شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم
صنف الناس في شمائله صلى الله عليه وسلم قديما وحديثا كتبا كثيره ومن أحسن من جمع في ذلك الامام ابو عيسى (محمد بن عيسى بن سوره الترمذي رحمه الله )
أفرد في هذا المعنى كتابه المشهور بالشمائل ونحن نورد عيون ما أورده ونزيد عليه أشياء مهمه
ونذكر
أولا بيان حسنه الباهر الجميل صلى الله عليه وسلم :
روى البخاري عن أبن إسحاق قال :سمعت البراء بن عازب يقول :( كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا,ليس بالطويل البائن ,ولا بالقصير )
وقال البخاري: حدثنا جعفر بن عمر حدثنا شعبه عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال :( كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا بعيد ما بين المنكبين له شعر يبلغ شحمه أذنيه رأيته في حله حمراء , لم أر شيئا قط أحسن منه )
وروى الإمام أحمد عن أبي إسحاق عن البراء قال :(ما رأيت من ذي لمه أحسن في حله حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم , له شعر يضرب منكبيه , بعيد ما بين المنكبين, ليس بالطويل ولا بالقصير )
( لمه ) بكسر اللام هو الشعر الذي يجاوز شحمه الأذن , فإذا بلغ الشعر المنكبين فهو (جمه )
وروى البخاري عن ابي إسحاق قال: سئل البراء بن عازب :أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟ ( مثل السيف - أي في صقاله , أي : كالسيف المصقول يبرق ويلمع )
قال : بل مثل القمر ) رواه الترمذي عن أبي إسحاق السبعي واسمه :عمرو بن عبدالله الكوفي , عن البراء بن عازب به وقال : حسن صحيح .
وثبت في صحيح البخاري عن كعب بن مالك في حديث التوبه قال:( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر ,إستنار وجهه كأنه قطعه قمر .
وروى يعقوب بن سفيان , عن أبي عبيده بن محمد بن بن عمار بن ياسر قال :قلت للربيع بنت معوذ : صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت :( يا بني لو رأيته ,رأيت الشمس طالعه)
ورواه البيهقي من حديث يعقوب بن محمد الزهري , عن عبدالله بن موسى التيمي بسنده فقال :( لو رأيته لقلت : الشمس طالعه ) .
ثانيا: صفه جسمه صلى الله عليه وسلم ولونه :
روى البخاري عن ربيعه بن أبي عبدالرحمن قال : سمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال :(كان ربعه من القوم , ليس بالطويل ولا بالقصير
أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا بآدم, ليس بجعد قطط ولا سبط رجل , أنزل عليه وهو ابن أربعين فلبث في مكه عشر سنين ينزل عليه , وبالمدينه عشر سنين ,
وليس في في رأسه ولحيته عشرونشعره بيضاء )
قال ربيعه: (فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل (أحمر من الطيب )
وروى أبو داود الطيالسي عن علي بن ابي طالب قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشربا وجهه حمره )
وروى البيهقي عن محمد بن علي - يعني ابن الحنفيه - عن أبيه قال :(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون )
قال البيهقي: ويقال :إن المشرب فيه حمره ما ضحى للشمس والرياح , وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر .
وروى أبو داود الطيالسي عن جابر بن سمره قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهل العينين , منهوس العقب , ضليع الفم )
هكذا وقع في روايه أبي داود عن شعبه ( أشهل العينين ) قال أبو عبيد : ( والشهله ) حمره في سواد العينين , و ( الشكله ) : حمره في بياض العينين
ووقع في صحيح مسلم تفسير ( الشكله ) : بطول أشفار العينين
وقول أبي عبيد
: حمره في بياض العين , أشهر وأصح , وذلك يدل على القوه والشجاعه والله أعلم .
وروى يعقوب بن سفيان عن ابن عباس رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين, وكان إذا تكلم رئي كالنور بين ثناياه ) ورواه الترمذي
وروى يعقوب بن سفيان عن جابر بن سمره قال : ( كنت إذا نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : أكحل العينين وليس بأكحل , وكان في ساقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشه وكان لا يضحك إلا تبسما ) و ( حموشه ) بضم الحاء المهمله : اي : دقه , أي لم يكونا غليظين .
وروى الامام احمد عنعلي قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالقصير ولا بالطويل,ضخم الرأس واللحيه , شثن الكفين والقد مين والكراديس
, مشربا وجهه حمره , طويل المسربه ,إذا مشى تكفأ كأنما يقلع من صخر , لم أر قبله ولا بعده مثله ) و (المسربه ) بفتح الميم وضم الراء هي : الشعر وسط الصدر إلى البطن .
وروى يعقوب بن سفيان عن إبراهيم بن محمد,من ولد علي, قال : ( كان علي إذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم يكن بالطويل الممغط , ولا القصير المتردد, وكان ربعة من القوم , ولم يكن بالجعد القطط , ولا بالسبط, كان جعدا رجلا ,و لم يكن
بالمطهم ولا المكلثم , وكان في الوجه تدوير, أبيض مشربا أدعج العينين ,أهدب الاشفار , جليل المشاش و الكتد , اجرد ذو مسربة , شثن الكفين و القدمين , اذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب , و اذا التفت التفت معا , بين كتفيه خاتم النبوة , اجود الناس كفا , و ارحب الناس صدرا , و اصدق الناس لهجة , و اوفى الناس ذمة , و ألينهم عريكة , و ألزمهم عشرة , من رآه بديهة هابه , و من خالطه معرفة احبه , يقول ناعته : لم ارى قبله و لا بعده مثله )
وقد روى هذا الحديث : الامام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب (الغريب) ثم روى عن الكسائي والأصمعي وأبي عمرو تفسير غريبه
وحاصل ما ذكره مما فيه غرابه : أن ( المطهم ) هو : الممتلئ الجسم و ( المكلثم ) : شديد تدوير الوجه , يعني : لم يكن بالسمين الناهض , ولم يكن
ضعيفا , بل بين ذلك , ولم يكن وجهه في غاية التدوير بل فيه سهوله , وهي أحلى عند العرب ومن يعرف
وكان أبيض مشربا حمره , وهي أحسن اللون , ولهذا لم يكن أمهق اللون , و( الأدعج ) هو : شديد سواد الحدقه , و ( جليل المشاش) هو عظيم رؤوس العظام
, مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين , و ( الكتد ) الكاهل وما يليه من الجسد , وقوله : ( شثن الكفين ) أي :غليظهما
و ( تقلع في مشيته )أي : شديد المشيه , وتقدم الكلام على ( الشكله والشهله ) والفرق بينهما
و ( الأهدب ): طويل أشفار العين وجاء في حديث : أنه كان ( شبح الذراعين )
يعني :غليظهما .....والله أعلم .
ثالثا : في صفة شعره صلى الله عليه وسلم :
ثبت في الصحيحين , من حديث الزهري عن عبيدالله بن عبدالله, عن أبن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقه أهل الكتاب
فيما لم يؤمر فيه بشيئ, وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم , وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فرق بعد )
وثبت في الصحيحين عن البراء بن عازب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعره إلى منكبيه
وجاء في الصحيحين عنه وعن غيره : (إلى أنصاف أذنيه ) ولا منافاة بين الحالين , فإن الشعر تارة يطول وتارة يقصر منه ,فكل حكى بحسب ما رأى
وروى أبو داود عن عائشه قالت : (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة )
وقد ثبت أنه عليه السلام حلق جميع رأسه في حجة الوداع, وقد مات بعد ذلك بأحد وثمانين يوما ,صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين .
وثبت في الصحيحين من حديث ربيعه عن أنس, قال بعد ذكره شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم, (إنه ليس بالسبط ولا بالقطط ) قال : وتوفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء )
وفي صحيح البخاري عن ابن سيرين أنه قال : قلت لأنس أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ( إنه لم ير من الشيب إلا قليلا )
وكذا روى هو ومسلم من طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس .
وعن مسلم من طريق المثنى بن سعيد , عن قتاده عن أنس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختضب , إنما كان شمط عند العنفقه يسيرا , وفي الصدغين يسيرا , وفي الرأس يسيرا ) , و ( شمط عند العنفقه ) بفتح الشين المعجمه وكسر الميم , و ( العنفقه ) بفتح العين المهمله هي :
الشعيرات بين الشفه السفلى والذقن , والمعنى : ظهر الشيب فيها .
روى يعقوب بن سفيان عن عثمان بن عبدالله بن موهب القرشي قال : ( دخلنا على أم سلمه , فأخرجت إلينا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا هو أحمر مصبوغ بالحناء والكتم ) رواه البخاري .
رابعا : في طيب رائحته صلى الله عليه و سلم :
روى البخاري عن أنس قال : ( ما مسست بيدي ديباجا ولا حريرا ولا شيئا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا شممت رائحه أطيب من
ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ورواه مسلم .
وروى مسلم أيضا عن أنس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون , وكان عرقه اللؤلؤ , إذا مشى تكفأ , وما مسست حريرا ألين من
كف رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا شممت مسكا ولا عنبرا أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم )
وروى يعقوب بن سفيان والبيهقي عن جابر بن سمره قال : ( صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاه الأولى ثم خرج إلى أهله وخرجت معه , فاستقبله ولدان (بكسر الواو ) فجعل يمسح خدي أحدهم واحد واحد, قال : وأما أنا , فمسح خدي فوجدت ليده بردا وريحا كأنما أخرجها من جونة عطار ) ورواه مسلم نحوه
وروى الإمام أحمد عن أنس قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم ( بضم السين ) فينام على فراشها وليست فيه , قال فجاء ذات يوم
فنام على فراشها , فأتت فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيتك على فراشك , قال فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم
على الفراش , ففتحت عبيرتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتصره في قواريرها , ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما تصنعين يا أم سليم ؟ )
فقالت يا رسول الله نرجوا بركته لصبياننا , قال : ( أصبت ) . ورواه مسلم .
خامسا : صفة خاتم النبوة الذي بين كتفيه صلى الله عليه وسلم :
قال البخاري حدثنا محمد بن عبيدالله حدثنا حاتم عن الجعد قال : سمعت السائب بن يزيد يقول :ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت : ( يا رسول الله إن إبن إختي وجع , فمسح رأسي ودعا لي بالبركه , وتوضأ فشربت من وضوئه, ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم بين كتفيه
مثل زر الحجله ) وهكذا رواه مسلم
ثم قال البخاري: قال أبن عبيدالله : ( الحجله) من حجل الفرس الذي بين عينيه
وروى الإمام أحمد عن عبدالله بن سرجس قال : ( ترون هذا الشيخ - يعني : نفسه - كلمت نبي الله صلى الله عليه وسلم وأكلت معه , ورأيت العلامه التي بين كتفيه , وهي في طرف نغض كتفيه اليسرى كأنه جمع - بمعنى الكف المجتمع , وقال بيده فقبضها - عليه خيلان كهيئة الثواليل )
ومعنى ( عليه خيلان كهيئة الثواليل ) ( خيلان ) بكسر الخاء المعجمه جمع ( خال ) وهو : النكته أو الشامه في الجسد
و (الثواليل ) أو ( الثآليل ) كما في روايه أخرى : ( جمع ثؤلول ) وهو : الحبه تظهر على الجلد وعلى ظاهر الكفين خاصه .
وروى البيهقي عن سلمان الفارسي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى رداءه وقال : ( يا سلمان انظر إلى ما أمرت به )
قال : فرأيت الخاتم بين كتفيه مثل بيضة الحمامه )
وروى الإمام أحمد عن غياث البكري قال : كنا نجالس أبا سعيد الخدري بالمدينه , فسألته عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان بين
كتفيه فقال بأصبعه السبابه : هكذا , لحم ناشز بين كتفيه صلى الله عليه وسلم .. تفرد به أحمد من هذا الوجه .
" من كتاب السيرة النبوية و المعجزات "
" خلاصة تاريخ ابن كثير " .
اللهم صلي على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا .
________________________________________________________________________

icarus @icarus
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

aya44
•
علية افضل الصلاة والسلام وجزاكي كل خير

icarus
•
جزاك الله خير ووفقك ورزقك الفردوس الاعلى ورزقك بالزوج الصالح ووفقك في دراستك وغفر لك ولنا ولجميع المسلمين اللهم آمين
الصفحة الأخيرة