فِرَقِ الخوارجِ وليسوا من غُلاتهم كالأَزَارِقَة، ولكنّهم يتَّفقون مع الخوارج في أصول عديدة منها: تعطيل الصِّفات، والقولُ بِخَلْقِ القرآن، وتجويزُ الخروج على أئمَّة الجَوْرِ وغيرها، وتُنْسَبُ الإباضية إلى مؤسِّسها عبد الله بن إباض التَّمِيمِي الذي يعتبر نفسه امتدادًا للمحكمة الأولى من الخوارج، وكانت لهم صَوْلَةٌ وجَولة في جنوبي الجزيرة العربية حتَّى وصلوا إلى مكّة والمدينة النَّبوية، وانتشر مذهبهم في الشمال الإفريقي بين البربر، وكانت لهم دولة عُرفت بالدولة الرستمية وعاصمتها «تاهرت»، وحَكَموا الشمال الإفريقي قرابة مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الفاطميون (العبيديون)، ولا يزال تواجدهم في وقتنا في كلٍّ من عُمان وليبيا وتونس والجزائر، وخاصَّةً في وادي ميزاب وواحاتها الصحراوية، وفي زنجبار بتنـزانيا.
ومن معتقدات الإباضية بغضّ النظر عمّا تقدّم:
- إنكارهم لرؤية الله في الآخرة.
- صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنّها هي عين ذاته.
- يؤوِّلون بعض مسائل الآخرة تأويلاً مجازيًّا كالميزان والصراط وغيرها.
- يعتقدون أنّ أفعال الإنسان خلق من الله، واكتسابٌ من الإنسان، وهم بذلك يقفون موقفًا وسطًا بين القدرية والجبرية.
- ومرتكب الكبيرة -عندهم- كافر كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملّة، ومع ذلك يقولون بأنّ العاصي مخلّد في النَّار، ومنه إنكارهم الشفاعةَ لعُصَاة الموحِّدين، وعليه فالناس في نظر الإباضيِّين على ثلاثة أصناف: مؤمنون أوفياء بإيمانهم، ومشركون واضحون في شركهم، وصِنْف أعلنوا كلمة التوحيد وأقرّوا بالإسلام لكن لم يلتزموا به سلوكًا وعبادةً، فهم مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد، وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك، لذلك لا يجوز -عندهم- أن يدعو شخص لآخر بخير الجنّة وما يتعلّق بها إلاّ إذا كان مسلمًا موفيًّا لدينه مستحِقًّا الولاية بسبب طاعته، أمّا الدعاء بخير الدنيا فهو جائز لكلّ المسلمين تقاة وعصاة.
هذا، ويتَّفق مُحْدَثوا الإباضية مع القُدَامى في أنّ دار مخالفيهم من أهل الإسلام هي دار توحيد إلاّ معسكر السّلطان فإنّه دار بغي، كما أنّهم يعتقدون أنّ أهل القِبلة من مخالفيهم كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال وغنيمة أموالهم حلال وما سواه حرام.
ومن فروعهم في الصلاة:
- عدم رفع اليدين في تكبيرة الإحرام.
- والسّدل في الصلاة.
- وعدم تحريك السبابة في التشهّد.
- والسّر في جميع صلواتهم حتى الجهرية.
- وسجود لكلّ صلاة ولو لم يسه، وغيرها من مسائل الفروع.
وأصلُ هذه المعتقدات تأثّرهم بالمعتزلة في قولهم بخلق القرآن واعتمادهم على القرآن ومُسْنَدِ الربيع بن حبيب وعلى الرأي والإجماع، ووقوفهم عند بعض النصوص الدينية موقفًا حرفيًّا ويفسّرون نصوص الكتاب والسُّنَّة تفسيرًا ظاهريًّا، واستنادهم في كتاباتهم الفقهية إلى آراء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة دون تحامل، ومن أشهر مراجعهم كتاب: «النيل وشفاء العليل» الذي شرحه محمّد بن يوسف إطفيش المتوفى سنة (١٣٣٢ﻫ) جمع فيه المذهبَ الإباضيَّ وعقائدَه.
ولا يخفى أنّ الإباضية قد خالفوا عقيدةَ جماعة الإسلام الذين اجتمعوا على الحقّ ولم يتفرّقوا في الدِّين فهي أصول الإسلام الذي هو عقيدة بلا فِرَق ولا طُرُق، وخالفوا منهجَ أهلِ السُّنَّة والجماعة في قواعدهم وأصولهم في مجال التلقي والاستدلال، وفي الاتباع وترك الابتداع، والاجتماعِ ونبذِ الفُرْقة والاختلاف في الدِّين، والتوسُّطِ بين فِرَقِ الغُلُوِّ والتفريط، والاقتداء والاهتداء بأئمَّة الهدى العدول المقتدى بهم في العلم والعمل، والدعوة من الصحابة ومن سار على نهجهم ومجانبة من خالف سبيلهم
ليالي الصيف ١٩٩٠ @lyaly_alsyf_1990
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️