الرمادية

الرمادية @alrmady_1

عضوة جديدة

نساء من شقراء { 6 } من حزنت وذرفت الدمع على فراقها

الملتقى العام

كتب والدي هذا المقال عن والدته ضمن سلسلة كتبها عن ( نساء من شقراء ) فقال : ــ
إن كنت كتبت الحلقات السابقة وأنا يعتصرني الحزن على فراق تلك الكوكبة من النساء إلا أن الأسى في هذه الحلقة أعمق ولوعة الفراق أشد كيف لا وأنا أكتب عن أغلى امرأة في حياتي ( إنها أمي ) يا لها من كلمة فطمت عنها مبكرا ولم أرتوي من لذيذ نطقها فقدتها وأنا في أمس الحاجة لها فرغم مرور أكثر من ثلث قرن على فراقها إلا أن عيناي تغرق بالدمع عند ذكراها , قد لا يحس بالمأساة التي أسطرها هنا إلا من عاش مرارة الحرمان فوالله إنني عند مرور طيفها لأحس بالطفولة يوم وقت فراقها ( ابن ثمان أو تسع ) وأنني لأحس بتوقف نمو الحنان لدي فضعفي تجاه ذكراها لا يوصف ودموعي لا تكاد تتوقف , كنت أظن أنني سأنساها بعد سنوات وسأسلى كما يسلى الآخرون ولكن هاهي العقود تمر واللوعة تزداد قد أكون نسيت كثيرا من أشباهها إلا أن خيالها ما زال عالقا في وجداني , ظننت أن بلوغ الأشد نهاية المطاف ولكنه في الحقيقة بداية الحنين إلى ذلك الصدر الحنون يا لها من ذكريات موغلة في الحزن يعجز القلم عن وصفها وتسطير مفرداتها , أذكر يوما وأنا على الفراش وكانت أمي فيما بيني وبين أخي وكعادة الصبية في التراشق فيما بينهم فأردت أن أرد صفعة أخي عليه فسددت لكمة قوية فرحت بنتائجها من الألم الذي أصاب كفي , فرحت لما سمعت صوت بكاءه ولكنه كان صوتا غريبا قطعه اختلاف نبرته فنظرت إليه فإذا هو يضحك استغربت من ضحكه فكيف يضحك وهو مصفوع , عندها علمت أن الصفعة أخطأت طريقها إلى أغلى إنسانة , ناديتها أمي .. أمي .. ولكن لا مجيب حزنت لظني أن سكوتها من باب التأديب ولكن اشتد كربي وأرّقني ندمي عندما رأيتها تحاول النطق ولا تستطيع فلقد أعجم على لسانها .. انطلقت باكيا وكيف لا أبكي فلقد كنت السبب في كل ما حصل , وفي أثناء بكائي كنت أناديها وأرمقها بنظرات لعل بشارة تلوح أو حرفا ينطق , انطلقت إلى حضنها الدافئ فلا بديل لذلك الحضن خصوصا في ذلك الموقف وما ذاك إلا لإعلان ندمي وتسليم جسدي لأي عقوبة مستحقة فماذا رأيت ؟ لقد رأيت وجهها محمرا فظننت أنه من آثار اللكمة ولكن كيف يحمر الوجه بكاملة عندها علمت أن تلك الحمرة من شدة محاولة النطق الذي لم تقدر عليه , تأثرت لهذا الموقف فازداد شهيقي وندمت على فعلتي وتمنيت لو أن الأرض خسفت بي , يممت نحو الدرج هربا من هذا الموقف العصيب , لحقت بي خوفا عليّ ولطفا بي , سبقتها إلى باب الشارع ولما لم تستطع اللحاق بي ضغطت على حنجرتها المصابة فسبقني صوتها المبحوح ( عبدالللللللله ) كأعذب صوت سمعته في هذه الحياة , يا لها من أم لن أنساها ما حييت وأسأل الله اللقاء بها في الفردوس الأعلى من الجنة
وإلى الحلقة القادمة من سيرتها رحمها الله
4
622

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

... بنت العز ...
... بنت العز ...
ماشاء الله تبارك الله
الله يسكنها الفردوس الاعلى
الرمادية
الرمادية
مشكورة أختي بنت العز وتقبل الله دعاك
سكر مكر
سكر مكر
واالنعم باهل شقراء كلهم
الله يسكنها الفردوس الاعلى والمسلمين اجمعين
الرمادية
الرمادية
والنعم فيك يا كل الحلى والسكر
تقبل الله دعاك