حفيدة عثمان بن عفان

حفيدة عثمان بن عفان @hfyd_aathman_bn_aafan

الـــداعيـــة الــواعـــده

من زمان البلوغ إلى منتهى الشباب

ملتقى الإيمان


وهذا هو الموسم الأعظم الذي يقع فيه الجهاد للنفس والهوى وغلبة الشيطان وبصيانته يحصل القرب من الله تعالى وبالتفريط فيه يقع الخسران العظيم‏.‏
وبالصبر فيه على الزلل يثنى على الصابرين كما أثنى الله عز وجل على ‏‏ - عليه الصلاة والسلام - إذ لو زل من كان يكون‏.‏
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏عجب ربك من الشاب ليست له صبوة‏)‏‏.‏
ويقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏أيها الشاب التارك شهوته من أجلي أنت عندي كبعض ملائكتي‏)‏‏.‏
وليعلم البالغ أنه من يوم بلوغه وجب عليه معرفة الله تعالى بالدليل لا بالتقليد ويكفيه من الدليل رؤية نفسه وترتيب أعضائه فيعلم أنه لا بد لهذا الترتيب من مرتب كما أنه لا بد للبناء من بان‏.‏
ويعلم أنه نزل إليه ملكان يصبحانه طول دهره ويكتبان عمله ويعرضانه على الله سبحانه وتعالى قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِن عَلَيكُم لَحافِظين كِراماً كاتِبين يَعلَمونَ ما تَفعَلون‏}‏‏.‏
قال ‏‏‏:‏ منذ أربعين سنة ما أمليت على كاتبي سيئة ولو فعلت لاتسحيت منهما‏.‏
فلينظر العبد فيما يرتفع من عمله فإن زل فليرفع الزلل بتوبة واستدراك‏.‏
وليغض طرفه فقد قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏قُل لِلمُؤمِنينَ يَغضوا مِن أَبصارَهُم‏}‏‏.‏
….
والناس ثلاثة‏:‏ من ابتكر عمره بالخير ودام عليه فذلك من الفائزين ومن خلط وقصر فذلك من الخاسرين ومن صاحب التفريط والمعاصي فذلك من الهالكين‏.‏
فلينظر الشاب في أي مقام هو فليس لمقامه مثل وليتلمح شرف اعته وثمنها المستوفى‏.‏
فالصبر الصبر فإن الساعي يصبر عن النكاح مع كونه شاباً شديد الشبق فيقال له أحسنت‏.‏
فليصبر الشاب ليقال له‏:‏ ‏‏‏.‏
وليحذر زلله في الشباب فإنها كعيب قبيح في سلعة مستحسنيه‏.‏
ومن زل في الشباب فلينظر أين لذتها‏!‏ وهل بقي إلا حسرتها الدائمة التي كلما خطرت له تألم فصار ذكرها عقوبة ومن خرق ثوب التقى بيع بالخلق والمكسور‏.‏
قال ‏‏ - رحمه الله -‏:‏ لو أقل عبد على الله ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة كان الذي فاته أكثر مما حصل له‏.‏
وكان بعض السلف - رحمه الله - يقول‏:‏ وددت لو أن يدي قطعتا وغفر لي عن ذنوب الشباب‏.‏
قال المصنف - رحمه الله -‏:‏ قلت يوماً في الوعظ‏:‏ أيها الشاب أنت في بادية ومعك جواهر نفيسة وتريد أن تقدم بها على بلد الجزاء فاحذر أن يلقاك غرار من الهوى فيشتري ما معك بادون ثمن فتقدم البلد فترى الرابحين فتفقع أسفاً وتبكي لهفاً وتقول‏:‏ ‏{‏يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله‏}‏ هيهات أن يرد الأسف ما سلف‏.‏
من كتاب (( تنبيه النائم الغمر عن مواسم العمر ـــــــــ لابن الجوزي ))
0
459

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️