سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته..
بينما كنت اليوم ابحر بحثا في عجائب الهجرة النبوية..
بين قصصها وحكاياها ودروسها.. استوقفتني قصة ملهمة ثرية..
تحمل بين طياتها الكثير من معاني الصبر والاخلاص..
الوفاء والشهامة والتضحية..
فأسرتني بتفاصيلها خصوصا وان بطلتها كانت امرة
تركت بصمة مميزة في صفحات التاريخ..
فجأتكن اليوم بها محملة
سائلة المولى ان تجدن بين سطورها الفائدة والعبرة..
بطلتنا هي أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية تزوجت من ابن عمها أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وكانا من السابقين إلى الإسلام. ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة، وأنجبت ولدها سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة أن الإسلام قد انتشر. وحين عادوا إلى مكة، وجدوا قريش لا تزال تسيطر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا في جوار أحد أشراف مكة. دخل أبو سلمة وزوجته أم سلمة في جوار خاله أبي طالب وبقيا في مكة حتى هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى يثرب .
وأرادت الهجرة مع زوجها إلى المدينة ، فصدها قومها ، وانتزعوها من زوجها هي وابنها سلمة ، فهاجر الزوجُ وحيداً ، ثم انتزع بنو أسد ( اهل زوجها) ابنها منها بالقوة بعد ان تنازعا عليه مع اهلها حتى خلعوا يده ، وفرقوا بين الولد وأمه ، وهكذا تفرقت الأسرة ، وابتليت بلاءً عظيماً ، فالزوج هاجر إلى المدينة ، والزوجة عند أهلها في مكة ، والولد مع أهل أبيه حُرم حنان أمه وأبيه ، فكانت أم سلمة تخرج كل يوم إلى بطحاء مكة تبكي ، وتتألم لما أصابها ، حتى شفع فيها شافع من قومها فردوا عليها ولدها ، فأخذته وانطلقت به مهاجرة وحدها إلى الله ورسوله لاحقة بزوجها في المدينة .
فرآها عثمان بن طلحة وكان مشركا وقتها وسألها عن وجهتها، فأخبرته. فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف يثرب، وقفل راجعًا.
وقد قالت عنه ام سلمه: (فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه)
ولما استقرَّت أسرة أبو سلمة في المدينة, عكفت زوجته على رعاية صغارها وتربيتهم ، وتفرَّغ أبو سلمة للدعوة إلى الله تعالى في المدينة، وللجهاد مع رسول الله, دفاعاً عن هذا الدين العظيم .
وعندما خرج النبي الكريم في غزوة ذي العشيرة اختار عليه الصلاة والسلام من بين أصحابه أبا سلمة, فاستعمله على المدينة,
وشهد أبو سلمة غزوة بدرٍ ومن بعدها غزوة أحد ، فأصيب بسهم في عضده ، ومع أنه ظنّ أنه التأم ، عاد وانفض جرحه فأخلد الى فراشه ، فمرضته أم سلمة الى أن حضره الأجل وتوفاه الله وقد قال عند وفاته :
( اللهم اخلفني في أهلي بخير ) فأخلفه الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على زوجته أم سلمة بعد انقضاء عدّتها حيث خطبها وتزوجها ، فصارت أماً للمؤمنين .
وكان رسول الله إذا صلى العصر دخل على نسائه فبدأ بأم سلمة وكان يختمها بعائشة رضي الله عنهن .
كانت أم سلمة ذات رأي رجيح، فأخذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم برأيها يوم الحديبية حين لم يرض الكثير من المسلمين عن بعض شروط الصلح، فنصحته أم سلمة بأن لا يكلم أحدًا حتى ينحر ويحلق، فقام ونحر وحلق فقام أصحابه ينحرون ويحلقون.
وقد روت أم سلمة العديد من الأحاديث النبوية.
توفيت أم سلمة في ذي القعدة 59 هـ وقيل 60 هـ وقيل 61 هـ وقيل 62 هـ، فكانت آخر زوجات النبي محمد وفاة، ودفنت بالبقيع،
وتركتها خلفها مثالا رائعا لمراه جاهدت من اجل دينها، وشاركت في رسم عالم جديد للدولة الاسلامية..
وتُعد أم سلمة خير مثال يجب على أمهات وزوجات اليوم الاحتذاء به من خلال تربيتها لأولادها التربية الأخلاقية الكريمة. وكانت خير زوجة وأم صالحة، تملك العقل الراجح ، والشخصية القوية، وكانت قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها، وتتسم شخصيتها بحسن الأخلاق والأدب
اسال الله ان يجعلنا هاديات مهتديات بالصحابيات مقتديات وان ينفع بنا امة محمد عليه الصلاة والسلام
