هالتان من نور ....... ( بقلمي )

نزهة المتفائلين

خرجت دعاء من المحاضرة ... وهي تلتفت صوب صديقتيها ليلى وسناء .. وكانتا فتاتين يبدو

عليهما الترف والغنى .. حيث اللباس الناعم الثمين ، والأقراص الماسية التي تتدلى من تحت

الشعر القصير بخفة ورشاقة ، والعطور الغالية النفاثة التي تدير الرؤوس ، والكلام الناعم ..

كانتا مسرعتين نحو سيارتيهما الفخمتين ، حيث العودة بهما إلى القصور ، وإلى الحدائق الغنّاء

المنسّقة ..



تأوّهت دعاء ونظرت إلى جلبابها الطويل الفضفاض السابغ ...

وحاولت حبس دمعةٍ أبت إلا أن تتدحرج وتسقط في استحياء ..

أسئلة كثيرة تدور في خلدها .. وهي تحاول طردها والاستعاذة بالله من شرها ..

ولكنها تتغلب عليها ، فتستغفر الله ... وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ...

ولكن هذه الأسئلة الآثمة تمزقها وتهزمها وتثيرها :


لماذا أنا الفقيرة وأنا المؤمنة ؟

لماذا نحيا في بيت كالقبر ... ونأكل الخشن من الطعام ونحن الأبناء الكثر ؟

وغيرنا يحيا في القصور ... ويتخم باللحم والحلوى ؟

لماذا لا تكون عندنا سيارة ننتقل بها كبقية خلق الله ؟





ازداد رأس دعاء دوراناً ، وأحست بشيء من الإعياء ،

ولم تستطع حبس دموعها التي فاضت بحرارة تحت سياط الحزن والأسى ...

أواه يا رباه أما لهذا الليل من آخر ؟!

انطلقت مسرعة صوب الباص الكبير ( الحافلة )

الذي سينقلها إلى منتصف المدينة بالقليل من النقود ...

كانت تسير متروية بعيدة عن العيون تحاول إخفاء دمعها الغزير ...

ولم تشعر إلا يداً تربت على كتفها ...

التفتت بعينيها ...

فإذا هي وداد ...

تلك الفتاة الوضاءة التي تحيط بوجهها هالة من الضياء والنور ...

تزيدها جمالاً وهيبة وإشراقاً ...

لكم تعجبت دعاء من وداد ..

إنها فتاة معدمة مثلها ..

ولكنها مع ذلك سعيدة راضية

مطمئنة

شاكرة

في براءة السماء
...
وطهارة الضياء
...
وخشوع الأصيل
...
وسكون السحر



وعندما تسألها دعاء عن سرّ إشراقها ورضاها ...

تجيبها وداد بكلامها الهادئ البيّن المعدود .. وهي تشير إلى السماء ...


فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب


ولكنها هذه المرة زادتها إيضاحاً ... فقالت لها :

الليل ... الليل

خذي منه زاداً وصبراً وصلاة وضياء وخشوعاً ورضى ..

يا دعاء .. الليل محطتنا






هبّت دعاء من فراشها على صوت جرس الساعة فنهضت وأغلقته ،

وردعتها نفسها على أن تعود ... فتكمل نومها في فراشها الدافئ ..

لكنها تمنّعت وهمست :

الليل ... الليل ، خذي منه زاداً وصبراً ورضى ... الليل محطتنا

سكبت الماء البارد على أطرافها متوضئة

فازدادت يقظة وصحواً وانتباهاً

أطلت من النافذة إلى طريق الحي الطويل

هدوء عجيب يطوق المكان

وغلالة رقيقة من العتمة تغطي كل شيء

الناس نيام

ولكن الله حي لا ينام

حمدت الله - سبحانه - أن رزقها متعة الحضور من الأقلين

وقفت بين يدي بارئها

قرأت من آي القرآن

كم هو جميل هذا القرآن

من سورة الملك ...

استوقفتها آية كأنها تقرأها لأول مرة ...

" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور "

أخذت تكررها وتكررها

فتتحطم الأطباق الجليدية عن قلبها طبقاً طبقاً

أخذ قلبها يحيا وينبض

السكينة تنسكب فيه

جلدها يقشعرّ .. ينقبض

ودموعها تتساقط .. تنحدر

أواه يا رباه

نحن هنا للابتلاء أياماً معدودات

ثم نكون في الجنان

ويحي إذاً !!!

أين كنت من هذا الجمال ؟

وأين كنت من هذه السعادة وهذه اللذة ؟

يا لحلاوة الذكر

يا لجمال القيام

ويا للذة المناجاة

بكت وبكت

أواه يا رباه

تائهة أنا إلا أن ترشدني

ضائعة أنا إلا أن تغفر لي وترحمني

ضالة أنا إلا أن تهديني

فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب




صلت الفجر وأطالت القيام فيه

قرأت ما تيسر من القرآن

ثم سبحت بعد الصلاة

ورفعت كفيها إلى السماء داعية

طلبت من الله الصبر والرضى

والإيمان والصدق والإخلاص







انطلقت بعد الشروق إلى الجامعة

أحست أنها ممتلئة قوة وشفافية

تكاد أن تطير

لا تبالي بالقشور ولا بالزخارف

ولا بالمركبات ولا بالقصور

ولا باللباس ولا بالعطور

إنها جميعاً مجرد زينة لهذا المتاع الفاني :

" إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً "

مظاهر وزخارف وقشور ...

سرعان ما تفنى وتزول

ولكن الإيمان ...

عميق الجذور

بعيد النور

عالي الساق

سامق الأغصان

وارف الظلال

طيب الثمر






لاقت دعاء وداد فتكلمت العيون ببريقها

وتلألأت هالتان من نور

تتصافحان

شدّت وداد على يد دعاء

وتبسمت وعرفت كل شيء

إنها فراسة الإيمان

تقرأ المكنون

وتميز العمل الخفي

من إشراقة الوجه وضيائه



و .. " يا ليت قومي يعلمون "
3
544

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

شمعة خير
شمعة خير
جمممممممممممممممممممممممممممممممممممممميل جدا
واحب ازيد في مرضاء يحبوا يقروين انفسهم ويقول لية هدولي متعافين واحنا لالالا وووالخ
ماعلموا انة حكمة الهية به من حب ولطف والخير الكيثر جدااااااااااااااااااااااااااا
ولتاكدوا من كلامي اقروا قصة يوسف علية السلام كيف عايش دلييل واصبح بعد ها هدا كلة عزيز مصر
شرشف صلاة
شرشف صلاة
رااااائع بس سؤال ليش اخترتي هذا القسم مو مجالس الإيمان
نوران_2
نوران_2

احسنتي ....باااااااااااارك الله فيك ...