بسم الله الرحمن الرحيم
إنها مجموعة من الصور.. تكررت أمام ناظريّ أكثر من مرة.. فأحببت أن أشارككم بها.. لأنها حركت بي مشاعر نائمة
هذه الكلمات تخرج من القلب.. لم تبنى على ((أسس علمية أو إحصائيات)).. ولكن: مشاهد ((حقيقية قصيرة)) حدثت أمامي جعلني أتخيل وأضع احتمالات من نسج الخيال لتكتمل الصورة
فإليكم هذه الصور
--------------------------------------------------------------------------------
في حيّ تجاري قديم.. كان يعتبر في يوم ما مركز المدينة.. وكان التجار يتهافتون عليه لتأجير محلاتهم.. وهو الآن مليء بها.. حتى لا تكاد تجد مكان لتوقف فيه سيارتك
أما سكان هذا الحيّ.. فغالبا ما يكونون من عمّال هذه المحلات.. الباعة أو عمّال النظافة.. حيث أن السكان الأصليين خرجوا من المنقطة لشدة ازدحامها.. ولم يبقى إلا هؤلاء الأجانب الذين جاءوا إلى هنا طلبا للقمة العيش.. مخلفين ورائهم أفواها جائعة وأجسادا عارية
ذهبت لهذه المنطقة ذات يوم لأشتري لي غرضا ما.. فسمعت الآذان.. فتوجعت للمسجد.. وعندما تتوجه للمساجد في هذا النوع من الأحياء تجده مكتظا والحمد لله.. وربما لم تجد مكانا لتصلي فيه إن قدمت متأخرا
انتهت الصلاة.. فخرجت من المجد وإذ بامرأة تجلس على عتبات المسجد تمد يديها للخارجين منه.. فقفزت في مخيلتي هذه الجملة "مسكينة هذه المرأة.. ألم تجد غير هذا المسجد في هذا الحي لتطلب المال منه.. إن معظم المصلين هنا ممن جاءوا طلبا للعيش".. وبدأت أفواج المصلين تخرج من المسجد.. يا له من مشهد.. ما أن يخرج أحد حتى يمد يديه لجيبيه ويخرج منه ما تجود به نفسه ((وما تسمح به حالته)) ويمده في يد هذه المرأة الضعيفة
سبحان الله.. إن الناظر لهؤلاء ((المتصدقين)) يظن أنهم بحاجة إلى الصدقات ((وهم غالبا كذلك)) ومع هذا فهم من يتصدقون على غيرهم
ويخرج من المسجد رجالا من أبناء البلد ((تظهر عليهم آثار النعمة)) قد حضروا لهذه المنطقة غالبا لشراء لعض الحاجيات.. تراهم يخرجون غير عابئين بهذه الجالسة على العتبات ((إلا من رحم ربي))ـ
!!فسبحان الله.. يتصدق هذا الفقير ويعرض هذا الغني
فأتفكر بعدها.. ألم يأتي هذا العامل لبلدنا طلبا للرزق!؟ ألم يغترب عن بلده ليكفل لأطفاله حياة كريمة!؟ وكم هو راتبه هنا!؟ هل يكفيه للإطعام أطفاله وإلباسهم و((تعليمهم)) ليكونوا أحسن حالا منه!؟ هل يكفي لاستئجار بيت يضمهم ويضم زوجته!؟ هل يكفي لعون أخواته ممن لم يضمهن بيت رجل يتزوجهن!؟ هل يكفي لعلاج أبويه الكبيرين!؟ هل وهل وهل!؟
نعم.. إنه يكفي.. ولكن السبب ليش في حجم هذا الراتب.. فقد لا يتجاوز العدة مئات.. ولكن.. في الصدقة بركة
وصدق رسولنا الكريم حين قال: ((ما نقص مال عبد من صدقة))ـ
نعم.. إنها البركة تحل في هذا المال.. فتغني نفس صاحبه حتى وكأنه ملك الدنيا بما فيها
إن في تصرفاتهم هذه معانٍ كبيرةٍ تستحق الوقوف عندها
إن فيها التوكل على الله
إن فيها الإحساس بالفقراء والعطف عليهم
إن فيها عزة النفس
إنهم أحيانا بتصرفهم هذا يحيون المشاعر المتبلدة.. إن الناظر لهم وهم يخرجون هذه القطعة من القماش التي يلفّونها حول نقودهم لفّاً محكما ويخرجون بعضا من هذه النقود التي عملوا من أجلها في حر الصيف، وبرد الشتاء، في لهب الشمس، وماء المطر.. يتأثر بهم.. ويخرج محفظته الفاخرة ليخرج منها ما تجود به نفسه في هذا الموقف
اللهم نقّ قلوبنا من الشح والبخل واجعلنا من المنفقين في سبيلك
سبحان الله وبحمدك.. أشهد ألا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك

hasby_raby_77 @hasby_raby_77
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
********
تقود سيارتك متوجها لمكان ما، مشغّلا جهاز التكييف، مستمعا لإحدى الإذاعات أو الأشرطة.. تلمح رجلا يقف على قارعة الطريق، يحمل كيساً بيديه، ثيابه رثّة، تبدوا عليه علامات الإعياء
قد تراه يلوّح لك بإحدى يديه.. أو قد يكتفي بالنظر إليك
تتحرك المشاعر بقلبك.. فتقرر أن تقف له.. ولكن.. لقد ابتعدت عنه قليلا وأنت تفكر
تبدأ بتخفيف سرعة سيارتك.. وتحاول الوقوف جانباً
ما أن يلمح هذا المسكين التناقص في سرعة سيارتك.. حتى تراه يجري نحوك.. ولا تكاد الأرض تحمله من الفرحة
يقترب من السيارة.. وهو يلهث من هذا الجري.. يفتح الباب والابتسامة ترتسم على وجهه.. فتسأله: "وين تبي يروه؟" فيجيبك بنفس اللهجة الركيكة: "أنا يبي يروح جدام شوي فريج الـ ….."ـ
بحكم تعاملك المتكرر مع هذه الفئة من الناس في حياتك اليومية تفهم بالضبط المنطقة التي يريدها.. وللأسف.. ليست هي غايتك.. فتقول له: "بابا هذا مافيه طريق مال أنا".. فترتسم عللا وجهه علامات الأسى ويقول: "زين مافيه مشكلة.. بس ودّي جدام شوية".. فتطلب منه الركوب
تسير في طريقك.. ثم تشير إليه محاولا إفهامه بأن هذه النقطة هي أفضل نقطة يكمن أن ينزل فيها لأنك بعدها ستسلك طريقا مخالفا للمنطقة التي يريدها. فيهز رأسه موافقا
توقف سيارتك.. يمد يديه مصافحا.. ويدعوا لك من كل قلبه.. ويغرقك بكلمات الشكر والثناء.. والابتسامة لا تكاد تفارق وجهه
ويقف هذا الرجل.. بانتظار فاعل خير آخر
أخي الفاضل
هل خسرت شيئا عندما حملت هذا الرجل معك؟
إنك لم تخرج عن مسارك المحدد.. وإنما حملته وأنت في طريقك.. وأنزلته من غير أن تغير طريقك
لكنك كسبت
أتعلم ماذا كسبت
لقد كسبت أمورا كثيرة
منها.. تدريب النفس على العطف على الضعفاء
منها.. موقف يحسب في رصيدك في بنك "من فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة"ـ
منها.. إدخال السرور لقلب هذا العامل المسكين البعيد عن أهله ووطنه
والآن أخي الكريم
هل ستقوم بهذا العمل مرة ثانية؟؟
أتمنى ذلك أخي العزيز
اللهم إنا نسألك الإخلاص في السر والعلن
سبحان الله وبحمدك.. أشهد ألا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك
منقووووووووووووول للافاده
اللهم صلى على نبينا محمد