
••من دلالة قبول الإنسان للحق، أو إرادته للهوى ••
يقول الله -
تبارك وتعالى - في هذه الآية لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ }
أي: يعيبك {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } .
ومن دلالة قبول الإنسان للحق، أو إرادته للهوى أن ينظر في تصرفه حال المنع والعطاء، فمن الناس من يأتي ليسألك وقد بيت الإجابة من قبل، فإن وافقت إجابتك له الإجابة التي يريدها خرج يمدحك بين الناس ويرفعك على أقوام تعلم أنت أنك لا تصل إلى علمهم، وإن قلت له إجابة تخالف هواه وتخالف مراده خرج يقدح فيك ويقول فيك المعايب، ويظهر ما فيك من النقائص؛ لأن إجابتك لم توافق هواه، فهو لا يريد الحق، بل يريد أن يجبرك على أن يوافق هواك أنت هواه هو.
فالله تعالى يقول عن أمثال هؤلاء: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }
،
فهم لا يريدون نصرة دين، ولا إعلاء كلمة الإسلام، ولا إقامة حق، وإنما يريدون أن يتبعوا أهواءهم، فإن أعطيتهم أثنوا عليك، وقالوا: محمد كذا ومحمد كذا يمدحونه، وإن لم تعطهم أطلقوا لألسنتهم العنان في أن ينتقصوك؛ لأنهم لا يريدون ميزان الحق، وإنما يريدون ما يوافق أهواءهم، وهذه إحدى خصال النفاق أعاذنا الله وإياكم منها.

تأملات قرآنية في سورة التوبة
لفضيلة الشيخ صالح المغامسي - يحفظه الله -
جزاكِ الله خير الجزاء وبارك فيكِ
على طيب انتقائكِ وروعته