إن أبي عليه ملاحظات كثيرة جداً فالمعصية أمرها يسير عنده فهو يواقع كثيراً من المعاصي والمنكرات ، ولقد بذلت جهداً مضاعفاً معه ، ولكنه يحقرني ، ويسخر مني ...آمل أن أجد عندكم ما يشفي ضيق صدري ، وصلاح أبي ودمت للأمة الإسلامية بخير .
بسم الله الرحمن الرحيم
المكرم الأخ/ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
قرأت مشكلة الأخت مع والدها الواقع في بعض المعاصي ، والمشكلة يبدو أنها تتكرر كثيراً مع بعض الشباب وبعض الفتيات ، بسبب الحماس الذي يتميزون به من جراء ما حصلوا عليه من العلم والمعرفة ، ومن جراء الرفقة الصالحة التي تحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
لكن قد يصاحب ذلك أحياناً بعض الجفاء الناتج عن نقص التربية ، فالشاب أو الفتاة حينما يعاد على مسمعه دائماً قصة قتل أبي عبيدة لأبيه – وهي ضعيفة سنداً ومتناً – أو قصة سعد حينما يقول لأمه : لو كانت لك مئة نفس … مع ما ركب في الطبع البشري عند جيل الشباب من الانصراف عن هموم الجيل السابق ، وعدم القدرة على تصور مشكلاته وظروفه ، زد على هذا وذاك أن الأصل في الكبير أنه في مقام التوجيه والإرشاد بحكم السن والخبرة ، بينما الصغير محتاج إلى ذلك لقلة خبرته وصغر سنه ، وللوالدين في ذلك وضع خاص فهم يتذكرون الابن جيداً منذ ولادته وطفولته ومراحل حياته وتقلبات أحواله ، وصبواته وهفواته و … و…
والعامة تقول : من عرفك صغيراً حقرك كبيراً !
وهذا له رصيد من الواقعية .
ولذا نجد في القرآن الكريم توجيهاً شديد الأهمية إلى الوالدين (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً …) وقال : (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ..).
وحتى في حال كونهما مشركين ، بل ودعاة إلى الشرك ، ويجاهدان الولد عليه ، ونعرف جيداً معنى (المجاهدة) فالتوجيه الإلهي حينئذ : (فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيـا معروفاً).
فهذا ملحظ تربوي مهم يجب على الموجهين والمرشدين والقائمين بأمر الشباب والفتيات في المدارس والمراكز والحلقات والتجمعات شدة العناية بهذا الأمر ، وحسن التوجيه في شأن الأبوين خاصة ، ومن يكبرهم سناً بعامه .
نعم . في كلام الأب جانب من الصواب - فيما يبدو لي - .
فهو ما دام يصوم ويصلي ويحب المساكين ويقرأ القرآن ، فهذه خصال طيبة يجب استحضارها وعدم إغفالها بحجة وجود بعض المعاصي ، والحسنات يذهبن السيئات فلماذا نعتبر أن العمل الصالح لم يثمر بوجود بعض الذنوب ؟ ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معا يبه
ولماذا تستحضر الأخت الكريمة في مخيلتها مثلاً : صورة والدها وهو يشاهد مشاهد سيئة فتثور شهوته ، ولا تقرن معها صورة والدها وهو يعفر جبهته في التراب ويخاطب ربه سراً فيقول : سبحان ربي الأعلى ، اللهم اغفر لي !
إن الرفق أمر نسبي ، والأخت قد تكون رفيقة في نظر نفسها ، لكن نحتاج أن نسمع حكم الآخرين عليها ، وإلى أي مدى يوجد هذا الرفق ؟
نعم . أعتقد أن الأخت صادقة في وصفهِا نفسَها بالرفق ؛ لأنه لا يوجد ما يدعوها إلى غير الصدق ، وهي في مقام الاسترشاد لكن : ألا يوجد مستوى من الرفق والصبر والحنو أبلغ مما كانت عليه الأخت ؟
أعتقد أنه يوجد ، فلتبالغ في رقتها ورفقها مع والدها ومع أسرتها .
أمر آخر مهم : الشباب والفتيات في سن التكوين يتأثرون بالجو المحيط ، فإذا حمَّلناهم تبعة غير عاديه في إزالة المنكرات ممالا يقع تحت طاقتهم وقدرتهم فمعناه أننا أربكنا السياق التربوي لهم ، وأنشأناهم في بيئة قلقة ، وهذا قد يعود على الشاب والفتاة بالانحراف وقد جربت هذا في حالات عديدة .
فإذا كان الشاب أو البنت في سن السابعة عشرة مثلاً ، ويصاحب ذلك شعور بأنه مسؤول عن البيت تماماً ، عن الوالدين ، والأسرة ، والصغار ، والخدم والسائقين وأجهزة الإعلام و … و … وهم لا يقرون له بهذه المسؤولية ، ويعدونه لازال مراهقاً لم ينضج بعد ، ويقولون له : تكبر .. وتعرف .. ونشوف ! فيحطمونه نفسياً .. ويظل يعاندهم ويعاندونه ..
هذا وضع تربوي غير سوي ، ولا يحسن أن يوضع فيه من يراد له أن ينشأ سليم النفس معتدل النظر .
حين نوجه الشاب إلى دوره في المنـزل يجب أن نراعي :
أولاً: الدور الإيجابي المتمثل في الخدمات والمسؤوليات العملية التي يجب أن يؤديها ، وبالنسبة للبنت مثلاً : الطبخ ، الغسل ، تنظيم وتنظيف المنـزل ، رعاية الصغار ، مساعدة الوالدة ، خدمة الوالد .
ثانياً : الدور الإيجابي الدعوي المتمثل في نشر الكتاب والشريط والمطوية ، وإقامة الدروس والمسابقات والنشاطات الإصلاحية لسائر أفراد الأسرة.
ثالثاً : الأخلاق الضرورية المصاحبة لعملية الإنكار ، ومنها كما ذكره السلف والأئمة : الصبر وعدم المعاجلة ، والرفق وعدم الغضب أو العنف ، والعلم بحيث يتأكد من حكم المسألة التي سينكرها ، فلا ينكر ما يجهل ، أو مالم يتعوّد عليه دون دليل شرعي ، ويجب أن يكون لديه القدرة على الإقناع ، والأريحية في النقاش ، وعدم القابلية للاستفزاز .
قد يقال : هذه مثالية .
نعم : لكن يجب أن يُربى الشباب على مثل هذا ، ويحُرص على أن يكونوا نموذجيين في تعاملهم ، وتستدرك أخطاؤهم ، ولا يتركون يصارعون واقعاً لا طاقة لهم به وهم أغرار أغضاض محتاجون إلى التوجيه والدعم والرعاية .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
سلمان بن فهد العودة
10/10/1422
.
هذا الموضوع مغلق.
الاخت الداعية جزاك الله خير على المشاركة
صدقتي والله اختي ان الصبر هو عنوان الفلاح في طريق الدعوة الى الله عز وجل
صدقتي والله اختي ان الصبر هو عنوان الفلاح في طريق الدعوة الى الله عز وجل
الصفحة الأخيرة
وأحب أضيف .. يجب في طريق الدعوة .. عندما لا يرى نتائج أن يصبر ويحتسب .. ويصبر على الأذى والسخرية .. وأن يتذكر حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم .. كيف واجه من الأذى من كفار قريش ..
ويجب أن يعلم أن طريقه هذا .. لن يفرش بالورد .. فسيواجه الصعاب .. وأن لا ييأس .. ويثق بنفسه .. وحتى وإن كان صغيرا .. فرب شاب وفتاة أعمارهم مابين 14 و16 .. ولكنهم خير من من عمره في العشرين والثلاثين ..ولا يكن مترددا ..
أن يختار الظروف المناسبة في دعوته ..
بارك الله فيكم .. ووفق الجميع ..