scson @scson
ثمرة اسرة حواء الناضجة
مهارات حل المشكلات حتى 6 سنوات ...
بالوعي يمكننا تنمية مهارات الطفل
تعد القدرة على حل المشكلات مسألة فطرية تبدأ من اللحظة الأولى للميلاد.. إلا أن هناك من ممارسات الأهل ما يحفز هذه القدرات وينميها وهناك ما يعوقها ويحرفها عن تطورها السليم، خاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل؛ وكلما كان الأهل أكثر وعيا بالتطور الفطري لهذه المهارات وكيفية دعمها استطاعوا تنشئة طفل قادر على حل مشكلاته ومن ثم مشكلات الآخرين، من هنا جاء اهتمامنا بهذا الموضوع، وفيما يلي عرض لكيفية تنمية مهارات الأطفال من سن يوم وحتى 6 سنوات.
أولا: من الميلاد حتى عامين.
ثانيا: من سن 3-4 سنوات.
ثالثا: من سن 5-6 سنوات.
أولا: من الميلاد حتى عامين
الأطفال يولدون مزودين بأدوات طبيعية لحل المشكلات تسمى الانعكاسات reflexes، فبعد أقل من ساعة من الولادة يبدأ الرضيع في استخدام المص لحل مشكلة تواجهه مثل الجوع، ومع النمو تبدأ الاستجابات الإرادية تحل محل تلك الاستجابات اللاإرادية.
وعندما يصل الطفل لسن شهرين يصبح أكثر يقظة وشغفا لاستكشاف العالم من حوله، ومع سن الأربعة أشهر ينمو لدى الطفل التحكم في العضلات والتناسق بين حركة اليد والعين عند أخذ لعبة مثلا إلى فمه.
في سن 8 شهور يستمتع الأطفال باللعب بالألعاب التي تصدر استجابات محببة، كالتي تحدث أصواتا أو حركات غير معتادة، هذه الخبرات اللطيفة تساعد في إرساء قاعدة للطفل ليفهم لاحقا العلاقة بين السبب والمسبب؛ فالاستكشاف الممتع والتجربة يقود لبداية ظهور مهارات حل المشكلات.
العام الأول
ثم يسير الطفل بحلول عامه الأول نحو مستوى إرادي لحل المشكلات؛ فيستطيع دفع لعبة معينة للوصول لأخرى يفضلها، كذلك يبدأ طفل العام الواحد في حل المشكلات من خلال الملاحظة والتقليد؛ فيمكن للطفلة ذات الأربعة عشر شهرا أن تبدأ في ملاحظة الأم وهي تضع الحلقة الأولى من اللعبة؛ فتأخذ هي الحلقة الثانية وتضعها وهي في غاية السعادة لاكتشافها كيفية استخدام اللعبة الجديدة.
وبمجرد أن ينمو الطفل بعض الشيء يبدأ في اختبار كل شيء باستخدام طريقة "ماذا يحدث لو..." لحل المشكلات. الطفل ذو الثمانية عشر شهرا يظل مشغولا في تجربة تحريك الكلب (اللعبة)؛ فهو يهزه؛ يلقيه على جانبيه؛ يدفع المفتاح ويربت على رأس الكلب، وأخيرا يدير المفتاح ويتحرك الكلب!
ثم بحلول العام الثاني من عمر الطفل يبدأ في استخدام أداة أخرى مهمة جدا في حل المشكلات وهي الذاكرة؛ فيستطيع الاستنتاج والملاحظة، ثم التفكير في المشكلة، ثم تذكر ما رآه وتقليده؛ فحين أرادت "رؤى" فتح درج عروستها لم تحركه عشوائيا وتضربه كما كانت تفعل من أشهر مضت؛ بل بدلا من ذلك تذكرت أنها شاهدت الأم تفتح الدرج بطريقة السحب فاستخدمت نفس الطريقة.
ما الذي يمكننا عمله؟
- الطفل الصغير لديه العديد من المشكلات لحلها، فيمكنك توفير فرص للاستكشاف مفتوح النهاية.
- استخدم حساسيتك الخاصة تجاه الموقف، وساعد قبل الإحباط، ولكن أترك له فرصة التجريب والمحاولة لتدعم المثابرة لديه.
- مد الطفل بعدد من الأشياء المثيرة يمكنه أن يمصها ويمسك بها؛ يلقيها؛ فاستكشاف أشياء جديدة يمهد الطريق لحل المشكلات.
- أعط الطفل لعبا تصدر استجابات لفعله كالألعاب التي تحدث أصواتا لطيفة حين تهز أو تمسك أو تضرب.
- أخفِ لعبة محددة من الطفل ذي العام فهذا يجعله يعمل بحثا عنها، وإذا فقد حماسه واستمتاعه يمكنك إظهار اللعبة وتقريبها بضع خطوات منه.
- ساعد الطفل ليجد حلولا لمشكلات حياتيه حقيقية؛ فمثلا حين تتدحرج الكرة خلف الرف مثلا اسأل الطفل: كيف يمكننا أن نصل لهذه الكرة.
- فكر بصوت عالٍ؛ جرب اقتراحاته؛ وشارك بأفكارك.
- وفر خامات متعددة للعب في الماء كالأشياء التي تطفو؛ وتغرق؛ والتي تمتص الماء والتي لا تمتص؛ كذلك ملاحظة كمية الماء التي تكفي لملء الإناء.. كل هذه أفكار عظيمة تساعد الطفل على خبرات حل المشكلات.
ثانيا: من سن (3-4 سنوات)
تحاول الصغيرة "رؤى" عرض أوراق الشجر التي جمعتها على ورقة، ولكن الأوراق ما زالت تقع منها على الأرض.. تذكرت رؤيتها لأمها تستخدم الصمغ اللاصق لتلصق صورة على الورق؛ فقررت حل المشكلة باستخدام الصمغ.. ضغطت على أنبوبة الصمغ ودفعت بالأوراق.
ومثل معظم ذوي الثلاثة الأعوام استطاعت "رؤى" حل المشكلة عن طريق التجربة والخطأ. ولذا ربما يستغرق الأمر عددا من التجارب قبل أن تدرك أن الأوراق تلصق ببطء أكثر إذا ما وضعنا كمية كبيرة من الصمغ، وهو ما يمكنها بالفعل الوصول إليه بفعل الخبرة المتراكمة من التجارب.
وذو الثلاثة الأعوام يستخدم التخيل أيضا لحل مشكلاته كاستخدام الطبق الخاص به كقبعة، أو استخدام علبة العصير الفارغة كميكروفون رجل البوليس. وربما يحبط في محاولات حل المشكلات؛ لأنه يرى حلا واحدا فقط للمشكلة، والذي ربما يكون غير ناجح. مثلا حين تتعطل سوستة الصغير فهو يستمر في دفعها مقتنعا أنها الطريقة الوحيدة المتاحة.
مشغول بالتنقيب
أما المغامر ذو الأربعة الأعوام فإنه مشغول دائما بالتنقيب عن حلول لمشكلاته، وهو أكثر صبرا من ذي الثلاثة، ويمكنه تجربة حلول مختلفة، إلا أنه يحتاج بعض المساعدة للتركيز على المشكلة الحقيقية.
على سبيل المثال معظم ذوي الرابعة إذا توقفت عربتهم في الطين فإنهم يجربون دفعها ثم جرها، وإن لم تفلح هذه الطرق فإنهم يقفون ليرفعوا عنها الأحجار ليخف حملها ثم يعيدون المحاولة، وهكذا ينمو لدى الطفل إحساسه بأنه مفكر جيد!
كذلك فإن الأطفال في سن الرابعة مستعدون للتفاوض مع غيرهم مستخدمين حصيلتهم اللغوية الكبيرة؛ فنمو مهاراتهم اللغوية يساعدهم على التعاون معا والانخراط في مجموعة لصنع القرار الجماعي.
فعلى سبيل المثال بعض الأطفال يقررون بناء منزل فيجمعون مواد وخامات مختلفة ومتنوعة: أوراق ملونة؛ ورق مقوى؛ مجعد؛ مموج؛ لحاء الأشجار. ثم يعملون معا ليقرروا أي الأنواع يستخدمونها وكيف يستخدمونها بأفضل طريقة؟
ما الذي يمكننا عمله؟
الأطفال في هذه السن يتعلمون أفضل من خبرات المشكلات التي تعني شيئا بالنسبة لهم، تلك التي تظهر في حياتهم يوما بيوم ولحظة بلحظة.
- وفر فرصا للأيدي الصغيرة للبحث.
- أعط الطفل مواد للاستكشاف، مثل: المغناطيس؛ ومواد معدنية؛ وأدوات تكسير آمنة.
- غيّر خاماتك ليكون هناك دوما جديد يبقي نشاطهم وحيويتهم ويحفظ تفكيرهم مثارا.
- عزز مهارات التفكير النقدي والإبداعي بدعوة الطفل لاستخدام المواد بطرق جديدة ومختلفة.
- ضع أفكارا عن استخدام الخامة (الخرز- علب الكبريت الفارغة – الإناء) في أكثر من استخدام – نمط – لون...
- شجع الطفل على طرح الاقتراحات والحلول، عزز العصف الذهني بسؤاله أسئلة مفتوحة؛ "ما الذي يمكنك عمله بـ....؟ كم طريقة يمكننا بها...؟" واستمع بانتباه لأفكاره.
- دع الطفل يجد حلوله الخاصة، وقدم مساعدة حين يبدأ في الشعور بالإحباط؛ ولكن لا تحل مشكلاته بدلا منه.
- شاركه الكتب التي تظهر كيف يحل الأبطال مشكلاتهم. وناقش طرقهم الخاصة (ماذا لو – ماذا لو لم...).
ثالثا: من سن (5-6 سنوات)
الأطفال في عمر الخمس والست السنوات تختلف لديهم مهارات حل المشكلات عن أولئك الأصغر. أحد أهم الاختلافات هي نمو قدرتهم على الاحتمال والصمود أمام فترة من الإحباط، بينما يواجهون ويعملون على مشكلة صعبة؛ ففي حين أن الصغار يمكن أن يكفوا عن اللعب بالبازل الذي يصعب عليهم وضع أجزائه في مكانها أو ربما يقطعونها إربا.. إلا أنهم في مرحلة (5-6 سنوات) يأخذون وقتا لملاحظة وتحديد المشكلة، ورسم استنتاج لطريقة حلها.
وهذه القدرة المستحدثة لديهم إنما منبعها زيادة فترة الانتباه لديهم بحكم التطور العقلي، وزيادة ثقتهم بأنفسهم ونمو مهاراتهم المختلفة.
وبحلول العام الخامس أو السادس؛ فإن النضج العاطفي لدى الأطفال يمدهم بأمان كبير لتحمل المخاطرة، فلا يخاف من التجريب والخطأ.
وفي كل يوم تستمع لأصوات الأطفال يواجهون مشكلاتهم ويحلونها؛ "كيف يمكنني أن أجعل هذا البرج واقفا؟"، "لم لا تلتصق ورقة الشجر بالصندوق الكرتوني؟"، "كيف يمكنني أن أزن هذه الأحجار؟"، "كيف أحصل على دوري في اللعب؟".
وبينما يواجه الأطفال -ما يبدو لنا أحيانا- مشكلات صغيرة أو تافهة؛ فإنهم ينمون ويطورون ويطبقون مهارات تفكير؛ ومهارات اجتماعية وعاطفية مهمة.
التفكير المجرد
ويعد تعلم التفكير المجرد (الذي لا يدرك بالحواس) مهما وضروريا لنمو مهارات حل المشكلات، وهو ما يمكن الطفل من التفكير في حل لمشكلة دون تجربتها فعليا، والطفل في هذه المرحلة لديه القدرة على التخيل والتفكير في مشكلة وحلها بخبرة يدوية فعلية أقل، وهذا ما يمثل نمو الأطفال معرفيا وإدراكيا.
كما تعد المهارات اللغوية القوية ضرورية لمثل هذا التفكير المجرد، وغالبا ما يكون الأطفال في هذه المرحلة لفظيين، أي لديهم القدرة على شرح ووصف تفكيرهم ويمكنهم أن يبسطوا أو يقدموا أو يشرحوا أفكارهم بتفاصيل رائعة؛ ويمكن للأطفال أن يقترحوا حلولا ممكنة لمشكلات الشخصيات بينما يشاركون قصصهم مثلا، ويستمتعون أيضا بأنشطة التفكير الإبداعي كالعصف الذهني لإيجاد كل الطرق المختلفة لعمل الأشياء.
والأطفال في العام الخامس والسادس أكثر وعيا بمشكلات الناس الآخرين، وهو ما يسمى بالتفكير العالمي، وهي صفة ممتعة للأطفال في هذه المرحلة، وذلك تبعا لتحولهم من التفكير والسلوك المتمركز حول الذات.. فيمكن أن يبدءوا في تبني مشكلات كبيرة تؤثر على العالم؛ أو الكوكب. ويمكنهم أن يثوروا لآرائهم الشخصية حول مشكلات العالم كمشكلة الحيوانات المنقرضة؛ التلوث؛ الحروب.
ما الذي يمكننا فعله؟
- اصنع البيئة الداعمة التي يمكن للطفل فيها الاستكشاف بانتظام ومناقشة الأفكار الجديدة.
- شجع الطفل على محاولة الطرق الجديدة والاحتفاء بمجهوداته مما يساعده على تنمية الثقة للاختبار والتجربة دون الخوف من الخطأ.
- اسمح لطفلك بالوقت الذي يتعامل فيه مع إحباطاته.
- ادعم محاولاته لحل المشكلات بالأسئلة مفتوحة الإجابة، وقده للتركيز على الحلول الممكنة.
- قد طفلك ليبتكر عرضا نظريا لمشكلته. ساعده ليعبر عنها كأن يتحدث عنها، ويرسمها، ويكتبها. هذا يساعده على تنمية مستوى أعلى من التفكير المجرد بينما يسجل أفكاره وإنجازاته.
- وفر فرصا لمناقشة المشكلات الاجتماعية؛ بدءا من مشكلات الفصل إلى الموضوعات العالمية. وتعتبر الاجتماعات الأسرية شكلا لاختيار وتقليب كثير من الموضوعات المتنوعة والتشارك في الأفكار واقتراح لحلول. ويمكننا الحصول على العديد من الموضوعات الجذابة واللطيفة في كثير من كتب ومجلات الأطفال والكبار وتسجيلات الفيديو التعليمية.
كل ما تقدم يعد فقط بعض الطرق التي تساعد الطفل على إطلاق فطرته في حل المشكلات. وبسط إبداعاتنا كأهل ومربين لإبداع العديد من الطرق الأخرى والوسائل الممكنة.
منقــــــــــــــــــــــــول
2
544
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
zezenya
•
:26: :26: :26: :26: :26: :26:
الصفحة الأخيرة