من صفات الله عز وجل 5

ملتقى الإيمان

من المعلوم أن شرف العلم بشرف المعلوم، وليس هناك علم أشرف ولا أجل من علم تعلق بالله وصفاته، فهو يورث المسلم خوفاً وخشيةً وحباً وشوقاً لربه؛ ولمنزلة هذا العلم كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يفتخر به على أصحابه فيقول: ( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ) رواه البخاري . ويعود فضل هذا العلم إلى أن الغاية التي خلق الناس من أجلها هي عبادة الله سبحانه، وعبادته لا تتم إلا بمعرفته، وكلما عظمت معرفة العبد بربه عظمت عبادته له، فحريٌ بمن أراد ولوج أبواب المعارف والطاعات أن يسلك في سبيل ذلك التفكر في أسماء الله وصفاته، فهما بابان عظيمان من أبواب العلم بالله سبحانه، يقربان العبد من ربه، ويعرفانه به .
وتسهيلاً لهذه المعرفة وتقريباً لها جمعنا هذا المعجم في صفات الله، وحرصنا أن نذكر في هذا المعجم ( معجم الصفات ) أغلب ما ثبت في الكتاب والسنة، واتفق عليها سلف الأمة، مع ذكر معاني تلك الصفات التي نص عليها العلماء .
وقبل أن نبدأ بسرد الصفات نذكر ببعض القواعد الهامة لضبط هذا الباب حتى يفهم فهما صحيحاً.
وأولى هذه القواعد: أن إثبات الصفات المقصود منه إثباتها لفظاً ومعنى مع السكوت التام عن الكلام في كيفياتها، وإيكال علم ذلك إلى الله سبحانه، فالاستواء معلوم لفظا ومعنى لكن كيفيته مجهولة لنا، فيحظر على المسلم الكلام في ذلك، لأنه قول على الله بغير علم .
والقاعدة الثانية: وجوب نفي التمثيل عند الإثبات، فلا يجوز أن نثبت الصفات مع تشبيهها بصفات المخلوقين .
والقاعدة الثالثة: أن صفات الله لا يجوز أن يشتق منها أسماء لله فلا يشتق من صفة المشيئة اسم الشائي، ولا من صفة المجيء اسم الجائي .
والقاعدة الرابعة: عدم جواز التعبيد بالصفات فلا يقال عبد الاستواء ولا عبد المشيئة .
والقاعدة الرابعة: عدم جواز دعاء صفات الله، فلا يقال يا عزة الله وحكمته وسمعه.
والقاعدة الخامسة: جواز الاستعاذة بصفات الله كالقول: أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك.




العظمة: صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه العظيم، قال تعالى: { وهو العلي العظيم }(البقرة: 255 ) وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عند الكرب: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرضين، ورب العرش الكريم ) متفق عليه . ومعنى هذه الصفة: أن الله له كل معاني الشرف والرفعة فإن عظيم القوم مالكهم وصاحب الأمر فيهم .
( 62 ) العفو: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى: { إن الله كان عفواً غفوراً }(النساء: 43 ) وقال تعالى:{ ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم }(آل عمران: 155 ) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - علمها أن تقول ليلة القدر: ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة: أن الله يتجاوز عن خطايا العباد، ويصفح عنهم بمحض فضله عليهم، أو بتوبتهم ورجوعهم إليه .
( 63 ) العلم: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى:{ إن الله كان عليماً حكيماً }(النساء:11) وقال تعالى:{ عالم الغيب والشهادة }(الأنعام:73) وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من قال حين يصبح: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يمسي ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة هو أن الله مطلع على كل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .
( 64 ) العلو: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى: { وهو العلي العظيم }(البقرة: 255 ) وقال تعالى:{ سبح اسم ربك الأعلى }(الأعلى: 1 ) وعن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ليلة أسري به - سمع تسبيحاً في السماوات العلى:( سبحان العلي الأعلى ) رواه الطبراني البيهقي ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالعلو المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فذاته أعلى الذوات فالله فوق العالم ولا شيء فوقه، وصفاته وأفعاله أعلى الصفات والأفعال وأرفعها جمالا وحسنا وكمالاً .
( 65) الغضب: صفة لله ثابتة في الكتاب والسنة، قال تعالى: { وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق }(البقرة:61 )، وقال تعالى: { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً }(النساء: 93 ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوماً في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله ) رواه مسلم ومعنى غضب الله سخطه على من خالف أمره .

( 66 ) الغَلَبة: صفة لله ثابتة في الكتاب والسنة قال تعالى:{ والله غالب على أمره }( يوسف: 21 ) وقال تعالى: { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز }(المجادلة: 21 ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنــه -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ( لا إله إلا الله وحده، أعَزَّ جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده ) رواه البخاري . ومعنى هذه الصفة أن الله قوي لا يهزم، منصور لا يغلب، فلا يحاربه أحد إلا هزمه وغلبه.
( 67 ) الغنى: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى: { وربك الغني ذو الرحمة }(الأنعام: 133) وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول في دعاء الاستسقاء: ( اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة أن الله كامل فلا يحتاج إلى غيره، ولا تشوبه شائبة فقر أو حاجة، بل الخلق هم من يحتاج إليه .
( 68 ) القدرة: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة، قال تعالى: { إن الله على كل شيء قدير }(البقرة: 20 ) وعن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول: ( أعوذ بعِزَّة الله وقدرته من شر ما أجدُ وأحاذِر ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله له القدرة المطلقة والإرادة النافذة { وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون }(البقرة: 117 ).
( 69 ) القُدُّوس: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس }(الحشر: 23 ) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة: أن الله هو الممدوح بالفضائل والمحاسن على وجه الإطلاق الذي لا يلحقه نقص ولا عيب .

( 70 ) القهر: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }(الأنعام:18) ومعنى هذه الصفة أن الله قهر العباد بحكمه وأخضهم لسلطانه فلا يخرج أحد عن أمره الكوني والقدري .
( 71 ) القوة: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { إن ربك هو القوي العزيز }(هود: 66) وقال تعالى: { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين }(الذاريات: 58 ) ومعنى هذه الصفة: أن الله تام القوة، كامل القدرة، لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال .
( 72 ) القيّومية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ الله لا إله إلا هو الحي القيوم }(البقرة:255) وقال تعالى: { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت }(الرعد: 33 ) وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة: أن الله هو القَيِّم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه .
( 73 ) الكفاية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { أليس الله بكاف عبده }(الزمر: 36 ) وعن أنس - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه؛ قال: ( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا؛ فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة: أن الله هو الذي يكفي عباده جميع ما يحتاجون ويضطرون إليه.
( 74 ) الكبرياء: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة، قال تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر }(الحشر: 23 ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة: أن الله تعالى متصف بغاية العظمة وقوة السلطان فلا ينازعه أحد في عظمته وقوته إلا قصمه وأهلكه .
( 75 ) الكبير: مأخوذ من الكِبَرِ وهو ضد الصغر، فالله كبير في كل شيء في ذاته وصفاته، فمهما تصور الإنسان كبيراً فالله أكبر منه، فالله أكبر الذوات ذاتاً، وأعلاها شرفا ومنزلة، وقد وردت هذه الصفة في قوله تعالى: { وأن الله هو العلي الكبير }(لقمان:30 ) .
( 76 ) الكرم: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم }(الانفطار: 6 ) وعن سهل بن سعد الساعدي ، - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن الله عز اسمه كريم يحب مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها ) رواه الحاكم والبيهقي ومعنى هذه الصفة: أن الله كثير الخير، جواد معط ، لا ينفد عطاؤه ، ولا ينقطع جوده .
( 77 ) كره المعاصي: قال تعالى: { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين }(التوبة: 46 ) وعن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله لا يحب ما يصدر من العباد من الذنوب والمعاصي .


موقع مقالات اسلام ويب
2
366

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

متجر ضي القمر
متجر ضي القمر
جزاك الله خير