بسم الله الرحمن الرحيم
هذا نص الكلمة ملخص
كلمة الشيخ د.محمد العريفي حول أحداث مصر
الأحد 28/صفر/1432هـ الموافق 30يناير 2011م
اسأل الله تعالى أن يولي على إخواننا في مصر خيارهم.. ويبعد عنهم شرارهم
ولا شك أننا جميعاً نتألم عندما نرى الشعوب تضطر أن تأخذ حقوقها من حكامها بهذه الطرق ، وكان الأصل أن يعرف الحاكم حقوق شعبه ويعمل بها قبل أن يسلكوا مثل هذه الطرق ..
وقد كان عمر رضي الله عنه يقــــول ( لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها لما لم تسوِّ لها الطريق يا عمر )
مع دعائي لإخواني وأبنائي وآبائي في مصر .. عندي بعض النقاط التي أوصيهم بها .. وقد كنت هناك قبل يومين ورأيت المظاهرات والتجمعات وتحدثت مع بعضهم ..
1- ينبغي على الإخوة والأخوات خلال هذه المظاهرات أن يحرصوا على حماية الممتلكات العامة وقد قال النبي صلى الله عليه سلم : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ) وقال : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه ماله وعرضه ) ..
فالمطاعم .. والبقالات .. والبنوك .. والأسواق .. هي مؤسسات نفع عام وهي ليست خصماً لهم فينبغي عليهم أن يحموها ، فإنها أولاً وأخيراً بلدهم .
وأنا أشهد للمتظاهرين أنهم سلميون وإن تساهل بعض الشباب الصغار أو المتسرعين ببعض التصرفات .. لكن في العموم الجماهير منضبطة في الأمواال العامة .. وقد كنت في مصر البارحة ورأيت هذه المظاهرات بعيني ورأيت كثيرا من الإخوة في هذه المظاهرات حريصين جدا على حفظ هذه الممتلكات .حتى إني كنت أرى بعض الشباب الصغار ربما يأتي فيضرب بعض الممتلكات ليفسدها فكان الآخرون يصرخون به وينهونه ويقولون هذه بلدك احرص عليها نحن لنا مطالبات معينة ليس الإفساد من بينها ..
بل ينبغي أن يحموا أيضاً الممتلكات العامة سواء كانت للمسلمين أو للأقباط الذين يشاركونهم في الوطن .يعني حتى لو كانت البقالة أو كان المطعم لرجل من النصارى فلا يجوز أن يعتدوا عليها ..
2- الحذر من سفك الدم الحرام ووالله إني أتألم عندما أرى أن القتلى - نسأل الله أن يتقبلهم شهداء ويرفع درجاتهم ويصبر أهلهم على فراقهم – أحزن عندما أعلم أن عدد القتلى أكثر من 200 والجرحى بالآلاف .. يا أخي بأي ذنب قتلوا؟!
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن زوال السموات والأرض أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم بغير حق ) .. حتى غير المسلم لا يجوز قتله بغير حق .. فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ) ..
لذلك أوصي إخواني من رجال الأمن سواء كان من الأمن الداخلي أو من رجال الجيش أن يحذروا من سفك الدم الحرام ..
فيحرص على أن لا يرمي أحدا بالرصاص الحي ، ويحرص اثناء عمله أن يحفظ هذه التظاهرات من أن يقع بينهم شجار أو قتال ، بل حتى في دماء غير المسلمين فبعض المتظاهرين أقباط من غير المسلمين فلا يجوز أن يسفك دم أحد منهم ..
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول( من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله )
نعم .. بشطر كلمة يعني بنصف كلمة فما بالك بمن يمد إليه الرصاص أو يحمل إليه السلاح ! ما بالك بمن يأمره بذلك ! وبمن يعاقبه إذا لم ينفذ هذا الأمر ؟!
ولما سجن ابن تيمية في سجن القلعة فقال له السجان : إني رجل مصلّ صائم أحبكم وأحب العلماء لكنني مضطر إلى هذا العمل ، فهل أنا من أعوان الظلمة ؟ فقال له ابن تيمية : لا .. بل أنت من الظلمة أنفسهم .. إنما أعوان الظلمة من برى لهم قلماً ، أو باعهم سلاحاً أو حملهم على دابة ..
يعني لا يجوز أبدا التعاون على الإثم والعدوان ، فينبغي لكل من يؤمر بأن يقتل هؤلاء ان يسأل نفسه لماذا أقتله ؟ ما ذنبه ليقتل؟
وما أشبه أيامنا بما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم لما قال :" يأتي أيام لا يدري القاتل فيم قَتَل؟ ولا المقتول فيم قُتل؟
لماذا يُقتل المتظاهرون .. لو سألت من قتلهم لماذا قتلته ؟ هل لأنه يقول زوجوني .. وظفوني .. أعطوني بيتاً .. لا تأكلوا حقي .. اعدلوا في توزيع الثروات ..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أول ما يُفصل بين الناس يوم القيامة في الدماء ) ..والله تعالى يقول : ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) لن ينفعه أحد أمره ، أو زاده رتبة ، أو أعطاه مالاً .. أو هدده بسجن أو عقوبة عسكرية أو ما شابه ذلك ..
كذلك يجب تجنب إيذاء هؤلاء الأبرياء بالقنابل المسيلة للدموع وغيرها .. وبالأمس لما كنت في مصر في الفندق أصابني بعض الدخان القنابل المسيلة للدموع وأنا في غرفتي أطل من النافذة فإذا بها مؤلمة فعلا للعين والصدر .. فكيف يحلّ قذفها على أشخاص فيهم أطفال وشيوخ .. من يبوأ بإثمهم ؟ لو مات أحدهم أو أصيب بعاهة في صدره ؟.
3- كذلك الحذر ممن يندسون بينهم ، سواء للإفساد أو الاعتداء أو ربما بعض المتسرعين من صغار السن أو غيرهم ينبغي على المتظاهرين أن يضبط بعضهم بعضا ، والله تعالى يقول : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) ..
فينبغي أن يحرص العقلاء الذين لهم تجربة في الحياة أن يوجهوا الآخرين ..
4- أن يحرصوا على ضبط النفس ، فقد رأيت هذه الجموع البارحة في مصر هي بعشرات الآلاف ، تغص بهم الساحات والطرقات ، ففي هذا التزاحم والتدافع ، مع شدة تعب الناس وإرهاقهم ، ربما يخرج من أحدهم لفظة نابية من غير قصد أو يدفع احدهم آخر بيده ، ونحو ذلك ..
نعم من الطبيعي في هذا الزحام أن يفقد بعض الناس أعصابهم وربما ثاروا ، فينبغي أن يضبط المرء نفسه قدر المستطاع ، فأنتم خرجتم لتحقيق أهداف محددة يحرص الشخص أن يحققها بقدر استطاعته ويحذر من تصرفات تخرج عن السيطرة ..
مع ثقتي الكبيرة في حكمة الإخوة وحسن تصرفهم .. لكن الحذر مطلوب ..
كذلك ينبغي لإخواننا المتظاهرين أن لا يستثيروا العسكر ، لأن في مثل هذا الهرج والفتن والاقتتال ربما تصرف الإنسان بعاطفته ..
5- مما يدل على سلامة مطالب إخواننا في مصر أنهم في هذه التجمعات اتفقوا والتفوا جميعاً باختلاف أطيافهم لتحقيق مطالب محددة ، فنرى من بينهم علماء وأساتذة جامعات وقضاة ، ونرى من بينهم أطباء ومهندسين ، بل بينهم أشخاص من المطربين والممثلين ، والفنانين ولاعبي الكرة ، فهذا دليل على أن المطالبات واحدة .
وإنني أتعجب والله كيف يصرّ شخص على أن يبقى حاكماً ويلزم الناس بحكمه وهم جميعاً بلا استثناء يصيحون به : ارحل .. غادر .. اذهب .. لا نريدك !!
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنا لا نعطي الأمارة من سألها ) والصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم كانوا يهربون من الأمارة خوفاً من محاسبة الله تعالى للحاكم على التقصير .. نعم يحاسبه على الضعيف والأرملة واليتيم والمسكين ، نعم كانوا يهربون منها ..
فإذا كان حاكم مصر يرى أن السلامة والعدل وحقن دماء الناس يتحقق بالتخلى عن الإمارة والحكم ، فيجب عليه أن يتخلى ..
وقد تخلى عن الملك والخلافة من هو خير منه .. فهذا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه يتنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه لأجل أن يبتعد عن القتال ويتجنب العنف ويجمع كلمة المسلمين ويحقن دماء الناس وهو خير من معاوية رضي الله عنهم جميعاً ، فما بالك إذا كان الحاكم ليس الحسن بن علي ، بل ولم يجمع الناس على انتخابه ولا الرضا به !!
وهنا أمر آخر آلمني وأنا أتابع القنوات والأخبار فأقرأ من خلال الخبر العاجل أن أوباما يقول للرئيس المصري لا تستعمل العنف .. وساركوزي يقول نحن حريصون ان لا يستعمل العنف نحن مع الشعب المصري ، وكلينتون قال كذا .. وأتمنى أن أرى أحداً من قادة المسلمين أو ملوكهم ورؤسائهم ، يقوم بمشاركة أو رسالة إلى الرئيس المصري .. أتمنى أن أقرأ اسما مسلماً اسماً عربياً .. ممن عندهم دين وشهامة ونخوة .. يقفون مع الشعوب الضعيفة عند حاجتها وفقرها ، يقفون معها عند ظلمها ، لا أن يصبح الكرسي لديهم أغلى من دماء الضعفاء ، وسحق جماجمهم وقطع أيديهم وأرجلهم .. أن يرحم هؤلاء ان الذين يتجمعون في شدة الجوع والشمس والعطش .. فيراهم آدميين لهم حق النصرة لا قطعان ماشية جمادات!!
ولا يجوز معاونة الظالم ولا السكوت عن ظلمه ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من مسلم يخذل مسلم في موطن ينتهك فيه من عرضه منه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ) ..
فيجب على كل من له طريق إلى الرئيس المصري أن يبذل له النصيحة ..؟ أين مناصحة من ولاه الله تعالى أمر المسلمين ..؟
أين " وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" ؟
أين قول النبي صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة " ؟
لماذا لا يرفع عليه أحد حكام المسلمين السماعة ويقول : اتق الله .. ولا تقتل الناس .. تعاملوا برفق ولين .. خذوا الأمر بهدوء .. عاملوا الناس برحمة وسكينه .. ولا تضربوا النار بالنار .. هؤلاء يواجهون الرصاص بصدورهم فيهم كبار وعجائز وضعفاء وأطفال .. مرضى وجوعي ، لا تلم أحدهم إذا خرج صارخاً يطالب بحقه حتى لو لم تقتنع أن له حقا ، احترم مشاعره .. ضع نفسك مكانه ..
وأخيراً .. أقول للرئيس المصري كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقُق عليه " ..
أسأل الله تعالى أن يحفظ إخواننا في مصر .. ويحقن دماءهم ويولي عليهم خيارهم ويبعد عنهم شرارهم .. آمين .. آمين ..
د.محمد بن عبد الرحمن العريفي
الأستاذ بجامعة الملك سعود
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
عضو رابطة فقهاء الشريعة
الرياض 26/2/1432هـ 30/1/2011م
الصوت
http://www.vi2tu.net/uploads/______________25.mp3
حفظ الله مصر وأهلها وكل بلاد المسلمين

ورقة زعفران @ork_zaafran
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ورقة زعفران
•
سبحان الله


الرسول صلى الله عليه وسلم يقول( من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله )


الصفحة الأخيرة