ان الله يحب الله المحسنين
ومن عجائب أخبار السلف الصالح ما روى أهل السير عن أحمدَ بنِ مسكين أحدِ علماءِ القرن الثالث الهجري في البصرة،
قال:"امتحِنت بالفقر سنة تسع عشرة ومائتين، فلم يكن عندنا شيء، ولي امرأة وطفلها، وقد طوينا على جوع يخسف بالجوف خسفا
فجمعت نيتي على بيع الدار والتحوّل عنها، فخرجت أتسبب لبيعها فلقيني أبو نصر، فأخبرته بنيتي لبيع الدار فدفع إلي رُقاقتين من الخبز بينهما حلوى، وقال أطعمها أهلك
ومضيت إلى داري فلما كنت في الطريق لقيتني امرأة معها صبي، فنظَرَت إلى الرقاقتين وقالت: يا سيدي، هذا طفل يتيم جائع، ولا صبر له على الجوع، فأطعمه شيئًا يرحمك الله، ونظر إليّ الطفل نظرة لا أنساها، وخيّل إليّ حينئذ أن الجنة نزلت إلى الأرض تعرض نفسها على من يشبِع هذا الطفل وأمه، فدفعت ما في يدي للمرأة
وقلت لها: خذي وأطعمي ابنك. والله ما أملك بيضاء ولا صفراء، وإن في داري لمن هو أحوج إلى هذا الطعام
فدمعت عيناها، وأشرق وجه الصبي، ومشيت وأنا مهموم، وجلست إلى حائط أفكر في بيع الدار وإذ أنا كذلك إذ مرّ أبو نصر وكأنه يطير فرحًا
فقال: يا أبا محمد، ما يجلسك ها هنا وفي دارك الخير والغنى؟!
قلت: سبحان الله! ومن أين يا أبا نصر؟!
قال: جاء رجل من خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحدٍ من أهله، ومعه أثقال وأحمال من الخير والأموال،
فقلت: ما خبره؟
قال: إنه تاجر من البصرة، وقد كان أبوك أودَعه مالاً من ثلاثين سنة، فأفلس وانكسر المال، ثم ترك البصرة إلى خراسان، فصلح أمره على التجارة هناك، وأيسَر بعد المحنة، وأقبل بالثراء والغنى، فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في ثلاثين سنة
يقول أحمد بن مسكين: حمدت الله وشكرته، وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها، فكفيتهما وأجرَيت عليهما رزقا، ثم اتجرت في المال، وجعلت أربه بالمعروف والصنيعة والإحسان وهو مقبل يزداد ولا ينقص، وكأني قد أعجبني نفسي وسرني أني قد مُلِأَت سجلاتُ الملائكة بحسناتي، ورجوت أن أكون قد كُتبت عند الله في الصالحين
فنمت ليلة فرأيتُني في يوم القيامة، والخلق يموج بعضهم في بعض، ورأيت الناس وقد وُسِّعَتْ أبدانُهم، فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقة مجسّمة، حتى لكأن الفاسق على ظهره مدينة كلها مخزيات
ثم وضعت الموازين، وجيء بي لوزن أعمالي، فجعلت سيئاتي في كفة وألقيت سجلات حسناتي في الأخرى، فطاشت السجلات، ورجحت السيئات، ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه، فإذا تحت كل حسنةٍ شهوةٌ خفيةٌ من شهوات النفس، كالرياءِ والغرورِ وحبِ المحمدة عند الناس، فلم يسلمُ لي شيء، وهلكتُ عن حجتي وسمعتُ صوتًا: ألم يبق له شيء؟
فقيل: بقي هذا، وأنظر لأرى ما هذا الذي بقي، فإذا الرقاقتان اللتان أحسنت بهما على المرأة وابنها، فأيقنت أني هالك، فلقد كنت أُحسِنُ بمائةِ دينارٍ ضربةً واحدة فما أغنَت عني، فانخذلت انخذالاً شديدًا ، فوُضِعَت الرقاقتان في الميزان، فإذا بكفة الحسنات تنزل قليلاً ورجحت بعضَ الرجحان، ثم وُضعت دموع المرأة المسكينة التي بكت من أثر المعروف في نفسها، ومن إيثاري إياها وابنها على أهلي، وإذا بالكفة ترجُح، ولا تزال ترجُح حتى سمعت صوتًا يقول: قد نجا .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
💥فهلا تدبرنا هذه القصة واعدنا قرأتها أكثر من مرة لعلنا أن ندرك وسيلة النجاة ونحقق الغرض الذي نسعى إليه وإن كانت طويلة لكنها تحمل في طياتها طوق النجاه
محبه الكعبه @mhbh_alkaabh
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
نوره . .
•
جزيت خيرا
اشواق الجنان :جزاك الله خير ---قصة قمة في الروعة لمن تأملهاجزاك الله خير ---قصة قمة في الروعة لمن تأملها
شكر الله لك
الصفحة الأخيرة