نسا ء من شقراء ( 2 ) ...السيرة النفيسة للحاجة خميسة
في أوائل العشرينات من القرن الماضي ولدت هيلة بنت عبد الله المعيقل في بلدة الوقف من أسرة كريمة نشأت على الدين والأخلاق والتربية الحسنة كباقي بنات ذلك الجيل إلا أن ما ميزها عن غيرها أنها كانت من أسرة أمارة وعلم , شبت وترعرعت في تلك البلدة الوادعة , تعلمت القراءة فأجادت قراءة القرآن الكريم , كما كان لهذا العلم أثره في حياتها , فكانت قبلة للخطاب لانفرادها بميزة العلم التي قلما تجدها في الشباب من الذكور فكيف بالفتيات من ذلك الجيل والذي أعطاها ميزة أخرى ألا وهو التدين المتلازم مع العلم فالغالب أن كل متعلمة في ذلك الوقت متدينة وليس كل متدينة متعلمة , بل إن ما حداها إلى ذلك الاتجاه العلمي إلا بسبب التدين الفطري , فجمعت بين الحسنين في عصر عز وندر فيه وجود المتعلمات أمثالها كما أسلفنا , وبناء عليه تقدم لها الكثير من الخطاب فتزوجت من خمسة رجال الواحد تلوا الآخر وما ذاك لسوء عشرتها حاشاها والله أن تسيء العشرة وقد تربت على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلت خمسها وأطاعت زوجها ... الحديث , ولكن لإبتلاء الله لها بالعقم وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ويبتلى الناس على قدر دينهم , وحيث كان المرض في ذلك الوقت يفتك بالأولاد فكان الرجال يبحثون عن الودود الولود تطبيقا للسنة واستعانة بالولد في الكدح والكد لطلب الرزق والبحث عن المعاش , صبرت الحاجة خميسة على مصيبة العقم وعلى وفاة وطلاق بعض الأزواج وكان آخر أزواجها يعرف بابن خميس ولذلك لقبت خميسة بهذا اللقب نسبة إلى زوجها ولعل من المبررات في ذلك كثرة اسم هيلة في البلد وعدم وجود الولد فلا يمكن أن يقال لها أم فلان لخجل البعض من ذكر ذلك مراعاة لنفسيتها كما أن النسبة لأسرتها معيقله أو المعيقليه صعبة على اللسان , ومع وجود تلك المبررات السابقة فقد يكون للجهل لدى الناس الذين لقبوها بهذا اللقب دور في تلك النسبة ولعل من الأعذار المقبولة لمخالفة بعض الأمور الشرعية الخطأ والجهل ( عفي عن أمتي الخطأ ... الحديث ) ولكن بالضوابط التي بسطها العلماء في التفريق بين من يعذر ومن لا يعذر وفي أي شيء يعذر وأي شيء لا يعذر مما ليس هذا مجال ذكره , ومع هذا كله فلا تلام رحمها الله في ذلك فهي لم تلقب نفسها بهذا اللقب وإنما لقبها الآخرون .
تعرفت عليها في آخر حياتها في حي المسيل ومن بعده حي سديرة بشقراء فكانت قبلة للأطفال لتوزيعها للهدايا من الحلاو والبسكويت وإن عدمت فبعض القروش والريالات وكنا نركز عليها خصوصا في الأعياد لجزالة العطاء وحسن الاستقبال , كانت محبة للخير فكانت تقوم على جاراتها من النفساء طوال مدة النفاس وكأنها أم لهن , كما كانت تقوم على رعاية الطلاب العزاب من جيرانها والذين يفدون إلى شقراء للدراسة في معهد شقراء العلمي أو معهد المعلمين ولعلي أخص بالذكر ( مقلد الأصوات المشهور راشد السكران وأخوه عبد الله ) حتى كنا نظن أنها قريبة لهم , كما اشتهرت رحمها الله بكتمان الأسرار فكانت مرجعا للنساء عند مشاكلهن الاجتماعية سواء الزوجية أو الأسرية أو غيرها , كما كانت تحسن للفقراء والضعفاء بل وترحم الأطفال الصغار كما ذكرنا آنفا , قامت برعاية والدة زوجها خير قيام إلى أن توفيت الوالدة فرثى الابن والدته بقصيدة لم نحفظ منها إلا أربعة أبيات ولم ينسى زوجته من الثناء عليها في هذه القصيدة لرعايتها لوالدته أصيبت بعدة أمراض وكان أشهرها الربو والسكر توفيت رحمها الله منذ ما يقارب العقدين من الزمن أي حوالي 1407 هـ عن عمر تجاوز الثمانين فرحمها الله رحمة واسعة .
أبيات من القصيدة :
يا دار عقب الوالدة وش نبي بـك = لا صرت أنا تعبان من طول مبناك
شهدوا لكي بالخير جيـران بيتـك = صبحيّـة الجمعـة ربـي توفـاك
الله يجمـع شملنـا بـك وغيـرك = أبوي وأخواني وهي ( 1 ) تولاك
من خلقتك ما جاك شيء يغيضـك = إن كان لك حق أعطتك وأرضـاك
( 1 ) المقصود : بـ ( هي تولاك ) وكذلك البيت الأخير خميسة رحمها الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملا حظات : مصدر المعلومات : الذاكرة بالإضافة إلى معلومات قيمة من جارتها في حي سديرة ( هيلة بنت محمد الوهيبي أم عبد العزيز بن إبراهيم الثاقب ) والتي تعاونت معنا مشكورة من باب رد الجميل لجارة تستحق أكثر من ذلك .

الرمادية @alrmady_1
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة