موعظة بليغة .. فأين المعتبرون ؟؟؟

الملتقى العام

بسم الله الرحمن الرحيم

من المعلوم أن كثيرا من الذين دخلوا في الإسلام كان إيمانهم قويا راسخا لا يتزعزع ، فالصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه كان يؤذى ويعذب بسبب إسلامه وكان أثناء التعذيب يقول : أحد أحد ، أحد أحد ،،
لكن ، ما السبب الذي يجعل إيمانهم قويا راسخا ؟
حتى يتضح الجواب على هذا السؤال أقول :
كلنا يعلم أن أي شخص ـ كبلال بن رباح ـ لو أتاه شخص آخر ـ كالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ـ قد اشتهر بالصدق والأمانة ثم قال إنه رسول من الله الخالق ، ومع كونه معروف بالصدق والأمانة جاء أيضا بالمعجزات الإلهية للتأكيد على أنه رسول حقا لاتبعه وآمن به وترك كل ما ينهى عنه مما يستحق على فعله العقاب وفعل كل ما يأمر به مما يستحق على فعله الثواب،
وهذا ما حصل مع بلال بن رباح وغيره ممن أسلموا في بداية بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكنتيجة طبيعية لذلك صار إيمانهم قويا راسخا.
ولكن مع ذلك نجد كثيرا من المسلمين في عصرنا الحاضر يصرون على فعل بعض المعاصي وترك بعض الواجبات ، فلماذا هذا ؟؟؟
هل هو تناقض ؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب : هذا ليس تناقضا ،
لماذا ؟؟؟
بما أن الذين أسلموا بشر معرضون للخطأ والمعصية ؛ كان منهم من قد أصابه شيء من الوسوسة ..
كيف ؟؟؟
دعني أعرّف لك الوسوسة أولا ثم أبين لك كيف ذلك ،،
الوسوسة : هي التفكير في شيء واحد أكثر من مرة ، مثلا : لو دخل شخص قاعة اختبارات ثم فكر أولا بكتابة اسمه على الورقة ـ على عادته ـ ولكنه في نهاية الاختبار فكر مرة أخرى بكتابة اسمه فراح ينظر ويتأكد مع أنه كان عليه أن يفكر في تسليم ورقته فقط ، ثم إذا سلم ورقته وقام من كرسيه للخروج من القاعة فكر مرة ثالثة بكتابة اسمه فرجع إلى المعلم ليستأذنه في التأكد من أنه كتب اسمه. فهذا الشخص فكر في شيء واحد ـ وهو كتابة اسمه على الورقة ـ ، فكر فيه أكثر من مرة فصار بهذا موسوسا .
أرجع الآن إلى موضوعنا وهو بيان كيف كان ذاك اﻷمر بسبب الوسوسة ، فأقول :
بما أن شهوات الدنيا قريبة ومشاهدة بالعين وسهلة الحصول عليها ونعيم الآخرة أمر غيبي يدرك بالعقل والوحي بلا مشاهدة أصبح بعض الناس يعيدون التفكير مرة أخرى بعد أن كانوا قد تيقنوا أن نعيم الآخرة ، وإن كان غيبا ، إلا أنه أفضل بدون مقارنة ، ومع ترداد التفكير في هذا الأمر مرة بعد أخرى ـ مع أنهم قد فرغوا منه ووصلوا إلى نتيجة سليمة من قبل !! ـ تزداد رغبته في الاستمتاع بهذه الشهوة الحاضرة القريبة منه ناسيا أو متناسيا نعيم الآخرة الأفضل.
وسبب وقوع هؤلاء الناس في هذا أنهم أعادوا التفكير مرة أخرى في أمر كانوا قد توصلوا من قبل إلى نتيجة سليمة له، فلماذا التفكير به مرة أخرى؟؟!! إنه الوسواس ـ أعاذني الله وإياكم منه ـ ؟؟!!
ثم إذا جاء الجيل الذي الذي بعد هؤلاء يكونون معرضين لهذه المشكلة أيضا ـ فكلهم بشر ! ـ ..
ولكنهم يكونون معرضين لمشكلة أخرى غير المشكلة التي وقع فيها الجيل الذي قبلهم ..
وهذه المشكلة تصيب حتى غير الموسوسين .. ألا وهي أنه أبناء هذا الجيل المتأخر يرون الذين أصابتهم الوسوسة من الجيل الذي قبلهم ، يرونهم يفعلون المعصية أو يتركون الواجب !!
فيتساءلون مندهشين : كيف يقع هذا في الجيل الذي قبلنا مع أنهم هم الذين قد وصل الإسلام إلينا بواسطتهم وهم الذين عرفونا بالإسلام ؟؟!!
فيبدأ بعض أبناء هذا الجيل بالشعور بأن أباءهم ـ أي الجيل الذي قبلهم ـ متناقضون !
حيث يقولون : كيف يخبروننا أن من يفعل المعاصي أو يترك الواجبات يكون قد عرض نفسه لدخول النار ، ومع هذا هم يفعلون ذلك ؟؟!!
فيبدأ البعض بقول : فعلهم لهذا الذي قد حذرونا منه يدل على أن تحذيرهم منه ليست له تلك الأهمية والخطورة الكبيرة ، بل إن الأمر واسع ، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يشدد على نفسه . . . الخ.
ولكن استنتاج هؤلاء خاطئ بلا شك ، وذلك لما ذكرته : أن وقوع الجيل الذي قبلهم في الشيء الذي حذروا منه كان بسبب الوسوسة ، وليس كما ذكروا ..
وهذا الجيل الثاني الذي ذكرته يصلح مثالا على الجيل الحالي في هذا الوقت وعلى الإنسان أن يستخدم عقله ولا يتركه معطلا مهملا ، فالله ما ميزنا به عن البهائم وغيرها إلا لنستخدمه كما ينبغي ..

أسأل الله العظيم أن يهدينا لما يحبه ويرضاه ، وأن ينفعنا بما نقرؤه ونكتبه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ..

-------------------------------

منقول
3
390

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

القمر المليح
القمر المليح
اب
طاسة مليانة
طاسة مليانة
جزاك الله خيرا