نبذة عن سلمان الفارسي .الباحث عن الحقيقة

ملتقى الإيمان

سلمان الفارسي , الباحث عن الحقيقة
من بلاد فارس يجئ البطل هذه المرة .
انها لاحدى روائع الاسلام و عظائمه , الا يدخل الاسلام بلد من بلاد الله الا و يثير فيه اعجاز باهر , ويحرك كل طاقتها , ويخرج خبئ العبقرية المستكنة في اهلها وذويها ... فاذا الفلاسفة و الاطباء و الفقهاء و الفلكيون و المخترعون و علماء الرياضة المسلمون يبزغون من كل افق , ويطلعون من كل بلد حتى تزدحم عصور الاسلام بعبقريات هائلة في كل مجالات العقل , و الضمير , و الارادة ...أوطانهم شتى و دينهم واحد .
ولقد تنبأ الرسول صلى الله عليه و سلم بهذا المهد المبارك لدينه .. وكان سليمان الفارسي شاهدا .. وكان له علاقة وثقى بما حدث كان ذلك في يوم الخندق .. في السنة الخامسة للهجرة . حيث انها كانت المحاولة الاخيرة و الحاسمة التي يقوم بها جميع أعداء الرسول : أفرادا , وجماعات , و قبائل , و مصالح ...
حيث رأى المسلمون انفسهم في وضع عصيب وجمع الرسول اصحابه ليشاورهم في الأمر ..
وطبعا .. اجمعوا على الدفاع و القتال و لكن كيف الدفاع ؟؟
هنالك تقدم الرجل طويل الساقين , الغزير الشعر , الذي كان الرسول يحمل له الحب و الاحترام الكبير .
تقدم سلمان الفارسي بمشورته و هي حفر الخندق حيث انه كان صاحب الخبرة في امور الحرب و خدع القتال في بلاده فارس , والله يعلم ماذا كان المصير الذي ينتظر المسلمين في تلك الغزوة لو لم يحفرو الخندق .
كان في زهده , وفطنته , وورعه , أشبه الناس بعمر بن الخطاب ..
أقام اياما مع ابي الدرداء في دار واحدة ... و كان ابو الدرداء رضي الله عنه يقوم الليل و يصوم النهار , كان سلمان يأخذ عليه مبالغته في العبادة عن هذا النحو . وذات يوم حاول سلمان أن يثتني عزمه عن الصوم , و كان نافلة .. فقال له أبو الدرداء معاتبا : "أتمنعني أن أصوم لربي , وأصلي له "...!! فأججابه سلمان قائلا : " ان لعينيك عليك حقا , و ان لأهلك عليك حقا – صم و أفطر ... و صل و نم "...
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : "لقد أشبع سلمان علما ..." . وكان الرسول عليه السلام يطري فطنته وعلمه كثيرا , كما كان يطري خلقه و دينه ..
ويوم الخندق وقف الأنصار يقولون : سلمان منا ووقف المهاجرون يقولون : بل سلمان منا ... وناداهم رسول الله قائلا : " سمان منا ال البيت " .. وانه بهذا لشرف جدير ..
وكان علي بن ابي طالب يلقبه بـ"لقمان الحكيم " سئل عنه بعد موته فقال : "ذلك امرؤ منا والينا ال البيت .... من لكم بمثل لقمان الحكيم ..؟ أوتي العلم الاول , و العلم الاخر , و قرأ الكتاب الأول و الكتاب الأخر , وكان بحرا لا ينزف " .
فسلمان صاحب الترف ومن بلاد البزخ فارس كان يرفض المال و الثروة و النعيم و يصر أن يكتفي في يومه بدرهم يكسبه من عمل يده ..! ماباله يرفض الامارة و المنصب و يهرب منها ويقول : " ان استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين , فأفعل .."
ومن أقواله : " أشتري خوصا بدرهم , فأعمله ثم أبيعه بثلاثة دراهم , فأعيد درهما فيه , و أنفق درهما على عيالي , و أتصدق بثالث . و لو أن عمر ابن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت " !
و روى هشام بن حسان عن الحسن : " كان عطاء سلمان خمسة الاف , و كان على ثلاثين الفا من الناس , يخطب في عباءة يفترش نصفها , و يلبس نصفها . وكان اذا خرج عطاؤه أمضاه , و يأكل من عمل يديه .." .
مباله يصنع كل هذا الصنيع , ويزهد كل ذلك الزهد , وهو فارسي , ابن النعمة , وربيب الحضارة ...؟؟
لنستمع من الجواب منه . وهو على فراش موته . تتهيأ روحه العظيمة للقاء ربها الأعلى . دخل عليه " سعد بن أبي الوقاص " يعوده , فبكى سلمان . فقال له سعد : "ما يبكيك يا أبا عبد الله ..؟ لقد توفي رسول الله وهو عنك راض " فأجابه سلمان : " والله ما ابكي جزعا من الموت , ولا حرصا على الدنيا , ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الينا عهدا , فقال :( (ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب ), وهأنذا حولي هذه الأساود " !!
يعني بالأساود الأشياء الكثيرة ! قال سعد : فنظرت , ولم أر حوله الا جفنة ومطهرة , فقلت له : يا أبا عبد الله اعهد الينا بعهد نأخذه عنك , فقال : ( يا سعد : اذكر الله عند همك اذا اهممت , و عند حكمك اذا حكمت , وعند يدك اذا أقسمت ) .!
ليس حوله الا جفنة يأكل فيها , و مطهرة يشرب و يتوضأ منها .. ومع هذا يحسب نفسه مترفا ...!!
ومن القصص المهمة انه حين اراد بناء بيته , سأل الرجل الذي يبني له بيته "كيف ستبنيه ؟؟" ...... وكان الرجل يعلم بزهد سلمان فقال له :( لا تخف .. انها بناية تستظل بها من الحر , وتسكن فيها من البرد , اذا وقفت فيها أصابت رأسك واذا اضجعت فيها أصابت رجلك " فقال له سلمان : " نعم .. هكذا فاصنع ." .
لم يكن هنام من الطيبات في الحياة يركن اليه سلمان لحظة , أو تتعلق به نفسه أُثاره , الا شيئا كان يحرص عليه أبلغ الحرص , ولقد ائتمن عليه زوجته , وطلب اليها أن تخفيه في مكان بعيد و أمين .. وفي مرض موته , وفي صبيحة اليوم الذي قبض فيه , ناداها : "هلمي خبيك التي أستخبأتك " ..! فجاءت به , واذا هي صرة مسك , كان قد أصابها يوم فتح (جلولاء ) فاحتفظ بها لتكون عطره يوم مماته .
ثم دعا بقدح ماء نثر المسك فيه , ثم ماثه بيده , وقال لزوجته : " انضحيه حولي , فانه يحضرني الان خلق من خلق الله , لا يأكلون الطعام , وانما يحبون الطيب " .. فلما فعلت قال لها : "اجفئي على الباب و انزلي " .. ففعلت ما أمرها به .. وبعد حين صعدت اليه , فاذا بروحه المباركة قد فارقت جسده و دنياه .



فسبحانك ربي كيف طهرت قلوب كثيرة و رفعتها اليها طاهرة .. يارب طهر قلوينا و ادخلنا في فسيح جناتك يا رب يا كريم
:happy:


أتمنى أن ينال اعجابكم , و تستفيدو من المعلومات :smheart:

0
625

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️