رهيبة
من قتل أماني ؟؟؟
أنطلقت السيارة تحمل فرحاً كبيراً وسعادة غامرة ، تحمل أباً وأماً وطفلة في الرابعة ..
فراشة تطير بين أنحائها ، حينأً بين أحضان أمها ، وحيناً تداعب شعر أبيها ...
وحيناً تعود إلى الوراء تراقب من النافذة الخلفية السيارات التي تطارد براءتها بأنوارها ، فتعكس الفرحة التي أرتسمت على شفتيها وبريق عينيها ، فلا ترى إلا الابتسامات تداعبها ...
تشعر بالسآمة والملل حين تغيب السيارات عن ناظريها ..
تتجه إلى النافذة الجانبية ، تراقب السماء من فوق الجسر ، ترنو نحو الأنوار البعيدة ، تسأل أمها متى نصل يا أمي ؟ فتقول : لا زال الطريق طويلاً يا ابنتي ...
يناديها الأب ، تقترب منه ، تضع خدها على صفحة خده ، يقبلها ويقول : ابتعدي عن النافذة يا ابنتي ...
تعود إلى مكانها ، تسند ظهرها إلى الوراء ، يحل الصمت داخل السيارة ...
وفجأة ...
صوت ارتطام ، وصرخة قوية تنطلق من شفتي أماني ، يلتفت الأب إلى الوراء يبحث عن أماني ، يوقف السيارة ، ظن أن أماني سقطت من النافذة ، بحث عنها ، وجدها قد سقطت في أرضية السيارة ، رفعها إلى صدرها ، وإذا بالدماء تبلل جسدها ، تأملها ، تحسسها ، دارت الدنيا به ، الدماء تنزف من رأسها بغزارة ، صرخت الأم صرخة قوية ، احتضن الأب ابنته إلى صدره ...
عاد الأب بسرعة ليمسك بمقود السيارة وأنطلق مسرعاً يبحث عن مستشفى لينقذ فلذة كبده ...
تحمل الأم صغيرتها في حضنها ، تبللها بدموعها ، تلثمها بشفتيها ، تبتهل إلى الله أن يشفي ابنتها ، الدماء تنزف وأماني في حالة من الذهول ، وعيها بدأ يغيب ، وأنفاسها تتصاعد ، تنظر إلى أمها وهي تتألم ...
تمضي السيارة بأسرع ما يمكن ، تبحث عن منقذ ينقذ هذه الأسرة المنكوبة مما تعانيه في هذه اللحظات ..
أماني ... أماني ، صوت الأب تخنقه العبرات يقتله النحيب ينطلق من شفتيه حزيناً ،يضع يده على رأسها ، يشعر بالدم ينبع تحت يديه ، يربت عليها ، يمسح شعراتها ، يرفع يديه المبللة بالدم يمسح دموعه ...
ويمضي الوقت وأماني ، تغيب وتغيب عن الوعي ...
الأم أخفت رأسها بين أحضان ابنتها ، وكأنها تحاول أن تمنع الروح أن تصعد ، تتمنى أن تمنح حياتها لحبيبتها ...
ينادي الأب : أماني .. أماني ويضع يده على رأسها ...
رفعت بصرها نحو أبيها ، تحركت شفتيها ، انبعث صوت الأنين من صدرها يحول بينه وبين الخروج أنفاسها التي بدأت تضعف ، هاه هيه ، حينها سكنت أنفاسها وغادرت روحها جسدها ، لقد ودعت أبيها وأمها بنظرة حزينة وكلمة حانية وكأنها تقول : وداعاً أبي وداعاً أمي ...
وهنا ارتفع البكاء والنحيب ...
ومضت السيارة بالجميع وكأنها جنازة تشيعها العبرات والدموع ...
لقد ماتت أماني ، فمات الفرح وحل الحزن ، ماتت أماني بين يدي والديها ، لم يملكا لها الحياة ، ولم يدفعا عنها الموت ...
لقد انطلق ذلك اللوح الخشبي في الهواء من مكان غير معلوم ، يبحث عن أماني ليكتب نهايتها المؤلمة ...
تجاوز كل السيارات ، تجاوز كل البشر ، وأخترق النافذة ليرتطم برأس أماني فيهتكه ، ليقضي عليها أما أعين والديها ...
إنه الموت الذي لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ...
إنه الموت الذي لا يتأخر عن موعده ولا يستأذن عند حضوره ..
يأتي فجأة فيختطف الأرواح ...
فيحل الحزن محل الفرح ، ويحل البكاء محل الضحك ...
رحمك الله يا أماني ...
وألهم والديك الصبر والسلوان ...
لقد كان موتك فاجعة لم يتحملها قلبيهما ...
فإنا لله وإنا إليه راجعون ...
*****
لقد ماتت أماني والقاتل غير معروف ...
وربما القاتل لا يعرف بأن أهماله وتفريط قد جلب لهذه الأسرة الصغيرة فاجعة لن تستطيع الأيام أن تمحوها من ذاكرتهما ...
كيف ينسى الأب تلك النظرات من صغيرته ، كيف ينسى قبلاتها ، ضحكاتها ، ركضها ، وكيف ينسى اللحظات الأخيرة وهي تفارق الحياة بين يديه ...
وتلك الأم الثكلى كيف تنسى صغيرتها ووحيدتها ...
اللهم كن لهم عوناً ونصيراً وأخاف لهم بخير ...
قصة من الواقع
NOOOOOR @nooooor
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️