعاملة .. وكان يمنع العطاء عن بعضهم ويقول ".. إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه؛ خشية أن يكبه الله في النار"
السبب التاسع: المبالغة في التواضع الممقوت ..
تلك التي تُبالغ في التواضع وتتمادى في إظهار الورع أمام الناس، فتجدينها ترتدي الملابس المُزرية مع إنها ميسورة الحـــــال؛ حتى يمدح الناس تواضعها.

فعليكِ ألا تتكلفي المظاهر، بل كوني على طبيعتك،،




السبب العاشر: قياس الأمور بالمعايير الدنيوية ..
فيوجد اختلال في المعايير التي تفاضلي بها بين الناس، فتحسبين إن من لديها مال أكثر أو مسكن أرقى إنها هي الأفضل .. ويقول تعالى {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (*) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ}
والتفاضل بين الناس إنما يكون بالتقوى وليس بالمظاهر .. عن سهل بن سعد قال: مر رجل على رسول الله فقال لرجل عنده جالس "ما رأيك في هذا ؟"، فقال: رجل من أشراف الناس هذا، والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع . قال: فسكت رسول الله ، ثم مر على رجل فقال له رسول الله "ما رأيك في هذا ؟"، فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح . وإن شفع أن لا يشفع . وإن قال أن لا يسمع لقوله . فقال رسول الله :

"هذا خير من ملء الأرض مثل هذا"




السبب الحادي عشر: مقارنة النِعم التي وهبها الله لكِ بالآخرين ..
فمن ترى أنها أكثر علمًا أو جمالاً من الأخرى، أو أن لديها قدرات أفضل أو غيرها من النعم .. ولا تعلم أن تلك النعم التي أسداها الله تعالى إليها حقها الشكر لا البطر .. فتقارن النعم التي لديها بالأخريـــات، مما يجعلها تنسى من أسداها إليها فتجحد وتتكبَّر بها.
السبب الثاني عشر: ظن دوام النعمة ..
وهذا مما يورث الكِبر الخفي، كما كان حال صاحب الجنة {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} .. فكان جزاءه أن سُلبِت منه النعمة جراء بطره .. لأن دوام النعمة من المُحال، لذا علينا أن نشكر نِعَم الله عزَّ وجلَّ علينا ولا نتكبَّر بها.
السبب الثالث عشر: ظن السبق بفضيلة ..
فقد تغتري بتفوقك في علمٍ ما أو طاعة مُعينة، ومن رحمة الله عزَّ وجلَّ بكِ أن يُرسل لكِ من هو أفضل منكِ حتى لا تنظري لعملك ..

فليس الفضل لمن سبق، إنما الفضل لمن صدق،،




السبب الرابع عشر: الغفلة عن آثار الكِبر ..

فالغفلة عن الآثـــار المُهلكة لتلك الآفة الخطيرة تجعلك تتمادين فيها ..

فالله تعالى يبغض الكِبر وأهله .. يقول تعالى {.. إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}..
ويبغضهم رسوله ..عن جابر أن رسول الله قال: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون"، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون. فما المتفيهقون؟. قال "المتكبرون"
والكِبر سبب الضلال وعدم استقامتك على الطريق ..يقول الله عزَّ وجلَّ {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}
وسبب لدخول النـــار والعيـاذ بالله .. قال رسول الله "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره . ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر"
والنجــاة منه سبب لدخول الجنــة .. عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله "من مات وهو بريء من الكبر والغلول والدين دخل الجنة"

أختـــــاه، أما وقد علمتي مظاهر وأسبـــاب الكِبر وعواقبه .. فتلك أوَّل خطوة على طريق العلاج ..


تابعي معنا بقية العلاج في المقالة القادمة إن شـــاء الله تعالى،،
منقول
19
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

salwa2009
salwa2009
salwa2009
salwa2009
رااااااااااااااااااااااااااااااااائع
في الصميم
نفع الله بك وبمشاركتك
مس دانة
مس دانة
بارك الله فيك
mahira
mahira
جزآك الله خير
آمــــاســــي
هذا اللي حاصل للاسف علينا بتطهير النفوس ولنعلم اننا خلقنا من تراب وانا نهايتنا الى التراب فعلى ماذا نتكبر ؟؟؟؟

الله يرحمنا برحمته ويغفر لنا ويتوب علينا

اللهم اغفر لي ولوالدي ولوالمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات