الحمد لله ذي العزة المجيد , والبطش الشديد, الفعال لما يريد... والمنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإنذار بها
والوعيد..المكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها من كل خير مزيد ... فسبحان من قسم خلقه قسمين فمنهم
شقي ومنهم سعيد قال تعالى:{من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد}
واشهد أن لا اله إلا الله وان محمد عبده ورسوله الداعي إلى التوحيد أما بعد:
اخواتي في الله : كثيراُ ما نسمع كلمة ( فاز ) او (فوز) فنقول : فاز فلان بجائزة , وفلان بسيارة , وفلان بالكأس ... وهكذا كثيراً ما تطرق هذه الكلمة آذاننا فيما يتعلق بجوائز الدنيا وهداياها . والقليل منا من نظر في هذه الكلمة بعين بصيرته , وسافر بهمته إلى الفوز الأكبر الذي ليس بعده خسارة واشتاق إلى السعادة العظمى التي ليس بعدها شقاء (( فمنهم شقي وسعيد ))
إن الفوز في الدنيا محفوف بالمكاره ومعرض للنقص والزوال والنسيان .. فالغنى يتبعه فقر .. والقوة يتبعها ضعف .. والصحة يتبعها مرض.. والشباب يتبعه عجز وهرم .. والحياة نفسها لاتدوم..........
فأي فوز هذا الذي يكون في الدنيا ؟؟؟
أما الفوز الحقيقي فهو ما يكون بعد الموت .. وفي القبر .. وعند سؤال الملكين .. وعند الحشر والصراط وتطاير الصحف : قال تعالى (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه . إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه ))
انظرنا اخواتي في الله إلى هذا الفائز . كيف ينادي فرحاً مسروراً : لقد أخذت كتابي بيميني وهذه علامة فوزي وسعادتي الدائمة وقد كنت على يقين من مجيء هذا اليوم ولذلك فقد عملت له ألف حساب
وعلى الجانب الآخر يقف الخاسرون النادمون الذين ضيعوا أعمارهم هباء . ولم يقدموا شيئاً ليوم المعاد قال تعالى (( وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول ياليتنى لم أوت كتابيه . ولم أدر ما حسابيه . ياليتها كانت القاضية . مآ أغنى عنى ما ليه . هلك عنى سلطانيه )) ولذلك فقد كان الجزاء من جنس العمل .
هل علمتم احبتي في الله من هو الفائز ؟
قال الله تعالى (( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ))
فالفوز في النجاة من النار .. الفوز في دخول الجنة مع الأبرار .. وما أعظم الفارق بين أهل الجنة وأهل النار .. بين أهل النعيم وأهل الجحيم .. بين الناجين والهالكين .. بين الفائزين والخاسرين .. أولئك في الجنة يأكلون ويشربون .. ويلعبون ويمرحون ..ويتلذون بأنواع الملذات وأصناف النعيم .... وأولئك يعذبون ويضربون .. ويصرخون ويجأرون .. فهل يستويان مثلاً قال تعالى (( لايستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ))
لعلكن اخواتي في الله قد اشتقتن إلى هذا الفوز العظيم والنجاح الكبير ولعلكن تتسائلن فتقلن:
ما السبيل إلى هذ الفوز الكبير ؟
وأقول مجيبة على هذا التساؤل : قال الله تعالى (( ما فرطنا في الكتاب من شيءِ))
فعليكم يا خوتي بكتاب الله عز وجل اقرأو القرآن وتدبروا آياته .. ففي القرأن الكريم بيان شامل لصفات الفائزين وأعمالهم . وبيان شافِ لصفات الهالكين وأعمالهم
ومن صفات الفائزين التي ذكرها القرآن الكريم ما يلي
1- الإيمان بالله .. فالإيمان بالله هو أساس الفوز والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة
قال تعالى ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم )
2- العمل الصالح .. فقد قرن الله تعالى العمل الصالح بالإيمان وجعل الفوز مترتباً على الإتيان بهما جميعاٍ فقال تعالى ( فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين )
3- ترك المعاصي ..فالمعاصي تفسد القلب وتظلمه وتسقط العبد من عين الله تعالى وتورثه الذل والخذلان وتزيل النعم وتحل النقم وتمحق البركة وليس هناك فوز ولا سعادة ولانجاة قال تعالى ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم . ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين )
4- الصدق .. فالصدق من صفات المؤمنين الفائزين قال تعالى ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم )
5- الخوف من الله .. فالخوف من الله يؤدي إلى ترك المعاصي وتركها يثمر الفوز بالجنة والنجاة من النار قال تعالى ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . من يصرف عنه يومئذِ فقد رحمه وذلك الفوز المبين )
6-الجهاد في سبيل الله ..وهو من أفضل الأعمال ولذلك جعل الله تعالى الجهاد في سبيل الله من أسباب الفوز العظيم قال تعالى ( لكن الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون. أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم )
7- الصبر ... وهو حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن المعاصي والصبر ثلاثة انواع :
صبر على طاعة الله ..... الصبر على المعصية .. والصبر على امتحان الله
لذلك جعل الله الصبر من أسباب الفوز والفلاح يوم القيامة فقال سبحانه ( إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنآ ءامنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين . فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون . إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون)
في الختام احبتي في الله اسأل الله تعالى أن نكون من عباده الفائزين الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون
لااريد منكن كلمة شكر بل دعوة صادقة لاختكم ((ام جدونه))
وجزآك الله خيراً على هذا المجهود
وجعله الله في ميزان حسناتك