فوبيا ( Phobia)
تختلف حالات الخوف التي نشعر بها نتيجة خطر معين عن حالة الفوبيا، فتعرف الفوبيا بأنها: مرحلة متقدمة من الخوف المتواصل والشديد وغير المعقول من شيء أو موقف معين وتكون غير متناسبة مع الموقف و يؤدي إلى تجنب ذلك الشيء أو الموقف وقد يتضمن ذلك التجنب درجة من العجز. وكذلك لا يمكن تفسيرها منطقيا ولا يستطيع الفرد التحكم فيها إراديا
وتنتج الفوبيا بعد تجربة سلبية لأمر ما تنعكس على موقف الشخص من هذا الأمر والتشدد في عدم الخوض فيه فالسبب الرئيسي للفوبيا هو عدم تخطي حوادث سابقة في سن الطفولة أو البلوغ. وكشف هذه الحوادث ببساطة سيكون العلاج لذلك المرض
تبدأ أغلب الحالات في أواخر العقد الثاني وأوائل العقد الثاني من العمر, ومن النادر نسبياً أن يبدأ المرض قبل سن الخامسة عشرة, أو بعد سن الخامسة والثلاثين, ولكن الأغلبية حسب الإحصائيات هي من النساء لأنهن يعترفن بهذا الخوف أما الرجال فقد يخشون ذلك حتى لا تمس رجولتهم بشيء.
وهناك ثلات أنواع من الفوبيا يصنفها العلماء وهي:
الفوبيا البسيطة: هي الخوف من الحيوانات والمرتفعات وأطباء الأسنان وركوب الطائرات والحقن الطبية وبعض الأمور البسيطة. وعادة يكون الأطفال هم الشريحة الأولى
الفوبيا الاجتماعية: " الرهاب الاجتماعى " وهي مرتبطة بحضور أشخاص آخرين، ويتضمن أي نشاط يتم أمام أية مجموعة من الناس ويسبب القلق الشديد وضعفا في الأداء ويصل أحيانا إلى التهرب من النشاط بحجج واهية و يؤكد أكثر الاختصاصيين في معالجة الرهاب أن الأذكياء وبعيدي الخيال يشكلون نسبة مئوية كبيرة من مرضى الرهاب,
والفوبيا تؤثر كثيرا على نشاط الإنسان واختياره لمهنته. بالاضافة إوهناك أنواع كثيرة جدااااااااااااااامن الفوبيا التى تغطى جميع جوانب الحياة تقريبا ومنها
فوبيا المرتفعات
والمصابون بمرض (فوبيا) المرتفعات، يشعرون بدوار عنيف، وفقدان تام للاتزان، وترتجف أطرافهم، وتتيبَّس، وقد تعجز سيقانهم عن حملهم أيضاً، إذا ما تواجدوا فى مكان مرتفع، أو حتى شاهدوا صورة تم التقاطها من مكان مرتفع..
وفى واحدة من الاختبارات النفسية، تم وضع المريض فى حجرة خاصة، فى الطابق الأرضى، وتم عرض صورة كبيرة، على أرضية الحجرة، تم التقاطها من أعلى ناطحة سحاب، وعلى الرغم من أن المريض يدرك جيِّداً موقعه، وأن ما يراه مجرَّد صورة، فقد انتابته المشاعر نفسها، التى تنتابه فى البنايات المرتفعة، وارتجف إلى حد الهلع، وانهار تماماً، وهو يصرخ صرخات رهيبة، انخلعت لها قلوب من حوله..
المسألة ليست مرتفعات ومنخفضات إذن، وإنما هى مشكلة نفسية عويصة، ترتبط بالشعور، أو بالعلاقة البصرية، بين المخ والجسد..
ولقد أجرى العلماء تجاربهم على حالات من المصابين بهذا الخوف الرهيب من كل المرتفعات، بأن عصبوا أعينهم، وجعلوهم يسيرون فوق سطح شديد الارتفاع، فلم يعان سبع وثمانون فى المائة منهم أية مشكلات، إلا بعد رفع العصابة، وإدراكهم أنهم فوق قمة مرتفعة..
فوبيا الظلام
الستينوفوبيا
فوبيا الظلام هذه هى أكثر أنواع المخاوف المرضية انتشاراً، وتعود أسبابها، فى نظر معظم علماء النفس الأمريكيين، إلى خوف الإنسان الغريزى من المجهول…
فمنذ عصور ما قبل التاريخ، كان الإنسان يدرك أنه محاط بمخاوف لا حصر لها..
ولأنه لم يدر أبداً من أين تأتيه الضربة، أصبح يخشى كل من حوله..
وكل ما حوله..
ولأن الظلام غامض ومجهول، ووسائله لا تسمح له بكشف ما يحدث داخله، فقد اعتاد الإنسان القديم أن يخشى الظلام، ويخافه، ويتحاشاه بكل الوسائل الممكنة..
وعلى الرغم من تطوّر العلم ووسائل الإنارة، احتفظ الإنسان بخوفه المرضى الموروث من الظلام، والمجهول، وكل ما يستغلق عليه معرفته أو فهمه..
بل ويقول البعض أن تطوّر وسائل الإنارة قد ضاعف من خوف الإنسان الحديث من الظلام، فقد اعتاد مع الوقت أن يحيا فى أضواء مبهرة، تحيط به فى كل لحظة، وأن يطوّعها ويطوِّرها بضغطة زر واحدة، فيغيِّر من شدتها، وتوهّجها، وانتشارها..
ولأنه قد اعتاد هذا، فما أن يحيط به الظلام، حتى ينتابه خوف مرضى عنيف، فيضطرب ويتخبَّط، ويدور حول نفسه، وربما يبلغ مرحلة الرعب العنيف أيضاً..
والواقع أن الحداثة قد أضافت إلى البشر عشرات المخاوف، التى ترتبط كلها بالظلام، وخاصة مع موجة أفلام الرعب، والأشباح، والعفاريت، التى ساعدت خياله على أن يتصوَّر عشرات الأعداء الوهميين، الذين يتحفزون للانقضاض عليه، من كل ركن مظلم..
ونحن نساهم كثيراً فى زرع (فوبيا) الظلام، فى نفوس أبنائنا وبناتنا، عندما نروى لهم قصص الجن والعفاريت وغيرها..
الأمر الطريف، أن بعض أنواع الحيوانات أيضاً تخشى الظلام، وتسعى دوماً للتواجد فى أية بقعة من الضوء، مما يوحى بأن هذا الخوف بالذات له أصول فى خلايانا وأدمغتنا، ونفوسنا كذلك..
والخوف المرضى من الظلام يتشارك مع خوف آخر، على نحو متلازم فى كثير من الأحياء، ومنفصل فى أحيان أخرى، وهو الخوف من الأماكن المغلقة..
وتلازم الخوف من الظلام مع (فوبيا) الأماكن المغلقة يعود أيضاً إلى خشية الإنسان الشديدة من الموت، إذ تبدو له الأماكن المغلقة أشبه بالقبر، فإذا ما أضيف إليها الظلام، تضاعفت الصورة، وتضخَّمت، وبلغت حد الانهيار..
وفى حالات عديدة، أصيب أمثال هؤلاء المرضى بجنون مطبق، بعد بقائهم لخمس ساعات فقط، فى أماكن مظلمة مغلقة، و97% منهم أصابهم هذا داخل مصاعد معطلة، أثناء حالات انقطاع التيار العرضية..
وهلع المصاعد هو الصورة المثلى، والأكثر انتشاراً، لمرضى (فوبيا) الأماكن المغلقة، فبالنسبة لهذه الفئة، يعتبر المصعد مجرَّد قبر متحرِّك، حتى أنه هناك حالة مسَّجلة لمواطن أمريكى، ظل طيلة عمره يقيم فى أدوار منخفضة، أو فى منازل مستقلة، من طابق أو طابقين على الأكثر، وكان يرفض العديد من الوظائف الممتازة، على الرغم من كفاءته الشديدة؛ لمجرَّد أن الشركات التى تلقى عروضها، تحتل بعض الطوابق العليا، فى ناطحات سحاب شاهقة، وعندما قبل أخيراً عرضاً لشركة (ميكروسوفت)، فى فرع لها، فى الطابق الخامس من بناية كبيرة، ظل طوال فترة عمله فيها يصعد إلى مكتبه عبر درجات السلم، ولم يستقل المصعد مرة واحدة..
وهناك حالة مسجلة أخرى لمريضة شابة، لم تصعد منفردة فى أى مصعد قط، حتى أنها كانت تقف إلى جوار أى مصعد لساعات، حتى يظهر راكب آخر، لتشعر أنها ليست وحدها داخل مصعد مغلق..
وحتى فى وجود ركاب آخرين، كانت تصاب بحالة عجيبة من التخشُّب طوال الوقت، أثناء صعود أو هبوط المصعد، وتتسع عيناها فى رعب هائل، على نحو يوحى بأنها تخوض أشد لحظاتها صعوبة..
وعلى عكس تلك الحالة تماماً، كانت هناك حالة أخرى، لامرأة فى منتصف العمر، ترفض تماماً أن تستقل المصعد، فى وجود آخرين، على الرغم من خوفها الشديد من الأماكن المغلقة، ولكنها كانت مصابة بخوف أكثر مرضية، من الغرباء..
ا فوبيا الدم
الهيموفوبي
من أشهر تلك المخاوف، التى يعرفها ملايين البشر، الخوف من رؤية الدم، ذلك السائل الحيوى، الذى يجرى فى عروقنا، وارتباط الإنسان بالدم ارتباط عجيب للغاية، فهو يعشقه عندما يجرى فى عروقه، ويورِّد وجنيته، ويملأ قلبه، ويعلن حيويته وقوته ونشاطه، بل ويسعى دوماً إلى أية أطعمة أو مشروبات، يقال عنها أنها قادرة على تقويته، وتنشيطه، ودفعه أكثر وأكثر فى أوعيته الدموية، وخلاياه الحية، وحتى نصف الحية..
أما لو تدفَّق هذا الدم خارج جسده، أو حتى خارج أجساد الآخرين، فهى الطامة الكبرى، والكارثة، والمصيبة، ومصدر الرعب والهلع، و…
و(الفوبيا) أيضاً فى بعض الأحيان..
فالعديد من البشر لا يمكنهم رؤية الدم البشرى، أو حتى الحيوانى، دون أن ترتجف أجسادهم، وترتعد خلاياهم، وتسرى فى كيانهم قشعريرة باردة كالثلج، وتتسع عيونهم فى هلع..
وبعض البشر قد يصرخ لمرأى الدم، أو يفقد الوعى، أو تنتابه الكوابيس لأسابيع طويلة، وكأنما رأى وحشاً كاسراً..
هذا لأن الدم يرتبط فى أذهاننا جميعاً بالحياة، وفقدانه يعنى دوماً الموت والفناء، وعندما يرى المصابون بهذه( الفوبيا) الدماء، تقفز أذهانهم فوراً إلى تصوّر الموت..
موتهم هم بالطبع..
ولأن كل المخلوقات الحية تخشى الموت، فإن عقولهم الباطنة تدفع فى عقولهم الواعية كل المخاوف المختزنة فيها، فيبلغ رعبهم ذلك الحد المرضى العنيف للغاية
.. فوبيا) الدم هذه ليست كلها من طراز واحد، فبعضها يرتبط بالدماء البشرية وحدها، عندما تسيل بغزارة أكثر من المعتاد، والبعض الآخر يرتبط بأية دماء نازفة، من أى مخلوق حى، لذا فأصحابها لا يحتملون رؤية حيوان يذبح أو طائر ينحر..
وفى حالات أخرى، لا يحتمل المريض رؤية قطرة واحدة من الدم، سواء من بشر، أو حيوان، أو طير، أو حتى حشرة..
ومع حالات أكثر ندرة، يصاب المرضى بهلع عنيف، إذا ما وقعت أبصارهم على أى شئ بلون الدم، حتى ولو كان قطعة من القماش، أو بقعة فوق لوحة تجريدية..
ورد الفعل، إزاء تلك (الفوبيا) يختلف فى كل حالة عن أخرى، ومع كل مريض عن آخر، ففى واحدة من الحالات النادرة، أصيب المريض بصدمة عصبية عنيفة، مع رؤية بركة من الدم، سالت من مصاب فى حادثة سير، وانتهى به الأمر إلى أن عقله قد استبعد اللون القرمزى الدموى تماماً، من كل شئ فى الوجود..
حتى الألوان، التى يدخل فى تركيبها اللون القرمزى، أصبح ذلك المريض يراها خالية منه، فاللون البرتقالى تحوَّل إلى الأصفر، والبنفسجى إلى الأزرق، أما الوردى والقرمزى، فقد تحوَّلا إلى اللون الأبيض أو الرمادى..
ولقد احتاج ذلك المريض إلى علاج نفسى طويل، قبل أن يتجاوز هذه (الفوبيا)، ويعود لرؤية لون الدم مرة أخرى، ولكنه لم يتخلص من (فوبيا) الدم أبداً، على الرغم من المحاولات المتصلة..
om basma @om_basma
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة