أثبـــاج

أثبـــاج @athbag

عضوة شرف عالم حواء

...موعـــــــــد مع الخــــــــــالق...

الأدب النبطي والفصيح

بسم الله الرحمن الرحيم


هموم الحياة تتقاذفني .. تعكر صفو مزاجي .. تؤرق مضجعي ... تهدم اركان سعادتي الدنيوية ... تقلب هدوء نفسي .. تقلب نهاري ليلا ، وليلي أسود حالكا، جاعلة غلاف الدنيا مظلما،، فلا نور ولا امل ، ولا امل لبصيص نور ينفذ عبر هذا الظلام، بل كأن اليأس والحزن اصبحا قرينان لي فلا غنى ولا بديل عنهما ... نوائب الزمن تحاصرني .. تجلب الضجيج الى دماغي .. تجعل السواد يغش على العينين ، فتجعلهما تبصران سوادا لا غير .. تشتت افكاري ، وتعيد تنظيم الاولويات الرئيسية ، جاعلة الاولوية الرئيسية للتفكير في سبيل للخروج من هذه الهموم والاحزان فتجعل نفسي في حيرة من امرها ،مما يجعلها تتساءل : »هل توشحت الدنيا بوشاح السواد .. ما هو السبيل الى الخلاص ..؟! حتى متى .. ؟!! .. والى متى .. ؟!« .. والهموم تكبر والاحزان تتراكم تلو الاحزان .. والالتهابات تغزو اعصاب الدماغ.
وامام هذا المد من الغم ، تصحو النفس الامارة بالسوء فتتدخل ، وتطرح حلها الامثل .. اثارة الهوى .. فتبدأ بتجييش الافكار السيئة ، لتبلغ كل جريحة من جوارحي .. ويدخل الشيطان دون اذن مسبق، حليفا مخلصا للنفس الامارة بالسوء .. وهنا يبدأ الوسواس الخناس يزين لي دروب الشر ، محاولا ايقاعي في شباك الحرام .. فاحتار في امري : »هل انظر الى ما حرم الله .. ؟!! .. هل اصغي الى ما حرم الله ..؟!! .. هل اجدد مصادقة ذاك الجليس السيء، لنبدأ بأكل لحوم اخوتنا، نغرف كمية لا بأس بها من الغيبة والنميمة ..؟!! .. ام اقود قدماي الى اوكار الفساد والرذيلة .. أأخالف الشيطان وارضخ له، ثم اسلك مسالكه ، فأخرج من همومي واحزاني الى سهام الشيطان وحباله ..؟!!« واظل اغوص في دوامة من الافكار السيئة، حتى اوشكت ان ازل في منزلقاتها ..
لكن فجأة ... ودون سابق انذار ، اخذ الضمير الحي يتململ ويصحو : »لا .. لا .. ما الذي يجري ..؟! اليس لي دور في هذه النفس ..؟! .. هل نفيت من الوجود الى العدم ..؟! .. من اذن للشر ان يعيث فسادا في هذه النفس .. من اعطى الحق للسوء كي يطغى في هذه النفس .. هل ستكتب الغلبه للشر على الخير دون ان اسعى لاستنفار الخير .. هل اقود صاحبي الى التهلكة ..؟!! .. لا والله ..«.
والهمني الضمير الحي بالسبب الذي جعل الهم يستشري في هذه النفس ، فقد انار ذاكرتي بقبس من نور الهداية ،كان كأنه سراج انار لي عتمة الطريق، قد همس لي : ..}وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ...{... كلام من كلام الخالق .. انتفضت له نفسي .. هزها لعظمته .. كلمات كانت كأنها دليل ارشدني الى السبيل الصحيح بعد ان ضللته ... }وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ..{ .. تفكرت في هذه الآية العظيمة ، واسترجعتها في ذاكرتي مرارا، حتى ايقنت اني على وشك العودة الى رشدي .. تذكرت اني ارتكبت ذنوبا كثيرة ، دنست بياض قلبي الناصع، فجعلته اسودا مما جعل السوء يتملك حيزا كبيرا في نفسي يأمرها بالسوء كل حين.
علمت السبب ، الهموم سببها الذنوب .. لم اراع حق الله كما يجب، ولم افكر بالنتائج الوخيمة للعمل السيء على نفسي، لكن ! كيف اخرج من همومي ، واخلص نفسي من احزاني.
وهنا بدأ ضميري اليقظ يزين لي افكار الخير ، فألهمني بالتعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ومن وسواسه الخناس .. حينها اعتراني الخجل، اذ كيف افسح المجال للذنوب، وادع لها منفذا الى نفسي ، وانا من عاهدت الله ان لا اخونه، وان احسن عبادته .. كيف اجعل للسوء مكانا في نفسي وانا من عرف انه عبد خلقه الله لعبادته.
وتنبه ضميري ، فقادني الى الحل الامثل .. كن على موعد مع خالقك في الثلث الاخير من الليل، ففيه يستجاب الدعاء .. توضأ فاسبغ الوضوء واحسنه، فان من احسن وضوئه خرجت خطاياه من جسده مع اخر قطرة ماء .. ثم صلّ فاحسن الصلاة .. صل بخشوع وتدبر وتفكر انك بين يدي الله الواحد الاحد .. خالقك الذي خلقك .. تذكر انك عبد حقير يقف بين يدي الله .. تدبر ما يلهجه لسانك وتذكر ذاك اليوم الذي فيه كتابك فتشهد اعضائك على ذنوبك ... ولا تنس ان تدعو ربك في السجود ، فانه اقرب ما يكون العبد الى خالقه .. ثم استغفر الله فان من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ، ومن كل هم فرجا ..
وكان الموعد ... الثلث الاخير من الليل ، افقت على صوت المنبه .. السكينة تملأ الكون، والهدوء يلف المكان .. خرجت الى شرفة منزلي ، لأبصر بديع صنع الخالق ، واسبح في ملكوت الله .. فسبحان من اغشى الليل واسكنه، ورفع السماء بلا عمد، وزينها ببروج واقمار تشع رونقا وبهاءً .. سبحان من جعل الارض مهادا ونصب الجبال وجعلها اوتادا .. سبحان من سبحت الكائنات بحمده وعظمته .. فأمام جلال الخالق .. وامام روعة صنع الخالق ، اسرعت الى حيث المياه .. توضأت ، واسبغت الوضوء ، ثم خرجت الى مصلاي ... قطرات الوضوء تنساب من بدني ووجهي ورأسي وقدماي، كأنها حبات اللؤلؤ في مياه انعكست عليها اشعة الشمس .. اي حلاوة للطهر ، واي راحة تشعر بها حين تكون طاهرا .. تطهرت ، ووقفت في مصلاي ، فأي شعور عظيم ، واي رهبة تعتريك ، وانت تشعر انك ستقف بين يدي الله ... عبد سيقف بين يدي ربه .. عبد سيناجي ربه.
الله اكبر .. بدأت الصلاة .. حمدت الله ، وذكرت رحمته التي وسعت كل شيء، وتفكرت بيوم الدين ، ودعوته ان يهدين الصراط المستقيم، الذي انعم على عباده الصالحين .. وسبحت بعظمته في الركوع ، ورفعت رأسي فشكرته على كل شيء ، كم سجدت فأطلت السجود، ورجوته في السجود ان يكشف همي، ويفرج كربي .. وفي التحيات سلمت على الحبيب محمد & ، سلاما يملؤه الحنين والشوق مني اليه، ورفعت الشاهد ، فجددت الشهادة ثم طلبت من الله ان يصلي على النبي محمد & كما صلى على ابراهيم عليه السلام .. وانهيت الصلاة ، فأي راحة، واي لذة ايمانية انتابتني ... بدأت الاستغفار .... تباكيت على ذنوبي واستغفرت ربي، وعاهدته ان لا اعود الى المعاصي .. وانهيت الاستغفار .. فكأن بابا من ابواب الجنة فتح لي ، شعرت ان همومي اجليت ، وان احزاني قد قلبت سعادة ، وان الغم قد ازيل عني، وان السوء قد كشف عني .. فاي شعور نفسي مريح قد استبدل مكان الاحاسيس النفسية السيئة .. حينها تذكرت نفسي ما قاله الامام الشافعي - رحمه الله - فكانت كلماته كقطرات الطل على الاوراق الجافة .. اذ قال الشافعي :
يا صاحب الهم ان الهم منفرج
ابشر بخير فان الفارج الله
اليأس يقطع احيانا بصاحبه
لا تيأسنَّ فإن الكافي الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة
لا تجزعن فان الصانع الله
اذا بليت فثق بالله وارض به
ان الذي يكشف البلوى هو الله
والله ما لك غير الله من احد
فحسبك الله في كل لك الله
احمدك يا رب على وافر نعمتك علي، وعلى عظيم فضلك .. واغفر لي ذنوبي كافة يا غفار الذنوب، فانك ارحم الراحمين يا رب العالمين .

بقلم : سليمان صالح - المشهد


10
961

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

♥كلًي أمل♥
♥كلًي أمل♥
هــــلا بالغالية اثير::

كلمات جميلة00 سطرت احساس رائع

ولااجمل من الرجوع الى الله بعد الغفلة الا00 شعور الانسان وهو يناجي ربه

بالليل ويدعوه 0000 شعور لايعلمه الا من واظب على صلاة الليل

راحة نفسية اجزم انه لامثيل لها0000000

ويكفي عندما تصيبنا مصيبة ان نتذكر ان الله اذا اشتاق لصوت عبده وهو يدعوه

امتحنه بالمصائب والهموم حتى يسمع دعائه 00000000

كلمات تعجبني وارددها دائماااااااااااا

رحم الله من قالها ومن نقلها ::

يا صاحب الهم ان الهم منفرج
ابشر بخير فان الفارج الله
اليأس يقطع احيانا بصاحبه
لا تيأسنَّ فإن الكافي الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة
لا تجزعن فان الصانع الله
اذا بليت فثق بالله وارض به
ان الذي يكشف البلوى هو الله
والله ما لك غير الله من احد
فحسبك الله في كل لك الله
بحور 217
بحور 217
فهل نجاهد من أجل هذه السعادة ؟؟

هل نكون كما كان الذي أخبرنا عن حاله بقوله :

جاهدت نفسي على قيام الليل سنة .. وتنعمت به عشرين سنة ..؟؟

أوليست هذه اللحظات التي نقضيها مع الله تستحق منا العناء ؟؟

ألسنا نجد في داخلنا شيئا من الكروب والأحزان .؟؟

فأين نحن عن الرواء والراحة والاطمئنان ..

{ ألا بذكر الله تطمئن القلوب }

لقد طرقنا كل الأبواب وبقي باب واحد فلنرتمي على أعتابه سبحانه وننقذ أنفسنا قبل أن يمضي العمر ..

جزاك الله خيرا يا أثير على الذكرى التي حملتيها إلينا ..
atheer
atheer
رائعة يا اثير .. كلمات صادقة ومعبرة وجميلة جزاك الله خير ..
أحلام اليقظة
أحلام اليقظة
جزاك ِ الله خيرا ً يا أثير
إشراق 55
إشراق 55
الغالية أ ثير ما احلى الإيمان بالله وقيام الليل فإنها نور القلوب وزاد النفوس وتقرب العبد بربه وترزقه السعادة في الدنيا والآخرة سلمت يداك وبورك قلمك وأسعدك الله .