ثمة رجال ربوا اللحى فزادتهم وقاراً فوق وقار ، وارتقاء فوق ارتقاء أولئك الذين حملوا الرسالة
المحمدية الطاهرة بصدورٍ ملؤها التقى ، ونظروا للعالم -على مافيه- بنظرةٍ ملؤها تفاؤل ورضى ، يغارون
على حرمات الله ولكن لغيرتهم تقول الغيرة هأنذي وهذي صورتي التي قد ارتضاها الله لي ،
لهم ألسنةٌ قد عاهدوها بالشهد فكانت منه أحلى ، ولهم نفوسٌ طيبةٌ لو كان للموت سلطان عليها
لأخلدها ما شاءت الخلود ولأماتها إن شاءت ردى ، هم بين الورى جنة بقدمين تمشي الهوينا
ابليس يخشاهم والعدا ، نورهم منهلٌ للنور كله ، وكلامهم طاهر لا تمله ، لو كان بيد أحدهم
شيئاً اشتهيته صار لك ، ولو كانوا ظمئا لماءٍ بعد مشقةٍ وجدوه آثروك به غير عابئين ، نفوسهم
ليست كنفوس أهل الأرض وأرواحهم -تكاد تقسم- بأنها من نور الجنة قدّت مادتها ، ما أن ترى
أحدهم إلا وترى موقفاً منه يذكّرك بأبي بكر وآخر لعمر وكذا عثمان وعلي رضوان الله عليهم
ليسوا صحابة لكنهم للصحابة أقرب ، قد نذروا نفوسهم لنشر هذا الدين ، ولنجدة المسكين فأصبح هاجساً
في قلوبهم ، وأملاً كالزاد في أرواحهم ، تريد أن تراهم ؟
اذهب لمراكز الجاليات ، في الأسواق في الملتقيات ، اذهب لهيئات الإغاثة
لا يجرحون من جرحهم ولا يشتمون من شتمهم ولا يهينون من همشهم
ويحتسبون ذلك كله عند الله تعالى..
فبارك الله فيهم ، وزادهم الله رفعةً فوق رفعتهم ، وتقى فوق تقاهم ، وجزاهم الله كل خير.
في الجهة المقابلة ، تجد ذكوراً ربوا اللحى فزادت وجوههم ظلاماً فوق الظلام ، وجوههم مكفهرّة
صدورهم نكدة ، ألسنتهم قذرة، العقد في قسماتهم ظاهرة، والحقد من لسانهم يغلي غلي المرجل
ومافي قلوبهم أخس وأشمل، لا يبنون المجتمعات ، ولا يفرجون الكربات ، رحماء على من وافقهم
أشداءٌ على من خالفهم ، كل الناس منافقون وكفرة وكأنه ليس على الإسلام غيرهم ،
الناس عندهم ضلال هلكى ، والمصلحين عندهم من الجور أطغى ، قد أخذوا من المسلمين الاسم ومن اليهود الأخلاق واللحية !
ليت من قد ختنهم صغاراً قد ختن ألسنتهم كبارا ، ليس فيهم خيرٌ فيرجى ،
الخبث في صدورهم كالدود في القبور يركب بعضه بعضاً ، الناس تتركهم اتقاء شرهم ..
كالبراغيث يبحثون عن الأجساد هنا وهناك ليمصوا الدماء فيعيشوا ، وكنسوة السوء خلائقهم ،
فإن كان الزنا أدناه ، فهو عندهم أعلاه ، يمارسون البغاء اللفظي على أعراض المسلمين
دون هواده ، يتخبطون يمنة ويسرة باحثين عن فريسة جاهزة للإساءة ، يظنون أنهم بما يفعلون
نالوا ملكاً وسيادة -ليت شعري- وهل تفعل ذلك إلا القرادة ؟
إن كنت عاصياً فعرضك مستباحٌ عندهم ، كيف لو حكموا بكفرك أو نفاقك !
لا تجد لهم في تاريخ المسلمين شبيهاً إلا اللهم -فيمن عاصرهم- كابن سلول ذاك الذي
يلوك القولة بين المسلمين ليستعدي بعضهم على بعض ، وكابن سبأ ذاك الذي يمشي بالبهتان
والنميمة بين هذا وذاك ، فيفسد الراعي بعيون الرعية ، وينشر الفتنة بين البرية ، تريدون أن ترونهم
إنهم خلف أسترة الانترنت ، يتجولون كنساء السوء في سوق شبهه ، نساءٌ بلحى كلامهم
فحشاء أفعالهم بغاء وكل ذلك بإسم الجهاد والتقى..
مفسدون في الأرض يبغضون الراعي ويستعدون عليه الرعية..
لا يرحمون عاصياً ولا ينجدون مسكيناً ، يخربون أوطانهم بأيديهم وأيدي المجرمين..
يريد الله بالناس اليسر ويريدون لهم عسرا وخسرا ، قاتلهم الله أنى يؤفكون !
فهل كنت يوماً لهم مبصّراً ومنجداً علهم يرتدعون وعن إجرامهم ينتهون؟
تأملوا صورة المتعطشين للدماء ، أولئك الذين قد ضحك الشيطان عليهم ، فاستحلوا أعراض
المسلمين ولاكوها بألسنتهم وفتنوا عباد الله في دينهم (باسم الدين) ........ والدين من كل هذا براء !
فأي نصرة للإسلام ، بمخالفة هدي نبي الاسلام..!!