نـــــــقــــــــض الــــعـــــهــــد مــن صـــفــات الــفــاســقــــيــن

ملتقى الإيمان

حين يعد الإنسان وعدا يجب عليه أن يوفي ، وحين يعلن إلزام نفسه بشيء، أو



يقطع على نفسه عهدا أو ميثاقا سواء فيما بينه وبين الناس أو فيما بينه وبين الله


عز وجل ثم لا يفي بهذا فإنه عندئذ يكون ناقضا للعهد.



إن نقض العهد ليس من شيم المؤمنين الصالحين، بل هو من صفات الفاسقين


والمنافقين قال الله تعالى: ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم

لفاسقين)


وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير فقال: " أربع من كن


فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى


يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر"




بل عد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان متصفا بهذه الصفة الذميمة ممن


ذهبت مروءتهم ودينهم فقال:" لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له ".





وإن هؤلاء الذين ينقضون عهودهم سيجدون عقوبة ذلك في يوم من الأيام،قال


محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى:ثلاث خصال من كن فيه كن عليه: البغي

، والنكث ، والمكر، وقرأ ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله)


( يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم)


( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)

وقال ابن عطية في تفسير آية الفتح هذه (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)

قال: إن من نكث يعني نقض العهد فإنما يجني على نفسه ، وإياها يهلك ، فنكثه



عليه لا له.

نقض العهد حرام وكبيرة:


لقد حرم الله على المؤمنين نقض العهود ، وأوجب عليهم الوفاء بها فقال:


(وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)




وقال: ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).


وهناك الكثير من الأدلة على وجوب الوفاء بالعهد وعدم نقضه، ولهذا عد بعض


العلماء نقض العهود من الكبائر





عواقب نقض العهود :

إن لنقض العهود عواقب سيئة على الأفراد والمجتمعات ، فهو يؤدي إلى الخلاف


والشقاق ، ويزرع العداوات والأحقاد ، وينزع الثقة بين أفراد المجتمع، كما يؤدي


إلى فقدان الآخرين ثقتهم في هذا المجتمع ، فضلا عن ذلك فقد توعد الله من


كانت ناقضا للعهد بالعديد من العقوبات ، ومنها :



1- اللعنة وقسوة القلب:

فقد ذكر الله عن طائفة من بني إسرائيل أنهم لما نقضوا عهد الله أصابتهم اللعنة:


( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه


ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم )



قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : إن من نقض العهد الذي أبرمه يضر نفسه كما


أنه يجر على نفسه اللعن.

2- الخسران العظيم في الدنيا والآخرة:



قال الله عز وجل: ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله


به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون).


إنها خسارة حقيقية في الدنيا والآخرة ، وهذا ما لفت الأنظار إليه الحافظ ابن حجر



رحمه الله حين قال: كان عاقبة نقض قريش العهد مع خزاعة حلفاء النبي صلى


الله عليه وسلم أن غزاهم المسلمون حتى فتحوا مكة، واضطروا إلى طلب الأمان،



وصاروا بعد العزة والقوة في غاية الوهن إلى أن دخلوا في الإسلام.




3- انتشار القتل وتسلط الأعداء :



وهذه من العقوبات العاجلة التي تصاب بها المجتمعات حين يفشو فيها نقض


العهد ، وهو ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما نقض قوم العهد إلا



كان القتل بينهم".

وقال أيضا عن بعض العقوبات التي تصاب بها الأمة حين ترتكب بعض المعاصي:

" ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا

بعض ما في أيديهم".


4- الفضيحة يوم القيامة والعذاب الشديد:


أما الفضيحة فلأن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان . وأما

العذاب الشديد فلأن الله عز وجل يقول: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقة


ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء


الدار).


5- الناقضون للعهد شرار الخلق عند الله :



قال الله تعالى: ( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت


منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون).



.


ونختم بما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله:



الغدر حرمته غليظة لا سيما من صاحب الولاية العامة ، لأن غدره يتعدى ضرره إلى


خلق كثير ، ولأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء.


فاللهم أعنا على الوفاء،ولا تجعلنا من ناقضي العهود



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2
473

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نونا
نونا
جزاكي الله خير وبارك فيكي
قمر بني هاشم
قمر بني هاشم
جزاكي الله خير وبارك فيكي
جزاكي الله خير وبارك فيكي
شاااااكره مرورك أختي

نونا