القاريء الايجابي هو من يقرأ ليستفيد ويزداد علما ووعيا وادراكا ولكنه في نفس الوقت لا يكون تعامله مع أفكار الكاتب ومع ما يطرحه المؤلف او ما تتضمنه صفحات الكتاب كحال الميت بين يدي مغسله ،او كالريشة في مهب الريح ،بل يكون في نفس لحظات القراءة حاضر البديهة ومستعدا لنقاش أفكار المؤلف وما تتضمنه ثنايا الكتب من اطروحات ،انه على أهبة الاستعداد أن يقول لما لا يعلمه (ربما سأتبين الأمر وسأدرسه) وجاهز تمام الجاهزية ليقول لما يراه خطأ (هذا في نظري خلاف الصواب لكن ربما للكاتب أدلته التي لا أعلمها) (سابحث الأمر) وعندما يرى فكرة صائبة وجميلة ومقنعة فانه يسجلها ويحرص على التأكد من مدى مطابقة ما يقتنع به مع الحقائق الخالدة (اذ ربما كانت بعض قناعاتنا تحتاج الى تصويب ) وحين يرى ان الكاتب يقدم فكرة (مخالفة لما يراه) لكنه يدعمها بأدلة (علمية لا عاطفية ) فلغة خطاب العاطفة احيانا تكون بعيدة عن العلمية الطلوبة فانه مستعد للعدول عن رأيه الى رأي الكاتب .............
أما القاريء السلبي فلعلنا نقسم حاله الى قسمين :
فهانك قاريء سلبي سلبية مطبقة : وهذا ليس لديه الاستعداد أن يقول للكاتب ولا للكتاب (ربما) ولا (سأتثبت) ولا (سأدرس المسألة ) ولا ( هل هذا معقول) ولا ولا ولا.........بل هو مقتنع تماما بكل ما يقرأه من أفكار
فهو سهل الانقياد لاطروحات الاخرين خاصة حين يتوفر أمران اثنان
الأول : قلة العلم لديه فهو لا يتمتع بثقافة ولا قراءة غزيرة تعطيه المقدرة على النقد وطرح الاسئلة التثبتية لما يقرأه
الثاني: بعده التام عن مضمون ما يقرأ .....فمثلا حين يكون هناك من هو ضعيف في العلوم الشرعية......ويرى من يكتب في مسالة ما (شرعية ) فهو معرض للاقتناع بها لانه في الأصل لا يعرف عن ماذا يتحدث الكاتب ولا عن أدلة المخالفين للكاتب فهو لا يرى الا وجها واحدا للفكرة
وهذا النوع من القراء كثيرا ما يتقلبون في الآراء ويغيرون أفكارهم بسرعة رهيبة لانهم لا ينطلقون من قاعدة راسخة ولا من أرض صلبة
النوع الثاني:القاريء السلبي سلبية خفيفة : وهذا النوع من القراء لديهم ثقافة لا بأس بها في مجالات متعددة تخولهم فهم ما يعنيه الكاتب وفهم مضمون الفكرة التي يريد الكاتب ايصالها لهم ولكن مشكلتهم انهم لا يتمتعون بالجرأة في النقد او لانهم لا يمتلكون آليات النقد ولا طرقه فشاعرهم اما ان يكون
1- من أنا حتى أنقد
2- ربما الكاتب يريد شيئا وانا لم أفهمه (لأصمت خيرا لي)
3- الكاتب أدرى بما يقول مني(لأنه بحث ودرس ) فهو متأكد
هذا من الجانب النظري
لكن عندما نتأمل الجانب التطبيقي فهنا تكمن المشكلة
اذ انه ربما وقع احدنا على كتابات تخالف مثلا (أحد الثوابت الدينية ) او (أحد الاعرف الاجتماعية ) وهنا اذا لم يدرب الانسان نفسه على موهبة التثبت والدراسة والتروي والبحث (فيما يقرأ) فانه لربما مع الزمن تكونت لديه ثقافات ( متصارعه) فهو متمثل قول الشاعر:
يوما يمان اذا لاقيت ذا يمن.........وان لقيت معديا فعدنان
أيضا من الأخطاء التي ربما يقع فيها البعض جراء هذه السلبية هو التعصب للأقوال والأفكار دون دليل.....لأنه يغلب على أمثال هؤلاء انهم يتمسكون بما يوافقهم بعيدا عن العلمية والتثبت العلمي فهو يجادل واذا استدل فانه لا يتعدى ان يقول لك(تريد دليلا :انظر ما كتبه فلان) فهذا شعاهم دائما انظر ما كتبه فلان.......بخلاف القاريء الايجابي الذي يستدل على الفكرة التي يقتنع بها بقوله باثباتات عليمة بعيدا عن الاشخاص والتعصب الأعمى لشخصية
ولنعرج بشكل سريع على الكتب المترجمة (عن ثقافات اجنبية )
فهنا القاريء الايجابي يعرف انه امام كتب وكتاب يقدمون افكارهم عبر هذه الكتب ولكنهم ينطلقون وفق قناعات (شخصية ) او وفق نظريات علمية وفي كلا الحالين فان التسليم بكل أمر منها يعد خطأ ولو من الناحية النظرية......لان النظريات تبقى قابلة للنقاش.....فضلا عن القناعات الشخصية ومن هنا علينا ان نتعامل مع الكتب المترجمة بنوع من العلمية وبعيدا عن العاطفية(والاثارة) لانهما (العاطفية والاثارة) في كثير من الاحيان ولو على الأقل في الجانب العلمي يحيدان عن الصواب كثيرا
فنحن نقرأ هذه الثروة العلمية بروح النقد وفي نفس الوقت بروح البحث عن المعلومة المفيدة لكن بعيدا عن التسليم الاعمى ( الذي للأسف بدانا نلحظه لدى الكثيرين) ممن يتعاملون مع هذه الكتب المترجمة خاصة وهي تحمل مفردات (نابعة عن أفكار تحمل قيمة يبحث عنها الجميع) مما يجعل البعض يقع فريسة التسليم الأعمى بما فيها
المطلوب اذن هو التوازن بين القبول التام والتسليم الأعمى وبين الرفض السلبي لكل ما يأتي من الأخر
( كيف نكون قاعدة صلبة) في القراءة....... او كيف نكون قراء ايجابيين؟ وهل للثقافه والاطلاع دور.......؟
لدينا بعض الامور
1- لاشك ولا ريب ان حال الانسان في بداية مشواره الثقافي والعلمي....... لا يمكن بحال ان يشابه حاله بعد وقت لا بأس به من الثقافه والقراءه...... فبالتالي هذا يؤكد لنا ان الوقت عامل مهم في تكوين شخصيه قارئه قادره على الاستيعاب والمناقشه...... فبالأمس كنت قرأت انت هذه الحكايه في كتاب كذا على انها مسلمة! ولكن بعد اشهر قرأت ما يؤكد بطلانها في كتب ومراجع اخرى....... اذن في الغد بمجرد رؤيتك للحكايه او الخبر او او ستعرف لاشعوريا ان هذا الامر خطأ وان المؤلف جانبه الصواب....... الوقت عامل مهم اعني الوقت الذي تقضيه في العلم والقراءه .......
2- كيفية تعاملك مع الوقت ثقافيا ان صح التعبير....... اعرف اناسا عاصرتهم كنا نعيش تحديا كبيرا عصيبا........ كم تقرأ من صفحة يوميا؟ كم ساعة تمكث يوميا للقراءه.....؟ ....... هذا الوقت قادر على ايجاد جو ثقافي ثري جدا مع الزمن....... من شأنه ان يخلق شخصية مطلعه تمتلك مع كثرة القراءة القدره الى المقارنه والربط بين ما هنا وما هنالك....... بين ما قرأته بالامس وما تقرأه اليوم.........
اذن للوقت....... والزمن....... وتنظيمه وتكثيفه...... اضافة الى عدم العجله هما امور اساسيه في هذا المجال.....
ولكي تكون قارئا ايجابيا...... اهم ما عليك ان تكون في مجمل امرك مرنا....... بمعنى ان لا تقتني هذا الكتب وانت مسلم بان ما فيه باطل او حق ........ انه ليس وحيا وليس قرآنا ولا سنه صحيحه..... ربما هو افكار ووجهات نظر........ ربما هو اجتهاد بشري....... ربما هي مواقف وتجارب...... اراء وافكار........ تأملها جيداا ...... فالدخول بذهنيه ناقده مشكله........ كما ان الدخول بذهنيه مسلمه مشكله......
من الخلل ومن الخطأ ان تتعامل مع الكتاب بمبدأ ( ابيض او اسود) فما دام ان مؤلف هذا الكتاب هو فلان...؟ فان ما فيه باطل جملة وتفصيلا......... وما دام ان الكاتب الفلاني هو من سطر هذا الحديث فانه لا مزيد عليه........ كما ان المرونه مطلوبه فان التعميم مرفوض تماما....... بل ربما يجتمع في السطر الواحد حق وباطل.......
ايضا لا تهتم بالكاتب قدر اهتمامك بالفكره........ الكاتب يقدم اليك عصارة تجربه..... او موقفا...... او رأيا عليك ان تتأمله......... ولا تشغل نفسك كثيرا بالمؤلف...... من يكون...؟ وما خلفياته الفكريه والثقافيه...؟ وما تاريخه.......؟ اللهم الا في حالة واحده ان يكون المؤلف معروف التوجه وصاحب تيار معين وانت لا ترتضي هذا المنهج فابتعد عن الكتاب برمته....... الا ان تكون قادرا على نقد ما فيه وتمييز صوابه من باطله.........
واخيرا...... لا تتعجل..... فمن استعجل شيئا قبل اوانه...... عوقب بحرمانه....... وهذا يعني ان تحرص على اقتناء الكتب التي تتناسب مع مستواك الثقافي..... تدرج في العلوم ...... امض خطوة خطوة في دروب المعرفه....... انتق كتبك بعنايه بعد مشورة اهل التخصص كل في بابه...... ثم اقرأ بتأمل وتمعن...... سجل اهم المعلومات المشكله في الكتاب....... وابحثها من جديد هنا وهناك....... وتأكد من خلفياتها واسرارها......... مع الزمن سترى اي كنوز حصلت عليها
منقووووووول
ارجو ان يعجبكم
اختكم .. حلـــــــــــــــــم ...

حـ * ـلم @h_lm
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.



جزاج الله الف الف الف خير
الله يوفقج ياختي وييسر لج امورج ويسعج استفدت من مقالج في بحثي
جزاج الله ملايين الخيرات يا حبيبتي
الله يوفقج ياختي وييسر لج امورج ويسعج استفدت من مقالج في بحثي
جزاج الله ملايين الخيرات يا حبيبتي

دنيا ملونه :
جزاج الله الف الف الف خير الله يوفقج ياختي وييسر لج امورج ويسعج استفدت من مقالج في بحثي جزاج الله ملايين الخيرات يا حبيبتيجزاج الله الف الف الف خير الله يوفقج ياختي وييسر لج امورج ويسعج استفدت من مقالج في بحثي جزاج...
تسلمين يا helm4ever
مقال قيّم وجدير بالقراءة
أتمنى من جميع الزوار المرور عليه
مقال قيّم وجدير بالقراءة
أتمنى من جميع الزوار المرور عليه
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خيراً موضوع قيم ورائع وفعلاً يجب أن يستفيد الإنسان من القراءة وان يختار ما يناسبه ويفيده حتى يرتقي بما يقرأ ويتمتع بقراءة إيجابية .