الحيرة تحيط أقطار نفسه ..
كشرك علق بجنحي طير ..!
يعجز عن الفكاك منه..
مأسورٌ بين قضبان الهجير وارتعاشة الزمهرير ..
كلما لاحت ثغرة لينفذ منها إلى رواءالنور ورونق الصَّبا ..
ضاقت بعينيه ..
واستحكمت بقلبه ..
وغلّقت المنافذ ..
....
عندما يراود طيره التحليق والرفيف ..
- وهو يشتاقه أبداً - يحدث ذاته المخذولة :
كيف أتصاعد بك وريش أحلامي قد تبدد .. ؟!
من أي سبيل أطلب النجاة ، وقد هوت سلالم العمر الأدنى ..!
كيف أجتاز هذه العقبات..
لأبلغ آخر الدرجات ..؟!
تلك التي تصعد بي إلى مسافات مبهورة ..
دون الحاجة إلى أن يجاهد شراعك المتكسر عباب فضائي..؟!
قل لي كيف ؟!!
....
حين تتجنى ظروف الحياة على أحلامه فتسحقها ..
حين تشتد عواصف الأيام وتتقاذفه الحيرة ..
وشراعه المغترب تائه في بحر لجي يغشاه موج من فوقه ضباب ..
والروح المضنية على مشارف اليأس ..
يرسل آخر صيحات الاستغاثة :
هل من نجاة ؟!!
فلا يردّ إلا الصدى المضيّع بين طغيان الموج وعويل الرياح ..
ولايرى على امتداد البصر إلا دُهمة الأفكار.
....
وعندما يشتدّ ويضيق احتباس الروح ..
يصير أشبه ب ( سم الخياّط ).. هيهات أن ينفذ منه إنسان ..
هناك تكابد وتصارع دمعة مخنوقة في مقلة العناء ..
للخروج ..!
وحين تبلغ الذروة وتنجح في الانبثاق ..
يتفشى مكتوم الألم فيكسر سد المنع ليفيض أنهارا...
وتندلق البدايات كلها تحت جسر الحياة
حتى تلتقي النهايات في لحظته الراهنة..
كل عذابات الذكريات تتفتق ..
وكل الهموم تستفيق...
ويرش ملح الدموع على بعض حرائق النفس سكوناً..
....
هناك..
يكون اللواذ بالوحدة بعيداً عن كل حي من البشر
ضرورة قصوى..!
فالروح تحتاج لهدهدة ..
والقلب يحتاج لتربيتْ ..
....
أغلق عينيك أيها الغريب الموجوع المنهك في الحيرة
أغرق في صوفية تأملاتك ، وتمعن في صفاء مرآتك ...
غصْ في بحر ذاتك العميق ، واترك وجدانك يرتوي منه
أسند روحك المتعبة على متكأ الإيمان
وافتح مصاريع قلبك ليلج النور ..
واطفُ على تسابيح فضاء لامتناهي من جمال ..
وتنفس وِردهُ ..!
واستدع بكل ذرة منك الشعور المصفى ..
من وراء الغيب!.
....
وما هي إلا قطفات من عمر الزمان ..
حتى تحس دبيب السلام وطيب نشره المريح
يتسلل بالود إلى أوردتك المتعبة..
فتمتلئ حباً .. وترتوي!
يد من الرحمة مست نارقلبك فاستحال جنة ..!
تؤوب من رحلة الحيرة العمياء إلى فجر الضياء
وهاتف يهز أعماقك ويتصاعد بك في شرفات السماء :
هذا هو حبل النجاة فتمسك به ...
ولا تفلته أبداً ..!
هو وحده من ينجيك ..
اصرف أملك عن الناس ولا تنتظر من أحد عزاء ..
فليس لك إلا الله ..
وكفى بالله .
حروفك جاءت في وقتها كالبسم الشافي ....
فيض الغالية كلماتك كالزلال الصافي يسري في الوريد ....
أبدعت كعادتك حفظك الله 🌹