يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة " (مسلم)
رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب صفة القيامة والجنة والنار حديث رقم 4995 :
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ{يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ {أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ}
ورواه أيضًا أبو داود في سننه في كتاب السنة حديث رقم 4107 :
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ (أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ) ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ قَالَ ابْنُ الْعلاءِ بِيَدِهِ الأُخْرَى ثُمَّ يَقُولُ- أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟) ".
ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب المقدمة حديث رقم 194 :
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ :"يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ وَقَبَضَ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْجَبَّارُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ}"
قَالَ وَيَتَمَيَّلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي أَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
روى الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة, ثم يأخذهن بيده اليمنى, ثم يقول: أنا الملك, أين الجبارون؟ , أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله, ثم يقول: أنا الملك, أين الجبارون ؟ أين المتكبرون؟".
وهذا الحديث الشريف ينطلق من معنى الآية الكريمة :
" وما قدروا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " (الزمر: 67)
والحديث الشريف ينطلق أيضًا من معنى آية كريمة أخرى يقول فيها ربنا تبارك وتعالى :
" يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" (الأنبياء: 104)
ومع تسليمنا بطلاقة القدرة الإلهية التي لا تحدها حدود, ولا يقف دون إرادتها حائل, ومع إيماننا بأن قضايا الخلق والإفناء وإعادة الخلق (البعث) من قضايا الغيب المطلق التي لا يمكن للإنسان أن يصل فيها إلى تصور صحيح بغير هداية ربانية, فإننا نقرر إمكانية الارتقاء بإحدى النظريات المطروحة لتفسير خلق الكون إلى مقام الحقيقة لمجرد وجود إشارات لها في كتاب الله أو في حديث صحيح مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ونكون بذلك قد انتصرنا بالقرآن أو بالسنة النبوية الشريفة للعلم, وليس العكس.
أما في حالة الآخرة فإننا نؤمن بأن لها من القوانين والسنن ما يغاير سنن الدنيا؛ لأن سنن الدنيا تمشي ببطء, حتى يتمكن الإنسان من إدراكها, والتعرف عليها, وتوظيفها في عمارة الأرض, أما الآخرة فلا تأتي إلا بغتة كما جاء في القرآن الكريم, ولكن من رحمة الله بنا أن يبقى لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية ما يعيننا على فهم إمكانية وقوع أحداث الآخرة, ومن ذلك طي السماوات الذي أشار إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نحن بصدده , وأشار إليه القرآن الكريم .
ففي مطلع القرن العشرين بدأ الفلكيون في ملاحظة توسع الكون بمعنى تباعد المجرات عن بعضها البعض تباعدًا بسرعات تقترب أحيانًا من سرعة الضوء المقدرة بحوالي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية, وأثارت الملاحظة جدلاً كبيرًا حتى تم التسليم بها في منتصف القرن العشرين, ووصل العلماء من الرجوع بعملية اتساع الكون إلى الوراء مع الزمن إلى حتمية التقاء كل المادة والطاقة, وكل المكان والزمان في نقطة واحدة متناهية الضآلة في الحجم, ومتناهية الضخامة في الكتلة وكمية الطاقة, وقالوا بحتمية انفجار تلك النقطة في ظاهرة يسمونها عملية الانفجار العظيم نؤمن بها لورود إشارة لها في قول الحق تبارك وتعالى :
" أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ " (الأنبياء: 30)
كذلك ثار جدل طويل حول عملية توسع الكون هل هي عملية مستمرة إلى ما لا نهاية, أم إن لها نهاية تتوقف عندها فتتغلب الجاذبية على مادة وطاقة الكون فتطوي السماء, وتجمع كلاً من المادة والطاقة والمكان والزمان في نقطة واحدة شبيهة بالنقطة الأولى التي بدأ بها الكون؟ وهنا أيضًا يتدخل القرآن الكريم ليحسم القضية إلى صالح نظرية الانسحاق الشديد للكون وذلك بقول الحق تبارك وتعالى :
" يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" (الأنبياء: 104)
وهنا يأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نحن بصدده ناطقًا بطي السماوات يوم القيامة, وهي حقيقة لا يستطيع العلم التجريبي أن يتجاوز فيها مرحلة التنظير فوضع نظرية الانسحاق الشديد, وهي نظرية نرتقي بها إلى مقام الحقيقة لوجود إشارة لها في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ونظرية الانسحاق الشديد لم يتمكن الإنسان من بلورة تصور مبدئي لها إلا بعد منتصف القرن العشرين.
وهنا يبرز التساؤل: كيف يمكن لكتاب أنزل قبل ألف وأربعمائة سنة أن يتحدث عن طي السماء بهذه الدقة البالغة لو لم يكن المتحدث فيه هو الخالق سبحانه وتعالى ؟ وكيف أمكن لنبي أمي في قلب الجزيرة العربية من قبل ألف وأربعمائة من السنين (وقد كانت مجتمعًا بدائيًا, جاهليًا, لا صلة له بعلم ولا بقراءة أو كتابة) أن يتحدث عن طي السماوات لو لم يكن موصولاً بالوحي, ومعلمًا من قبل خالق السماوات والأرض؟.
وهنا تتضح أهمية الإشارات الكونية في كل من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام , في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه, وهو زمن لم يعد يحرك مشاعر الناس فيه شيء كما تحركه الحقيقة العلمية؛ وهذه الإشارات الكونية المنزلة من قبل ألف وأربعمائة سنة والتي لم يستطع الإنسان الوصول إلى تصور لها إلا منذ عشرات قليلة من السنين هي أيسر وسيلة في الدعوة إلى دين الله الخاتم في وقت تحول فيه العالم إلى قرية كبيرة تتلاقى فيها مختلف الحضارات, والمعارف والمعتقدات, وأصبح لزامًا علينا أن نحسن التبليغ عن الله ورسوله بلغة العصر وأسلوبه لعل الله تعالى أن يفتح لنا الدنيا من أطرافها كما فتحها على أسلافنا, وما ذلك على الله بعزيز .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين .
منقول للفائده
غنوه البحار @ghnoh_albhar
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
وجدوحنين
•
جزاك الله كل الخير
الصفحة الأخيرة