من ذاكرة الطفولة ..
هذه سطور من ذاكرة الطفولة طرأت على خاطري
فأحببت أن أدونها هنا لتقاسموني إياها ...
عندما كنت صغيرة أقارب الثانيةعشر عاماً..
استقبلت الأسرة مولوداً جميلاً..فرحنا وسعدنا به ..
ولكن للأسف فرحنا لم يكتمل!
فماهي إلا أياماً قلائل حتى مرض ..
لم يبلغ وقتها أسبوعاً من عمره الوليد ..
فطلبت أمي من أختي الكبيرة أن تاخذه للمشفى..
وذهبت أنا بصحبتها ...
وكنت أشاركها في حمله أثناءالوقوف
في انتظار الدور ...!
👶👶👶
كنت أحمله وأنظر إليه متأملة متعجبة ...
وتساءلت :
لم كان هادئاً ساكناً نائماً ... لايبكي ولا يستيقظ ؟!
هذه زجاجة حليبه معي تنتظره !!
لكنه ظل على سكونه ونومه حتى جاء دورنا.. للكشف عنه
وضعناه على السرير بناء على طلب الطبيب ..
هيأت أختي زجاجة الحليب لتلقمه إياها بعد الكشف
فهو حتماً سيبكي ...!
نظر إليه الطبيب طويلاً ..
ارتبك وتلعثم ...!
ثم نظر إلينا ...وقال:
خذا هذا الدواء وانصرفا ..!
ناولنا زجاجة دواء من عيادته وتركنا ننصرف
ونحن في دهشة من تصرفه الغريب معنا !!
قالت إحدانا للأخرى ونحن نقفل عودا إلى المنزل :
إنه حتى لم يكلف نفسه ف*** ولم يضع على صدره
السماعة ..!!
فكيف عرف بالنظر مابه وزودنا بالدواء من عنده ؟!!
إنه حتى لم يرشدنا إلى كيفية استعماله !!
ياله من طبيب !!
👶👶👶
في البيت كانت والدتي تنتظرنا على أحر من الجمر ...
ما إن رأتنا حتى اختطفت صغيرها من أيدينا ..
لترضعه ..!
فلقد امتلأ صدرها في انتظار الوليد الجائع ..!
وكانت متلهفة لعودتنا فإن القلق تآكلها لتأخرنا
قربته من صدرها لكنها مالبثت أن أبعدته
نظرت إليه بخوف وشهقت ..!
قلبته ذات اليمين وذات الشمال ..
هزّت جسده الصغير بعنف ..
ثم احتضنته بشدة ...!!
ونحن ننظر إليها باستغراب ونبتسم
ونسألها ماذا بك أماه ؟؟؟!
وما هي إلا ثواني حتى رأينا الدموع الغزيرة
تفيض من عينيها ...
ثم انفجرت بالبكاء والنحيب ..!!
وبكت ..وبكت طويلاً...
والجميع في دهشة ويحاولون تهدئتها ...!
👶👶👶
ومن خلال صوت يقطعه البكاء المر قالت :
صغيري راااااح رااااح ....إلى الأبد...!
بهذا اللفظ . ..
علمنا أنه قد مات ...!
أدركنا حينها أننا
كنا في طريق المشفى نحمل جثة صغيره
غادرتها الحياة
في الطريق قبل أن نصل ..!
وعرفنا
إن الطبيب أعطانا دواء لن نستعمله
وأنه أشفق علينا من أن يخبرنا بموته لصغرنا
ومما زاد حزننا ..
أن والدتي تعرضت بسبب هذه الحادثة
إلى اكتئاب حاد لعامين..
ولكنها بفضل الله ورحمته خفت مع الأيام وشفيت
إنما تلك الحادثة حفرت في ذهني
وهي تغزوني حين أغوص في الذكريات .
الله يجبر قلوبكم على فقده والحمدلله على قضاء الله وقدره...