nodo

nodo @nodo

عضوة نشيطة

نقد ذاتي:ماذا أكتب؟كيف أكتب؟ لماذا أكتب؟ هل أكتب حقا؟؟؟

الأدب النبطي والفصيح

ماذا أكتب؟
في البدء كان الشعر. تحترق روحي كي أخرج الأحرف حبرا على ورق. ريما ورثته عن جد عربيّ أسمر يحدو الجمال بزجله عبر صحراء العرب الحارقة.ولربما كان ترانيم كاهنة عذراء في معبد فرعونيّ حفرت داخل خلاياي. أو قد يمتد به النسب إلى أهازيج ساحر أفريقي عجوزيغني أمام النار في ليلة مقمرة.
هل ألقت به الرمال في صدري؟ أم شربته مع ماء النيل؟ أم وعاه قلبي من هسيس غابات قارتي السمراء؟
لاأدري. ولكنه كان الشعر...موجودا بداخلي منذ وجدت... ركيكا بقدر ماهو صادق.

تقول نظريات ارتقاء الحضارات ونشوء الأدب بأن الشعر دوما يسبق النثر. لربما كنت أنا مثال جيد لذلك, ولربما أمتثلته لأني اعرفه. المهم أني وجدت نفسي ذات ليلة منذ عامين مدفوعة لأن أكتب قصة قصيرة.
ومنذ ذلك الوقت وأنا أتركها شهورا ثم اعود لأعدل كلمة, أو حدث, أو حتى علامة وقف ثم أعود لأهمال الأمر برمته.حتى ظهرت قصتي الأولى: فلتزأر العاصفة. ونشرتها في هذا القسم بالذات.
وحين امتدحتها الأخت الفاضلة منيرة ناصر آل سليمان كادت الفرحة ان تطير بقلبي, ثم عادت المسؤلية لتثقله. ولم أخط حرفا من يومها.
حتى ظهرت قصتي الثانية :المواجهة, والتي هي محاولة لكسر حاجز الخوف لا أكثر. لذا فقد ظهر مستواها فنيا وجماليا أقل بكثير.
كيف أكتب؟
عندما اكتب أرى الشخوص والأماكن حية امامي , كأنما هي ذاتية التواجد, مستقلة بنفسها وليست محض خيال أنا مبتدعته. أرى حول الأبطال عشرات التفصيلات الصغيرة, أرى الأماكن بكل ما فيها من موجودات. أريد أن أجعل القارئ يراها معي ويحس بما أحس به. أعلم أني فشلت في هذا ولكني سأستمر في المحاولة.
أحب أن أكتب بحرية.المحسنات البديعية والألفاظ الجزلة تعيقني. أحب الكلام منبسطا وبسيطا في ظاهره, متراكبا وعميقا في معانيه. أحب الجملة التي توحي بأكثر مما تقول, وتقول أقل مما تعني.
الأدب يجب أن يكون لصيقا بالحياة, أمينا في وصفه لها, يستمد مادته وأسلوبه منها.
ولست أعني بذلك إظهار الحياة بكل مافيها من قبح وتعاسة, كما أكره أن أزينها بأكثر مما تحتمل.يقول الشاعر الأمريكي فروست:
يجب على الأديب ان يظهر الحياة كما هي. ولكن ليس عليه لكي يعرض حبة بطاطا مثلا أن يقدمها بكل ما علق بها من أوحال, فحتى إذا غسلناها فإن حبة البطاطا تبقى حبة بطاطا.
بمعنى أن نظهر الحياة بأجمل شكل حقيقي لها , وبكلمة حقيقي أعني واقعي غير مغرق في الخيال
تخيلي معي حبة بطاطا وقد غمرت بالشيكولاته.
وكذلك النص الأدبي في رأيي لا يجدر بي أن أملأه بالجماليات حتى لتغلب على الأفكار.
أميل للغة الصحف. جمل قصيرة, تقريرية, محبوكة; فيظهر النص واضحا ومحكما.
أكثر من عجبني في هذا المضمار أعمال هيمنجواي,يوسف السباعي, مسرحيات تشيكوف, وبعض كتابات جمال الغيطاني.
الرائع في أعمال هؤلاء ـ وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم ـ أن هذه التقريرية وذلك الوضوح يخفي تحت استاره عمقا لا متناهيا ومساحات ملأى بالمشاعر والإيحاءات. فنجد أن ملا حظة عابرة, لفتة, أو حتى مساحة صمت تحمل من المعاني ولأفكار بقدر ماتحمل الخطب الشكسبيرية المطولة.
وهذا في رأيي هو قمة الواقعية.
ففي الحياة لا نقابل الحزن واضحا , جليا , منفردا بحد ذاته, ولا السعادة , ولا الألم , ولا أي نوع آخر المشاعر; إذ ليس لأي من الأحاسيس حدودا واضحة المعالم .إنها في الواقع تتماهى مع بعضها البعض , وتتشابك حتى ليختلط علينا فهمها. وتبقى منطقة ما من أنفسنا مظلمة وملغزة حتى بالنسبة لنا فنعجز عن التعبير عن مشاعرنا بشكل واضح ومستفيض . وقد لا نجد متنفسا لهذه المشاعر إلا عبر ملاحظة عابرة , لفتة, أو قد نلتزم الصمت.
وللرمز في هذه المدرسة الأدبية قدر عظيم. فالموجودات والأشياء الصغيرة التي تملأ حياتنا تحمل في طياتها معاني أكبر بكثير من قيمتها الحقيقية. تأملي معي كيف تعتزين بقلم, وشاح, زجاجة عطر , أو حتى حصاة صغيرة لأنها تحمل ذكرى معينة لك.
أتمنى , فقط أتمنى , أن أصل يوما إلى مقدرة أحد هؤلاء الكتاب في التوصل لحقائق النفس البشرية,وفي القدرة على التواصل مع الاخرين, ومواصلة طريقي الذي أخترته حتى النهاية.
يقودنا هذا إلى التساؤل التالي:
لماذا أكتب؟
عندما ألقيت على نفسي هذا السؤال منذ زمن بعيد وجمت, ولم أستطع الرد.
نحيت قلمي جانبا , ارجعت ظهري إلى الوراء, وحملقت في سقف الغرفة...نعم
لماذا؟
إن موهبتي ليست بالموهبة الهادرة القاهرة التي لاأملك أمامها إلا الرضوخ. بل إن كثيرا مما أكتب يعود إلى المثابرة على الكتابة , والدراسة الأكاديمية لأصولها.
أي أن الكتابة هنا فعل أختياري محض كان بإمكاني الحيلولة دون وقوعه.
فلماذا اخترتها إذن؟
لماذا أبوح بدواخل نفسي للغرباء , أنا التي أشتهرت دوما بانطوائي وحبي للعزلة؟
طوال عمري تعلمت كيف أنصت للآخرين وهم يعرون ذواتهم أمامي , و لكني لم اسمح لهم أبدا إلا بالاقتراب من قشرة خارجية صنعتها حولي واحتميت خلفها.
فلماذا إذن أبذل كل هذا الجهد لممارسة شئ لا يهم أحدا ولاأحتاجه حقا؟
"بل أحتاجه"كذا قلت بصوت مسموع .
وعدت لأنكب على أوراقي وأمسك بالقلم.
بالرغم من كل الأختلافات بين البشر إلا أن جزءا من أرواحهم يبقى كما هو
أصيلا ...نقيا كما خلقه الله . فلو أنني تمكنت من الوصول إليه بداخلي, لو أنني فقط استطعت أن ألمس وهج الحقيقة المخبؤة في روحي ثم نقلته حيا على الورق, لوصلت كلماتي إلى أرواح الاخرين. أنا أكتب إذن لأني بحاجة للتواصل مع الناس, بحاجة للبوح... ذلك الفعل الذي لم يبق لنا منه إلا اسمه.
سأقول لكن , إذن, كل ما لم أستطع قوله..سأخط أحلامي ..مخاوفي..إحباطاتي..وانتصاراتي. ربما أفعل هذا مدفوعة للتواصل كما قلت , وقد أفعله طلبا للخلود أيضا. أن أترك مع كل منكن جزءا من روحي, لمحة من نفسي, أن أخلّف , إذا ما مضيت, أثرا ما...ألاّ أفنى.
هذا إذن هو أول موضوع لي لن أنظر فيه على عدد الردود بقدر ما أنظر فيه على عدد المشاهدات; فكل من ستقرأه ستحمل, وللأبد, جزءا مني معها.
أليس غريبا... ذلك الحرص على ترك الذكرى؟
ربما ورثته من جد لي عربي علق قصائد الفخر بقبيلته على أستار الكعبة, ربما من ملكة فرعونية سجلت حياتها على اوراق البردي, أو قد يمتد به النسب إلى شاب أفريقي خلد قصته على جدران أحد الكهوف.
لاأدري حقا... ولكن ما أعرفه هو أنني أرغب بهدا الأمر بشدة, وأحققه عبر الكتابة.
ولكن هل أنا أكتب حقا؟
أعتقد أن إجابة هذا السؤال متروكة لكن.
والسلام
8
750

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

nodo
nodo
الان وبما أنه نقد ذاتي فلابد لي من قول الاتي نيابة عنكن:
_نعم الموضوع طويل كليل المعذبين وقد يكون مملا
_ الموضوع يتحدث عني طوال الوقت وقد يكون هذا قمة النرجسية ولكني أراه كرغبة حقيقية في التواصل , أن تعرفن عني بقدر ما أعرف أنا عن نفسي, أن تفهمن كيف أفكر.
_ بالنسبة لموضوع المشاهدات والردود فأنا لم أعن أن الردود لاتهمني, بل بالعكس أنا أنتظر على أحر من الجمر تعليقاتكن.
وفي النهاية أتمنى أن أكون قد أحسنت صنعا بكتابة هذا الموضوع
أولى الحرائر
أولى الحرائر
أهلا بالقلم المبدع
تساؤلاتك يا عزيزتي أثارت داخلي الكثير
سرني أنك سطرت خلجات نفسك
ونقلت لنا خبايا النقاء داخلك

أنت تكتبين ما يمليه عليك قلبك..
ذاك الذي احتوى روحا أحسبها ولا أزكي على الله تقية
تكتبين لأن عقيدتك تملأ قلبك..
وتملي عليك ما يفيض لها حبا ونصرة

قلمك راااائع ـ ما شاء الله تبارك الله
رجائي أن تعطيه حقه من الرعايه
nodo
nodo
أولى الحرائر
وأولى المتفاعلات معي أيضا
جزاك الله خيرا على كلماتك الرائعة ودعمك لي
وأتمنى أن أكون فعلا كما تحسبينني
و أتمنى من الله أن يجمهنا على الخير دوما
شكرا لك على التشجيع
والسلام
أسيرة حواء
أسيرة حواء
لايمكن لأي متذوق لفن الكتابة أن يمرّ على هذا البوح

الرفيع في مستواه والرقيق في محتواه ...إلاويسجل إعجابه بما نثرته لنا

من لآليء ثمينه جعلت مشاعرنا لأحرفك رهينه

لي عودة فاحصة بإذن الله...
nodo
nodo
أسية حواء
كلماتك أبهجتني حقا ولا أملك إ أن أقول :
جزاك الله خيرا.
أنا بانتظار عودتك وتعليقاتك.
والسلام