*هبة

*هبة @hb_16

مشرفة مجالس الإيمان وقسم المجلس العام

مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً.....فكيف نقرض الله وهو صاحب المنه وا

ملتقى الإيمان







آية في كتاب الله سبحانه وتعالى أحسِب أنه ما من إنسان آمن بالله جل جلاله، وآمن برسوله صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية

إلا وفاض كيانه خجلاً من الله سبحانه وتعالى، إنها آية يتحبب فيها الرَّب عزَّ وجلَّ إلى عباده


يقول: {مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} .



ما الذي يُخْجِل العبد من ملاه عندما يقرأ هذه الآية بتمعُّن؟

إنك تعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزقك، وهو الذي أعطاك من المال ما أعطاك، فالمال ماله، والملك ملكه، ولم أجد في القرآن آية تثبت ملكية الإنسان للمال، وإنما يستخلف الله عز وجل عباده على هذا المال

{وَأَنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}


و يقول: {وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ} .


فالمال الذي بين يديك إنما هو لله عز وجل، والذي أرسله إليك رزقاً هو الله عز وجل، ومع ذلك فهو

يقول: {مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً}

يخاطبك وكأنه يقول: ألا تقرضني شيئاً من هذا المال الذي هو بين يديك؟ إن أقرضتني شيئاً منه أعدك بأنني أعيده إليك أضعافاً مضاعفة،

كيف يمكن ألا يخجل الإنسان من مولاه إذ يخاطبه بهذا الكلام المحبب؟

يعطيني المال - والمال ماله - ثم يقول: ألا تقرضني شيئاً من هذا المال الذي معك؟
وكيف أقرض الله عز وجل؟
وما المراد بهذا الإقراض؟
من الواضح أن الله عز وجل هو الغني، وكل ما عدا الله فقراء، ولكن المعنى المراد من ذا الذي ينفق من هذا المال الذي أغدقه الله عز وجل عليه إلى المحتاجين والفقراء الذين ابتلاه الله عز وجل بهم؟ عبّر البيان الإلهي عن هذا بإقراض الله سبحانه وتعالى.

ويرحم الله ابن عطاء الله إذ يقول: (من تمام فضله عليك إذ خلق فيك ونسب إليك)


يكرمك بالمال، ثم يعدك المثوبة الكبرى إن أنت أنفقت من هذا المال للمحتاجين،
ويَعُدُّ البيان الإلهي ذلك إقراضاً منك لله سبحانه وتعالى، هذه الآية لا ريب أنها تثير مشاعر الخجل والاستحياء من الله عز وجل، والمفروض من العبد الذي أكرمه الله بشفافية إيمانية أن يخاطب مولاه قائلاً: يا ربّ العبد عبدك، والمال مالك، كيف تجعلني مقرضاً لك إن أنا وهبت أو أعطيت الفقراء الذي ابتليتني بهم شيئاً من مالك أنت الذي جعلته وديعة عندي، ثم إنك تُلْزِم ذاتك العلية بأن تعيده إلي أضعافاً مضاعفة وليس في ذلك أي من الربا المحرم - كما تعلمون -؟ّ
هذه الآية ما ينبغي أن يتيه الإنسان عنها إطلاقاً، ما دام الباري عز وجل قد أكرمه بشيء من النعم التي أغدقها عليه، وابتلاه الله عز وجل بها، ولاسيما في هذا الشهر المبارك، ومن استوعب هذا الكلام الرباني، ومن تدبره وتأمله لا يمكن أن يجد البخلُ سبيلاً إلى كيانه قط، ولا يمكن أن يتسربَ الشحُّ في ساعة من الساعات إلى نفسه قط. كيف؟
هو يعلم أن الله لا يخلف الميعاد، وهو يعلم أن المال مال الله

، وهو يسمع كلام الله عز وجل القائل: {فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً}

لعل الأضعاف لا تقف عند العشرة، لعلها تزيد على ذلك، وليس لهذا العطاء الرباني سقف قط، ومن ثَم فإن المؤمن بالله عز وجل لا يمكن أن يجد البخلُ سبيلاً إلى نفسه قط.
وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان يقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً). الحديث متفق عليه،

والكلام كلام رسول الله، والمضمون إنما هو تأكيد لهذا الذي يقوله الله سبحانه وتعالى:


{مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.



أن يصورَ لك البيان الإلهي في هذا الكلام أنه يقف منك موقف المقترض وأنت تقف منه موقف المقرض كيف هذا!؟!
لابد أن تقول لمولاك وخالقك: يا رب أنت ربي ومالكي، المال مالك، وأنت الذي أعطيتنيه، أفأقرضك مالاً هو مالك؟! أفيقرضك عبد هو مملوك لك؟! لا؛ بل العبد وكل ما في يديه ملكك. نعم؛ هكذا يقف العبد المؤمن بالله عز وجل من هذا البيان الإلهي المحبب الذي يخاطب الله سبحانه وتعالى به عباده.
هذا بالنسبة للإنفاق المطلق الذي يشمل الزكاة وغير الزكاة، وإن في المال حقاً سوى الزكاة، ولكن كيف عندما يكون الإنسان مرهَقاً تحت مسؤوليات الزكاة التي خاطبه الله عز وجل بها، ومع ذلك فإن الله عز وجل يُخْرِج زكاة مالك - التي أنت مكلف بها - يُخْرِج ذلك منك مخرج الإقراض لله سبحانه وتعالى، هذا المعنى يبنغي أن نتذكره دائماً كلما رأينا نعمة بين أيدينا من النعم التي يغدقها الله عز وجل علينا،

وينبغي أن نعلم - أيها الإخوة - أن الغنى والفقر أمران نسبيان،

ما من إنسان إلا وهو موسر بالنسبة للبعض وهو فقير بالنسبة للآخرين أيضاً، نعم. وما من إنسان يعاني من الفقر والضنك، وعالج فقيرة وضنكه بالإنفاق إلا أبدل الله بفقره الغنى، وأكرمه الله سبحانه وتعالى بالنعمة،

ومعنى ذلك أن للفقراء الذين تحدث البيان الإلهي عنهم كمستحقين للزكاة لهم في هذا المال حق ثابت، ولو أن إنساناً باع مالَه كلَّه وقد تعلق به الزكاة قبل أن يخرج زكاته لما صح ذلك البيع في جزء من هذا المال لأنه ليس ماله.
أذكِّر نفسي وأذكِّركم بهذا الذي ينبهنا إليه بيان الله عز وجل،


وأذكركم بأن الإنفاق الذي أمرنا به الله عز وجل هو الحصن الذي يقي الإنسان من المصائب، هو الحصن الذي يقي الإنسان من الأمراض، هو الحصن الذي يقي الإنسان من الفقر والعوز.



أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكرمنا بالصدق في إيماننا بالله، وأسأله سبحانه وتعالى أن يكرمنا بالصدق في التعامل مع الله سبحانه وتعالى، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم


19
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فتاة كاردف
فتاة كاردف
جزاك الله خير حبيبتي
*هبة
*هبة
جزاك الله خير حبيبتي
جزاك الله خير حبيبتي
بارك الله فيك وغفر الله لي ولك ولوالدينا وللمؤمنين
والمؤمنات الاحياء منهم والاموات

اللهم امين
دواء روحي
دواء روحي
جزاك الله خير
*هبة
*هبة
جزاك الله خير
جزاك الله خير
بارك الله فيك وغفر الله لي ولك ولوالدينا وللمؤمنين
والمؤمنات الاحياء منهم والاموات
اللهم امين
أم عبد المنعم
أم عبد المنعم
بارك الله فيك وجعل ماتكتبين في ميزان حسناتك