حلم وردي6

حلم وردي6 @hlm_ordy6

محررة برونزية

نجاح بنكهة دجاج

الملتقى العام

خرج من منزله يسير بخطى متثاقلة تجاه صندوق البريد الصغير أمام المنزل .. فتحه كان خالياً إلا من مظروف أبيض مكرمش .. سحبه ثم تنهد بحسرة وهو يقرأ اسم المرسل ..
مشى إلى الكرسي الهزاز القابع بجوار المدخل .. جلس عليه واسند رأسه إلى ظهر الكرسي .. ملقياً بالمظروف إلى حضنه .. أنزل بصره ليتأمل من جديد ممن أتى ذاك المظروف .. ( الضمان الحكومي ) – شيء أشبه بالراتب التقاعدي – ..
ترك لخياله الحرية ليعود إلى الماضي .. إلى أيام كانت مختلفة تماماً ..

بدأ كل شيء في عام 1890م ، في اليوم التاسع من شهر سبتمبر .. كانت الأم تضع ابنها البكر ، ذاك الذي نشأ في بيئة فقيرة .. كانت أولى فواجعه وفاة والده ، عامل المناجم .. وهو لم يزل في عمر السادسة ..
لهذا السبب اضطرت والدته أن تخرج لتعمل ، تاركة له مسؤولية عظيمة ليتولاها .. رعاية إخوته .. والاعتناء بالمنزل .. وبحكم أنها كانت تعمل لوقت متأخر .. فقد شمل عمل أيضاً إعداد الطعام لأسرته .. مستعيناً بإرشادات والدته .. ونقدها ..!
لم يتوقف الأمر عند هذا ، إذ وبسبب سوء أحوالهم المالية ، اضطر أن يعمل في مزرعة مجاورة لمنزلهم .. مقابل دولارين في الشهر ..!
بعد سنتين من هذا ، تزوجت والدته .. جعله هذا ينعتق من مسؤولياته السابقة .. وبالتالي يتمكن من الخروج من بلدته إلى مكان آخر حيث عمل هناك في مزرعة أخرى .. وبأجر أعلى قليلاً ..
وصل إلى سن السادسة عشرة ، قرر أن يجرب الحياة فالتحق بالجيش الأمريكي في كوبا .. وبقي هناك ست أشهر ..
عاد ثم عمل في مجال القطارات ، انتقل إلى بيع الإطارات ، العمل في محطات الوقود .. وأعمال كثيرة مر عليها خلال تلك الفترة من حياته ..
مرت السنوات تجري ، حين بلغ عمر الأربعين ، كان يدير إحدى محطات الوقود التي تقع في مدينة كروبين تلك التي هي ضمن ولاية كنتاكي الأمريكة ، كان يمر بتلك المدينة طريق عام يسلكه كثيرون في أسفارهم .. أو ذهابهم لأعمالهم ..
تلك المحطة كانت تحوي ضمن خدماتها تقديم بعض الأكلات الخفيفة ، ذات يوم قرر أن يجري تغييراً .. فقدم دجاجاً مقلياً ضمن تلك الوجبات الخفيفة .. قام بطهيه بنفسه مستخدماً إحدى وصفات والدته القديمة ..
كانت غرفة نومه هي صالة الطعام التي يأكل فيها الزبائن ..
الغريب في الأمر أن الناس بدءوا يلحون في طلب ذاك الدجاج أكثر من أي وجبة أخرى ..!
بدأ الزبائن يتوافدون على المحطة .. ويكثرون من حولها .. وهدفهم الرئيسي .. كان ذاك الدجاج المقلي ..!
بدا وكأن الحظ قد ابتسم له ، فاتسعت أعماله حتى انتقل ليكون كبير الطهاة في فندق مجاور لمحطته ..
على مدى سنوات تسع استطاع هذا الرجل أن يبتكر خلطة سرية مكونة من أحد عشر نوعاً من البهار لتكون تتبيلة للدجاج المقلي ..
لكنه واجه مشكلة مزعجة .. كان الزبائن يتطلعون أن يحصلوا على قطع الدجاج التي طلبوها بسرعة .. لكن طهي الدجاج في ذاك الوقت كان يستغرق نصف ساعة على الأقل ..!
حاول أن يجد حلاً .. فأخبره بعضهم أن يقلي الدجاج في السمن المركز .. جرب هذا بنفسه .. فوجد أن الطعم المميز للدجاج قد اختفى ..
بدأ يبحث عن حل ، ويجري التجارب في أوقات راحته .. حتى وجد الحل في أواني الطهي باستخدام ضغط الهواء .. كانت سريعة .. وتحافظ على النكهة الجميلة في الدجاج ..
في عمر الخامسة والأربعين منح لقب ( كولونيل ) ، جزاء تميز طهيه ..!

سريعاً ماسارت تلك الأيام الجميلة .. ففي عمر الخامسة والستين ، تم تحويل الطريق العام الذي كان يمر بتلك البلدة الصغيرة إلى مسار آخر ..
فانهار عمله تماماً .. واضطر أن يبيع أشياء كثيرة ليسدد بعض ماكان استدانه .. ثم أعلن تقاعده ليبدأ في الحصول على نقود التأمين الحكومية ..
كان كل هذا يجول في ذهنه وهو يتأمل ذاك المظروف .. مد أصابعه ليفتحه ..
تنفس بصوت مرتفع وهو يسحب الشيك الموضوع بداخله ، ثم ابتسم بسخرية وهو يتأمل المبلغ المكتوب على الشيك ( 105 ) دولارات ..
بدأت أفكار كثيرة تجول داخله .. هل سأبقى بهذا الشكل .. فقط أهز نفسي في كرسيي وأتأمل المارة أمامي ..
أفكار كانت تعذبه .. تزعجه بوقعها ..
وتلك كانت البداية التي نهض بعدها ..
حاول إقناع كثير ممن يعرفهم باستثمار أموالهم في مشروعه .. قوبل بالرفض .. لكن بعضهم .. تنازل ومنحه القليل ليكون شريكاً في مشروعه ..
وكان هذا أول ظهور لـ كنتاكي فرايد تشيكن ، أو مانعرفه نحن بـ دجاج كنتاكي المقلي . ( والتي اختصر اسمها عام 1991م ، الى ك.ف.سي ، كي لايقتصر نشاطها على الدجاج المقلي وحسب )

بدأ المشروع بقيام الكولونيل بطهي الدجاج ، ومن ثم البحث عن أصحاب المطاعم التي ترغب في بيعه .. بحيث يتم الاتفاق معهم على مبلغ مالي معين يكون نصيباً لشركة كنتاكي عن كل دجاجة مقلية تباع .. 12 سنة .. ثم كان في الولايات المتحدة 600 مطعم تبيع دجاجات الكولونيل بالخلطة السرية ..!
أخيراً وفي عام 1964م ، قام الكولونيل ببيع تلك الشركة إلى مستثمرين بمبلغ مليوني دولار .. وبقي متحدثاً باسم الشركة براتب شهري قدره أربعون ألف دولار ( شتان بينه وبين المئة وخمس دولارات ..! ) .. كذا ظهر في إعلانات الشركة لمدة عشر سنوات ..
أخيراً وفي سن التسعين قضى نحبه ، بسبب سرطان الدم ( عافانا الله وإياكم ) ، تاركاً لنا قصة نجاح .. ووصفة بقيت سراً .. إلى يومنا ..!
أعتقد أنكم عرفتموه .. هارلاند ساندرز .. مبتكر وصفة كنتاكي للدجاج المقلي ..!!
2
398

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

اعشق ارضك
اعشق ارضك
لايأس مع الحياة ولاحياة مع اليأس..
ريم العيد
ريم العيد
سبحان الله قصة كفاح وصبر
بس كنتاكي ما احبه ولا يجذبني>>>>>>>>كني شطحت عن الموضوع