بسم الله الرحمن الرحيم
بمناسبة العام الهجريّ الجديد
دكتور عثمان قدري مكانسي
</TD< tr>
كل عام – هكـذا قالـوا – وأنتم في هنـاء
نسـأل الـلـه لكـم في عيشكم خيـر البقـاء
قد مضى عام وزاد العمر عاماً في عناء
ودنـا الإنسان يسعى مسـرعاً نحو اللقـاء
حـيـث يلقـاه المليـك إن بسـعـد ورضـاء
أو بنـار تصطـلـيـه إن يكـن أهـل شـقـاء
فالحيـاة إخوتي فيما أرى محض وعـاء
كـلمــا زاد امـتـلاء آذن المـرءَ انـتـهــاء
ليـتـنـا نعمل حسـْنـاً في ارتقـا دار البقـاء
مثـلمـا نـبـذل جهـداً في بـِنــا دار الفـنـاء
.....
لن أقـول كل عام...... إنما قولي :النجاء
واعملوا خيـراً تعيشوا هاهنا في السعداء
ثم في الأخرى تنالوا الفضل من رب السماء
عامٌ أفل..وعامُ أطل
إشراقة الدعوة
</TD< tr>
هاهي أيامٌ من أعمارنا تُطوى..
وذنوبٌ قد خلت..لها الجبينُ يندى..
حياءً من الرحمن..فيا ليتها تُمحى..
تسعى كل نفس..ثم تُجزى بما تسعى..
من خُتم له بالخير..
فقد بورك المسعى..
قال الله:
( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى..
وأن سعيه سوف يُرى..
ثم يجزاه الجزاء الأوفى..)
فأحسن السعيَّ .. بالجنان تُجزى..
وتُبْ إلى الله من قبل أن تفنى..
فيا حسرة النفس..إذ القبور تُبنى..
وما لها من توبةٍ..عن عذاب الله تُغنيها..
** عامٌ بالأمس مضى..
وعامٌ في اليوم أتى..
وإنَّا لنفرح بالأيام نقطعها..
وكل يومٍ يُدني من الأجلِ..
فهل لنا في ذلك عبرةً وذكرى؟؟
يا مُعتبر..
للآخرة والله خيرٌ من الأولى..
فكن فطناً..( لا تبخس النفس حقها)..
قد مضى ما مضى..
فجدد العزم ..وحُثَّ الخُطى..
..( كل القلوب تظمأ)..
فإياك إن ظمئت..
بالذنب ترويها..!!
واعمل لدارٍ..
رضوان حارسها..
الجارُ أحمد..والرحمن بانيها..
ولا تنسى:
( طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيرا)..

اسيرة زوجها @asyr_zogha
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ماذا أعددت لعامك الجديد ( خطبة جمعة)
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل , سخر الشمس والقمر وجعلها آيتان على بديع صنعه وكمال قدرته وجلال سلطانه , أحمده سبحانه وأثنى على كمال إحسانه , والصلاة والسلام على خير من تدبر وتفكر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إما بعد فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله
عباد الله
في توالي الأعوام عبراً وتذكرة للمتذكرين , وفي أفول الأزمنة آيات للمتبصرين , سنوات تمضي على العباد , وأياماً وشهوراً تنقضي من الأعمار , والعاقل من جعل هذه الآيات سبيلاً للتفكر, وميدان رحباً للتبصر.
أي غفلة أعظم من تمر الأعوام وتنقص الأعمار ولا تتأثر النفوس , ولا تتعظ القلوب .
إن دخولك في عام جديد – أيها المسلم– يعني زوال عاماً بأكثر من ثلاثمائة يوم قد مضى من عمرك , به ابتعدت عن دنياك , وقربت من قبرك , وآذان بلوغك الحساب , فينبغي أن يكون لهذا أثراً في النفس , ومراجعة في الحسابات - على أننا لا نعتقد أن لنهاية العام مزية أوله أحكام خاصة , بل هو تأريخ اصطلح عليه صحابة النبي عليه الصلاة والسلام لضبط أمور الناس - ولكنه في الوقت ذاته حَدَثٌ يتذكر به الإنسان , وأنه إيذاناً بانقضاء الزمان وذهاب الأجيال , وزوال الدنيا ونهاية الأعمار , ولكن لما رانت الغفلة على القلوب , وأثقل حب الدنيا كواهل النفوس ركنا لها , وظننا أننا فيها مخلدون .
والمتأمل في آي القرآن وهي تتحدث عن الحياة الدنيا يجد وصفاً صادقاً لها , ,وتحذيراً للعباد من الإغترار بها , ونهياً عن الركون إليها لأنها متاع الغرور , يقول سبحانه : \" وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً «45» الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ( الكهف:45) فهي الظل الزائل , والطيف الزائر , وهي متاع الغرور الذي اغتر به أقوام ندموا على غرورهم بعدما عاينوا حقائق الأشياء في زمان لم ينفع فيه الندم , ولم تجدِ فيه الحيلة .
ويقل سبحانه : \" ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين \" ( يونس 45) . فكما أنهم كانوا إذا التقوا لم يمضُ عليهم إلا ساعة من نهار ثم يفترقون , فكذلك هي الدنيا في مقدار زمانها .
ولذا ذكر الله حال أعدل الأقوال وأنصفها لحقيقة الدنيا ساعة اجتماع المجرمين للحساب فقال سبحانه [يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ) [ طه
فالناصح لنفسه من عرف حقيقة الدنيا ولم يركن لها , بل جعلها سببيلاً إلى الفوز بالنعيم المقيم في جنة رب العالمين .
والدنيا لا تُذم لذاتها وإنما لصنيع أهلها فيها , فمن كسب مرضات الله , وكسب الحسنات إنما حصلها حال بقائه في الدنيا .
وكذا الشريعة الغراء لم تأمر أتباعها بتركها , وإنما نهتهم عن الركون لها والإغترار بزهرتها الفانية .
عباد الله :
من نظر إلى هذه الأزمنة التي نعيشها رأى كثرة الفتن , وكثرة المصائب التي حلت ببني الإسلام ,وأطلت علينا من كل مكان , ولقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه ومن الفتن ووصف لنا ما يقينا من شرها , جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) ففي هذا الحديث يرشدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام - وهو خير من نصح - بالمبادرة إلى العمل لأن بها الحصن الحصين من الفتن , والسياج الحافظ من الإحن .
كم يحدث لأناس من تحولات وتغيرات بسبب بعدهم عن منهج ربهم , وتقصيرهم فيما أوجب الله عليهم .
كم تغير من خلق كانوا من أهل الإستقامة والصلاح فنكصوا على أعقابهم , وارتدوا على أدبارهم خائبين - خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين .
ولقد أظلت في هذه الأزمنة فتنٌ ما عهدناها من قبل , فُتن بها أناسٌ من بني جلدتنا , ويتكلمون بألسنتنا , ورأينا للأسف الشديد دفاعاً مستميتاً في سبيل غرسها في الأمة لأناس فُتنوا بما عليه الكفار فأرادوا تصديره لأهل الإسلام , وعند هذه الفتن وغيرها تعظم الحاجة لهذا الدعاء العظيم \" يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك \" لأن المرء يرى هذا التساقط المخيف , وذلك الإنجراف المنذر بالشؤم خلف التيارات الهدامة التي تُدعم وتُزخرف لها الأقوال لتزيينها لتروجها بين المسلمين .
أيها المؤمنون
هذه الأيام هي بداية عام هجري جديد لكل واحد منا , ينظر الله إليه – وهو أعلم – ليرى ما هو صانع .
وعودة قليلة للوراء سنين قليلة بل وأشهر قريبة وأيام يسيرة, يتذكر كل واحد منا كم فقد خلالها من عزيز وحبيب , وصديق وقريب , كان في عمره ويعيش معه , يحيا سويا بآمال عريضة خططوا فيها لمستقبلهم وحياتهم , فإذا يد المنون تخترم هذه الأماني , وتخترق تلك الآمال , ليصبح أحدهم خبراً بعد عين , وأثراً بعد ذات , وبقينا أنا وأنت بعدهم زمناً لا ندري متى ينقضي آخره وعلى أي حال سيكون رحيلنا ؟ اللهم إنا نسألك حسن الختام .
إن بقاء المرء يوماً واحداً نعمة وهبة من الله فكيف بأشهر وأعوام يتزود منها خيراً كثيراً , وزاداً عظيماً , جاء في الحديث الصحيح : \" ليس أفضل عند مؤمن يعمر في الإسلام لتكبيرة أو تحميدة أو تسبيحة أو تهليلة \" فاحمد الله على هذه النعمة واغتنمها فيما يقربك من الله تعالى , فاليوم عمل بلا حساب وغداً حساب بلا عمل .
ثم اعلم أن كل يوم من أيام أعمارنا إما يحصل لأحدنا تحصيل خير فيه واكتساب منقبة , أو يكون شؤم عليه وحجة يُحاسب عليها يوم يقف بين يدي ربه عز وجل , فلا وقوف في الطريق البتة فالمرء إما في تقدم في اكتساب الصالحات , أو متأخر مفرط تلحقه الحسرات , قال تعالى \" لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر\" ( المدثر37)
عباد الله
إن من صفات المؤمن الحق أن يكون عالي الهمة , رفيع الرغبة في تحقيق معالي الأمور التي تنفع صاحبها في الدارين جاء في الحديث\" إن الله تعالى يحب معالي الأمور، وأشرافها، ويكره سفسافها \" الجامع الصغير .
فهو لا يرضى بالدون إذا كان قادراً على تحقيق المعالي , ولا تطاوعه نفسه على أن يكون في مؤخرة الركب وهو قادر على أن يكون في المقدمة , ولما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بعدد أبواب الجنة وأنها ثمانية نهضة نفس أبي بكر الصديق التواقة إلى أعلى المنازل فتمنى الدخول من الأبواب كلها , جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : من أنفق زوجين في سبيل الله ، نودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي وأمي يا رسول الله ، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ . قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم \" .
فانظر إلى الهمة وتأمل في هذا السمو , ولعل هممنا مع بداية العام أن تعلوا وترتفع لبلوغ أعلى المنازل , وتصل إلى أعلى الدرجات , ولقد كان رسول الهدى عليه الصلاة يربي أصحابه على الهمم العالية فكان يقول لأصحابه : \" إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنها وسط الجنة و أعلاها و فوقها عرش الرحمن و منها تفجير أنهار الجنة \" صححه اللألباني
وبداية هذا العام الجديد فرصة لتربية النفس وتعويدها على طاعات ربما كانت في تكاسل عنها, واعلم أن هذه الطاعات والعبادات هي خير زاد لك إذا رحلت من دنياك .
ولعل من أعظمها المحافظة على صلاة الجماعة فكن من المسارعين لها , السابقين لدخول المسجد وفي التهجير ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: \"لَوْ يَعْلَمُ النّاسُ مَا فِي النّدَاءِ وَالصّفّ الأَوّل، ثُمّ لَمْ يَجِدُوا إِلاّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا. وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصّبْحِ، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً\".
داوم على السنن الرواتب وهي ثنتي عشرة ركعة في كل يوم يُبنى لك بها بيتٌ في الجنة , فعن أم حبيبة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \" من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر\" قال الترمذي حسن صحيح.
وتأمل في حال الرواة لهذا الحديث , المتاجرين مع ربهم , قالت أم حبيبة : فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنبسة فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة وقال عمرو بن أوس ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة وقال النعمان بن سالم ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس , فلعلك تكون مثلهم أيها المؤمن وتقول : ما تركتهن منذ سمعتها يوم كذا .
سمة الشرف للمؤمن لعلك أن تكون من أهلها بالمحافظة على صلاة الليل ولو بركعات يسيرة وفي الحديث : \" .. واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس» رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني .
اجعل لك ورداً من القرآن تقرأه كل يوم لا تُخل به وليكن جزاءً من القرآن لتختم كتاب ربك في كل شهر مرة ولقد كان صحابة نبيك عليه الصلاة والسلام يختمون القرآن الكريم في كل أسبوع مرة فلا أقل من أن تختمه كل شهر مرة .
عود نفسك على أذكار الصباح والمساء فإنها الحصن الحصين لك من كل شر وفيها من الحسنات ما تفضل به الله على عباده .
ليكن لك نصيب من صيام النافلة ولو كل شهر ثلاثة أيام .
تعاهد رحمك بالصلة وجيرانك بالزيارة ومرضى المسلمين بالعيادة وجاهد النفس لفعل هذه الأعمال وغيرها من أعمال البر والإحسان .
يامن يرجو الخير لنفسه
مع بداية العام جميل للمؤمن أن يقف نفسه وقفة صادقة لينظر لإيمانه هل في ازدياد أم نقصان ؟
حريٌ به أن يكون متبصراً في الأمور التي كانت سبباً في زيادة إيمانه فيرعاها ويداوم عليها , ويتأمل في الأسباب التي كانت سبباً في ضعف إيمانه فيجاهد نفسه في الإبتعاد عنها والحذر منها .
إن الترقية الإيمانية من أهم مطالب المؤمنين الصادقين مع ربهم وهي التي ترفع صاحبها عند ربه , وتبلغه الدرجات العلى .
وما ارتفع من ارتفع ممن سبق وكان لهم قدم الصدق في تاريخ الأمة والثناء من الناس إلا بإيمانهم وتقواهم , كانوا شديدي المراقبة لقلوبهم , عظيمي الصدق في المحاسبة , على يقين أنه لا نجاة إلا بالصدق مع النفس والنصح لها والعمل على ترقية الإيمان وتقوية الإخلاص .
كم يشكوا كل واحد منا من
ضعف الصلة بالله
وقلة الخشوع في الصلاة
وجشع النفس وعدم قدرتها على الإنفاق
وعدم صبره على الصيام وقيام الليل وتلاوة القرآن والجلوس للذكر والدعاء والمناجاة , فجدير بنا أن نجتهد في التخلص من كل خلق مذموم وعادة سيئة , ولو فشلنا نعود مرة أخرى حتى وان استغرق الأمر عمرنا كله .
يا موفق
هاهو العام الجديد ينزل بنا مستحضرين فضل الله علينا بمد أعمارنا , متذكرين من مضى من الأموات الذين انقطعت آمالهم , وارتهنوا بأعمالهم , فبادر عمرك قبل الفوات
بارك الله لي ولكم .....
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل , سخر الشمس والقمر وجعلها آيتان على بديع صنعه وكمال قدرته وجلال سلطانه , أحمده سبحانه وأثنى على كمال إحسانه , والصلاة والسلام على خير من تدبر وتفكر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إما بعد فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله
عباد الله
في توالي الأعوام عبراً وتذكرة للمتذكرين , وفي أفول الأزمنة آيات للمتبصرين , سنوات تمضي على العباد , وأياماً وشهوراً تنقضي من الأعمار , والعاقل من جعل هذه الآيات سبيلاً للتفكر, وميدان رحباً للتبصر.
أي غفلة أعظم من تمر الأعوام وتنقص الأعمار ولا تتأثر النفوس , ولا تتعظ القلوب .
إن دخولك في عام جديد – أيها المسلم– يعني زوال عاماً بأكثر من ثلاثمائة يوم قد مضى من عمرك , به ابتعدت عن دنياك , وقربت من قبرك , وآذان بلوغك الحساب , فينبغي أن يكون لهذا أثراً في النفس , ومراجعة في الحسابات - على أننا لا نعتقد أن لنهاية العام مزية أوله أحكام خاصة , بل هو تأريخ اصطلح عليه صحابة النبي عليه الصلاة والسلام لضبط أمور الناس - ولكنه في الوقت ذاته حَدَثٌ يتذكر به الإنسان , وأنه إيذاناً بانقضاء الزمان وذهاب الأجيال , وزوال الدنيا ونهاية الأعمار , ولكن لما رانت الغفلة على القلوب , وأثقل حب الدنيا كواهل النفوس ركنا لها , وظننا أننا فيها مخلدون .
والمتأمل في آي القرآن وهي تتحدث عن الحياة الدنيا يجد وصفاً صادقاً لها , ,وتحذيراً للعباد من الإغترار بها , ونهياً عن الركون إليها لأنها متاع الغرور , يقول سبحانه : \" وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً «45» الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ( الكهف:45) فهي الظل الزائل , والطيف الزائر , وهي متاع الغرور الذي اغتر به أقوام ندموا على غرورهم بعدما عاينوا حقائق الأشياء في زمان لم ينفع فيه الندم , ولم تجدِ فيه الحيلة .
ويقل سبحانه : \" ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين \" ( يونس 45) . فكما أنهم كانوا إذا التقوا لم يمضُ عليهم إلا ساعة من نهار ثم يفترقون , فكذلك هي الدنيا في مقدار زمانها .
ولذا ذكر الله حال أعدل الأقوال وأنصفها لحقيقة الدنيا ساعة اجتماع المجرمين للحساب فقال سبحانه [يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ) [ طه
فالناصح لنفسه من عرف حقيقة الدنيا ولم يركن لها , بل جعلها سببيلاً إلى الفوز بالنعيم المقيم في جنة رب العالمين .
والدنيا لا تُذم لذاتها وإنما لصنيع أهلها فيها , فمن كسب مرضات الله , وكسب الحسنات إنما حصلها حال بقائه في الدنيا .
وكذا الشريعة الغراء لم تأمر أتباعها بتركها , وإنما نهتهم عن الركون لها والإغترار بزهرتها الفانية .
عباد الله :
من نظر إلى هذه الأزمنة التي نعيشها رأى كثرة الفتن , وكثرة المصائب التي حلت ببني الإسلام ,وأطلت علينا من كل مكان , ولقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه ومن الفتن ووصف لنا ما يقينا من شرها , جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) ففي هذا الحديث يرشدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام - وهو خير من نصح - بالمبادرة إلى العمل لأن بها الحصن الحصين من الفتن , والسياج الحافظ من الإحن .
كم يحدث لأناس من تحولات وتغيرات بسبب بعدهم عن منهج ربهم , وتقصيرهم فيما أوجب الله عليهم .
كم تغير من خلق كانوا من أهل الإستقامة والصلاح فنكصوا على أعقابهم , وارتدوا على أدبارهم خائبين - خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين .
ولقد أظلت في هذه الأزمنة فتنٌ ما عهدناها من قبل , فُتن بها أناسٌ من بني جلدتنا , ويتكلمون بألسنتنا , ورأينا للأسف الشديد دفاعاً مستميتاً في سبيل غرسها في الأمة لأناس فُتنوا بما عليه الكفار فأرادوا تصديره لأهل الإسلام , وعند هذه الفتن وغيرها تعظم الحاجة لهذا الدعاء العظيم \" يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك \" لأن المرء يرى هذا التساقط المخيف , وذلك الإنجراف المنذر بالشؤم خلف التيارات الهدامة التي تُدعم وتُزخرف لها الأقوال لتزيينها لتروجها بين المسلمين .
أيها المؤمنون
هذه الأيام هي بداية عام هجري جديد لكل واحد منا , ينظر الله إليه – وهو أعلم – ليرى ما هو صانع .
وعودة قليلة للوراء سنين قليلة بل وأشهر قريبة وأيام يسيرة, يتذكر كل واحد منا كم فقد خلالها من عزيز وحبيب , وصديق وقريب , كان في عمره ويعيش معه , يحيا سويا بآمال عريضة خططوا فيها لمستقبلهم وحياتهم , فإذا يد المنون تخترم هذه الأماني , وتخترق تلك الآمال , ليصبح أحدهم خبراً بعد عين , وأثراً بعد ذات , وبقينا أنا وأنت بعدهم زمناً لا ندري متى ينقضي آخره وعلى أي حال سيكون رحيلنا ؟ اللهم إنا نسألك حسن الختام .
إن بقاء المرء يوماً واحداً نعمة وهبة من الله فكيف بأشهر وأعوام يتزود منها خيراً كثيراً , وزاداً عظيماً , جاء في الحديث الصحيح : \" ليس أفضل عند مؤمن يعمر في الإسلام لتكبيرة أو تحميدة أو تسبيحة أو تهليلة \" فاحمد الله على هذه النعمة واغتنمها فيما يقربك من الله تعالى , فاليوم عمل بلا حساب وغداً حساب بلا عمل .
ثم اعلم أن كل يوم من أيام أعمارنا إما يحصل لأحدنا تحصيل خير فيه واكتساب منقبة , أو يكون شؤم عليه وحجة يُحاسب عليها يوم يقف بين يدي ربه عز وجل , فلا وقوف في الطريق البتة فالمرء إما في تقدم في اكتساب الصالحات , أو متأخر مفرط تلحقه الحسرات , قال تعالى \" لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر\" ( المدثر37)
عباد الله
إن من صفات المؤمن الحق أن يكون عالي الهمة , رفيع الرغبة في تحقيق معالي الأمور التي تنفع صاحبها في الدارين جاء في الحديث\" إن الله تعالى يحب معالي الأمور، وأشرافها، ويكره سفسافها \" الجامع الصغير .
فهو لا يرضى بالدون إذا كان قادراً على تحقيق المعالي , ولا تطاوعه نفسه على أن يكون في مؤخرة الركب وهو قادر على أن يكون في المقدمة , ولما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بعدد أبواب الجنة وأنها ثمانية نهضة نفس أبي بكر الصديق التواقة إلى أعلى المنازل فتمنى الدخول من الأبواب كلها , جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : من أنفق زوجين في سبيل الله ، نودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي وأمي يا رسول الله ، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ . قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم \" .
فانظر إلى الهمة وتأمل في هذا السمو , ولعل هممنا مع بداية العام أن تعلوا وترتفع لبلوغ أعلى المنازل , وتصل إلى أعلى الدرجات , ولقد كان رسول الهدى عليه الصلاة يربي أصحابه على الهمم العالية فكان يقول لأصحابه : \" إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنها وسط الجنة و أعلاها و فوقها عرش الرحمن و منها تفجير أنهار الجنة \" صححه اللألباني
وبداية هذا العام الجديد فرصة لتربية النفس وتعويدها على طاعات ربما كانت في تكاسل عنها, واعلم أن هذه الطاعات والعبادات هي خير زاد لك إذا رحلت من دنياك .
ولعل من أعظمها المحافظة على صلاة الجماعة فكن من المسارعين لها , السابقين لدخول المسجد وفي التهجير ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: \"لَوْ يَعْلَمُ النّاسُ مَا فِي النّدَاءِ وَالصّفّ الأَوّل، ثُمّ لَمْ يَجِدُوا إِلاّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا. وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصّبْحِ، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً\".
داوم على السنن الرواتب وهي ثنتي عشرة ركعة في كل يوم يُبنى لك بها بيتٌ في الجنة , فعن أم حبيبة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \" من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر\" قال الترمذي حسن صحيح.
وتأمل في حال الرواة لهذا الحديث , المتاجرين مع ربهم , قالت أم حبيبة : فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنبسة فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة وقال عمرو بن أوس ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة وقال النعمان بن سالم ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس , فلعلك تكون مثلهم أيها المؤمن وتقول : ما تركتهن منذ سمعتها يوم كذا .
سمة الشرف للمؤمن لعلك أن تكون من أهلها بالمحافظة على صلاة الليل ولو بركعات يسيرة وفي الحديث : \" .. واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس» رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني .
اجعل لك ورداً من القرآن تقرأه كل يوم لا تُخل به وليكن جزاءً من القرآن لتختم كتاب ربك في كل شهر مرة ولقد كان صحابة نبيك عليه الصلاة والسلام يختمون القرآن الكريم في كل أسبوع مرة فلا أقل من أن تختمه كل شهر مرة .
عود نفسك على أذكار الصباح والمساء فإنها الحصن الحصين لك من كل شر وفيها من الحسنات ما تفضل به الله على عباده .
ليكن لك نصيب من صيام النافلة ولو كل شهر ثلاثة أيام .
تعاهد رحمك بالصلة وجيرانك بالزيارة ومرضى المسلمين بالعيادة وجاهد النفس لفعل هذه الأعمال وغيرها من أعمال البر والإحسان .
يامن يرجو الخير لنفسه
مع بداية العام جميل للمؤمن أن يقف نفسه وقفة صادقة لينظر لإيمانه هل في ازدياد أم نقصان ؟
حريٌ به أن يكون متبصراً في الأمور التي كانت سبباً في زيادة إيمانه فيرعاها ويداوم عليها , ويتأمل في الأسباب التي كانت سبباً في ضعف إيمانه فيجاهد نفسه في الإبتعاد عنها والحذر منها .
إن الترقية الإيمانية من أهم مطالب المؤمنين الصادقين مع ربهم وهي التي ترفع صاحبها عند ربه , وتبلغه الدرجات العلى .
وما ارتفع من ارتفع ممن سبق وكان لهم قدم الصدق في تاريخ الأمة والثناء من الناس إلا بإيمانهم وتقواهم , كانوا شديدي المراقبة لقلوبهم , عظيمي الصدق في المحاسبة , على يقين أنه لا نجاة إلا بالصدق مع النفس والنصح لها والعمل على ترقية الإيمان وتقوية الإخلاص .
كم يشكوا كل واحد منا من
ضعف الصلة بالله
وقلة الخشوع في الصلاة
وجشع النفس وعدم قدرتها على الإنفاق
وعدم صبره على الصيام وقيام الليل وتلاوة القرآن والجلوس للذكر والدعاء والمناجاة , فجدير بنا أن نجتهد في التخلص من كل خلق مذموم وعادة سيئة , ولو فشلنا نعود مرة أخرى حتى وان استغرق الأمر عمرنا كله .
يا موفق
هاهو العام الجديد ينزل بنا مستحضرين فضل الله علينا بمد أعمارنا , متذكرين من مضى من الأموات الذين انقطعت آمالهم , وارتهنوا بأعمالهم , فبادر عمرك قبل الفوات
بارك الله لي ولكم .....

عام مضى وعام جديد فماذا قدمنا ليوم الوعيد ؟
علي سعد لجهر
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله والحمد لله الذي لايبقى شيء سواه والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه رسولنا محمد إبن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعبن بإحسان إلى يوم لقياه أما بعد , فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فها هي الساعات تتسابق وتمر والأيام تطوى والأسابيع تمضي والشهور تنقضي ولا تفتر فتسارع في هدم أعمارنا وبلوغ آجالنا فيا ليت شعري من منا المحسن فنهنيه ومن المسيء فنعزيه ؟ ولي أيها الأحبة مع أُفول نجم عام وسطوع نجم عام آخر وقفات بسيطة ومعاني عظيمة :
1- نعمة وعبرة :
في تعاقب الليل والنهار ودوران الزمن نعمة وعبرة فأما النعمة فجاء ذكرها في قوله تعالى :\" الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون \"
وأما العبرة فجاء ذكرها في قوله تعالى :\" إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار \"
2- نهاية السنة ونهاية العمر :
إن في مرور الأيام تذكير بالآجال فكما أن العام يبتدئ وينتهي فكذلك عمر الإنسان بل والدنيا كلها ابتدأت ويوماً ما سوف تنقضي . أخي المسلم أختي المسلمة أرأيتم إلى هذه السنة كانت قبل وقتٍ قريب مبتدئة وهاهي تنتهي قد جفت أقلامها وطويت صحائفها ودونت أعمالها , وهاهي السنة الجديدة تولد قد عُبئت أقلامها وجهزت صحائفها فيا ليت شعري هل ندرك أخرها أم كيف ستكون أعمالنا فيها ؟
ونهاية العام تذكرنا بنهاية الدنيا التي كتب الله عليها الفناء , وكان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكير أصحابه بنهاية الدنيا . قال إبن عمر – رضي الله عنهما – خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس على أطراف السعف فقال : \" مابقي من الدنيا إلا كما بقي من يومنا فيما مضى فيه .\"
3- فرح‘‘ وحزن :
في إقبال عام وإدبار آخر فرح‘‘ وحزن , فنفرح بما عملنا في العام الماضي من خيرات وما سابقنا فيه من صالحات وما زرعنا فيه من حسنات نرجو ثوابها من الله الكريم المنان . ويقابل ذلك أننا نحزن على تفريطنا في إكتساب المزيد من الحسنات والوقوع في بعض المحرمات والمكروهات . وكل هذه المشاعر تقودنا إلى صدق التوجه إلى الله تعالى بتوبةٍ نصوحٍ صادقة وسلوك الصراط المستقيم والإنضمام إلى ركب المتقين الصادقين , يخالط هذا وذاك إعتبار وتفكر في صروف الدهر وتقلب الليالي والأيام ومُضي الأقدار بما كان ومباغتة المنايا للإنسان .
بمثل هذه المشاعر والأحاسيس يختم المؤمنون الصادقون ذوو الغايات النبيلة والنفوس السامية والهمم العالية عاماً مضى ويستقبلون عاماً قد حل , وأما اللاهون العابثون الغافلون فيأكلون وينامون ويعبثون ولا يتعظون ولا هم لهم ولا هدف إلا إشباع شهواتهم وإرواء نزواتهم .
4- السلف والإعتبار بمرور الأيام :
كان سلف الأمة – رحمهم الله – لايندمون على دنيا مولية ولا لذة فانية ولا منصبٍ زائل ولا شهره كاذبة وإنما كان ندمهم على ساعةٍ مرت لم يشغلوها بعملٍ صالح . كان إبن مسعود – رضي الله عنه - يقول : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي . وكان أبوبكر بن عياش – رحمه الله – يقول : إن أحدهم لو سقط منه درهم لظل يومه يقول : إنا لله ذهب درهمي , ولا يقول : ذهب يومي وما عملتُ فيه . وكان مفضل بن يونس إذا جاء الليل قال : ذهب من عمري يوم‘‘ كامل فإذا أصبح قال : ذهبت ليلة كاملة من عمري , فلما أحتضر بكى وقال : قد كنت أعلم أن لي من كركما علي يوماً شديداً كربه شديداً غصصه شديداً غمه فلا إله إلا الذي قضى الموت على خلقه وجعله عدلاً بين عباده , ثم جعل يقرأ قوله تعالى :\" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور \" ثم تنفس ومات رحمه الله . وقال مفضل بن يونس : رأيت محمد بن النضر يوماً كئيباً حزيناً فقلت ما شأنك ؟ وما أمرك ؟ فقال : مضت الليلة من عمري ولم أكتسب فيها لنفسي شيئاً , ويمضي اليوم أيضاً ولا أراني أكتسب فيه شيئا فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فسلف الأمة مع ماهم عليه من اجتهاد في العمل إلا أنهم كانوا يتهمون أنفسهم بالتقصير دائما . قال ابن القيم : ومن تأمل أحوال الصحابة – رضي الله عنهم – وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف , ونحن جمعنا بين التقصير بل بين التفريط والأمن .
فهم يعلمون أن عاقبة التفريط لا تورث إلا الحسرة والندامة كما قال الشاعر :
وما أقبح التفريط‘ في زمن الصبا *** فكيف به والشيب‘ في الرأس نازلُ
ترحل من الدنيا بزادٍ من التقى *** فعمرك أيام‘‘ وهن قلائل
5- آية وتفسير
قال الله تعالى : \" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرةً لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيءٍ فصلناه تفصيلاً وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وزارة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا \"
قال الحسن البصري – رحمه الله – في تفسير هذه الآية :
يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتاباً تلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا , فقد عدل والله من جعلك حسيب نفسك .
قال ابن كثير – رحمه الله - تعليقاً على هذا الكلام :
هذا من أحسن كلام الحسن رحمه الله .
متى تمسي وتصبح مستريحا
وأنت الدهرَ لا ترضى بحالٍ
تكابدُ جمع شيءٍ بعد شيءٍ
وتبغي أن تكون رخيَ بالِ
تُسر إذا نظرت إلى هلالٍ
ونقصكَ إن نظرت إلى الهلالِ
هبِ الدنيا تُساق إليك عفواً
أليس مصير ذاك إلى زوالِ
وأخيراً أسأل الذي لايعبد بحقٍ سواه أن من نشر هذا المقال بأي وسيلةٍ كانت أو شارك فيه أو دل عليه أو قرأه ذكراً كان أم أنثى أن يجعله ممن يأخذه محمد صلى الله عليه وسلم بيده إلى الفردوس الأعلى من الجنة والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد .
جمع واعداد : علي سعد لجهر
علي سعد لجهر
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله والحمد لله الذي لايبقى شيء سواه والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه رسولنا محمد إبن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعبن بإحسان إلى يوم لقياه أما بعد , فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فها هي الساعات تتسابق وتمر والأيام تطوى والأسابيع تمضي والشهور تنقضي ولا تفتر فتسارع في هدم أعمارنا وبلوغ آجالنا فيا ليت شعري من منا المحسن فنهنيه ومن المسيء فنعزيه ؟ ولي أيها الأحبة مع أُفول نجم عام وسطوع نجم عام آخر وقفات بسيطة ومعاني عظيمة :
1- نعمة وعبرة :
في تعاقب الليل والنهار ودوران الزمن نعمة وعبرة فأما النعمة فجاء ذكرها في قوله تعالى :\" الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون \"
وأما العبرة فجاء ذكرها في قوله تعالى :\" إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار \"
2- نهاية السنة ونهاية العمر :
إن في مرور الأيام تذكير بالآجال فكما أن العام يبتدئ وينتهي فكذلك عمر الإنسان بل والدنيا كلها ابتدأت ويوماً ما سوف تنقضي . أخي المسلم أختي المسلمة أرأيتم إلى هذه السنة كانت قبل وقتٍ قريب مبتدئة وهاهي تنتهي قد جفت أقلامها وطويت صحائفها ودونت أعمالها , وهاهي السنة الجديدة تولد قد عُبئت أقلامها وجهزت صحائفها فيا ليت شعري هل ندرك أخرها أم كيف ستكون أعمالنا فيها ؟
ونهاية العام تذكرنا بنهاية الدنيا التي كتب الله عليها الفناء , وكان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكير أصحابه بنهاية الدنيا . قال إبن عمر – رضي الله عنهما – خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس على أطراف السعف فقال : \" مابقي من الدنيا إلا كما بقي من يومنا فيما مضى فيه .\"
3- فرح‘‘ وحزن :
في إقبال عام وإدبار آخر فرح‘‘ وحزن , فنفرح بما عملنا في العام الماضي من خيرات وما سابقنا فيه من صالحات وما زرعنا فيه من حسنات نرجو ثوابها من الله الكريم المنان . ويقابل ذلك أننا نحزن على تفريطنا في إكتساب المزيد من الحسنات والوقوع في بعض المحرمات والمكروهات . وكل هذه المشاعر تقودنا إلى صدق التوجه إلى الله تعالى بتوبةٍ نصوحٍ صادقة وسلوك الصراط المستقيم والإنضمام إلى ركب المتقين الصادقين , يخالط هذا وذاك إعتبار وتفكر في صروف الدهر وتقلب الليالي والأيام ومُضي الأقدار بما كان ومباغتة المنايا للإنسان .
بمثل هذه المشاعر والأحاسيس يختم المؤمنون الصادقون ذوو الغايات النبيلة والنفوس السامية والهمم العالية عاماً مضى ويستقبلون عاماً قد حل , وأما اللاهون العابثون الغافلون فيأكلون وينامون ويعبثون ولا يتعظون ولا هم لهم ولا هدف إلا إشباع شهواتهم وإرواء نزواتهم .
4- السلف والإعتبار بمرور الأيام :
كان سلف الأمة – رحمهم الله – لايندمون على دنيا مولية ولا لذة فانية ولا منصبٍ زائل ولا شهره كاذبة وإنما كان ندمهم على ساعةٍ مرت لم يشغلوها بعملٍ صالح . كان إبن مسعود – رضي الله عنه - يقول : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي . وكان أبوبكر بن عياش – رحمه الله – يقول : إن أحدهم لو سقط منه درهم لظل يومه يقول : إنا لله ذهب درهمي , ولا يقول : ذهب يومي وما عملتُ فيه . وكان مفضل بن يونس إذا جاء الليل قال : ذهب من عمري يوم‘‘ كامل فإذا أصبح قال : ذهبت ليلة كاملة من عمري , فلما أحتضر بكى وقال : قد كنت أعلم أن لي من كركما علي يوماً شديداً كربه شديداً غصصه شديداً غمه فلا إله إلا الذي قضى الموت على خلقه وجعله عدلاً بين عباده , ثم جعل يقرأ قوله تعالى :\" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور \" ثم تنفس ومات رحمه الله . وقال مفضل بن يونس : رأيت محمد بن النضر يوماً كئيباً حزيناً فقلت ما شأنك ؟ وما أمرك ؟ فقال : مضت الليلة من عمري ولم أكتسب فيها لنفسي شيئاً , ويمضي اليوم أيضاً ولا أراني أكتسب فيه شيئا فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فسلف الأمة مع ماهم عليه من اجتهاد في العمل إلا أنهم كانوا يتهمون أنفسهم بالتقصير دائما . قال ابن القيم : ومن تأمل أحوال الصحابة – رضي الله عنهم – وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف , ونحن جمعنا بين التقصير بل بين التفريط والأمن .
فهم يعلمون أن عاقبة التفريط لا تورث إلا الحسرة والندامة كما قال الشاعر :
وما أقبح التفريط‘ في زمن الصبا *** فكيف به والشيب‘ في الرأس نازلُ
ترحل من الدنيا بزادٍ من التقى *** فعمرك أيام‘‘ وهن قلائل
5- آية وتفسير
قال الله تعالى : \" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرةً لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيءٍ فصلناه تفصيلاً وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وزارة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا \"
قال الحسن البصري – رحمه الله – في تفسير هذه الآية :
يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتاباً تلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا , فقد عدل والله من جعلك حسيب نفسك .
قال ابن كثير – رحمه الله - تعليقاً على هذا الكلام :
هذا من أحسن كلام الحسن رحمه الله .
متى تمسي وتصبح مستريحا
وأنت الدهرَ لا ترضى بحالٍ
تكابدُ جمع شيءٍ بعد شيءٍ
وتبغي أن تكون رخيَ بالِ
تُسر إذا نظرت إلى هلالٍ
ونقصكَ إن نظرت إلى الهلالِ
هبِ الدنيا تُساق إليك عفواً
أليس مصير ذاك إلى زوالِ
وأخيراً أسأل الذي لايعبد بحقٍ سواه أن من نشر هذا المقال بأي وسيلةٍ كانت أو شارك فيه أو دل عليه أو قرأه ذكراً كان أم أنثى أن يجعله ممن يأخذه محمد صلى الله عليه وسلم بيده إلى الفردوس الأعلى من الجنة والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد .
جمع واعداد : علي سعد لجهر

إنطوت صفحة العام ....!!
عبدالله بن محمد بادابود
بسم الله الرحمن الرحيم
- لم تنطوي من الزمان فقط ؟ بل إنطوت من أعمارنا الكبير منا والصغير فهل نستقبل العام الجديد ببهجة وسرور ؟ أم نستقبله بحزن وألم ؟
- هذه البهجة نستمدها من مواقف مفرحة وذكريات جميلة ورائعة ؛ عمل صالح ، صوم ،كلمة طيبة ،مساعدة محتاج ،المساهمة في أعمال خيرية ، نجاح دراسي ، نجاح وظيفي ، وكثيرة هي المواقف المفرحة في حياتنا ، طالما أننا نعيش مع من أحببناهم ونتعايش معهم ونرى إبتسامتهم المشرقة فالقرب ممن نحب نعمة ونعم الله علينا كثيرة لاتعد ولاتحصى فله الحمد وله الشكر الدائم الذي لاينقطع .
- وحزن وآسى يصاحبنا أحياناً بسبب مواقف محزنة ومبكية وقد تكون مخزية ؛ وفاة عزيز ، فراق حبيب ، مكيدة حاقد ، دعوة مظلوم ، عين حاسدة ،فشل دراسي ، إنهيارأسري ، تحطم مرآة صداقة ، إنهيار سور اخوة ، ضياع أوقاتنا في غير المفيد وترانا نتفنن في إضاعة الوقت ونرددعبارة ( خلينا نضيع الوقت ) كأنما أمرنا بإضاعته ؟!
- إنقضى العام ونحن نلهو و نلعب ونفرط في إقتناص الفرص ! تقول لي ماهي الفرص ؟
- أقول لك : صيام السته من شوال ، صيام يوم عرفة لغير الحاج ، صيام الاثنين والخميس ، صيام الأيام البيض من كل شهر ، قيام الليل ، دعوة في اخر ساعه من يوم الجمعة ، ذكر الله على كل حال ،مسح على راس يتيم ، إدخال السرور لقلب مسلم ، إحسان تقدمه لإنسان والكثير من الفرص التي أضعناها فالله المستعان.
- نحزن حينما نتذكر المواقف التي كنا فيها سبباً في حزن أخ لنا أو مضايقته بالقول أو الفعل.
- وكم هي المرات التي فعلنا فيها أشياء لانرضى أن نقولها بل لانريد أن نتذكرها !!
- إخوتي : يجب علينا أن نحاسب أنفسنا ماذا قدمنا في العام المنصرم ؟ ولتكن وقفة جادة وصادقة ، رغبة في التغيير والتقدم للإفضل فالعمر فرصة لو أضعنها حينها لن ينفع الندم أبداً .
-هل قدمنا أعمال خير أم أعمال شر وسؤل نردده دائماً كيف كانت علاقتنا مع الملك عز وجل أولاً ثم مامدى محبتنا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم واقتدائنا به ثم البحث عن تعاملنا مع الأب الحنون والأم الرؤوم ثم نتلمس علاقات حب أخوي في الله لصديق أو قريب وأعمال خير وحب لنشر الخير في كل مكان .
- كل هذا سجل بتاريخ 1431هــ ... وصفحة ....1432هـ بيضاء !!
- إ نصرمت أيام ذلك العام ولن تعود الإ يوم القيامة وأتت أيام هذا العام لكي نملأها بالخير والعطاء والحب والصفاء والنقاء.
فيا ترى بماذا سنملأها ؟؟
وهل ستكتب لنا حياة جديدة في هذا العام أم يكون لنا موعد مع ملك الموت !
- ولكم أن تغيروالتاريخ في كل عام إن أمد الله في أعمارنا ...!!
ولي أن اقول لكم ::
كل عام وأنتم بخير والمسلمين من نصر لنصر بإذن الله .
وهج :
قال تعالى : ( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصو بالصبر ) سورة العصر
نور من السنة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به
وقفة :
يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك
همسة :
إنطوت صفحة الأمس تحمل أعمالنا وبقيت صفحة اليوم خاوية حتى من أروحنا .؟
نعجز أن نمسح صفحة الماضي ولكن قد نقدر أن نصنع صفحة الحاضر.
حياتنا كورق الشجر يخضُر في الربيع .ويصفر ويسقط في الخريف ..
عبدالله بن محمد بادابود
بسم الله الرحمن الرحيم
- لم تنطوي من الزمان فقط ؟ بل إنطوت من أعمارنا الكبير منا والصغير فهل نستقبل العام الجديد ببهجة وسرور ؟ أم نستقبله بحزن وألم ؟
- هذه البهجة نستمدها من مواقف مفرحة وذكريات جميلة ورائعة ؛ عمل صالح ، صوم ،كلمة طيبة ،مساعدة محتاج ،المساهمة في أعمال خيرية ، نجاح دراسي ، نجاح وظيفي ، وكثيرة هي المواقف المفرحة في حياتنا ، طالما أننا نعيش مع من أحببناهم ونتعايش معهم ونرى إبتسامتهم المشرقة فالقرب ممن نحب نعمة ونعم الله علينا كثيرة لاتعد ولاتحصى فله الحمد وله الشكر الدائم الذي لاينقطع .
- وحزن وآسى يصاحبنا أحياناً بسبب مواقف محزنة ومبكية وقد تكون مخزية ؛ وفاة عزيز ، فراق حبيب ، مكيدة حاقد ، دعوة مظلوم ، عين حاسدة ،فشل دراسي ، إنهيارأسري ، تحطم مرآة صداقة ، إنهيار سور اخوة ، ضياع أوقاتنا في غير المفيد وترانا نتفنن في إضاعة الوقت ونرددعبارة ( خلينا نضيع الوقت ) كأنما أمرنا بإضاعته ؟!
- إنقضى العام ونحن نلهو و نلعب ونفرط في إقتناص الفرص ! تقول لي ماهي الفرص ؟
- أقول لك : صيام السته من شوال ، صيام يوم عرفة لغير الحاج ، صيام الاثنين والخميس ، صيام الأيام البيض من كل شهر ، قيام الليل ، دعوة في اخر ساعه من يوم الجمعة ، ذكر الله على كل حال ،مسح على راس يتيم ، إدخال السرور لقلب مسلم ، إحسان تقدمه لإنسان والكثير من الفرص التي أضعناها فالله المستعان.
- نحزن حينما نتذكر المواقف التي كنا فيها سبباً في حزن أخ لنا أو مضايقته بالقول أو الفعل.
- وكم هي المرات التي فعلنا فيها أشياء لانرضى أن نقولها بل لانريد أن نتذكرها !!
- إخوتي : يجب علينا أن نحاسب أنفسنا ماذا قدمنا في العام المنصرم ؟ ولتكن وقفة جادة وصادقة ، رغبة في التغيير والتقدم للإفضل فالعمر فرصة لو أضعنها حينها لن ينفع الندم أبداً .
-هل قدمنا أعمال خير أم أعمال شر وسؤل نردده دائماً كيف كانت علاقتنا مع الملك عز وجل أولاً ثم مامدى محبتنا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم واقتدائنا به ثم البحث عن تعاملنا مع الأب الحنون والأم الرؤوم ثم نتلمس علاقات حب أخوي في الله لصديق أو قريب وأعمال خير وحب لنشر الخير في كل مكان .
- كل هذا سجل بتاريخ 1431هــ ... وصفحة ....1432هـ بيضاء !!
- إ نصرمت أيام ذلك العام ولن تعود الإ يوم القيامة وأتت أيام هذا العام لكي نملأها بالخير والعطاء والحب والصفاء والنقاء.
فيا ترى بماذا سنملأها ؟؟
وهل ستكتب لنا حياة جديدة في هذا العام أم يكون لنا موعد مع ملك الموت !
- ولكم أن تغيروالتاريخ في كل عام إن أمد الله في أعمارنا ...!!
ولي أن اقول لكم ::
كل عام وأنتم بخير والمسلمين من نصر لنصر بإذن الله .
وهج :
قال تعالى : ( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصو بالصبر ) سورة العصر
نور من السنة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به
وقفة :
يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك
همسة :
إنطوت صفحة الأمس تحمل أعمالنا وبقيت صفحة اليوم خاوية حتى من أروحنا .؟
نعجز أن نمسح صفحة الماضي ولكن قد نقدر أن نصنع صفحة الحاضر.
حياتنا كورق الشجر يخضُر في الربيع .ويصفر ويسقط في الخريف ..

نودع راحلاً ونستقبل زائراً
مصلح بن زويد العتيبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن الحكيم العليم والرحمن الرحيم والصلاة والسلام على السراج المنير النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد
ليس في تعاقب الأعوام أمر جديد ،ولا في تصرم الأعمار خبر فريد أيام تهدم أيام وأعوام تنُسي أعوام ؛أفراح وأحزان ذنوب وطاعات .تغيرات وتحولات ؛طفل قد أصبح رجلاً ،وشاب قد عاد كهلاً .
وفي أحد الأعوام يُقال مات فلان ؛وفجأة وبدون أي مقدمات ينتقل من هذه الدار فيودع أيامها ويهجر أعوامها وينساه خلانها،فلم تعد تمثل له شيئاً بعد أن كانت عند بعض الناس كل شيء فلن يعود إليها وإن أحب ولن يصلح منها ما أفسد وإن ندم .
ولعلنا عند تأمل مسيرة الأعوام نتذكر أن كل عام يقربنا إلى اللقاء الذي لا يعلم كيف يكون إلا الله مع ملك الموت ،فأنا وأنت في هذا العام أقرب إلى الموت منا في العام الماضي .قال ابن مسعود رضي الله عنه :(ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ) .
ولعلنا نعلم أيضاً أن كل عام ما هو إلا كحصالة متوسطة الحجم قد ملأها صاحبها بأصناف الأعمال،فبعض الناس قد ملأها بالصالحات وبعضهم قد ملأها بأعمال يظنها صالحة فبان عند تفقدها غير ذلك فمنهم من زُين لهم سوء عملهم ،ومنهم من خالط أعماله الرياء فأفسده .وآخرون قد خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً .ومن الناس من ملأ حصالته بأصناف السيئات فلا يكاد يرى فيها غير سواد الذنوب .
ولعلنا نعلم جميعاً أن كل عام تشرق شمسه سيرحل عنا عند قضاء أجله ؛لكنه لا يرحل بمفرده ؛بل يرحل معه بمن انقضى فيه أجله منا فسبحان الله ما أسرع ما نستقبله زائراً حتى نودعه راحلاً .ولا حول ولا قوة إلا بالله كم مسرور باستقباله ما علم أنه آخر أعوامه ومنتهى آماله من الدني .
ولعلنا نعلم أن خير طريقة للتعامل مع العام الجديد أن نستقبله بالتوبة النصوح والعزم على عدم العودة للذنوب والعزم على امتثال أوامر الله واجتناب معاصيه والتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والسير على طريقة السلف الصالح .
ولا يخفى علينا أن العام الواحد عبارة عن اثني عشر شهراً ، والشهر أسابيع والأسبوع أيام والأيام الساعات والساعات دقائق !
فمن صلحت دقائقه وساعاته صلحت شهوره وأعوامه .وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل .فخذ من العمل ما تستطيع وأنت له محب خير من أن تثقل على نفسك فتترك العمل وأنت فيه زاهد .
والجنة أقرب إلى أحدنا من شِراك نعله والنار مثل ذلك ؛ فسددوا وقاربوا وأبشروا ويسروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ،والقصد القصد تبلغوا .
والدين ليس ثوب يلبس في مكان وينزع في آخر ؛بل هو منهج حياة وعلاقة دائمة مع رب الأرض والسماوات ،فالمسلم مسلم مع صديقه وعدوه ومحبه ومبغضه وفي حله وفي سفره وفي يسره وفي عسره .
ومن أرضى الناس بسخط الله سخطه عليه وأسخطهم عليه ،ومن أسخط الناس برضا الله رضي عنه وأرضى عنه الناس .
بشارة :من رحمة الله أنك تستطيع أن تراجع ما وضعته في حصالتك وتنقيه وتصفيه ليس في العام الماضي فقط ؛بل في كل الأعوام السابقة من حياتك وذلك بالتوبة النصوح والإكثار من الحسنات فتعود تلك الصفحات الملطخة بأدران الشهوات والشبهات بيضاء نقية برحمة أرحم الراحمين .
اللهم أصلح المقبل من أعوامنا وزودنا التقوى في القادم من أيامنا ، اللهم تب علينا من كل ذنب أذنباه أو حق ضيعناه أو مسلم ظلمناه أو حد تجاوزناه .ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .
مصلح بن زويد العتيبي
alzarige@hotmail.com
مصلح بن زويد العتيبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن الحكيم العليم والرحمن الرحيم والصلاة والسلام على السراج المنير النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد
ليس في تعاقب الأعوام أمر جديد ،ولا في تصرم الأعمار خبر فريد أيام تهدم أيام وأعوام تنُسي أعوام ؛أفراح وأحزان ذنوب وطاعات .تغيرات وتحولات ؛طفل قد أصبح رجلاً ،وشاب قد عاد كهلاً .
وفي أحد الأعوام يُقال مات فلان ؛وفجأة وبدون أي مقدمات ينتقل من هذه الدار فيودع أيامها ويهجر أعوامها وينساه خلانها،فلم تعد تمثل له شيئاً بعد أن كانت عند بعض الناس كل شيء فلن يعود إليها وإن أحب ولن يصلح منها ما أفسد وإن ندم .
ولعلنا عند تأمل مسيرة الأعوام نتذكر أن كل عام يقربنا إلى اللقاء الذي لا يعلم كيف يكون إلا الله مع ملك الموت ،فأنا وأنت في هذا العام أقرب إلى الموت منا في العام الماضي .قال ابن مسعود رضي الله عنه :(ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ) .
ولعلنا نعلم أيضاً أن كل عام ما هو إلا كحصالة متوسطة الحجم قد ملأها صاحبها بأصناف الأعمال،فبعض الناس قد ملأها بالصالحات وبعضهم قد ملأها بأعمال يظنها صالحة فبان عند تفقدها غير ذلك فمنهم من زُين لهم سوء عملهم ،ومنهم من خالط أعماله الرياء فأفسده .وآخرون قد خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً .ومن الناس من ملأ حصالته بأصناف السيئات فلا يكاد يرى فيها غير سواد الذنوب .
ولعلنا نعلم جميعاً أن كل عام تشرق شمسه سيرحل عنا عند قضاء أجله ؛لكنه لا يرحل بمفرده ؛بل يرحل معه بمن انقضى فيه أجله منا فسبحان الله ما أسرع ما نستقبله زائراً حتى نودعه راحلاً .ولا حول ولا قوة إلا بالله كم مسرور باستقباله ما علم أنه آخر أعوامه ومنتهى آماله من الدني .
ولعلنا نعلم أن خير طريقة للتعامل مع العام الجديد أن نستقبله بالتوبة النصوح والعزم على عدم العودة للذنوب والعزم على امتثال أوامر الله واجتناب معاصيه والتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والسير على طريقة السلف الصالح .
ولا يخفى علينا أن العام الواحد عبارة عن اثني عشر شهراً ، والشهر أسابيع والأسبوع أيام والأيام الساعات والساعات دقائق !
فمن صلحت دقائقه وساعاته صلحت شهوره وأعوامه .وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل .فخذ من العمل ما تستطيع وأنت له محب خير من أن تثقل على نفسك فتترك العمل وأنت فيه زاهد .
والجنة أقرب إلى أحدنا من شِراك نعله والنار مثل ذلك ؛ فسددوا وقاربوا وأبشروا ويسروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ،والقصد القصد تبلغوا .
والدين ليس ثوب يلبس في مكان وينزع في آخر ؛بل هو منهج حياة وعلاقة دائمة مع رب الأرض والسماوات ،فالمسلم مسلم مع صديقه وعدوه ومحبه ومبغضه وفي حله وفي سفره وفي يسره وفي عسره .
ومن أرضى الناس بسخط الله سخطه عليه وأسخطهم عليه ،ومن أسخط الناس برضا الله رضي عنه وأرضى عنه الناس .
بشارة :من رحمة الله أنك تستطيع أن تراجع ما وضعته في حصالتك وتنقيه وتصفيه ليس في العام الماضي فقط ؛بل في كل الأعوام السابقة من حياتك وذلك بالتوبة النصوح والإكثار من الحسنات فتعود تلك الصفحات الملطخة بأدران الشهوات والشبهات بيضاء نقية برحمة أرحم الراحمين .
اللهم أصلح المقبل من أعوامنا وزودنا التقوى في القادم من أيامنا ، اللهم تب علينا من كل ذنب أذنباه أو حق ضيعناه أو مسلم ظلمناه أو حد تجاوزناه .ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .
مصلح بن زويد العتيبي
alzarige@hotmail.com
الصفحة الأخيرة
بدر بن نادر المشاري
إهداء...
إلى المعتزين بتاريخ أمتهم المجيد..
إلى من يبتغون درب أسلافهم الرشيد..
إلى من أُعجبوا بثقافة الغرب فأرَّخوا بتاريخهم..
إلى أمة الإسلام أهدي هذه الكلمات..
وأقول تنبّهي..
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}
محمد رسولنا لاينطق عن الهوى؛بل هو نبي معصوم كل كلمة منه دين،وكل جملة منه سنة؛ فالجد منهجه، والحق مقصده، والإصلاح أمنيته، هو الذي أوتي جوامع الكلم، بأبي هو وأمي فتأمل قبسًا من قبسات النبوة إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (13-14)
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"
رواه البخاري.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ ؛ ؛
إذن لمحمد
ففي شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة وصل النبي إلى المدينة مهاجرًا من مكة البلد الأول للوحي وأحب البلاد إلى الله ورسوله، خرج من مكة مهاجرًا بإذن ربه بعد أن أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يبلّغ رسالة ربه ويدعو إليه على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش وأكابرهم سوى الرفض لدعوته والإعراض عنها والإيذاء الشديد له ومن آمن به حتى آل الأمر بهم إلى التخطيط و المكر والخداع لقتله حيث أجمع كبراؤهم في دار الندوة وتشاوروا ماذا يفعلون برسول الله حين رأوا أصحابه يهاجرون إلى المدينة وأنه لابد أن يلحق بهم ويجد النصرة والعون من الأنصار الذين بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم وحينئذ تكون له الدولة على قريش فقال عدو الله أبو جهل: الرأي أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًّا جلدًا ثم يعطى كل واحد سيفًا صارمًا ثم يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح منه فيتفرق دمه في القبائل فلا يستطيع بنو عبد مناف (أي: عشيرة النبي ( أن يحاربوا قومهم جميعًا فيرضون بالدية فنعطيهم إياها مكرًا برسول الله ، ولكن ويمكرون ويمكر الله بهم كما قال تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
فأعلم الله نبيه محمدًا بما أراد المشركون وأذن له بالهجرة.
ومن ذلك الحين كلما استدار الزمان و استقبل المسلمون عامًا إسلاميًّا هجريًّا جديدًا تذكروا أجلَّ مناسبة عظيمة في الإسلام وهي هجرة النبي من مكة إلى المدينة الذي بها كوّن دولة إسلامية في بلد إسلامي مستقل يحكمه المسلمون.
الهجرة هجرتان
هذه قصة الهجرة وهذا الزمان استدار و يستدير، والهجرة هجرتان: الأولى هجرة قلبية إلى الله بعبادته وحده لا شريك له وإلى رسوله باتباعه وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه كما قال : "وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ" رواه البخاري، وهذه الهجرة ملازمة للمسلم طوال حياته لا يتركها أبدًا؛ لقوله :" عَنْ أَبِي هِنْدٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ وَقَدْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ فَتَذَاكَرْنَا الْهِجْرَةَ وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ انْقَطَعَتْ، وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ لَمْ تَنْقَطِعْ فَاسْتَنْبَهَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ فِيهِ فَأَخْبَرْنَاهُ وَكَانَ قَلِيلَ الرَّدِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" رواه أحمد.
والهجرة الثانية هجرة بدنية وهي تتضمن الهجرة القلبية و هي الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، و تجب عند الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا .
إذًا يا كل مسلم:
هاجِر من المعتقدات الباطلة والشرك بالله ، إلى تصحيح ذلك بالتوحيد الخالص الذي لاتشوبه شائبة.
هاجِر من ظلمة العصيان إلى نور الطاعة والإيمان.
هاجِر من كثرة الإقبال على اللذات والشهوات، إلى الخوف من مقام الرب ونهي النفس عن الهوى.
هاجِر من الجهل والقسوة، إلى العلم ونور البصيرة والرحمة.
هاجِر من الفوضوية والشتات في الأوقات، إلى التنظيم والترتيب والحرص على سائر اللحظات في طاعة رب الأرض والسموات.
هاجِر من إفلات الجوارح والأعضاء لتفعل ماتشاء، إلى ضبطها وحفظها عن الحرام وتحصينها بما أمر به الله. وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
"باختصار"
هاجِر عن كل مانهى الله عنه ويبغضه، إلى كل ما أمر الله به ويرضاه.
فرقت بين الحق والباطل
من المعلوم أنه في بداية الإسلام لم يكن التاريخ السنوي معمولاً به حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب في السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته أي سنة ست عشرة أو سبع عشرة من الهجرة، ومناسبته أن الصحابي الجليل أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر بن الخطاب أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ فجمع عمر الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم فيقال إن بعضهم قال: أرِّخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها كلما هلك ملك، أرِّخوا بولاية من بعده. فكره الصحابة ذلك فقال بعضهم: أرَّخوا بتاريخ الروم فكرهوا ذلك. فقال بعضهم: أرِّخوا من مولد النبي ، وقال آخرون: من مبعثه، وقال آخرون: من مهاجره فقال عمر : الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرِّخوا بها فأرِّخوا من الهجرة واتفقوا على ذلك.
نبدأ بالمحرم
تشاور عمر مع الصحابة رضي الله عنهم من أي شهر يكون ابتداء السنة فقال بعضهم: من شهر رمضان؛ لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وقال بعضهم: من ربيع الأول؛ لأنه الشهر الذي قدم فيه النبي المدينة مهاجرًا، واختار عمر وعثمان وعلي أن يكون من المحرم؛ لأنه شهر حرام يلي شهر ذي الحجة الذي يؤدي المسلمون فيه حجهم الذي به تمام دينهم والذي كانت فيه بيعة الأنصار للنبي والعزيمة على الهجرة؛ فبدأ بالسنة الإسلامية الهجرية من الشهر المحرم الحرام إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ .
أمة متبوعة
استعمر ت النصارى بعض البلاد وأرغمت أهلها أن يتناسوا تاريخهم الإسلامي الهجري فأرَّخوا بالتاريخ الميلادي، وبعد أن أزال الله عنهم هذا الكابوس المستعمر وظلمه وتجبره لم يعد هناك عذر بالبقاء على التاريخ الميلادي الذي لا يمت إلى ديننا بصلة.
والأمة الإسلامية يجب أن تجعل لنفسها وجودًا وكيانًا مستقليْن مستمديْن من روح الدين الإسلامي، وأن تكون متميزة عن غيرها؛ في كل ما ينبغي أن تتميز به من الأخلاق والآداب والمعاملات وغيرها لتبقى أمة بارزة مرموقة لا تابعة لغيرها هاوية في تقليد من سواها تقليدًا أعمى لا يجرُّ إليها نفعًا ولا يدفع عنها ضررًا، وإنما يظهر بمظهر الضعف والتبعية وينسيها ما كان عليه أسلافها، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا
شهور العام
من نعم الله وتيسيره أن جعل الحساب الشرعي العربي مبنيًّا على شهور هلالية لها علامة حسية يفهمها الخاص والعام، وهي رؤية الهلال في المغرب بعد غروب الشمس، فمتى رُئي الهلال فقد دخل الشهر المستقبل وانتهى الشهر الماضي، وبذلك نعرف أن ابتداء التوقيت اليومي من غروب الشمس لا من زوالها؛ لأن أول الشهر يدخل بغروب الشمس وأول الشهر هو أول الوقت وهذه الشهور الهلالية هي مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص كما قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ
الشهور الوهمية
إن غير الشهور الهلالية هي شهور وهمية بنيت على غير المشروع والمعقول والمحسوس من الأشهر الإفرنجية المختلفة حتى أصبح بعضها ثمانية وعشرين يومًا، وبعضها واحدًا وثلاثين والبعض بين ذلك، ولا يعلم لهذا الاختلاف سبب حقيقي معقول؛ فهي شهور وهميــة اصطلاحيــة غير منضبطة كره أهل العلم قديمًا وحديثًا - وعلى رأسهم صحابة رسول الله ورضي عنهم- التأريخ بما عند أولئك العجم والروم والقبط.
وقد سئل الإمام أحمد- رحمه الله- : إن للفرس أيامًا وشهورًا يسمونها بأسماء لا تعرف، فكره ذلك أشد الكراهة، ويُروى عن مجاهد أنه كان يكره أن يقال: أذار ماه وغير أحمد ومجاهد كثير من العلماء.
بل طلب أكثر من مرة من المؤرخين بها إعادة النظر في الشهور الإفرنجية وتغييرها وقوبلت بالرفض والمعارضة من قبل الأحبار والرهبان ونحن أحق منهم بالتمسك بتاريخنا الإسلامي الهجري.
لا تهنئة ولا عيد
لن نرضى أبدًا بتغيير هذا التاريخ الإسلامي الهجري على أن لا نجعل فيه ما لم يكن من ديننا وشرعنا بشيء فنحن أمة متعبدة لا نشرّع شيئاً من العبادات والمواسم الدينية إلا ما كان ثابتًا بأمر ربنا أو بفعل وقول وإقرار نبينا محمد أو عمله الخلفاء الراشدون والصحابة المهديون، فإن الخلق إنما أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، فمن تعبَّد الله بما لم يشرعه الله ولا رسوله؛ فعمله مردود عليه؛ لقول رسول الهدى:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، ومن ذلك التهنئة والاحتفال وإقامة الأعياد لدخول عام أو انقضائه، فهذه الأعمال ليست من السنة في شيء وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
فكل عمل ليس له أصل في الشرع ولم يقم عليه دليل من السنة؛ فهو ابتداع المضلين، وهو من السبل المتفرقة التي تتفرق بمن اتبعها عن سبيل الله وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .
الواجب علينا
يجب علينا أن نعلم أنه ليست الغبطة بكثرة الشهور والسنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة الله، وشر على من أمضاها في معصية الله، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشركم من طال عمره وساء عمله؛ فعلينا أن نستقبل أيامنا وشهورنا وأعوامنا بطاعة ربنا ومحاسبة أنفسنا وإصلاح ما فسد من أعمالنا ومراقبة من ولَّانا الله تعالى عليه من الأهل والزوجات والأولاد بنين وبنات وأقارب ومن له حق علينا، وأن نتذكر أن لله في تعاقب الشهور والأعوام وتوالي الليالي والأيام حكمة بالغة فإن الله جعل الليل والنهار خزائن للأعمال ومراحل للآجال يعمرها الناس بما يعملون من خير وشر حتى ينتهوا إلى آخر أجلهم قال الله تعالى: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ، هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون، إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ
ومن رحمته بعباده أن جعل لهم ليلاً ونهارًا وجعل لكل منهما آيتين: آية النهار وهي الشمس، وآية الليل وهي القمر،جعل الليل ليسكنوا فيه، والنهار مبصرًا؛ ليبتغوا فيه فضلاً من الله ويطلبوا فيه معايشهم، وجعل كل نهار يتجدد بمنزلة الحياة الجديدة يستجد فيه العبد قوته ويستقبل عمله، ولذلك سمَّى الله النوم بالليل وفاة، واليقظة بالنهار بعثًا فقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ، ومن حكمته ورحمته أن جعل الشمس والقمر حسبانًا ففي الشمس معرفة الفصول وفي القمر حسبان الشهور ، حتى جعل السنة اثنا عشر شهرًا من يوم خلق السموات والأرض وهذا عدد أشهر العام الإسلامي الهجري. منها أربعة حرم.
الأشهر الحرم
وهي أربعة؛ لقوله تعالى: مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثلاثة منها متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم والرابع فيها مفرد وهو رجب بين جمادى وشعبان، والسنة فيها اثنا عشر شهرًا، ويستدير الزمان بها، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ" رواه البخاري.
أشهر الحج
هي المعلومات كما قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ، وهي شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.
أيام وأحكام
أيام فاضلة
يوم عاشوراء:
هو اليوم العاشر من الشهر المحرم، ويُسَنُّ صيامه لفعل النبي ،"عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ يَبْتَغِي فَضْلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ لِيَوْمِ عَاشُورَاءَ أَوْ رَمَضَانَ قَالَ رَوْحٌ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ " ولمخالفة اليهود واتباعًا للسنة صُم يومًا قبله وهو اليوم التاسع، أو يومًا بعده وهو اليوم الحادي عشر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ. صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا ".
العشر الأولى من شهر ذي الحجة:
والتي أقسم الله بها في القرآن بقوله: وَالْفَجْرِ ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ ويُسَنُّ فيها الإكثار من الأعمال الصالحة؛ بل العمل الصالح فيها أحب إلى الله من غيرها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " . فليكن لك حظ من الذكر والتهليل والتسبيح وسائر الصالحات، ويكفي أن فيها أعظم يوم طلعت عليه الشمس ألا وهو يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة ،ويُسَنُّ لغير الحاج صيامه؛ لقول النبي : " عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ صِيَامَ عَرَفَةَ؟ قَالَ: أَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ صَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: أَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ" .
وللحاج الابتهال والتضرع والدعاء وخير ما قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير .
شهر رمضان:
هو أفضل شهور العام كلها لماله من المزايا والفضل، و يكفي أن فيه ليالي العشر المباركة. عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ " . وفيها أعظم ليلة وهي ليلة القدر ، التي هي أعظم ليلة في العام كله تكون في العشر الأخيرة من رمضان أخفاها الله لحكمة أرادها وحتى يجتهد العباد في قيامها، هي ليلة واحدة خير من ألف شهر، قال تعالى: إنا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .
هذه أعيادنا
ليس للمسلمين عيد سوى عيدين: عيد الأضحى وعيد الفطر، فعيد الفطر هو اليوم الأول من شوال، وعيد الأضحى هو اليوم العاشر من ذي الحجة، ويحرم على المسلم صيامهما؛ لقول النبي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا صَوْمَ يَوْمَ عِيدٍ . ويُسَن لك فيها الأكل والشرب والذكر وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ" .
صيام ست من شوال
وهي ستة أيام من شهر شوال، ويُسَنُّ فيها الصيام باتباع رمضان لمن أتمه ويجوز الصيام في أوله وفي أوسطه وفي آخره متتابعة أو متفرقة بعد القضاء لمن كان عليه قضاء من رمضان ويصبح صائمها بعد رمضان كأنما صام الدهر كله، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " .
يوم الجمعة
هو يوم يتكرر كل أسبوع مرة فيه من الخصائص والفضائل الشيء الكثير، ومنها أن فيه ساعة إجابة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا" ، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس وأشرق عليه النهار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ" .
وفضائل هذا اليوم كثيرة ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أكثر من مائة وثلاثٍ وثلاثين ميزة وفضلاً لهذا اليوم العظيم؛ فحري بالمسلم الإكثار من الأعمال الصالحة فيه.
الأيام البيض
هي أيام ثلاثة: اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، ويُسَنُّ صيامها نافلة وتطوعًا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِصِيَامِ لَيَالِي الْبِيضِ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَالَ: هِيَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ" .
أيام التشريق
أيام منًى وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر والتي قال الله عنها: وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ أخرج الإمام مسلم في صحيحة من حديث كبيشة الهذلي أن النبي قال:" أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله " وفي بعض الروايات أن النبي بعث في أيام منًى مناديًا ينادي لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله ".
يومان تعرض فيهما الأعمال
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ قَالَ فَقِيلَ لَهُ قَالَ: فَقَالَ إِنَّ الأَعْمَالَ تُعْرَضُ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ، أَوْ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ إِلا الْمُتَهَاجِرَيْنِ فَيَقُولُ أَخِّرْهُمَا" .
نفس في الشتاء ونفس في الصيف
يمر في كل عام فصل الشتاء وفصل الصيف، وفيهما آيتان عظيمتان شدة البرد و شدة الحر ، من تأملهما تذكر زمهرير جهنم وحرها يوم استأذنت النار ربها فأذن لها بنفسين: عن أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ" .
بدع وضلالات
إن الله يداول الأيام بين الناس ليعلم الذين آمنوا من غيرهم ممن ظلموا أنفسهم وعتوا عتوًّا كبيرًا وصدق الله يوم قال: وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ، وممن ظلموا أنفسهم الذين وقعوا وأوقعوا في البدع والمخالفات في أيام وشهور ومواسم هي من عند أنفسهم، فعَنْ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"الْفَجْرَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" ، ومن تلك البدع:
المولد النبوي:
ففي الليلة الثانية عشر من شهر ربيع الأول يجتمع المبتدعة في المساجد والبيوت بقصد الصلاة على النبي بصلوات محدثة ويقرؤون مدائح للنبي تخرج إلى حدِّ الغلو بحجة عيد مولد النبي ، وهذا العمل بدعي لا أصل له في الإسلام، والسبب لأنهم فعلوه من عند أنفسهم ولم يأمر به رسول الله ولم يفعله أحد صحابته ولا الخلفاء الراشدون ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة ولا التابعون لهم بإحسان ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، والصواب أن محبته وتعظيمه تكون في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهرًا وباطنًا، ونشر ما بعث به ومن أجله والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان.
يوم عاشوراء:
وقد جعله (الرافضة): يوم مأتم وحزن حيث إن الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ قتل فيه فخالفوا السنة في هذا اليوم وأحدثوا البدعة وفعل المحرمات من الندب والنياحة وضرب أجسامهم إظهارًا للجزع على قتل الحسين ويجعلون ذلك يتكرر في كل عام، ولا شك أن قتل الحسين مصيبة نزلت بالمسلمين ولكن المصائب لا تقابل بالجزع والبدع والنياحة واللطم فهذه من أمور الجاهلية لقول الرسول : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.
وإنما تقابل المصائب بالصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره ولا يجعل لها ذكرى تتكرر كل عام وقد قتل في عهد رسول الله وزمنه عدد كثير من خيار الصحابة فما كان من النبي ولا من الصحابة إلا الصبر والاحتساب.
و كذلك (النواصب) المتعصبون جعلوا يوم عاشوراء موسم فرح على الحسين وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الجهَّال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد ، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء ؛ كالاكتحال، والاختضاب ، وتوسيع النفقات على العيال ، ونحو ذلك مما يُفعل في الأعياد والمواسم ، فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسماً كمواسم الأعياد والأفراح .
وكلا الفريقين أحدث في الدين ماليس منه.
شهر صفر:
لقد كان يعتقد أهل الجاهلية في هذا الشهر أنه شهر شؤم يمتنعون فيه من مزاولة الأعمال المباحة التي كانوا يزاولونها في غيره فأبطل ذلك النبي بقوله:" لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ " ، وهذا تشاؤم وتطير وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تُعْدِي بطبعها من غير اعتقاد بتقدير الله لذلك، وقوله ولا هامة (الهامة : البومة) ومعناه نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية فيها بأنها إذا وقعت على بيت أحدهم يتشاءم، ويقول نعت إلي نفسي أو أحدًا من أهل داري فيعتقد أنه سيموت هو أو بعض أهله تشاؤمًا بهذا الطائر .
وكان أهل الجاهلية يتشاءمون بشهر صفر ويقولون: إنه شهر شؤم فأبطل النبي ذلك وبيَّن أنه لا تأثير له إنما هو كسائر الأوقات والأيام، ومن الناس إلى اليوم من يتشاءم بصفر أو ببعض أيامه، كيوم الأربعاء أو يوم السبت فلا يتزوج في هذه الأيام ظنًّا منه أن المتزوج لا يوفَّق، وهذا اعتقاد وظن باطل.
شهر رجب:
وفيه إحياء ذكرى الإسراء والمعراج بالاحتفالات وأنواع العبادات فتخصص ليلة السابع والعشرين فيه بالذكر والعبادة والأدعية ظنَّا منهم أن هذه هي ليلة الإسراء وهذه بدعة لا أصل لها، والإسراء والمعراج حق لكن لم يقم دليل على تحديد ليله ولا على شهره وحتى لو حددت وعرفت فمن الذي أذن لهؤلاء القوم إحياءها آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ .
قال شيخ الإسلام ــــ رحمه الله ـــ: "وقد أحدث الناس في هذا الشهر عبادات لم يشرعها الله ولا رسوله من ذلك تعظيم أول خميس منه وليلة أول جمعة منه فإن تعظيم هذا اليوم وتلك الليلة من رجب إنما حدث في الإسلام بعد المائة الرابعة، والحديث المروي في ذلك كذب باتفاق العلماء ولا يجوز تعظيم هذا اليوم؛ لأنه مثل غيره من الأيام"
وقال الحافظ بن رجب: "فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به".
نعم شهر رجب من الأشهر الحرم، لكن لا ينبغي لأحد أن يشرِّع فيه ولا في غيره إلا ما شرِّعه الله والذي ثبت لنا دعاء النبي كما في الحديث، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ:" اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ وَكَانَ يَقُولُ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ غَرَّاءُ وَيَوْمُهَا أَزْهَرُ".
قَالَ النَّبِيَّ : "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنْ السُّنَّةِ فَتَمَسُّكٌ بِسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ" .
شهر شعبان:
في كل عام من ليلة النصف من شعبان يرِّوج بعض الجهّال ومن يغتر بهم من العوام احتفالات بهذه الليلة ويخصونها بأنواع من الذكر والصلاة؛ لأنهم يزعمون أنها تقدّر فيها الآجال والأرزاق وما يجري في العام ويظنون أنها هي المعنية بقوله تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ويخصون اليوم الخامس عشر من شهر شعبان بالصيام ويستدلون بحديث روي في هذا، وهذا كله من البدع المحدثة؛ لأنه لم يثبت تخصيص ليلة النصف من شعبان بذكر ولا قيام ولا تخصيص ليومها بصيام، وما لم يثبت فيه دليل فهو بدعة في الدين ومخالف لعمل المسلمين المتمسكين بالسنة التاركين للبدعة قال بعض العلماء المحققين في هذه الليلة ومنهم أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع، وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال:(ما أدركنا أحدًا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ولا يرون لها فضلاً على سواها).
وقال ابن رجب في كتابه لطائف المعارف: "وأنكر ذلك أي تخصيص ليلة النصف من شعبان أكثر علماء الحجاز منهم عطاء، وابن أبي مليكه، ونقله عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم وقالوا: ذلك كله بدعة وقال أيضًا: قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها شيء عن النبي ولا عن أصحابه"
وقال الحافظ العراقي: "حديث صلاة ليلة النصف من شعبان باطل" وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات.
وأما صيام يوم النصف من شعبان فلم يثبت بخصوصه حديث عن النبي والحديث الوارد فيها ضعيف كما قال ابن رجب وغيره، والضعيف لا تقوم به الحجة، وأما زعمهم أنها الليلة التي تقدر فيها أعمال السنة (أي ليلة القدر) وأنها المعنية بقوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم ، فهو زعم باطل
قال ابن كثير ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة فإن نص القرآن أنها في رمضان ثم قال عن الحديث المروي في ليلة النصف من شعبان وهو أن النبي قال:" تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى" وقال هو حديث مرسل مثله لا يعارض النصوص؛ لذا على المسلم أن لايحدث في دين الله ماليس فيه وندعو الله كما دعا رسولنا :"اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ".
شهر شوال:
لقد كان أهل الجاهلية في هذا الشهر لا يتزوجون فيه وقد أبطل النبي هذا الاعتقاد فتزوج عائشة رضي الله عنها في شوال، وتزوج أم سلمة رضي الله عنها في شوال.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي" .
قال ابن كثير رحمه الله:"وفي دخوله بعائشة رضي الله عنها في شوال ردّ لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين وهذا ليس بشيء".
خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ
قرأت وعرفت وقامت عليك الحجة ففرقت بين الحق والباطل فأعلم أن الحق أبلج والشر لجلج، وخذ الكتاب بقوة لأننا نريد قوة في الحق لا ضعفًا فيه؛ لأن الضعيف مسحوق مخذول يؤتى الإسلام من قبله، والقوي الأمين التقي قوي العزيمة والصرامة في الحق هو المؤمن الحق إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ
و الضعيف يغلبه الوهم وينتصر عليه الظن ولا يدرك المجد.
لا يدرك المجــــد إلا سيــــــد فطن
لما يشق على السادات فعّالُ
ولا خامل جهلت كفاه مابذلت
ولا جبان بغير السيف سأّلُ
لولا المشقة ساد النـــــاس كلهم
الجود يفقرُ والإقدام قتّالُ
وقفة
إذا زارك يوم جديد فقل له: مرحبًا بضيف كريم ثم أحسن ضيافته بفريضة تقضى، وسنة تؤدى، وقرآن يتلى، وتوبة تتجدد، ولا تكدره بالذنوب فإنه لن يعود.
وتذكر قول صاحب القول المحمود في الحديث المسنود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ " .
لفته
قطعت شهور العمر لهوًا وغفلـــــــة
فلا رجبًا وافيت فيه بحقـــــــــــه
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي
فهل لك أن تمحو الذنوب بِعَبْـــــرة
وتستقبل العام الجديد بتوبــــــــــة ولم تحترم فيمـا أتيت المحـــــــــــرّما
ولا صمت شهر الصوم صومًا متمما
مضى كنت قوامًا ولا كنـــــت محرما
وتبكي عليها حســــــــــرة وتنــــــــدماً
لعلك أن تمحو بهـــــــا ما تقدما
اللهم اجعل عامنا هذا وما بعده أعوام أمن وطمأنينة ـ ـ أعوام علم نافع وعمل صالح ـ ـ أعوامًا تسبغ بها علينا نعمك وترزقنا شكرها ـ ـ أعوامًا تصلح بها أحوالنا وتيسر به أمورنا وتجنبنا فيها الفتن ما ظهر منها وما بطن".
((فتاوى))
العمل بالتاريخ الميلادي
السؤال:
هل العمل بالتاريخ الميلادي فيه تشبه بالنصارى، أم الأولى العمل بالتاريخ الهجري ؟
الجواب:
لقد اقتصر المسلمون على تأريخهم الذي اتفقوا عليه من عهد عمر بن الخطاب الذي وضع لهم هذا التأريخ الهجري، حيث اختار مبدأه من هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم- وعمل عليه المسلمون في كتبهم وسيرهم مع معرفتهم بتأريخ من قبلهم، ولم يزالوا كذلك حتى استولى النصارى على كثير من بلاد الإسلام، واستعمروهم واضطروهم إلى تعلم التأريخ الميلادي ، وأنسوهم التأريخ الهجري إلا ما شاء الله، فنقول: إن في العمل بالتأريخ الهجري تذكرًا لوقائع الإسلام وأحوال المسلمين في سابق الدهر، ثم هو أوضح وأبين حيث يعتمد على الأهلة التي ترى عيانًا ويحصل بمشاهدتها معرفة دخول السنة وخروجها، دون إعواز إلى حساب وكتابة، فننصح المسلمين أن يقتصروا على تأريخهم الذي كان عليه سلفهم، وأن يعرضوا عن تأريخ النصارى الذي لا يتحقق صحته، إنما هو مبني على نقل أهل الكتاب وهم غير متيقنين، حيث لم يثبتوا ذلك بالنقل الصحيح. ومتى احتيج إلى معرفة السنة الشمسية، فإن هناك التأريخ الشمسي الهجري وهو يعتمد الحساب، ويسير على سير البروج الاثني عشر التي ذكرها الله تعالى مجملاً كما في قوله تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وعرفها الحُسَّاب وعلماء الفلك بالمشاهدة، ففي معرفتها ما يكفي عن الاحتياج إلى تأريخ النصارى، والله أعلم.
من فتاوى فضيلة الشيخ:عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
يعتبر تشبهًا بهم
السؤال :
هل التأريخ بالتاريخ الميلادي يعتبر من موالاة الكفار ؟.
الجواب:
الحمد لله لا يعتبر موالاة ، لكن يعتبر تشبهًا بهم .
والصحابة رضي الله عنهم كان التاريخ الميلادي موجوداً في عصرهم ، ولم يستعملوه، بل عدلوا عنه إلى التاريخ الهجري .
وضعوا التاريخ الهجري ولم يستعملوا التاريخ الميلادي مع أنه كان موجودًا في عهدهم ، هذا دليل على أن المسلمين يجب أن يستقلوا عن عادات الكفار وتقاليد الكفار، لاسيما وأن التاريخ الميلادي رمز على دينهم، لأنه يرمز إلى تعظيم ميلاد المسيح والاحتفال به على رأس السنة ، وهذه بدعة ابتدعها النصارى ، فنحن لا نشاركهم ولا نشجعهم على هذا الشيء . وإذا أرّخنا بتاريخهم فمعناه أننا نتشبه بهم .
وعندنا والحمد لله التاريخ الهجري الذي وضعه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد بحضرة المهاجرين والأنصار ، هذا يغنينا . انتهى
فضيلة الشيخ: صالح الفوزان في كتاب المنتقى 1/257 .