من الشرك إرادة الإنسان بعملة الدنيا
وعنوان الباب له ثلاث احتمالات :
الأول : أن يكون مكرراً مع ما قبله ، وهذا بعيد أن يكتب المؤلف ترجمتين متتابعتين لمعني واحد .
الثاني : أن يكون الباب الذي قبله أخص من هذا الباب ، لأنه خاص في الرياء ، وهذا أعم ، وهذا محتمل .
الثالث : أن يكون هذا الباب نوعاً مستقلاً عن الباب الذي قبله ، وهذا هو الظاهر ، لأن الإنسان في الباب السابق يعمل رياء يريد أن يمدح في العبادة ، فيقال ، هو عابد ، ولا يريد النفع المادي .
وفي هذا الباب لا يريد أن يمدح بعبادته ولا يريد المراءاة ، بل يعبد الله مخلصاً له ، ولكنه يريد شيئاً من الدنيا ، كالمال ، والمرتبة ، والصحة في نفسه وأهله وولده وما أشبه ذلك ، فهو يريد بعمله نفعاً في الدنيا ، غافلاً عن ثواب الآخرة .
· أمثلة تبين كيفية إرادة الإنسان بعمله الدنيا :
1- أن يريد المال ، كمن أذن ليأخذ راتب المؤذن ، أو حج ليأخذ المال .
2- أن يريد المرتبة ، كمن تعلم في كلية ليأخذ الشهادة فترتفع مرتبته .
3- أن يريد دفع الأذي والأمراض والآفات عنه ، كمن تعبد لله كي يجزيه الله بهذا في الدنيا بمحبة الخلق له ودفع السوء عنه وما أشبه ذلك .
4- أن يتعبد لله يريد صرف وجوه الناس إليه بالمحبة والتقدير .
وهناك أمثلة كثيرة .
· تنبيه :
فإن قيل : هل يدخل فيه من يتعلمون في الكليات أو غيرها يريدون شهادة أو مرتبة بتعلمهم ؟
فالجواب : أنهم يدخلون في ذلك إذا لم يريدوا غرضاَ شرعياَ ، فنقول لهم :
أولاً : لا تقصدوا بذلك المرتبة الدنيوية ، بل اتخذوا هذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق ، لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية على الشهادات ، والناس لا يستطعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة ، وبذلك تكون النية سليمة .
ثانياً : أن من أراد العلم لذاته قد لا يجده إلا في الكليات ، فيدخل الكلية أو نحوها لهذا الغرض ، وأما بالنسبة للمرتبة ، فإنها لا تهمه .
ثالثاً : أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين – حسني الدنيا وحسني الأخرة ، فلا شيء عليه لأن الله يقول : ) ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ( فرغبه في التقوي بذكر المخرج من كل ضيق والرزق من حيث لا يحتسب .
فإن قيل : من أراد بعمله الدنيا كيف يقال إنه مخلص مع أنه أراد المال مثلاً ؟
أجيب : إنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقاً ، فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم ، بل قصد أمراً مادياً ، فإخلاصه ليس كاملاً لأن فيه شركاً ، ولكن ليس كشرك الرياء يريد أن يمدح بالتقريب إلى الله ، وهذا لم يرد مدح الناس بذلك ، بل أراد شيئاً دنيئاً غيره .
ولا مانع أن يدعو الإنسان في صلاته ويطلب أن يرزقه الله المال ، ولكن لا يصلي من أجل هذا الشيء ، فهذه مرتبة دنيئة .
أما طلب الخير في الدنيا بأسبابه الدنيوية ، كالبيع ، والشراء ، والزراعة ، فهذا لا شيء فيه ، والأصل أن لا نجعل في العبادات نصيباً من الدنيا ، وقد سبق البحث في حكم العبادة إذا خالطها الرياء في باب الرياء .
· ملاحظة :
بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية .
فمثلاً يقولون : في الصلاة رياضة وإفادة للأعصاب ، وفي الصيام فائدة إزالة الرطوبة وترتيب الوجبات ، والمفروض ألا نجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل ، لأن الله لم يذكر ذلك في كتابه ، بل ذكر أن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر .
وعن الصوم أنه سبب التقوي ، فالفوائد الدينية في العبادات هي الأصل والدنيوية ثانوية ، لكن عندما نتكلم عند عامة الناس ، فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية ، وعندما نتكلم عند من لا يقتنع إلا بشيء مادي ، فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ، ولكن مقام مقال .
وقال الله تعالى : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) الآية .
قوله تعالى : ( من كان يريد الحياة الدنيا ) . أي : البقاء في الدنيا .
قوله : ( وزينتها ) . أي المال ، والبنين ، والنساء ، والحرث ، والأنعام ، والخيل المسومة ، كما قال الله تعالى : )زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ( .
قوله : ( نوف إليهم ) . فعل مضارع معتل الآخر مجزوم بحذف حرف العلة الياء ، لأنه جواب الشرط .
والمعني : أنهم يعطون ما يريدون في الدنيا ، ومن ذلك الكفار لا يسعون إلا للدنيا وزينتها ، فعجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ، كما قال تعالى : ) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها ( .
ولهذا لما بكي عمر حين رأي النبي r قد أثر في جنبه الفراش ، فقال : " ما يبكيك ؟ " . قال يا رسول الله ! كسري وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من نعيم وأنت على هذا الحال . فقال رسول الله r : " أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم " (1)، وفي الحقيقة هي ضرر عليهم ، لأنهم إذا انتقلوا من دار النعيم إلى الجحيم ، صار عليهم أشد وأعظم في فقد ما متعوا به في الدنيا .
قوله : ( وهم فيها إلا يبخسون ) . البخس : النقص ، أي : لا ينقصون مما يجازون فيه ، لأن الله عدل لا يظلم ، فيعطعون ما أرادوه .
قوله : ( أولئك ) . المشار إليه يريدون الحياة الدنيا وزينتها .
قوله : ( ليس لهم في الآخرة إلا النار ) . فيه حصر وطريقة النفي والإثبات ، وهذا يعني أنهم لن يدخلوا الجنة ، لأن الذي ليس له إلا النار محروم من الجنة والعياذ بالله .
قوله : ( وحبط ما صنعوا فيها ) . الحبوط : الزوال ، أي : زال عنهم ما صنعوا في الدنيا .
قوله : ( وباطل ما كانوا يعملون ) . ( باطل ) : خبر مقدم لأجل مراعاة الفواصل في الآيات والمبتدأ " ما " في قوله : ( ما كانوا يعملون ) ، فأثبت الله أنه ليس لهؤلاء إلا النار ، وأن ما صنعوا في الدنيا قد حبط ، وأن أعمالهم باطلة .
وقوله تعالى : (من كان يريد الحياة الدنيا زينتها نوف إلهم إعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ) مخصوصة بقوله تعالى : )من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها من نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ( .
فأن قيل : لماذا لا نجعل آيه هود حاكمة على آية الإسراء ويكون الله توعد من يريد العاجلة في الدنيا أن يجعل له ما يشاء لمن يريد ؟ ثم وعد أن يعطيه ما يشاء؟
أجيب : إن هذا المعنى لا يستقيم لأمرين :
أولاً : أن القاعدة الشرعية في النصوص أن الأخص مقدم على الأعم ، وآية هود عامة ، لأن كل من أراد الحياة الدنيا وزينتها وفِّي إليه العمل وأعطي ما أراد أن يعطي ، أما آية الإسراء ، فهي خاصة : )عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ( ، ولا يمكن أن يُحكَم بالأعم على الأخص .
الثاني : أن الواقع يشهد على ما تدل عليه آية الإسراء : لأن في فقراء الكفار من هو أفقر من فقراء المسلمين ، فيكون عموم آية هود مخصوصاً بآية الإسراء فالأمر موكول إلى مشيئة الله وفيمن يريده .
واختلف فيمن نزلت فيه آية هود :
1- قيل : نزلت في الكفار ، لأن الكافر لا يريد إلا الحياة الدنيا ، ويدل لهذا سياقها والجزاء المرتب على هذا ، وعليه يكون وجه مناسبتها للترجمة أنه إذا كان عمل الكافرين يراد به الدنيا ، فكل من شاركهم في شيء من ذلك ، ففيه شيء من شركهم وكفرهم .
2- وقيل : نزلت في المرائين ، لأنهم لا يعملون إلا للدنيا ، فلا ينفعهم يوم القيامة .
3- وقيل : نزلت فيمن يريد مالاً بعمله الصالح .
والسياق يدل للقول الأول ، لقوله تعالى : ) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ( .
· تنبيه :
اقتصر المؤلف رحمه الله على الإشارة إلى تكميل الآية الأولى ، وزدنا الآية التالية سهواً وعسى أن يكون خيراً .
وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r : " تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، إن أعطي ؛ رضي ، وإن لم يعط ، سخط ، تعس وأنتكس ، وإذا شيك فلا انتقش . طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعت رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة ، كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة ، كان في الساقة ، إن أستأذن ، لم يؤذن له ، وأن شفع ، لم يشفع " (1).
قوله : " وفي الصحيح عن أبي هريرة " . سبق الكلام على قول المؤلف : " وفي الصحيح في باب التفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله .
قوله : " تَعِس " . بفتح العين أو كسرها ، أي : خاب وهلك .
قوله : " عبد الدينار" الدينار : هو النقد من الذهب ، والدينار الإسلامي زنته مثقال ، وسماه عبد الدينار ، لأنه تعلق به تعلق العبد بالرب فكان أكبر همه ، وقدمه على طاعة ربه ، ويقال في عبد الدرهم ما قيل في عبد الدينار ، والدرهم هو النقد من الفضة ، وزنة الدرهم الإسلامي سبعة أعشار المثقال ، فكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل .
وقد أراد المؤلف لهذا الحديث أن يتبين أن من الناس من يعبد الدنيا ، أي : يتذلل لها ويخضع لها ، وتكون مناه وغايته ، فيغضب إذا فقدت ويرضي إذا وجدت ، ولهذا سمي النبي r من هذا شأنه عبداً لها ، وهذا من يُعنى بجمع المال من الذهب والفضة ، فيكون مريداً بعمله الدنيا .
قوله : " تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة " . وهذا من يعنى بمظهره وأثاثه ، لأن الخميصة كساء جميل والخميلة فراش وثير ، ليس له هم إلا هذا الأمر ، فإذا كان عابداً لهذه الأمور لأنه صرف لها جهوده وهمته ، فكيف بمن أراد بالعمل الصالح شيئاً من الدنيا فجعل الدين وسيلة للدنيا ؟ ! فهذا أعظم .
قوله : " إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط " . يحتمل أن يكون المعطي هو الله فيكون الإعطاء قدرياً ، أي : إن قدر الله له الرزق والعطاء رضي وانشرح صدره ، وإن منع وحرم المال سخط بقلبه وقوله ، كأن يقول : لماذا كنت فقيراً وهذا غنياً ؟ وما أشبه ذلك ، فيكون ساخطاً على قضاء الله وقدرة لأن الله منعه .
والله سبحانه وتعالى يعطي ويمنع لحكمة ، ويعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين لمن يجب .
والواجب على المؤمن أن يرضي بقضاء الله وقدره ، إن أعطي شكر ، وإن منع صبر .
ويحتمل أن يراد بالإعطاء هنا الإعطاء الشرعي ، أي: إن أعطي من مال يستحقه من الأموال الشرعية رضي ، وإن لم يعط سخط ، وكلا المعنيين حق ، وهما يدلان على أن هذا الرجل لا يرضي إلا للمال ولا يسخط إلا له ، ولهذا سمّاه الرسولr عبداً له .
قوله : " تعس وانتكس " . تعس ، أي : خاب وهلك ، وانتكس ، أي : أنتكست عليه الأمور بحيث لا تتيسر له ، فكلما أراد شيئاً انقلبت عليه الأمور خلاف ما يريد ، ولهذا قال :
وإذا شيك فلا أنتقش " . أي : إذا أصابته شوكة ، فلا يستطيع أن يزيل ما يؤذيه عن نفسه .
وهذه الجمل الثلاث يحتمل خبراً منه r عن حال هذا الرجل ، وأنه في تعاسة وانتكاس وعدم خلاص من الأذي ، ويحتمل أن يكون من باب الدعاء على من هذه حاله ، لأنه لا يهتم إلا للدنيا ، فدعا عليه أن يهلك ، وأن لا يصيب من الدنيا شيئاً ، وأن لا يتمكن من إزالة ما يؤذيه ، وقد يصل إلى الشرك عندما يصده ذلك عن طاعة الله حتى أصبح لا يرضي إلا للمال ولا يسخط إلا له .
قوله : " طوبي لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله " . هذا عكس الأول ، فهو لا يهتم للدنيا ، وإنما يهتم للآخرة ، فهو في استعداد دائم للجهاد في سبيل الله .
و" طوبى " فُعْلى من الطيب ، وهي اسم تفضيل ، فأطيب للمذكر وطوبي للمؤنث ، والمعني : أطيب حال تكون لهذا الرجل ، وقيل إن طوبي شجرة في الجنة ، والأول ، أعم ، كما قالوا في ويل : كلمة وعيد ، وقيل : واد في جهنم ، والأول أعم .
وقوله : " آخذ بعنان فرسه " . أي ممسك بمقود فرسه الذي يقاتل عليه .
قوله : " في سبيل الله " . ضابطه أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا للحمية أو الوطنية أو ما أشبه ذلك ، لكن إن قاتل وطنية وقصد حماية وطنه لكونه بلداً إسلامياً يجب الذود عنه ، فهو في سبيل الله ، وكذلك من قاتل دفاعاً عن نفسه أو ماله أو أهله ؛ فإن النبي r قال : " من قتل دون ذلك ، فهو شهيد " ، فأما من قاتل للوطنية المحضة ، فليس في سبيل الله لأن هذا قتال عصبية يستوي فيه المؤمن والكافر ، فإن الكافر يقاتل من أجل وطنه .
قوله : " أشعت رأسه ، مغبرة قدماه " أي: رأسه أشعت من الغبار في سبيل الله ، فهو لا يهتم بحاله ولا بدنه مادام هذا الآمر ناتجاً عن طاعة الله عز وجل وقدماه مغبرة في السير في سبيل الله ، وهذا دليل على أن أهم شيء عنده هو الجهاد في سبيل الله ، أما أن يكون شعره أو ثوبه أو فراشه نظيفاً ، فليس له هم فيه .
فوله : " إن كان في الحراسة ، فهو في الحراسة ، وإن كان في الساقة ، فهو في الساقة " . الحراسة والساقة ليست من مقدم الجيش ، فالحراسة أن يحرس الإنسان الجيش ، والساقة أن يكون في مؤخرته ، وللجمليتن معنيان :
أحدهما : أنه لا يبالي أين وضع ، إن قيل له : أحرس ، حرس ، وإن قيل له : كن في الساقة ، كان فيها ، فلا يطلب مرتبة أعلى من هذا المحل كمقدم الجيش مثلاً .
الثاني : إن كان في الحراسة أدي حقها ، وكذا إن كان في الساقة ، والحديث الصالح لمعنيين ، يحمل عليهما جميعاً إذا لم يكن بينهما تعارض ، ولا تعارض هنا .
قوله :" إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع " . أي : هو عند الناس ليس له جاه ولا شرف ، حتى إنه إن استأذن لم يؤذن له ، وهكذا عند أهل السلطة ليس له مرتبه ، فإن شفع لم يُشَفّع، ولكنه وجيه عند الله وله المنزلة العالية ، لأنه يقاتل في سبيله .
والشفاعة : هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة .
والاستئذان : طلب الإذن بالشيء .
والحديث قسم الناس إلى قسمين :
الأول : ليس له هم إلا الدنيا ، إما لتحصيل المال ، أو لتجميل الحال ، فقد استبعدت قلبه حتى أشغلته عن ذكر الله وعبادته .
الثاني : أكبر همه الآخرة ، فهو يسعى لها في أعلى ما يكون مشقة وهو الجهاد في سبيل الله ، ومع ذلك أدى ما يجب عليه من جميع الوجوه .
ويستفاد من الحديث :
1- أن الناس قسمان كما سبق .
2- أن الذي ليس له هم إلا الدنيا قد تنقلب عليه الأمور ، ولا يستطيع الخلاص من أدنى أذية وهى الشوكة ، بخلاف الحازم الذي لا تهمه الدنيا ، بل أراد أذية وهي الشوكة ، بخلاف الحازم الذي لا تهمه الدنيا ، وقنع بما قدره الله له .
3- أنه ينبغي لمن جاهد في سبيل الله ألا تكون همه المراتب ، بل يكون همه القيام بما يجب عليه ، إما في الحراسة ، أو الساقة ، أو القلب ، أو الجنب ، حسب المصلحة .
4- أن دنو الإنسان عند الناس لا يستلزم منه دنو مرتبته عند الله عز وجل ، فهذا الرجل الذي إن شفع لم يشفّع وإن استأذن لم يؤذن له قال فيه الرسول r : " طوبي له " ، ولم يقل : إن سأل لم يعط ، بل لا تهمه الدنيا حتى يسأل عنها، لكن يهمه الخير فيشفع للناس ويستأذن للدخول على ذوي السلطة للمصالح العامة .
· فيه مسائل :
الأولى : إرادة الإنسان الدنيا بعمل الآخرة . الثانية : تفسير آية هود. الثالثة : تسمية الإنسان المسلم عبد الدينار والدرهم والخميصة . الرابعة : تفسير ذلك بأنه إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط . الخامسة : قوله : تعس وأنتكس . السادسة : قوله " وإذا شيك ، فلا أنتقش ، السابعة : الثناء على المجاهد الموصوف بتلك الصفات .
فيه مسائل
· الأولى : إرادة الإنسان بعمل الآخرة . وهذا من الشرك ، لأنه جعل علم الأخرة وسيلة لعمل الدنيا ، فيطغى على قلبه حب الدنيا حتى يقدمها على الآخرة ، والحزم والإخلاص أن يجعل عمل الدنيا للآخرة .
· الثانية : تفسير آية هود . وقد سبق ذلك .
· الثالثة : تسمية الإنسان المسلم عبد الدينار والدرهم والخميصة . وهذه العبودية لا تدخل في الشرك مالم يصل بها إلى حد الشرك ، ولكنها نوع أخر يخل بالإخلاص ، لأنه جعل في قلبه محبة زاحمت محبة الله عز وجل ومحبة أعمال الآخرة .
· الرابعة : تفسير ذلك بأنه إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط . هذا تفسير لقوله r : " عبد الدينار ، عبد الدرهم ، عبد الخميصة ، عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ، وهذه علامة عبوديته لهذه الأشياء أن يكون رضاه وسخطه تابعاً لهذه الأشياء .
· الخامسة : قوله : " تعس وانتكس " .
· السادسة : قوله : " وإذا شيك ، فلا أنتقش " يحتمل أن تكون الجمل الثلاث خبراً أو دعاء ، وسبق شرح ذلك .
· السابعة : الثناء على المجاهد الموصوف بتلك الصفات .
فقوله في الحديث : " طوبى لعبد ….." يدل على الثناء عليه ، وأنه هو الذي يستحق أن يمدح لا أصحاب الدراهم والدنانير وأصحاب الفرش والمراتب .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البخاري : كتاب اللياس / باب ما كان النبي r يتجور من اللياس ، ومسلم : كتاب الطلاق / باب في الإيلاء وأعتزال النساء .
(1) البخاري : كتاب الرقاق / باب ما يتقى من فتنة المال .

متأملة في الكون @mtaml_fy_alkon
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️