لاتقولـــون طويل مهـــم جدا
*
*
*
*
*
*
محاضرة : ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق النساء )
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
أمـا بعـد :.
فإن الله افتـرض على هذا الأمة فريضة عظيمة ، بـها نجاة سفينة المجتمع ، وعليها مدار حفظ أمن هذه الأمة ، وبه عصمتها من الزيغ والهلاك .
وإن الأمة إذا تركتْ هذه الفريضة دبّ فيها الداء مِن داخلها ، وأصابـها العطب من قبل أبنائها وبناتـها ، واتّسع الخرق على الراقع .
هذه الفريضة عدّها بعض العلماء رُكناً سادساً من أركان الإسلام ، فلا شكّ أن هذا دليل على أهميّتها .
إذ لا قوام لشعائر الدين ، ولا حماية مِن عبث العابثين ، ولا أخذ على أيدي السفهاء والجاهلين وكفّ أيدي المفسدين إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ولما كان الأمر كذلك كانت خيرية هذه الأمة مرتبطة بـهذه الشعيرة العظيمة ، فقال الحق سبحانه وتعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)
.
وعلّق الله فلاح هذه الأمة على قيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمان من العذاب بإذن الله ، وإعذار إلى الله .
قال سبحانه : (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمان مِن تَسَلُّط السفهاء على المجتمع ، قال صلى الله عليه وسلم : وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُـرُنّ بالمَعْـرُوفِ وَلَتَنْهَوُنّ عَنِ المُنْكَرِ ، أو لَيُوشِكَنّ الله أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ، ثُمَ تَدْعُونَهُ فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ "](1).
وتَرْكُهُ سبب في غضب الله وعدم إجابة الدعاء ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مُـروا بالمعـروف وانـهوا عن المنكـر قبل أن تدعوا فلا يُستجـاب لكم "](2) .
وإذا تُرِك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انتشرت الفواحش وعمّت المنكرات ، ثم يكون ذلك مؤذناً بحلول نقمة الله وعذابه .
قال صلى الله عليه وسلم : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله . رواه الحاكم وصححه ، وهو حديث صحيح .
وقد جعل الله تبارك وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أبرز صفات المؤمنين والمؤمنات ، فقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) .
كما جعل ضِدّه أبرز صفات المنافقين والمنافقات ، فقال : (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) .
فالمؤمنون والمؤمنات يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، استجابة لله ولرسوله .
وقد تقدم شيء من الآيات الدالة على وجوبه على الرجل والمرأة ، وأما من السنة ، فكقوله صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم .
فقوله صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكراً . عام في كلّ مَنْ رأى مُنكراً سواء كان الرائي للمُنكَر رجلاً أو امرأة .
فالإنكار متعلّق بالرؤية أو العلم بالمنكر .
فيُنكرون على مَنْ فعل المنكر ، ولو كان مِنْ أقرب الناس ، فإن دين الله لا محاباة فيه فقد قَدِمَ المنذر بن الزبير من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب رقاق عتاق بعدما كف بصرُها . قال : فلمستها بيدها ، ثم قالت : أف ! ردوا عليه كسوته . قال : فشق ذلك عليه ، وقال : يا أُمّـه إنه لا يَشِفّ . قالت : إنـها إن لم تَشِفّ ، فإنـها تَصِفْ ، فاشترى لها ثيابا مروية فقَبِلَتْها . رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى .
لكن ينبغي أن يُعلم أنه ليس المقصود هو الإعذار أمام الله فحسب ، يعني لا تقول المسلمـة مثلا : أنا أدّيت ما عليّ ، وأعذرت أمام الله .
ليس الأمر كذلك فإن المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإعذار أمام الله ، وإقلاع صاحب المنكر عن منكره ، والإتيان بما تُرِكَ من معروف ، وتقليل المنكرات بحسب الإمكان والاستطاعة ، وفشو الخير والمعروف بين الناس .
إذ تعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال الماوردي : هو أمـر بالمعروف إذا ظهر تركه ، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله .
ولا بُدّ أن يُضبط بالرفق ، فإن الرفق ما كان في شيءٍ إلا زانه ، ولا نُـزع من شيءٍ إلا شانه ، كما قال صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم - .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : ليكن أمرك بالمعروف ونـهيك عن المنكر غير منكر .
وذلك بأن لا يترتّب على إنكار المنكر منكر أكبر مما أُنكِر ، ويكون الأمر برفق ، والنهي بحكمة إذ المقصود الإصلاح لا التّشفي والانتصار للنفس .
ولتتذكّر المسلمة أنها إذا أَمَرَتْ بمعروف فامْتَثَلَ مَنْ أَمَرَتْه ، فلها مثل أجر مَنْ عَمِلَ المعروف ، وأنها إذا نَهَتْ عن منكرٍ فانتهى مَنْ نََهَتْهُ فإن لها الأجر عند الله تعالى .
وكم من المنكرات التي لا يطّلع عليها سوى النساء ، مثل :
منكرات الأفراح .
ومنكرات البيوت .
ومنكرات الطالبات .
ومنكرات الأسواق النسائية .
فيتعيّن على المرأة المسلمة إنكار تلك المنكرات حسب استطاعتها .
وكم من المنكرات التي لا يليق إنكارها إلا مِن قبل النساء ، ويكون إنكارها من قِبَلِهِنّ أبلغ في كثير من الأحيان .
إذ قد يجلب إنكار الرجل - في بعض الأحيان - شبهة أو يُحدث ضجّـة وما أشبه ذلك ، فإن الرجل إما أن يُكلّم المرأة بصوت عالٍ يحدث معه ضجّة أو فضيحة ، أو يُكلم المرأة سِرّاً ، وهذا يجلب شبهة على الرجل ، وكلا الأمرين مرّ ، ولكن لا بدّ من إنكار الرجل لما تخلّت المرأة عن دورها .
وقد استفاض واشتهر إنكار الصحابيات فمن بعدهن من التابعيات وغيرهن ، وما ذلك إلا لعلمهن بضرورة قيامهن بـهذا الواجب ،وأن عليهن مثل ما على الرجال في ذلك
وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها على مَنْ كانت تلبس لباسـاً فيه صـورة صليب ، فقد رأت على امرأة بُرْداً فيه تصليب ، فقالت : اطرحيه اطرحيه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى نحو هذا قضبه . رواه الإمام أحمد . ومعنى قَضَبَه : أي قطعه .
وحدّثت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تَصالِيب إلا نَقَضَه . رواه البخاري .
وما أكثر الملابس التي فيها صُلبان ، وواجب المسلمة أن تأمر بإزالته ، وتُبيّن هدي النبي صلى الله عليه وسلم تجاه هذا الأمر ، كما فَعَلَتْ عائشة رضي الله عنها .
فتُبيَّن الحكمة إن عُلِمَتْ ، ويوضّح الدليل إذا عُلِم .
ومن ذلك أنه قيل لعائشة رضي الله عنها : إن امرأة تلبس النعل ، فقالت : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَة من النساء . رواه أبو داود وهو حديث صحيح .
وروى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال . قال : كيف تَمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟ قال : إي لعمري . لقد أدركته بعد الحجاب . قلت : كيف يخالطن الرجال ؟ قال : لم يكن يخالطن ، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت : عنك ، وأَبَتْ .
ومعنى ( حَجْرَة ) أي ناحية . يعني أنـها لا تُـزاحم الرجال في الطواف .
ودخلت مولاة لعائشة عليها فقالت لها : يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها : لا آجرك الله . لا آجــرك الله تدافعين الرجال ألا كبّرتِ ومررتِ . رواه الشافعي والبيهقي .
وأنكَرَتْ عائشةُ قَشْرَ الوجـه ، فقالت : يا معشر النساء إياكن وقشر الوجه . كما في مسند الإمام أحمد .
ولما دَخَلَتْ نسوةٌ من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها قالت : لعلكن من الكورة - أي البلدة - التي تدخل نساؤها الحمام ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما امرأة وضعت ثيابـها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستـرها فيما بينها وبين الله عز وجل . رواه أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
فدلّ هذا على حُـرمـة وضـع الثياب في غير بيت الـزوج ، كَمَنْ تضع ثيابـهـا عنــد " الكوافيرة »" وفي المَشاغِل ومن ثم تبدو العورات ، وتـهتك المرأة الستـر الذي بينها وبين الله عز وجل .
ولم يقف إنكار نساء الصحابة على بنات جنسهنّ ، فقد أنكرت أم الدرداء على عبد الملك بن مروان .
فقد روى الإمام مسلم عن زيد بن أسلم أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء بأنجاد من عنده ، فلما أن كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل ، فدعا خادمه ، فكأنه أبطأ عليه ، فَلَعَنَهُ ، فلما أصبح قالت له أم الدرداء : سمعتك الليلة لَعَنْتَ خادمك حين دعوته ، سمعت أبا الدرداء يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يكون اللعانـون شفعـاء ولا شهداء يوم القيامة .
والأنجاد : هو متاعُ البيت الذي يزيّنُه .
وإنكار نساء السلف كثير سواء كان على بنات جنسهن أو كان على الرجال .
وكم مِن أمٍّ أنكرت على أولادها حتى استقاموا ، فلها مثل أجورهم .
وكم مِن امرأةٍ أنكرت على زوجها حتى هداه الله على يديها فلها مثل أجره .
وكم مِن بنتٍ أنكرت على أبيها أو أمِّها أو أخيها أو زميلتها فكانت سبباً في صلاحِ أمرهم وتركهم للمنكرات ، فلها مثل أجورهم .
ولعل الكثير سمعنَ قصة تلك البُنيّة الصغيرة التي دَخَلَتْ على أبيها في جوف الليل وهو ساهرٌ على ما حرّم الله من الأفلام الساقطة وما شابهها فقالت : يا أبتِ اتقِ الله .
شبهات وجوابها :
يستدل بعض الناس على تقاعسه وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتلك المقولة الفاسدة دع الخلق للخالق . ولست وكيلاً على بني أدم ، وغيرها من الكلمات .
وقـد قام أبو بكر رضي الله عنه خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وإنكم تضعونـها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس إذا رأوا المنكرفلم يغيـروه أوشك الله أن يعمهم بعقابه . رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، وهو صحيح .
قال أبو أمية الشعباني : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع بـهذه الآية ؟ قال : أيـّة آية ؟ قلت : قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قال : أما والله لقد سألتَ عنها خبيرا ، سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شُحّـاً مُطاعَاً ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام ، فإن من ورائكم أياما ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم . قيل : يا رسـول الله أجـر خمسين منا أو منهم ؟ قال : بل أجـر خمسين منكم . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم .
قال ابن القيم – رحمه الله – في ذِكْرِ شيء من مكايد إبليس :
وزيّن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب التودد إلى الناس ، وحسن الخُلُق معهم ، والعمـل بقولـه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) . اهـ .
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب ، تبدأ بالقلب ، فينتفض إذا عَلِمَ بالمنكر ، وبأنه منكَر ، ولا يُنكر المنكر إلا قلب المؤمن ، فيُؤدّي ذلك إلى التغيير باللسان ، فإن لم يُستَجب له غيّر باليد إن استطاع ، وقال بعض العلماء بعكس ذلك ، يعني أن يُغيّر باليد ، ثم باللسان ، ثم بالقلب ، غير أنه لا يمكن لليد أن تُغيّر إلا إذا كان الإنكار نابِعاً من القلب
وإنكار القلب أقلّ درجات الإنكار ، فإذا كان هناك منكر في مكان مـا ، ولم يُغيّر بعد الإنكار وجبت مفارقة المكان .
ويخطئ بعض الناس حينما يقول : أنا أنكرت ، وسوف أجلس - يعني في مكان فيه منكَر - ، وقلبي قد أنكر المنكَر ، وهو إنما يتّبع هواه وما تُريده نفسه .
فيُقال له : لو أنكر قلبك المنكر وأبغضه لفارقت المكان ، كما لو كنت في مكان يُسبّ فيه والدك أو يُسبّ فيه شخصك ، فإما أن ترد وتُنافح أو تقوم من ذلك المكان .
وينبغي أن يُعلم أن هناك فرقاً بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين الانتصار للنفس إذا لم يُستجب للمنكِر ، فليس من شرط الإنكار تغيُّر المنكر وزوالَه .
فإذا أنكرتْ المسلمة وقامت بما وجب عليها وفارقت المنكر ، فقد أعذرت إلى الله وعندها يَرِدُ قوله تعالى : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) أما قبل ذلك فلا .
ومِنْ تلبيس إبليس قول بعض الناس : لا فائدة من الإنكار فالزمان قد فَسَد ، ولن تُصلِح الناس ، وما أشبه هذه الكلمات .
وقد سُئل سفيان الثوري – رحمه الله – أيأمر الرجل مَنْ يَعلم أنه لا يَقبل منه ؟ فقال : نعم ، ليكون ذلك معذرة له عند الله تعالى .
يعني يؤدّي ما عليه وعلى أقل أحواله أنه أعذر أمام الله .
وتلبيس آخر للشيطان ؛ وهو أن يقول – المسلم أو المسلمة : كيف آمــر بالمعـروف
وأنـهى عن المنكر وعندي تقصير ومعاصي ؟
قال سعيد بن جبير : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عـن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ، ولا نَهى عن منكر .
وقال الحسن البصري لمُطرِّف بن عبد الله : عِظ أصحابك ، فقال : إني أخاف أن أقول ما لا أفعل ، قال : يرحمك الله ! وأيُّنا يفعل ما يقول ؟ ودّ الشيطان أنه قد ظفِرَ بـهذا فلم يأمر أحد بمعروف ، ولم يَنْهَ عن منكر .
ولو لم يعظِ الناس مَنْ هو مذنبُ فَمَنْ يعظ العاصين بعد محمدِ - صلى الله عليه وسلم - .
أمثلة :
* إذا رأت المسلمة امرأة تطوف بالبيت وقد لبِستْ قفازاً أو نقاباً فإنـها تُنكر عليها ، وتُبيّن لها قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين . كما عند البخاري .
ولكن تستفسر منها قبل ذلك هل هي مُحرِمة ، أو تطوف طواف تطوّع .
* إذا رأت المسلمة امرأة تلبس العباءة على الكتف تقول لها : أفتى العلماء أن هذا الفعل تشبّهٌ بالرجال ، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبِّهات من النساء بالرجال . رواه البخاري .
* إذا رأت من تنتف شعر وجهها فإنـها تُنكر عليها وتُبيّن لها حُرمة ذلك الفعل ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمّصة .
* كذلك إذا رأت من تصِل شعرها أو تلبس الباروكة .
* إذا رأت امرأة تلبس العاري والضيق أو البنطال " البنطلون " – ولو كان ذلك في أوساط النساء – فإنـها تُبيّن لها أن هذا اللباس هو الكاسي العاري ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لم أرهما – فَذَكَرَ منهما – ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا . رواه مسلم .
وهكذا تتناصح المسلمات ويُنكر بعضهن على بعض ، بل ويُنكرن على آبائهن وإخوانـهن وأزواجهن ، ولكن بلطف وأدب .
وهذا من التواصي الحق الذي هو سبب الفلاح ، كما بيّنه الحق تبارك وتعالى في سورة العصر .
ولا خير فينا إن لم نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، فيأمر بعضنا بعضا ، وينهى بعضنا بعضاً ، فإن الله لعن بني إسرائيل بتـرك الإتمار بالمعروف وترك التناهي عن المنكر ، قال سبحانه : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
وقال عز وجل عنهم : (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي يَقْدِرون أن يُغَيِّروا عليهم ولا يُغَيِّروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا . رواه أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
فدلّ هذا على أن الساكت على المنكر أشد ممن ارتكبه ، لأنه بسكوته جـرّأ صاحب المنكَر وجرّأ غيره ، ولو تناهى الناس عن المنكر لما انتشر منكَر . والله تعالى أعلم .
-------------
رواه أحمد ( 5/388 ) والترمذي ( 4/468 ) وقال : حديث حسن ، وابن أبي شيبة ( 7/460 ) ، وهو حديث حسن .
رواه أحمد ( 6/159 ) وابن ماجه ( 4/359 ) وابن حبان ( 1/526 إحسان ) وهو حديث حسن .
(الموضوع منقول من منتدى صيد الفوائد )
الســـلام عليـــكم ورحمــة اللـــه وبركــاتــه .........
ابـــدا كلامـــي بالصلاة على سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ....
........................
......................................................................................
اخواتـــي .......كثيرا منا فقد شجاعته .......الكثير .........
من منا غير منكرا او امر بمعروف؟؟
...........
نشوف كثيييييييير من المنكرت ولا ننكر ليه ..عشان محنا متعودين او نخاف من ردة الفعل ...
اتمنى ان تقولون لنا تجاربكم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكيفية ذلك ....
لابد من كل عضوه عندما ترد ترد بنصيحه عن هذا الموضوع ....جزاكم الله كل خير....
اختــــكم ...
يانوووالحلوه @yanoooalhloh
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
المشاهدات 36والردود 0...
اتمنى انكم استفدتم من المحاضره ...
وعزمتم العمل بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر......
مع اني كنت اتمنى انا نشجع بعض ....
تحياتي الاخويه ...