إشراق 55

إشراق 55 @ashrak_55

عضوة شرف في عالم حواء

ميادين البرمجة العصبية في الحياة الزوجية

الأسرة والمجتمع


البرمجة اللغوية العصبية Neuro Linguistic Programming وسأبين هنا –باختصار- بعض أهم ما نستفيده من البرمجة اللغوية العصبية في ميدان العلاقات الزوجية .
إن مما نتعلمه في البرمجة اللغوية العصبية الكيفية التي يتم بها رصد الإنسان لحقائق العالم الخارجي المادية والمعنوية، بواسطة منافذ الإدراك لديه (الحواس)، و الكيفية التي يتشكل بها الفهم، والعوائق التي تحول دون الفهم التام والتصور الكامل للأمور، و التفاعل التلقائي بين ما يستقر في الذهن من تصورات، وما يعتمل في النفس من خلجات المشاعر المختلفة، وكيف تتم ترجمة ذلك كله إلى رد فعل إيجابي أو سلبي .

ونخلص من ذلك إلى حقيقة أن الصورة الذهنية لحقائق العالم الخارجي تختلف من شخص لآخر، وهي عند الجميع غير مطابقة تماما لما في الواقع، بسبب ضعف حواسنا وقصور إدراكنا. وأن الإنسان إذا تكوَّن في ذهنه انطباع معين تجاه أمر أو شخص ما، أثَّر عليه هذا الانطباع أكثر من تأثير الحقيقة ذاتها، وانعكس هذا على سلوكه تجاهه، وهذا حق لا ينكره إلا جاهل، ولذلك أمرنا بالتثبت و التبين .

والتثبت هو التواضع في تقدير الانطباعات الأولية، وعدم الاستسلام للظن الذي لا يغني من الحق شيئا، والتدقيق في استجلاء الأمور بأدلتها وبراهينها، لئلا نصيب قوما بجهالة .

إن من أعظم المشكلات الزوجية ( التسرع –الشك- الغيرة السلبية -إساءة الفهم- اتهام المقاصد) وكلها ذات صلة بالتصورات الشخصية والانطباعات الأولية، التي ربما كانت أبعد ما تكون عن الحقيقة .
إن البرمجة العصبية تعلمنا طرقا واستراتيجيات للتدقيق والتأكد، وتوقفنا على أساليب استقراء المعلومات المشاهدة و المنطوقة، من دلالات سيماء الملامح ( لغة الجسد في : الهيئة والنظرة واللمحة والإشارة ) ومن دلالات لحن القول ( لفظاً وأسلوباً ونبرة صوت )، وذلك من مواقع الإدراك المختلفة ، لنتجرد من ظنوننا وانطباعاتنا، ونقف على الحقائق المعلوماتية التي تجعلنا أقرب إلى الحقيقة، وتجعل أحكامنا وقراراتنا فرعا عن تصورات دقيقة .
إن هذه الجزئية وحدها كافية لتجنيب أسرنا كثيراً من الخلافات التي تعصف بها، وهي كفيلة -لو أتقنت على المستوى الاجتماعي الواسع- بخفض معدلات الطلاق التي تنبئنا عنها الإحصائيات المخيفة .
ومما نتعلمه في البرمجة اللغوية العصبية تصنيف الناس إلى أنماط باعتبارات مختلفة، لكل منهم استراتيجية خاصة في التفاعل و الاستجابة للمؤثرات الداخلية و الخارجية، و بالتالي يمكن أن نعي منبع تصرفات الناس، و نعرف أقرب الطرق لتحقيق الألفة معهم، وكسبهم و التأثير الإيجابي فيهم .

إن اختلاف نمطي الشخصية بين الرجل والمرأة ليس هو المشكلة، بل قد يكون مطلباً للتكامل أحيانا، ولكن المشكلة الكبرى في جهلهما بهذا الاختلاف، واعتقاد أحدهما بأن الآخر مثله، أو ينبغي أن يكون مثله، في القناعات والرغبات وطرق التفكير والتفضيلات وغير ذلك .
إحدى الحالات التي انتهت بالطلاق كانت شكوى الزوج فيها أن امرأته لم تكن تقدره ولا تحترمه، إذ لم تعبر يوما عن حبها له، ولم تعبر يوما عن شكرها لمعروف منه، وأن غاية همها جلوسها أمام مرآتها وتصفيف شعرها، وأنها تطالبه بكل ما تقع عليه عينها مما يطيق ومما لا يطيق، فلم تدع مجلة للأزياء أو للديكور أو للأثاث إلا اقتنتها، وطالبت بنصف محتواها، وتحسرت لفقد الباقي، وأنها لم تر شيئا في بيت امرأة أخرى -مما ليس عندها- إلا علقت بمثله نفسها ، دون مراعاة لأحواله المادية المحدودة، حتى ساءت بينهما العشرة، وانعدم التفاهم وآثرا الطلاق .

فيما كانت شكوى المرأة منه أنه عديم الإحساس بها، لم يقدر جمالها ولم يشعرها بقيمتها لديه، وأنه صاحب كلام معسول و وعود براقة لكنها لم تر منه شيئا، فلا تذكر أنه قدم لها يوما هدية تشعرها بتقديره لها ، كما أنه فلسفي منطقي يحاسبها على كل كلمة، ويتأول كل نبرة صوت ويحمل كلامها مالا يحتمل، كما أنه لا يهتم بشكله ولا مظهره معها، وغاية همه اتصالاته الهاتفية التي لا تنقطع حتى في أوقات الراحة، والتي تثير فيها الشكوك.

إن خلاصة هذه المشكلة بينهما أن الرجل (سمعي) وأن المرأة ( صورية )، وأنهما لم يفهما هذا الاختلاف، ولو فهماه لعرف كل منهما منبع سلوكيات صاحبه وعذره فيها، وتعامل معه بالاستراتيجية التي تناسبه، ولدامت بينهما المودة و الرحمة، و لكن قدّر الله وما شاء فعل، وسبق السيف العذل .

إن البرمجة اللغوية العصبية تعلمنا أن الناس ليسوا سواءً وإن كنا نظنهم كذلك، بل هم أنماط وأنماط، و لكل نمط منهم مؤشرات خاصة نستدل بها عليه، و استراتيجيات خاصة نتعامل بها معه .
ومما نتعلمه في البرمجة اللغوية العصبية قوانين الافتراضات والتوقعات كيف نعززها وكيف نصدقها و كيف تؤثر علينا؟، وكيف نتعامل معها سواء كانت إيجابية أو سلبية . ولعل أهم المشكلات في بدايات الحياة الزوجية تتعلق بقوانين الافتراضات والتوقع، إذ إن كثيراً ما يبني الزوجان أو أحدهما افتراضات وتوقعات مبالغة في المثالية، تتعلق بصاحبه أو بالحياة الزوجية أو بالبيت والمتطلبات المادية، ثم يصدم بأن الواقع أقل من ذلك، فيستمسك بتوقعاته المسبقة، وتبدأ رحلة المطالبة والاستياء، أو يستسلم استلام المحبط على غير رضا، وقد ينتهي الأمر في الحالتين إلى الانفصال .
ومما نتعلمه في البرمجة اللغوية العصبية طرق تحقيق الألفة وتعميقها في أربعة مستويات متدرجة، تصل إلى الود العميق والانسجام التام مع الطرف الآخر، ولا شك أن هذا مطلب مهم في الحياة الزوجية، وهو عنصر جوهري يعطي الحياة الزوجية عذوبتها و جمالها، ويضمن -بإذن الله- بقاءها واستقرارها .
ومما نتعلمه أيضا في البرمجة العصبية استراتيجيات متعددة للتعامل مع المشكلات، تحليلاً وتوصيفاً وعلاجاً، و وسائل مساعدة للتفكير تعين في التركيز على المشكلة، والتركيز على الحل والتخطيط له وتوليد الأفكار وإيجاد البدائل، ثم التهيئة وإحداث التغيير وتثبيته وقيادته للمستقبل، وتحييد المقاومة الداخلية و الخارجية، مع حساب الآثار والعواقب وقياس المصالح والمفاسد في كل ذلك .
ولا شك أن هذه الأساليب ذات جدوى كبيرة، وأثر إيجابي سريع في حل المشكلات التي تعتري الحياة الزوجية، خاصة و أننا كثيراً ما نقود الشخص بهذه الأساليب ليحل مشكلته بنفسه، فيظفر بمكسبين في وقت واحد : حلّ المشكلة الحالية، وتعلم المهارة التي تفيده مستقبلا .
هذه عجالة مختصرة حول أهم ما نستفيده من هذا العلم العظيم في ميدان العلاقة الزوجية خاصة، تلك الرابطة التي يقوم على صلاحها واستقرارها خير عظيم، يتعدى ركني العلاقة إلى الأسرة والأبناء والمجتمع، وهي دعوة للإفادة من هذا العلم الذي له أثره الكبير في ميادين الدعوة والتربية والتعامل والتخطيط للنجاح الفردي و المؤسسي، والذي هو من الحكمة التي هي ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أولى بها .
عبد الرحمن الفيفي*

11
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*مرآة نفسي*
*مرآة نفسي*
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اختي العزيزة اشراق

اتمنى ان تكوني بصحة و عافية

عزيزتي موضوع رائع ، و يحتاج إليه الجميع ، لي عودة بشرح بعض النقاط المذكورة حتى تعم الفائدة ، فالبرمجة اللغوية العصبية علم رائع

اشكرك على طرح هذا الموضوع ، و لي عودة بأذن الله :)
إشراق 55
إشراق 55
اختي العزيزة *مرآة نفسي*
الحمد لله انا بخير وعافية .
اسعدني مرورك الكريم ومشاركتك للموضوع وفعلاً علم البرمجة العصبية علم رائع وجميل .
انتظر عودتك ومشاركتك. لشرح بعض النقاط المذكورة حتى تعم الفائدة للجميع بارك الله فيك ووفقك للخيردائماً.
ماوية
ماوية
جزاك الله خير ختي اشراق
بالفعل موضوع قيم ومفيد للجميع ,,,
*****************************
عزيزتي مرآة نفسي في انتظار مشاركتك حول هذا الموضوع ,,
*مرآة نفسي*
*مرآة نفسي*
ها قد عدت :)

لقد تطرق الموضوع الى نقطة مهمة و هي :-

ذكر في الموضوع مثال ان كل من الزوج و الزوجة مختلفان في الميول و الاتجاه ، ولم يفهموا بعض بشكل صحيح ، لذلك حدث الطلاق ، و هذا قد يحدث حتى في حياتنا اليومية قد نجد انفسنا لا ننسجم مع الاخرين و ونختلف معهم _ هذا شي طبيعي _ ولكن علينا ان نتعلم الاتصال الجيد مع الاخرين مهما كانت الظروف

كما ذكر في الموضوع ان البرمجة اللغوية العصبية تساعدنا في تصنيف الناس إلى أنماط باعتبارات مختلفة، لكل منهم استراتيجية خاصة في التفاعل و الاستجابة للمؤثرات الداخلية و الخارجية، و بالتالي يمكن أن نعي منبع تصرفات الناس، و نعرف أقرب الطرق لتحقيق الألفة معهم، وكسبهم و التأثير الإيجابي فيهم

وهذا ما سأتحدث عنه ( كيف ننسجم مع الاخرين و نفهمهم كل على حسب نمطه ونظامه التمثيلي )

اخواتي الفاضلات سأشرح لكم انقاط بطريقتي الخاصة ( سأتخيل نفسي مدرسة اشرح لطالباتي فذلك و سأقسم شرحي على ثلاث دفعات ليسهل عليكن الفهم :cool: )

- كيف حالكن عزيزاتي ؟ اتمنى ان تكونوا بخير

- نحن بخير و الحمد لله شكرا لك

-عزيزاتي درسنا اليوم هو( النظام التمثيلي)

- ماهو النظام التمثيلي يا استاذة ؟ :confused:

- سؤال جيد عزيزتي شكرا لك ، لكل منا نظام تمثيلي خاص به ، فهو نظام يتولى مهام التحويل إلى رموز و التنظيم ، و الاختزال وربطنا بمصاف الادراك

- لم افهم يا استاذة هلا اعدت شرح هذه النقطة لو سمحت ؟

- بكل سرور عزيزتي ، لكل منا نظام تمثيلي خاص به ، فاما ان يكون بصري او سمعي او حسي

- استاذة كيف يكون النظام بصري و سمعي و حسي ؟

- عندما نتذكر تجربة ونريد ان نصفها لانفسنا او لشخص آخر فاننا اما ان نصف التجربة من الناحية البصرية اي نركز على الالوان و الصور و في هذه الحالة سيكون نظامنا التمثيلي الاساسي بصريا ، او قد نصف التجربة من الناحية السمعية اي نركز على الاصوات الموجودة في التجربة وفي هذه الحالة يكون نظامنا التمثيلي الاساسي سمعيا ، او قد نصف التجربة من الناحية الانفعالية اي نركز على حالتنا الشعورية للتجربة فيكون نظامنا التمثيلي الاساسي هو الحسي ، هل فهمتم الان ؟

- نعم يا استاذه

- جيد ، لنتحدث عن الحالة الاولى وهي الاشخاص البصريين ، بماذا يتميز الشخص البصري ؟

- بأن يكون اكثر انتباها لما يراه

احسنت بارك الله فيك عزيزتي ، اضافة إلى انه يميل الى التنفس السريع و التحدث بسرعة بينما يرى صورا لتجاربه و يعتمد على الحركات لدعم اقواله ، قد يقاطع غيره و يتحرك بسرعة ، و يأكل بسرعة ، يفيض بالطاقة و يتحدث بصوت مرتفع كما انه سريع التطابق يتخذ قرارات فورية مبنية على ما يراه مما يدفعه إلى المخاطرة و المجازفة بنفسه

- و لكن يا استاذه كيف نتعامل مع الاشخاص البصريين ؟

سؤال ممتاز عزيزاتي ، عليكم ان تصورا لهم و تجعلوهم يرون ما تتكلمون عنه و ان تتلائموا مع طاقاتهم

و الان عزيزاتي لننتقل الى الحالة الثانية وهي الاشخاص السمعيين ، بماذا يتميز الشخص السمعي ؟

- يركز أكثر على ما يسمعه

- ممتاز ، بارك الله فيك عزيزتي ، هل هناك احد يريد ان يضيف شيئا آخر ؟

- ..................

- لا بأس ، ان الشخص السمعي يميل للتنفس البطيء و يفضل الامتناع عن الكلام ، و عندما يتحدث يفعل ذلك بنبرات صوتية متباينة ، و لديه القدرة على التحليل الدقيق للاوضاع فهو يجمع اكبر قدر من المعلومات وهو رجل قرار حذر

- و كيف نتعامل مع هذا النوع من الاشخاص ( الاشخاص السمعيين ) يا استاذه ؟

- عليكم ان تتحدثوا ببطء ووضوح مع تغيير نبرة اصواتكم و قوموا بشرح الوضع بالتفصيل ، و شجعوا المناقشة بطرح اسئلة صريحة

و الان عزيزاتي بقي لدينا الحالة الاخيرة و هي الاشخاص الحسيين ، بماذا يتميز الشخص الحسي ؟

- يلتفت اكثر إلى ما يشعر به

- ممتاز ، بارك الله فيك عزيزتي ، وماذا ايضا ؟

- ربما قراراته مبنية على المشاعر و العواطف المستنبطة من التجربة

- احسنت ، ذلك صحيح اضافة إلى انه يتنفس بعمق و هدوء

- و كيف نتعامل مع هذا النوع من الاشخاص ( الاشخاص الحسيين ) يا استاذه ؟

- عليكم ان تجعلوهم يشعرون بما تقولونه ، هل فهمتم الدرس جيدا ؟

- اجل يا استاذه

-اذا اراكم غدا ان شاء الله فقد انتهى وقت الدرس:)
إشراق 55
إشراق 55
مرحباً بعودتك أستاذتنا الرائعة .
اعطاك الله العافية و بارك الله فيك
شكراً لك على الدرس الجميل.ننتظر درسك القادم..
اسعدك الله ورعاك .