اغراب

اغراب @aghrab_1

عضوة جديدة

نفحات أمل..

الأدب النبطي والفصيح

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذه اول مشاركة لي معكم واتمنى ان تنال اعجابكم ..
هذه قصة قصيرة كتبتها قبل فترة واحب ان تعطوني رايكم فيها ..
وهي بعنوان.. نفحات أمل..
*************************************

على شاطئ ذلك الغاضب الأزرق,جلست ذلك اليوم ,جلست على رماله الذهبية الدافئة, أنظر إليه بعينين شاردتين,وفكر غائب,رحل من مكانه واخذ يجول ويجول ولا أدري أين وصل الآن,أو أين استقر..
سالت عبراتي على وجنتي بعد أن أثقلت عيناي المسكينة, قلت أناجى البحر,يا بحر..هل تستطيع أن تحمل همومي؟ هل تقوى على إزالة أحزاني؟ أم أنها ستثقلك وتتعبك كما أثقلت كاهلي أنا؟؟
آه يا بحر لو تعلم ما في هذا القلب الصغير من الهموم و الآلام .. لو تدري كم يقاسي.. كم يتألم ويعاني ..
لكم أود يا بحر أن ألقي بهمومي ومتاعبي في مائك لأتخلص منها للأبد ..
نهضت من مكاني .. مسحت دموعي الكثيرة .. وتوجهت إلى المنزل .. لم يكن منزلا كما يعتقده الناس .. فهو ليس سوى كوخ بقرب البحر .. مهدد بالانهيار والسقوط في أي لحظه .. ولكنه على أية حال .. يكفينا أنا ووالدي .. فلا يعيش في هذا الكوخ المؤلف من حجرتي نوم .. ومطبخ وحمام واحد .. سوى أنا ووالدي المسكين .. لكم هي غريبة هذه الدنيا .. أخذت أفكر وأنا في طريقي إلى كوخنا .. فقبل سنتين.. كنا نسكن في بيت بل قصر يحسدنا الجميع عليه.. نعيش عيشة رغده هانئة جميلة .. كل ما نريده نحصل عليه وبكل سهوله .. سيارات آخر موديل .. سفرات إلى مختلف أنحاء العالم كل سنة .. وفي كل صيف .. والأهم من هذا وذاك .. أن أمي كانت بيننا ... تحيطنا بحنانها وعطفها ورعايتها .. ولكن هذه هي الحياة .. يوم لك ويوم عليك.. ففي سنة واحدة تدهور حالنا .. وانقلب رأسا على عقب.. فلقد ماتت أمي .. رحلت روحها إلى بارئها بعد أن عانت من مرض خطير صارعته بكل شجاعة لمدة ستة شهور .. ولكن يا للأسف .. فلقد انتصر عليها في النهاية.. وتغلب عليها .. أبي فقد عمله وفقد كل ثروته ..
فقد كل شي حتى أننا اضطررنا إلى بيع منزلنا .. وبيع كل ما نملك.. بل كدنا نبيع أرواحنا .. فقط لنستطيع الاستمرار .. وهانحن اليوم ..أنا وأبي المريض المقعد.. لا أحد سوانا .. لا يسأل عنا أحد .. لا أصحاب.. و أهل .. ولا حتى أحباب ..
أطلقت تنهيدة من صدري الصدئ ودخلت إلى المنزل.. ذهبت إلى حجرة أبي.. فلقد حان موعد دواءه .. دنوت من فراشه.. حيث كان مستلق هناك دون أن يستطيع حراك أطرافه .. اقتربت منه أكثر.. قبلت جبينه ومسحت على رأسه .. فتح عينيه بتثاقل ثم أغمضها .. وبعد ثوان .. عاد وفتحها.. ابتسمت له وقلت: صباح الخير يا أبي.. رد علي وعلى وجهه ارتسمت ابتسامته الحلوة : صباح النور يا حلوتي.. كيف حالك؟؟ رددت :أنا بخير .. ماذا عنك ؟؟
أخذ نفسا عميقا ثم قال: بأفضل حال لأنك معي يا بنيتي ..
أجبته قائلة: هيا يا أبي .. فلقد حان موعد الدواء.. مشيت إلى الطاولة التي كانت لا تبعد عن فراش أبي سوى بضع خطوات.. وبينما أنا أجهز الدواء له .. قال لي: بنيتي.. أنا آسف..
عجبت لقوله فالتفت نحوه: أبي.. لم تتأسف ؟؟ ما بك ؟؟
قال بلكنة حزينة: صغيرتي.. اعذريني .. فبسببي أنا أنت بهذه الحال.. بهذا الفقر الموحش.. بسبب حماقتي وغبائي .. أضعت كل ما نملك في صفقة كنت أعلم أنها خاسرة .. ولكن غروري منعني من رؤية الحقيقة فانقدت وراء رغباتي وطموحي الكاذب.. وما لنتيجة؟ أمك رحلت عنا.. ولن تعود .. وكل ما نملك أصبح ذكريات من الماضي.. سكت وبان على وجهه أنه يتألم فأسرعت وجثوت على ركبتي بقربة.. أمسكت يده وقلت: أبي.. لا تقل مثل هذا الكلام ..أنت كل ثروتي.. كل كنوزي في هذه الدنيا.. أبي.. حياتنا الجديدة لا تسئ إلي بشيء..بالعكس فها أنا أحاول التأقلم معها وما أراني إلا ناجحة بإذن الله..
نظر إلي مطولا ثم قال: ويحك يا صغيرتي.. أتظنين أني لا أعرفك؟أتظنين أنى لا أرى تلك الدموع الكائنة بعينيك؟أو أني لا أستطيع أن أرى ذلك الحزن السرمدي الذي استعمر قلبك؟آه يا بنيتي ليت الزمان يعود قليلا.. لربما كان الحال أفضل!!
طفرت دمعة من عيني وأنا أقول له: أبي المال ليس كل شيء.. إحساسي بالأمن.. بالسعادة بالفرح وأنا معك يا والدي تساوي كل كنوز الدنيا..فلا يشغلن المال بالك..
قال لي: ولكن صغيرتي؟كيف سنعيش؟ ما الذي سنفعله غدا؟كيف سنأكل؟؟ومن أين؟
ابتسمت له وقلت: أبي إن الله لا ينسى عباده.. الله لن ينسانا أبدا.. فتفاءل خيرا أبتاه..
نهضت وأخذت الدواء من على الطاولة وناولته إياه .. أصلحت فراشه.. قبلت رأسه.. ثم استأذنته للخروج..
وفي المساء.. كان القدر ينسج لنا ما لم نتخيله ..وما لم يخطر على بالنا أصلا.. وكأن الله سمع نجوانا ودعائنا.. فلقد أرسل إلينا الحل.. أرسل إلينا بشعاع من الأمل لينير حياتنا ويبدد وحشة ظلامها ..
كنت جالسة أقرأ بكتاب عندي وإذا بطرق خفيف على الباب.. حسبته في بادئ الأمر هدير البحر كحاله كل ليلة.. وكأن بداخله معركة حامية الوطيس.. أو كأنه قفص يحتوي بداخله العديد من الحيوانات المفترسة الجائعة التي تظل تزأر وتصرخ ولا تستكين..
ولكن لا إنه طرق على الباب.. أحدهم هناك .. أنا متأكدة.. اقتربت من الباب ومخاوفي وشكوكي تسبقني إلى هناك.. استجمعت نفسي الخائفة وقلت: من.. من هناك ؟؟
أتاني صوته الأجش قائلا: أنا عبد الرحمن.. ابن عمك .. افتحي لي الباب يا ابنة عمي..
دائرة من الذهول والدهشة تحيط بي.. لم أعرف بماذا أرد.. حتى عاد صوته ليقول: أرجوك.. افتحي لي.. فأنا أكاد أتجمد من البرد..ناهيك عن المطر ذو الحبات الكبيرة ..وعن ألمها حين تتساقط على الرأس..
تناولت غطاء رأسي من على الطاولة.. ووضعته على رأسي..
فتحت الباب وعلامات الدهشة واضحة على وجهي.. قال مبتسما: أهلا بك يا ابنة عمي.. مابك؟؟
انتبهت لواقعي وقلت بذهول: لا..لاشيء.. لاشيء أبدا..أهلا بك يا ابن عمي..
أمضينا ثوان قبل أن يقول مستطردا: ألن تدعيني للدخول؟
أحسست بالحرج.. ويحي ..كيف لم أدعه للدخول؟ قلت له معتذرة: اعذرني يا عبد الرحمن ..تفضل..
دخلنا إلى المنزل .. أخذ يجول ببصره في المنزل وأتبعه أنا بعيني.. قلت له: ثوان لأرى إن كان أبي مستيقظا..
لم ينبس بحرف.. ولكن قبل أن أدخل غرفة أبي قال لي: مها ما الذي حصل لكم؟ كيف تبدلت حياتكم لهذه الدرجة السيئة؟ كيف تعيشون ومن أين؟
تنهدت حتى أحسست أن صدري يتقطع.. وقلت: هذا ما أراده الله لنا.. ولا اعتراض على قدر الله يابن العم.. ثوان لأرى أبي..
تركته وذهبت لأرى أبي..
اقتربت من أبي .. همست في أذنه : أبي .. أبي ..
فتح عينيه ناظرا إلي.. وقال: مها..ما بك؟ هل أنت بخير؟
أجبته : أجل بخير يا أبي.. ولكن عبد الرحمن هنا .. عبد الرحمن ابن عمي..
لم تكن ردة فعله مغايرة عن ردة فعلي.. فلقد كان الذهول هو أول ما ارتسم على قسمت وجهه ..
قال لي: عبد الرحمن ؟؟ هنا في منزلنا؟ ماذا يريد؟؟
سكت قليلا ثم قال :دعيه يتفضل ..
ذهبت إلى عبد الرحمن وقلت له: تفضل.. أبي بانتظارك..
نظر إلي باستغراب .. فهمت قصده.. فقلت مبررة: أبي مقعد ..لا يستطيع الحراك وهو ينتظرك في غرفته..
أمسك بكتفي وقال: مها.. عمي مقعد ؟؟كيف ذلك؟؟ ولماذا؟ ما الذي حصل؟
قلت: قصة طويلة .. أشرح لك تفاصيل أحداثها لاحقا.. هيا أبي بانتظارك..
دخلت .. ودخل عبد الرحمن خلفي .. وما أن رأى أبي عبد الرحمن .. حتى تهلل وجهه وانفرجت أساريره... دمعت عيناه ..فعبد الرحمن منذ صغره ..كان المميز عند أبي.. فكأنه ابن له.. نعم .. ربما يكون أبي قد حرم من الأولاد.. إنما حبه لعبد الرحمن .. وتعلقه به .. أنساه الشعور بالحرمان..
اقترب عبد الرحمن من أبي وضمه بشدة.. قال ورائحة دموعه تعبق المكان: عمي .. لكم افتقدك يا عمي !!
رد أبي بلهجة قاسية ممزوجة بعتاب عذب : لو أنك افتقدتني .. لكنت حاولت السؤال عني .. أو معرفة أخباري .. لا تخف يا بني.. لم أكن أريد منك شيئا.. لا مالك ولا جاهك .. أريدك أنت.. ولكن على ما اعتقد.. أنت لم تريد حتى السؤال عن عمك..
قال عبد الرحمن بحزن مكفكفا دموعه: عمي .. أرجوك لا تظلمني .. لقد حاولت السؤال عنكم كثيرا.. بحثت عنكم وبحثت إلى أن حفيت قدماي.. حتى كان اليوم.. خطر ببالي خاطر .. وتذكرت هذا الكوخ العتيق .. تذكرت أنه المكان الذي قضيت فيه طفولتي.. تذكرت كيف أني كنت ألعب مع مها هنا.. أمام هذا الكوخ.. وهالة من البراءة والسعادة تحيط بنا.. وتذكرت أيضا كم كنت تحب هذا المكان.. فقررت أن أزوره.. لأنه آخر خيط بقي لي وأحببت أن أتمسك به.. والحمد لله أني تبعت حدسي فها أنا ذا هنا بينكم .. وفي أحب الأماكن إلى قلبي..
كنت ساكتة طوال الوقت لم أنطق بشيء.. ربما لأني لم أفق من هول الصدمة بعد.. حتى تكلم عبد الرحمن وقال ما أوقظني من صدمتي الأولى ليدخلني بصدمة أكبر وأكبر:
عمي ..أود أن أطلب منك طلبا.. أرجوك لا تردني خائبا..
ضحك أبي قائلا: بُني.. أنت تعلم أني لا أستطيع أن أرفض لك طلبا مهما كان.. تفضل يا بني..
قال عبد الرحمن مكررا ما قاله والدي: مهما كان؟
قال له أبي ناهرا:عبد الرحمن.. أطلب ما تريد ولا تخجل مني!!
قال عبد الرحمن: عمي.. أريدك أن تنتقل للسكن معي أنت ومها..
نظر إليه أبي وقد فهم مقصد عبد الرحمن.. لم انتظر لأسمع جواب أبي فقلت: وعلى أي أساس نسكن معك؟ هل أتيت اليوم لتعرض علينا عرضك السخي هذا؟ أم أنه ناجم عن عطفك وشفقتك علينا؟لا تتعب نفسك..فهذه حياتنا وتسوغ لنا كما هي..كذلك كيف نسكن عندك؟وبصفتك من؟ ألم تفكر أنك شاب أعزب وأنا فتاة؟ كيف نسكن معا في منزل واحد؟وكلام الناس؟
ابتسم وقال: على رسلك يا ابنة عمي.. ستسكنون معي بصفتكم عمي أخو والدي.. ووالد زوجتي.. أنت..
كانت تلك المفاجأة التي لم أتخيلها يوما.. قلت ببلاهة: زوجتك؟
ابتسم بعذوبة وقال: زوجتي أجل.. أم أولادي وشريكة عمري.. زوجتي على سنة الله ورسوله.. التفت إلى أبي وقال:عمي.. أنت تعلم كم أحب مها منذ صغري. فهل أنت موافق على زواجنا؟هل أنت راض؟
رفع أبي رأسه ناظرا إلينا وقال بعد لحظات صمت: لم أكن راض يوما عن شيء كرضاي عن هذا الزواج..ما رأيك يا مها؟
أطرقت برأسي خجلا ولم انطق بحرف.. ولكن كان باديا علي موافقتي.. قال أبي: السكوت علامة الرضا.. على بركة الله..
وبالفعل.. تزوجت عبد الرحمن.. وانتقلنا نحن الثلاثة إلى منزله.. منزل رغم بساطته إلا أني قضيت فيه أجمل أيام عمري مع زوجي.. وبالطبع أبي..
وأصبح الكوخ الذي بقرب البحر.. ملاذنا حين نبحث عن الراحة.. عن السعادة.. حينما نريد تذكر طفولتنا السعيدة وحاضرنا الجميل..
رفعت يدي إلى السماء حامدة ربي على نعمه.. على إفراجه همنا وكربنا.. فكما قلت لأبي.. إن الله لا ينسى عباده..فلقد أرسل إلينا رب العالمين الحل.. أرسل إلينا عبد الرحمن..
ضحكت مع نفسي وقلت: أجل.. مشكلتي لها حل..
ومضيت في حياتي وفي بالي.. ذكرى ذلك الكوخ.. وتلك الأيام..
ولاح ضوء الفجر من نافذة غرفتي.. قلت بأمل: يوم جديد.. ترى ما الذي يخبئه لنا من أفراح؟

********************************************************
اتمنى ان تحوز على رضاكم

اغراب
4
526

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الدرة نهاد
الدرة نهاد
اغراب

رائعة رائعة رائعة رائعة ..

مشاعرك واحساسك جعلك تكتبين قصة أكثر من رائعة قصة بدايتها رائعة ونهايتهاأروع بورك فيما خطته أناملك ..


قصة في قمة الروعة ..


أختك المحبة :
الدرة نهاد
وهم الحياة
وهم الحياة
روووووووووووووووووووووعة بجد روعة قصة روعة
مااقول اني افضل من ينتقدك لكن اسلوبك رائع جذبني الى قصتك المتميزة بالفعل رائعة واكثر من رائعة

تسلمي اختي واتمنى نشووووووووف لك قصص اكثر فالموهوبات في هذا المنتدى في ازدياد

ماشاءالله

تحياتي لك ولقلمك الرائع:26:
اغراب
اغراب
اختي العزيزة الدرة نهاد ..
احرجتي تواضعي اختي العزيزة ومالرائع الا ذوقك ..
لا املك ما اقول .. سوى اشكرك.. والحمدلله انها اعجبتك .. :26:
اشكرك اختي ..

اغراب
اغراب
اغراب
اختي العزيزة وهم الحياة ..
اشكرك اختي الغاليه .. من ذوقك والله ..
انتي اللي روعه اختي :27:
تقبلي تحياتي

اغراب