الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد
فإن من مظاهر موالاة الكفار :
1- التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما ، لأن التشبه بهم في الملبس والمأكل وغيرهما يدل على محبة المتشبه للمتشبه به ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من تشبه بقوم فهو منهم )) . فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم ومن عاداتهم وعباداتهم وسمعتهم وأخلاقهم كحلق اللحى وإطالة الشوارب والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة ، وفي هيئة اللباس والأكل والشرب وغير ذلك .
2- الإقامة في بلادهم وعدم الإنتقال منها إلى بلد المسلمين لأجل الفرار بالدين ، لأن الهجرة بهذا المعنى ولهذا الغرض واجبة على المسلم لأن إقامته في بلاد الكفر تدل على موالاة الكافرين ـــ ومن هنا حرم الله إقامة المسلم بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة ، قال تعالى ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ) ، فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة ، وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية ، كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم .
3- ومن مظاهر موالاة الكفار السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس ، والسفر إلى بلاد الكفار محرم إلا عند الضرورة ـــ كالعلاج والتجارة والتعلم والتخصصات التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر ـــ فيجوز بقدر الحاجة ، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين ، ويشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون مظهرا لدينه معتزا بإسلامه مبتعدا عن مواطن الشر حذرا من دسائس الأعداء ومكائدهم ، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام .
4- ومن مظاهر موالاة الكفار ، إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم ، وهذا ــ من نواقض الإسلام وأسباب الردة ـــ نعوذ بالله من ذلك .
5- ومن مظاهر موالاة الكفار الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين ، قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ها أنتم هؤلاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها )) ، فهذه الآيات الكريمات تشرح دخائل الكفار وما يكنونه نحو المسلمين من بغض وما يدبرونه ضدهم من مكر وخيانة وما يحبونه من مضرة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكل وسيلة وأنهم يستغلون ثقة المسلمين بهم فيخططون للإضرار بهم والنيل منهم .
روى الأمام أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قلت لعمر رضي الله عنه : لي كاتب نصراني . قال : مالك قاتلك الله . أما سمعت الله يقول (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض )) ، ألا اتخذت حنيفا ، قال : قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه . قال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، لا أدنيهم وقد أقصاهم الله . وروى الإمام أحمد ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الحرة فقال : إني أردت أن أتبعك وأصب معك ، قال (( تؤمن بالله ورسوله )) ؟ قال لا ــ قال (( ارجع فلن أستعين بمشرك )) .
ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار أعمال المسلمين التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم ، ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين ـــ بلاد الحرمين الشريفين ـــ وجعلهم عمالا وسائقين ومستخدمين ومربين في البيوت وخلطهم مع العوائل أو خلطهم مع المسلمين في بلادهم .
6- ومن مظاهر موالاة الكفار التأريخ بتاريخهم ـــ خصوصا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم
وأعيادهم كالتاريخ الميلادي والذي هو عبارة عن ذكرى مولد المسيح عليه السلام ، والذي ابتدعوه من أنفسهم وليس هو من دين المسيح عليه السلام ، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم ، ولتجنب هذا لما أراد الصحابة رضي الله عنهم وضع تاريخ للمسلمين في عهد عمر رضي الله عنه عدلوا عن تاريخ الكفار وأرخوا بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم
والله المستعان
7- ومن مظاهر موالاة الكفار مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها ــ وقد فسر قوله سبحانه وتعالى ( والذين لا يشهدون الزور ) أي ومن صفات عباد الرحمن أنهم لا يحضرون أعياد الكفار .
8- ومن مظاهر موالاة الكفار مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد ، قال تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) وليس معنى ذلك أن المسلمين لا يتخذون أسباب القوة من تعلم الصناعات ومقومات الاقتصاد المباح والأساليب العسكرية ، بل ذلك مطلوب ، قال تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )
وهذه المنافع والأسرار الكونية هي في الأصل للمسلمين ، قال تعالى ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة إلى يوم القيامة ) وقال تعالى ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) وقال تعالى ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) . فالواجب أن يكون المسلمون سباقين إلى استغلال هذه المنافع وهذه الطاقات ولا يستجدون الكفار في الحصول عليها ، يجب أن يكون لهم مصانع وتقنيات .
9- ومن مظاهر موالات الكفار التسمي بأسمائهم ــ بحيث يسمون أبنائهم وبناتهم بأسماء أجنبية
ويتركون أسماء آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم والأسماء المعروفة في مجتمعهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) ، وبسبب تغير الأسماء فقد وجد جيل يحمل أسماء غريبة ، مما يسبب الانفصال بين هذا الجيل والأجيال السابقة ويقطع التعارف بين الأسر التي كانت تُعرف بأسمائها الخاصة .
10- من مظاهر موالاة الكفار الاستغفار لهم والترحم عليهم ، وقد حرم الله ذلك بقوله تعالى
( ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم
أنهم من أصحاب الجحيم ) لأن هذا يتضمن حبهم وتصحيح ما هم عليه .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه: الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

**أروى** @aro_23
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

جولنار هانم
•
جزاك الله خير




الصفحة الأخيرة