السلام عليكم
هذي مقالة قريتها بجريدة افاق - جامعة الكويت
وعجبتني حيل بقلم الدكتور:خالد القحص
مع العلم ان الدكتور يتميز بكتابة مثل هذي المقالات
بسم الله نبدأ
واحدة بعشر!
كان الأحنف بن قيس رجلاً مشهوراً بالحلم و سعة الصدر, و أنه لا يغضب مع أنه سيد قومه. جاءه مرة رجل, و قال له: لئن قلت واحدة، لتسمعن عشراً! فقال له الأحنف: لكنك إن قلت عشراً لم تسمع واحدة.
الرجل يهدد الأحنف بأنه إن قال كلمة سوء في حق الرجل, فسوف يرد عليه الرجل بعشر كلمات سيئة, لكن الأحنف يقول له إنك لو قلت عشر كلمات سيئة, فلن أقول لك كلمة سيئة واحدة!
هذا هو العقل و الخلق الجميل. نحن لسنا في حلبة مصارعة أو ميدان تحد أو مسابقة لكي نرى من هو أشد منا قوة في إلقاء الكلمات السيئة أو القبيحة. البعض منا يعتقد أن هذه قوة و مهارة و شجاعة. أبداً, ليست هذه الشجاعة لأنه من السهل علينا أن نتلفظ بالقول السيئ, و أن نقسو على الآخرين, وأن نجادلهم, و أن نجرح مشاعرهم, لكن القوة والشجاعة - في نظري- هي أن نتحكم بمشاعرنا و غضبنا, وانفعالاتنا بحيث لا نغضب بسهولة, و لا يستفزنا أي طرف, و لا ننقاد وراء الآخرين.
إن الأحنف يؤكد هذا المعنى لهذا الرجل الذي يعتقد أنه لن يسكت, و سيرد الكلمة عشراً, يؤكد الأحنف له بأن الأمر فيه سعة, و أن المواقف تؤخذ بالهدوء و التروي و التعقل. نحن فعلاً بحاجة إلى أن نضبط مشاعرنا وسلوكياتنا, و قبل ذلك أقوالنا و كلماتنا, حين نغضب أو نتضايق حتى لا نقول أو نفعل شيئاً نندم عليه لاحقاً. و هذا ما يحصل بالمناسبة, الندم حين نتفوه بكلمات مسيئة أو معيبة للآخرين.
أطفالنا يتعلمون الكلمات السيئة قبل الحسنة, و الألفاظ المعيبة قبل الكريمة, و الغضب قبل سعة الصدر, و الصراخ قبل الهدوء, أطفالنا يتعلمون ذلك من أسرهم ومن البرامج التلفزيونية ومن الجيران و من المجتمع ككل, و لذا كل إناء بما فيه ينضح.
هذه دعوة لنا لكي نتروى قليلاً و نهدأ و نتفكر و نبتعد عن مواقف الغضب, و مواطن الاستفزاز, ليس احتراماً للآخرين فحسب, بل احتراماً لأنفسنا قبل كل شيء.
الجود89
الجود89 @algod89
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة