إخوتي وأخواتي الأفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
يسرني أن أهدي إليكم إجابات للتساؤلات التالية ،لعل الله تعالى ينفعنا جميعاً بها :
هل هناك فرق بين الرازق والرزاق؟
ما هي دعوة سيدنا داود لطلب الرزق؟وما هو البغاث؟!!!!
هل أنا مطالَب بالإكثار من الدعاء للرزق؟
هل ينبغي لي أن أقلق على رزقي؟
ما هي أنواع الأرزاق؟
ما هي مفاتيح الرزق؟
هل أطلب من الله الأشياء اليسيرة ،أم الأشياء الكبيرة؟
ما هي الحكمة من تضييق الرزق أحياناً على المؤمن؟
هل ينبغي للمؤمن أن يشتكي للكافر؟!!!!
ما هي أنواع تأديب الله تعالى تأديب للمؤمن ؟
ما هو الرزق الذي ينبغي للمؤمن أن يفرح به حقاً؟
ما هو حجاب الدنيا وحجاب الآخرة؟!!!!
كيف يستفيد المؤمن من معرفة بعض معاني اسم الله الرزاق؟!!!
هذه الإجابات تجدونها في الكلمات التالية ، وهي منتقاة من شرح لبعض معاني إسم الله ((الرزَّاق))لفضيلة الشيخ الدكتور:" محمد راتب النابلسي" وهي منقولة عن موقعه www.nabulsi.com
يقول شيخنا الجليل:
" أيها الإخوة الأكارم :نتحدث اليوم عن بعض معاني اسم الله تعالى((الرزاق)) ، وقد ورد هذا الاسم في قوله تعالى في سورة الذاريات :"إنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوة المتين"(58)
والرزاق -كما تعلمون- صيغة مبالغة ، وإذا جاء اسم الله عز وجل بصيغة المبالغة فمعنى ذلك أنه يرزق العباد جميعا مهما كثر عددهم ويرزق الواحد منهم رزقاً وفيراً لا حدود له ، إما على مستوى مجموع المرزوقين ، وإما على مستوى كمية الرزق ، لذلك لم تأت الرازق بل أتت الرزَّاق ، لأنه يرزق كل العباد ويرزق العبد الواحد كل شيء ، وإذا أعطى أدهش .
وورد هذا الاسم في قوله تعالى على شكل فعل مضارع في سورة العنكبوت :"وكَايِّن من دابةٍ لا تحمل ُ رِزقَها اللهُ يرزقُها وإياكم وهو السميعُ العليم"(الآية 60)
ومن دعاء سيدنا داود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة و السلام ،:" اللهم يا رازق البغاث في عُشِّه" (و البغاث هو أحد فراخ الغراب ،وهي أضعف أنواع الطير) هذا البغاث إذا انفقأت البيضة عنه خرج البغاث أبيض كالشحمة ، يعني قطعا من الشحم ، فإذا رآه الغراب أنكره لبياضه ، لأن الغراب أسود اللون ، فيسوق الله تعالى له بعض الحشرات يتغذى عليها إلى أن ينبت ريشه ويسودُّ لونه عندئذ يتعرف عليه الغراب!!! .
الحقيقة أنه من الخطأ والسذاجة أن تحصر الزرق في الطعام والشراب،فقد قال تعالى:"فتقبَّلها ربُّها بقَبولٍ حَسَنٍ ،وكفَّلها زكريا،كلما دخل عليها زكريا المحراب َ وجد عندها رِزقا،قال يا مَريمُ أنَّى لكِ هذا؟ قالت هو من عندِ الله ، إن اللهَ يرزقُ مَن يشاءُ بغيرِ حساب"(آل عمران-37)
فقال العلماء: " رزَقَ الأبدان بالأطعمة ورزق الأرواح بالمعرفة "، والمعرفة أشرف الرِّزقَين فإذا خصَّك الله بدخل وفير أكلتَ به أطيب الطعام وخص عبدا آخر برزق المعرفة فاعلم علم اليقين أن العبد الآخر أكثر حَظوة عند الله منك لأنه منحه رزق النفوس رزق الأرواح وهي المعارف ، قال الله عز وجل في سورة القصص : "ولما بلغَ أشُدَّهُ واستوى آتيناهُ حُكماً وعِلما،وكذلكَ نجزي المُحسنين"(14)
يا أيها الإخوة الأكارم .أسوق لكم هذه البشارة : " الصلاة من أسباب سعة الرزق!! ".. ما الدليل ..؟ قال الله عز وجل في سورة طه :"وَ أمُُر أهلكَ بالصلاةِ واصطَبِر عليها ،لا نسأَلُكَ رِزقاً نحنُ نرزُقُك،والعاقِبَةُ للتقوى""(132)
استنباط من الآية لطيف جدا ، فإذا أردت أن يزداد رزقك لن أقول لك صلِّ فأنت مصل إنما أقول لك أتقِن صلواتك ، فالخشوع من فرائض الصلاة لا من فضائلها ، وربنا عز وجل حينما أثنى على المؤمنين ، قال في سورة المؤمنون :"قد أفلحَ المؤمنون،الذين هُم في صلاتِهِم خاشعون"(1-2)
ومن آداب العبودية مع الله عز وجل أن يرجع العبد إلى ربه في كل ما يريد ، في الأشياء النفيسة وفي الأشياء الخسيسة ، أن يرجع إليه في كل شيء . أي إن الله يحب من العبد أن يسأله شسع نعله إذا انقطع .. ،فمثلاً لو ضاعت مفاتيح البيت قل اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، اجمع بيني وبينهم ...وهكذا.
ذكر لي أحد الأخوة أنه توجه إلى المدينة المنورة ونسي العنوان الذي سوف يتوجه إليه فدعا الله في الطريق فساقه إلى البيت بشكل يسير بينما إنسان آخر بقي عشر ساعات ضائعا عن مكان البيت .
إذن:إسأله الأشياء الخسيسة كما تسأله الأشياء النفيسة ، وهذا من تمام العبودية لله عز وجل
الدليل .. سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ماذا سأل الله ؟ قال رب أرِني أنظر إليك ، فهذا من الأسئلة النفيسة ،وهو من أرقى الأسئلة ، ولما جاع قال : " ربِّ إنِّي لمِا أنزلتَ إليَّ مِن خَيرٍ فقير " ، وهذا دليل على أن العبد يجب أن يسأل ربه كل شيء .
سيدنا علي رضي الله عنه يقول : " لست مطالَبا بطلَب الرزق ولكنك أمرت بطلب الجنة " فما الذي فعله الناس؟!!! تركوا ما أُمروا بطلبه وطلبوا ما أُمِروا بتركه !!!هذه مشكلة !!مع أن الله سبحانه وتعالى ضمن لهم الرزق بأدلة كثيرة ، قال الله تعالى في سورة الذاريات:" إنَّ اللهَ هو الرزَّاقُ ذو القوة المتين"(58)
وفي سورة الروم: " اللهُ الذي خلَقَكُم ،ثُم رزقَكُم ، ثُمَّ يُميتُكُم ، ثُمّ يُحييكُم ،هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يفعلُ مِن ذلكُم مِن شيء؟؟!!!، سبحانه ُ وتعالى عمَّا يُشرِكون"(40)
وفي سورة الأنعام:" ولا تقتلوا أولادَكُم مِن إملاقٍ نحنُ نرزقُكُم وإياهُم،ولا تَقربوا الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بَطَنَ ،ولا تقتلوا النفسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحق،ذلِكُم وصَّاكُم به لعلَّكُم تعقِلون"(151)
وفي سورة الإسراء:" ولا تقتلوا أولادَكُم خشيةَ إملاقٍ نحنُ نرزقهُم وإيَّاكُم،إن قتلَهُم كانَ خِطئاً كبيرا"(31)
وفي سورة الذاريات:" وفي السماءِ رِزقُكُم وما توعَدون ،فَوَربِّ السماءِ والأرضِ إنَّهُ لحَقٌ مِثلما أنَّكُم تنطِقون"(31-33)
إذن ربنا سبحانه وتعالى طمأننا بأنه تكفَّل لنا برزقنا ، ومع ذلك يجهد الناس ويبيعون دينهم بعرَض من الدنيا قليل من أجل الرزق ، يقول الله سبحانه في الحديث القدسي: " خلقتُ السماوات والأرض ولم أَعْيَ بخلقهن أفَيُعييني رغيف أسوقُه لك كل حين ؟يا بن آدم: لي عليك فريضة ولك علي رزق ، فإن خالفتَني في فريضتي لم أخالفُك في رزقك " . فقد تكفل سبحانه لنا بالرزق وأمرنا أن نسعى للدار الآخرة ، فقال في سورة النجم:"وأَنْ ليسَ للإنسانِ إلا ما سَعى"(39)
ولكن ما الذي يحدث؟! ، إن الذي كُلِّفت في طلبه توانيت في طلبه والذي ضمنه لك الله سعيت إليه .
سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا السلام يقول فيما تروي بعض الكتب : " لا تغتمُّوا لبطونكم"
إنسان توفي أخوه وترك لهم خمسة أولاد ليس له مورد رزق ، فصار يبكي ، ثم التقى بشيخه فقال له ما بالك يا ولدي ؟ قال توفي أخي وترك لي خمسة أيتام ، قال ألم يترك لهم شيئا ؟ قال بلى شيئا يكفيهم سنة قال :"حسناً،حينما تنتهي هذه المؤونة إبدأ بالبكاء" . وتروي المقولة إن هذا الرجل توفي قبل أن ينتهي الرزق بثلاثة أشهر !!!
أعرف شخصا سيهدم منزله ، لسبب تنظيمي ، فضجَّ وزمجر وأرعد ، وتمزق وبكى واستعطف ، وقد وُعد وعدا قطعيا بتأمين بيت لائق له ، ولكنه رغم كل الوعود والمواثيق بقي مضطربا وضجرا ،ثم مات بعد أشهر عدة قبل أن يُهدم بيته .
إذن الإنسان لا ينبغي له أن يهتم للشيء أكثر مما ينبغي .
قال بعض العلماء : " الرازق من غذَّى نفوس الأبدان بتوفيقه ، وحلى قلوب الأخيار بتصديقه " ، دائما الرزق رزقان رزق الأبدان ورزق النفوس
وبعض العلماء فسر القوت برزق الأرواح ، يعني إذا صليت صلاة وأعجبتك ، إذا صليت وبكيت إذا قرأت القرآن وخشع قلبك ، فمعناها أنك قريب من الله عز وجل ، وأن هناك حياة ونبض ، وأن هناك شيئا من الإخلاص . .
قال بعض العلماء : " الرزاق هو الذي خصَّ الأغنياء بوجود الرزق ، وخصَّ الفقراء المؤمنين بشهود الرزاق "!!!
أعطاك طعاما وأعطى الغني طعاما وشرابا وبيتا ودخلا ومركبة وأعطى الفقير المؤمن شهود الرزاق ، إما أن تجد الأرزاق وإما أن تشهد الرزاق ، المجموع ثابت ، هناك نظرية رائعة جدا :تقول: لو جمعتَ كل شيء أعطاك الله إياه وجمع الآخر كل شيء أعطاهُ الله إياه لكان مجموع الاثنين واحدا !!، فإذا أخذ منك بعض البحبوحة عوَّضك عنها ببعض التجلي، وإذا أغرقك في النعيم المادي حرمك من نعيم القرب !!!
فهناك توازن يعبرون عنه بأن المجموع واحد والمجموع ثابت ، وهناك نظرية أخرى ليست في المعنويات في الماديات ، فلو أُعطى الإنسان- مثلاً - درجة للزوجة، ودرجة للبيت،ودرجة للدخل،ودرجة للوظيفة أو المركز الاجتماعي،ودرجة للصحة،ودرجة للوسامة ، تجد أن معظم الناس ينالون مجموع علامات واحد لكنها متفاوتة فيما بينها ، مثلا ثمانية على الزوجة،و اثنان على الأولاد و خمسة على الرزق...إلخ ، فالمجموع خمس عشرة ، اثنتان على الزوجة ثمان على الأولاد خمس على الرزق ،أو عشرة على الرزق ثلاث زوجة اثنان على الأولاد المجموع خمس عشرة ، فلو دققت ترى من له دخل أقل من حاجته هو منعَّم براحة البال التي لا يحلم بها من آتاه الله زرقا وفيرا ، يؤكِّد هذا قوله عليه الصلاة والسلام : " خُذ من الدنيا ما شئت وخذ بقدرها همَّا ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر " .
و الزرق أيها الإخوة في أدق تعاريفه هو ما يُنتَفَع به : المال ينتفع به ، العلم ينتفع به ، الخلق ينتفع به ، شعور القلب بالطمأنينة يُنتفع به ، في أدق تعاريف الرزق .
جاء رجل إلى حاتم الأصم ، فقال:" من أين تأكل ؟ فقال من خزائنه، فقال الرجل أيُلقي الله عليك الخبز من السماء ؟!فما هذا الكلام ؟!!! قال حاتم:"لو لم تكن الأرض له لألقى علي من السماء الخبز!!إنه يرزقني من الأرض " !!!
هكذا تجد أن الإنسان حينما يطلب الرزق من الله عز وجل فالله يسوق له الرزق، يلتقي بإنسان صدفة يسأله أتعمل ؟! يقول لا ، يقول له هناك عمل .
الموضوع طويل وله آلاف الشواهد ، قد تُرزق من حيث لا تحتسب قد ترزق بسبب تافه جدا قد ترزق بنظرة ، قد ترزق برسالة جاءتك خطأ قد ترزق ببضاعة كاسدة .
سمعت أن أحد تجار البزورية في الحرب العالمية الثانية باع السكر بزيادة قليلة فجاءت الضابطة فأغلقت المحل بالشمع الأحمر ، إلى أن انتهت الحرب تضاعف السعر مائة ضعف فاغتنى إلى ولد ولده كما يقولون، فقد تُرزق بشيء مزعج ، فالله عز وجل هو الرزَّاق ذو القوة المتين!!! .
الشيء الدقيق أنك إذا علمت أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين أفردتَه بالقصد ، الناس أحيانا يتجهون إلى زيد إلى عبيد إلى فلان إلى هذه الجهة يطمعون ليأخذوا ، ولكن إذا علمتَ أن الله وحده هو الرزاق تُفرده بالقصد ولا تسأل أحدا سواه ، تكسب العزة والكرامة والطمأنينة والحَظوة عند الله عز وجل .
قيل لإنسان آخر :"من أين تأكل؟؟!!!" فقال:" من خزائن ملك لا تدخلها اللصوص ولا يأكلها السوس "!!!
فخزائن الله عز وجل مفتوحة وخزائنه مملوءة وخزائنه فيها كل شيء ، والدليل . قوله تعالى في سورة الحِجر :"وإنْ مِن شيءٍ إلا عندنا خزائنُه،وما نُنَزِّلُهُ إلا بِقَدَر ٍمعلوم"(21)
من أسخف النظريات أن يقول الإنسان إن موارد الأرض تشح ، إن الأرض مهددة بمجاعة ، إن ازدياد السكان ازدياد هندسي ، "مالتوس" يقول الانفجار السكاني سيوقع الناس بمجاعة كبيرة ، هذه كلها كلمات من لا يعرف الله عز وجل ، لأن كل تقنين أو تقتير أو تقليل في الرزق هو تقليل وتقنين من نوع التأديب لا من نوع العجز ، والإنسان وحده إذا قنن فعن عجز أما الإله إذا قنن فلغاية التأديب فقط .
امرأة أحد العارفين بالله قيل لها كيف يرزقك زوجك قالت زوجي ليس رزاقا بل كيال!! .
فمن الأخطاء الشائعة أخطاء في التوحيد ، يقولون فلان مُعيل ، أي عنده عائلة كبيرة ، والصواب فلان مُعال وليس مُعيل ، المُعيل هو الله عز وجل ، والناس كلهم على مائدة الرحمن .
كما قلت قبل قليل إن الله عز وجل خص الأغنياء بوجود الأرزاق وخص الفقراء بشهود الرزاق ، فمن شهد الرزاق ما ضره ما فاته من الأرزاق ، من علامة المؤمن أنه إذا عرف الله ووصل إليه ما تألَّم على شيء فاته من الدنيا قط !!! إذا تألمت ألما شديدا وإذا احترق القلب حرقة لاذعة على شيء فاتك من الدنيا فهذه علامة أنك لا تعرف الله وأنك ما وصلت إليه ، فلو وصلت إليه لما تألمت ولما حزنت على شيء فاتك من الدنيا إطلاقا ، وقد قيل إن سيدنا الصديق رضي الله عنه ما ندم على شيء فاته قط ، أحيانا تجلس مع إنسان تحس قلبه يحترق ندما لأن هذه الأرض باعها ثم أصبح سعرها مائة ضعف ، متألم ألما شديدا لا حدود له - بل إن معظم الأمراض اليوم أمراض القلب والشرايين أمراض المعدة وأمراض الأعصاب وأمراض الأوعية ، هذه الأمراض أكثرها بسبب الآلام والندم ، أما إذا عرفتَ الرزاق ما ضرك ما فاتك من الأرزاق .
ومن عرف أن الرزاق واحد قصده ولم يسأل أحدا سواه ، كلكم يعرف القصة التالية أن أحد خلفاء بني أمية طلب عالما جليلا ليلتقي به ، فالتقى به ، فأراد هذا الخليفة أن يكرم هذا العالم ، قال له سلني حاجتك ، فقال والله إني لا أسأل غير الله في بيت الله ، فهذا بيت الله أستحي أن أسأل أحدا سواه ، فلما التقى به خارج المسجد قال له سلني حاجتك ، قال والله ما سألتها من يملكها أفأسألها من لا يملكها ؟ فلما أصر عليه ، قال أطلب منك الجنة ، قال هذه ليست لي ، قال إذا ليس لي عندك حاجة!!! .
هذا العز عزة التعفف ، فما أجمل أن يعطي الغني الفقير ، والأجمل من ذلك أن يتعفف الفقير عن مال الغني وأن يقول الحمد لله !!!!.
قال بعض العلماء : " كما أن الله لا شريك له في خلقه ، لا شريك له في رزقه ، كما أنه لا إله إلا الله ، أيضا لا رازق إلا الله ...يقولون دائماً أن الله سبحانه إذا أعطى أدهش .
ولو كانت الأرزاق تجري مع الحِجَى هلَكْن إذن من جهلهن البهائم!!!
ترى إنسانا ذكيا جدا رزقه قليل وقد تجد إنسان في منتهى البساطة والسذاجة رزقه وفير ، فمعناها الرزق له عامل آخر غير عامل الذكاء وعامل السعي ، لكن تأكدوا أن للرزق علاقة بالاستقامة ، العوام يفهمون أن هذا الرزق مكتوب ولا حيلة لأحد في كسبه ودفعه ، هذا الكلام صحيح من جانب واحد ، فالله يقول في سورة الجن:"وأَلَّوِ استقاموا على الطريقةِ لَأَسقيناهُم ماءً غَدَقاً"(16)،ويقول في سورة الأعراف:"ولو أن أهلَ القُرى آمَنَوا واتَّقَوا لفتحنا عليهم بركات ٍ من السماء والأرض ولكن كذَّبوا فأخَذناهُم بما كانوا يكسِبون"(96)
قد يُحرم المرء بعض الرزق في المعصية " حديث شريف .. إذا أردنا أن نوضح هذه الحقيقة ، مثلا إذا رأيت أن ابنك ليس أهلا لتملُّك المال، فإنك تعطيه الحد الأدنى ، تعطيه مبلغا يسيرا يكفي حاجاته الضرورية ، أما إذا كان ابنك من أهل الصلاح ، والورع والاستقامة والحكمة، تقول له أبق معك الخمسمائة ليرة لا شيء عليك ، أما خمسمائة لولد آخر يذهب لأماكن لا تُرضي الله عز وجل تعطيه ثمن شطيرة ثمن ركوب سيارة ،وهو الحد الأدنى،ولله المَثَل الأعلى. قال الله تعالى :في سورة الشورى:"ولو بسطَ اللهُ الرزقَ لعباده لبَغَوا في الأرضِ،ولكن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يشاء ،إنه بعبادِه ِخبيرٌ بصير"(27 )
الفكرة خطيرة وهامة جدا ، التقنين تقنين تأديب لا تقنين عجز ، أو الأصح من ذلك التقنين تقنين حكمة لا تقنين حاجة .
يروى في بعض الكتب أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، سأل الله في مناجاته ، قال:" يا رب إني تَعرِض لي الحاجة الصغيرة أحيانا ، أفأسألها منك أم أطلبها من غيرك ؟" فأوحى الله تعالى إليه :" لا تسل غيري "أي أن الإنسان أحيانا يحتاج شيئا بسيطا ، فمرة حدثني طبيب ناشئ أول ما فتح عيادة له ووالدته مريضة في دمشق وهو في بلد آخر ، يحتاج لمبلغ معين، فقال يا رب أريد المبلغ الفلاني ، فعلى خلاف العادة أتاه مريض وراء مريض .. إلى أن اجتمع المبلغ بكامله .
الإنسان أحيانا عليه دفع .. ليقل يا رب ليس عندي فأعطني ، عوِّد نفسك الطلب من الله فإذا رأيت الزوجة متصلبة برأيها فقل يا رب اهدها ..،أو رأيت الشريك مزعجاً .. فقل يا رب لطِّفه .. وجدت الابن منحرفاً ،فقل .. يا رب أدِّبه ..، وجدتَ العمل مزعجاً، .. فقل يا رب بدِّله لي....عود نفسك أن تسأل الله عز وجل كل شيء
أحيانا الإنسان مع أخيه المؤمن يقول إكراما له : إياك أن تسأل أحدا غيري ، كلما سنحت لك حاجة تعال إليَّ وخذها مني ، هذه منتهى المودة ، فإنك إذا أحببت إنسانا حبا شديدا ، فإنك لا ترضى أن يُبذل ماء وجهه لغيرك ، ولله المَثل الأعلى، فكأنه –سبحانه- لشدة حرصه علينا وحبه لنا يقول:"لا تسأل غيري" .
يحكى عن حماد بن مسلمة أنه قال ، كان في جواري امرأة أرملة لها أيتام ، وكانت ليلة ذات مطر ، فسمعت صوتها ، تقول:" يا رفيق أرفق بحالي "، قال فخطر ببالي أنها أصابتها فاقة ، فصبرت حتى احتبس المطر ، فحملت معي عشرة دنانير ? وقرعت عليها الباب ، فقالت : حماد بن مسلمة؟ " يبدو أنه معروف بالصلاح " فقلت نعم حماد ، كيف الحال ؟ فقلت في خير وعافية ، احتبس المطر ودفي الصبيان ، فقال خذي هذه الدنانير وأصلحي بها بعض شأنك ..وكان عندها بنت صغيرة ، صاحت هذه البنت:"،لا نريد يا حماد أن تكون بيننا وبين الله " ثم قالت لأمها:" لما رَفَعتِ صوتَك ِبإظهار السر علمتُ أن الله يؤدِّبُنا بإظهار الرفق على يد مخلوق "!!!.
أحيانا ينالك الخير من الله مباشرة ففيها عز ، لا أحد له عليك مِنَّة وأحيانا أنت تشتكي ، فإذا اشتكيت لمؤمن قد يرقُّ لك قلب هذا المؤمن لكنه الآن سيأتيك العطاء لا من الله مباشرة بل عن طريق هذا المؤمن فإذا اشتكيت إلى كافر يشمت بك وقد يعطيك ، لكن هذا منتهى الإهانة أن يعطيك عن طريق كافر ، فإذا كان هناك منظر يهز أعمق مشاعري أن أرى مؤمنا يتذلل أمام كافر!!!
، يبذل ماء وجهه ، يتشكى ، يتضعضع ، والآخر يشعر أنه لو الإيمان ينفع لما اشتكى هذا المؤمن إليَّ ، كأنه يشمت به!!!! .
فمن اشتكى لمؤمن فكأنما اشتكى إلى الله ، ومن اشتكى إلى كافر فكأنما اشتكى على الله ، وأرقى أنواع الشكوى أن لا تشتكي .. ،كما جاء في سورة يوسف:" إنَّما أشكو بَثِّي وحُزني إلى الله،وأعلمُ من اللهِ ما لا تعلمون" (86)
أحدهم شعر بآلام بجسمه آلام لا تحتمل ، لو قال لزوجته أو لبناته أو لأولاده ، فإنهم يتعاطفون معه ويتأثرون ، ولكن من يستطيع أن يوقف هذا الألم ؟ الله وحده .
هناك أشخاص يصبرون يكابرون ، لا يحبون أن يُشركوا أحدا في مصيبتهم ، هذا مستوى من المستويات ، ولكن لا مانع إذا اشتكى الرجل لزوجته ، هذا ليس موضوع حلال وحرام ، ولكن هذا كلما رقَّت النفس وشفَّت ، ترى أن الله عز وجل هو وحده يُشتكى إليه ، فإبراهيم عليه الاسلام حين أُلقي في النار " قال له جبريل عليه السلام:"يا إبراهيم ألك حاجة ؟" قال:" منك ؟ "،ثم قال "لا بل من الله ،وعِلمُه بحالي يُغني عن سؤالي "!!!!.
فالله يراك ، ويعرف وضعك ودخلك يعرف ألمك يعرف مرضك يعرف مشكلتك مع زوجتك ، يعرف مشكلتك مع شريكك ، يعرف سوء الموصلات ، يعرف أنك أوصلت فلان والوقود غال . ... فالله يعرف كل شيء . فالله يقدِّر الليل والنهار ، فكلما شفَّت نفسك وكلما أقبلتَ على الله تستغني به عما سواه ، تشعر بعزة النفس فالمؤمن يمتلئ عزة يمتلئ إيمانا وغِنى ونشوة وعِزة وكرامة .
ولكني ألاحظ أن الإنسان أمام مصالحه وأمام المكاسب الدنيوية يتجشم المشاق ، لكن أمام عباداته وأمام الأعمال الصالحة ، دائما يميل إلى الراحة والى الكسل ، فمثلاً: وجدت أمام أحد المصارف ازدحاماً كبيراً، أكثر من خمسمائة شخص في الساعة الثانية والنصف ، بأشد أيام الحر ، فسألت ما القصة ، قالوا هناك تسجيل لحجز السيارات ، الساعة السادسة مساء ، فهم واقفون من الساعة الثانية بدورهم .
أحيانا ربنا يؤدب ولكن تأديب فيه ستر ، آلام داخلية والمظهر ليس به شيء ، وأحيانا أخرى يعطيك مرضاً جلدياً كلما التقيت مع إنسان " يقول لك :"خيرا إن شاء الله ما هي القصة ، أين تعالجت ؟" أحيانا الإنسان لا يحب أن تنتشر مشكلته بين الناس ، ولكن الله أحيانا يرسل مشكلة من شأنها أن تنتشر ، وأحيانا ربنا يؤدب الإنسان تأديبا داخليا ، تأديبا مباشرا " ..لذلك الدعاء:" يا رب اغفر لي مغفرة من عندك " أي يا رب إذا أردت أن تؤدبني فأدبني سرا ، أي بيني وبينك "
حدثني شخص أحسبه مؤمناً -ولا أزكِّيه على الله- وأعلم أنه يغض بصره عن محارم الله سافر إلى أوربا ، قال في مطار لارنكا في قبرص ، طائرة سويدية نزل منها نساء بزي واحد وعدد كبير جدا ، قال كيف خانتني عيني ونظرت؟ لا أدري ، وبعد ذلك ركب سيارة أجرة ثم دفع للسائق أجرة بعملة أجنبية ، فالسائق ساقه إلى مكتب شرطة ، فدخل وتكلم مع ضباط الشرطة ، خرج اثنان فأخذوه ووضعوه في قفص صغير ، هو شخصية مهمة جدا وذاهب إلى مؤتمر ويتقن لغتين ، فما هذا الذي وقع فيه ؟!!! قال والله بكيت ، فوقع في قلبه نداء " لماذا نظرتَ إليهن "؟!! .
فأحيانا الله عز وجل يغفر لك مباشرة من دون سجن ومن دون إهانة وأحيانا هناك عذاب مهين .!
مرة رأيت في الطريق شخصا يرتدي أجمل الثياب وعمره من فوق الخمسين سنة ، تقاول مع الشرطي ، من أجل المرور ، فجاء الضابط فلطمه لطمتين على وجهه ، فالآن كلما أذكر المشهد أمام الناس ، قلتُ إن الله عز وجل عنده عذاب مهين وعنده عذاب أليم وعنده عذاب عظيم : بالدنيا عذاب أليم عذاب مهين ، وفي الآخرة: عذاب عظيم!!!!
بعضهم تَسْمو هممهم فلا يطلبون من الله إلا الحوائج النفيسة يقولون يا رب ارزقني الجنة ، يا رب ارزقني أن أعرفك ، يا رب لا تُمِتني قبل أن ترضى عني" ، دائما طلباتهم متعلقة بالجنة والمعرفة وفهم القرآن وإتمام التفسير ، وهناك أشخاص يقولون يا رب يخرج المستأجر من داري...فهناك .. أناس يطلبون أشياء نفيسة وأناس يطلبون أشياء خسيسة ، كلٌ حسب اجتهاده.
ولكن الحديث الشريف يقول :
عن ثابت البناني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع "
إن الله عز وجل يرزق الأرواح والسرائر كما يرزق الأشباح و الظواهر ، أؤكد لك إذا أنت صليت صلاة صحيحة ، أو إذا أكرمك الله بالحج مثلا ، أو وقفت في عرفات وبكيتَ حتى انتشيت ، تبقى أحيانا شهرا في نشوة هذا البكاء أو هذا القرب أو هذه الرحمة!!! وإذا صليتَ صلاة أرادها الله عز وجل أن تكون خاشعة،بعدها قد يفتح الله عليك بفهم ما تتلو من القرآن ... هذه أرزاق!!! ، وإذا صام الإنسان رمضان صياما مقبولا وشعر أن صيامه كان صحيحا ، ليس فيه معاصي ، كان مُنيبا إلى الله فيه ، وصلى التراويح بنشاط ، يقول لي بعض الإخوة الأكارم :"لو كانت التراويح خمسين ركعة فنحن في سرور"!! طبعا صيامه صحيح مستقيم أثناء النهار ، أكل قليلا ، نام قليلا عصرا ، جاء إلى التراويح نشيطاً!!!.
قال إن الله يرزق الأرواح والسرائر كما يرزق الأشباح والظواهر وأرزاق القلوب الكشوفات والمعاني كما أن أرزاق الأجساد الغذاء و الأحاظي، جمع حظوة ، الكشوفات أي أن المؤمن يرى مالا يرى الآخرون عنده شعور ، يعرف جوهر الحياة ، يعرف أين كان وإلى أين المصير ، يعرف أثمن ما في الحياة .
أحيانا الإنسان يضيع وقته بأشياء تافهة وأحيانا يمضي وقته بأشياء ثمينة ، وهذا أيضا رزق ، هناك نقطة ثانية ، وهي عكس الرزق ، فكما أن الله عز وجل يضيق على العبد رزقه ، قال الله تعالى في سورة الفجر:"فأمَّا الإنسانُ إذا ما ابتلاهُ ربُّهُ فأكرمَهُ ونعَّنَهُ فيقولُ ربي أكرَمَنِ ،وأمَّا إذا ما ابتلاهُ فقَدَرَ عليهِ رزقَهُ فيقولُ ربي أهانَن،كلا بل لا تُكرِمون اليتيم،ولا تحاضّْون على طعام المسكين ،وتأكلون التُّراث َ أكلاً لَمَّا،وتُحِبُّون المالَ حُبَّاً جمَّا"(14-20)
تراه ذكيا ، يحمل شهادة عليا ودخله قليل ، ليس له وظيفة ولا عمل هذا بتقدير الله عز وجل ، فكما أن الله عز وجل ، يضيِّق على العبد رزقه المادي أحيانا يضيِّق عليه رزقه الروحي!! ،يصلي صلاة لا معنى لها جوفاء ليس فيها خشوع ، يشرد في الصلاة ، قال لي شخص :" إذا كنت غلطان بالمحاسبة لا أذكرها إلا في الصلاة ، هناك أمر غير مسجل يصلي فيلقاها في الصلاة ، قال لي بالصلاة كل المشكلات تأتي إلى خاطري ، معناها أن هناك سداً بيني وبين الله ، فكما أن الله عز وجل يضيق على العبد رزقه المادي أحيانا يضيق عليه رزقه الروحي !!!
هذا التضييق له تفسيران، الأول أن هناك معصية، أو مخالفة ،أو تقصير،هناك حقوق لم تؤدِّها ، فهذا هو الحجاب بينك وبن الله ، فكل معصية لها حجاب،لها شؤم.
وهناك تفسير آخر : قد تكون مستقيما على أمر الله ،لكن هذا التضييق سببه التعطيش: كأن تكون قد وصلتَ لمرتبة أنت راغب بأن تبقى فيها ، تعيش فيها فترة لا بأس بها ثم تألفها وترضى بها ، لكن الله لا يرضى لك هذه الحالة المستمرة ، فيحجب عنك الأحوال :فلا صلاتك صلاة ولا ذكرك ذكر ولا تلاوتك تلاوة والله عز وجل أراد لك أن ترتقي عن هذه المرتبة ، فكيف تنتقل من مرتبة إلى مرتبة ؟ يحجب الله عنك الأحوال والتجليات ، فتضج وتقلق ، فتخاف ثم تشمِّر وتعمل المزيد من الصالحات ، فتصعد درجة ،وهكذا إلى أن تبلغ أعلى درجة أرادها الله!!!!
أحيانا ترى إنسانا طليقا مسرورا مرحا وجهه فيه تألق ، على خده تورد في عينيه لمعان ، طليق اللسان ، حركاته خفيفة ، هذه صفات المنتشي دائما وقبل أن أتابع القصة لي هذه الملاحظة ، أنت كمؤمن ، إن سعدتَ بقربك من الله عز وجل فأنت مؤمن ورب الكعبة ، إذا كانت نشوتك وسرورك و طلاقتك وراحة نفسك وجدتها بإقبالك وقربك ، فهذه علامة إيمانك ، أما إذا تألقت عيناك وتورَّد خداك وانطلق لسانك لأرباح حققتها أو لمكسب وصلت إليه فهذه علامة أخرى ، فمن أنت ؟ أمن أهل الدنيا أم من أهل الآخرة ؟
إذا سرَّك عطاء البشر فأنت من أهل الدنيا ،
أما إذا سرَّك عطاء الله عز وجل فأنت من أهل الآخرة .
قال الحسن البصري إذا تلوت القرآن وذكرت الله عز وجل وصليت ولم تجد شيئا فاعلم أنك محجوب !!! قال الله تعالى في سورة المطففين:"كلاَّ إنَّهُم عن ربِّهِم يَومَئذٍ لمَحجوبون"(15)
ذاك حجاب الآخرة ، ولكن في الدنيا حجاب آخر: إذا شعرت أنك محجوب انتبه وابحث عن السبب ، لعلك مقصِّر لعلك معتدٌّ بنفسك لعلك مُستغنٍ عن الله ،لعلك وقع في نفسك سوء ظن بالله وأنت لا تدري لعلك وقعت في سوء ظن بالنبي عليه الصلاة والسلام وأنت لا تدري ، فإذا شعرت أن بينك وبين الله حجاب فابحث عن السبب وإياك أن يزداد الحجاب، والحجاب يَرِقُّ ويثخُن ، فإذا كان الحجاب كثيفا فالمشكلة خطيرة جدا ، كما قال سيدنا عمر " تعاهد قلبك " ، يعني راقب قلبك راقب أحوالك راقب طمأنينتك ، لو أن إنسانا استيقظ بعد صلاة الشمس فإذا لم يشعر بانقباض فحالته خطيرة جدا ، لكن إذا شعرت بانقباض شديد وألم وشعور بالخزي والعار من الله عز وجل وشعور بالضياع ،فاحترس!!!!
قال أحدهم:"دخلتُ على داوود الطائي فرأيتُه منبسطا ، وكنتُ إذا دخلت عليه أراه منقبضا فقلت أي شيء حالك ، فقال سقاني البارحة شراب أُنسه فأردتُ أن أجعل اليوم يومَ عيد " ، يعني صار له صلة بالله أقبل على الله ، شعر بنشوة الاتصال ، هذا أجمل ما عنده لذلك قال حاتم:" فأردتُ أن أجعل ذلك اليوم يوم عيد"... فقلت:" أتأذن لي أن أحمل لك طعاما حتى تفطر" ، فقال" لست أشير إلى هذا وشتَّان بين شراب يُدار على الكف وشراب يكون في موجب لُطف ورويَّة كَشف" أي أن هناك شراب مادي وهناك شراب معنوي !!!.
لذلك إذا رجع العبد إلى الله نادى مُنادٍ في السماوات والأرض:"
أن هنِّئوا فلانا فقد اصطلح مع الله"!!!! .
فنشوة المؤمن في تقربه من ربه ...واسمعوا مني هذه الكلمة :
" إذا سعد الإنسان بالدنيا فهذه علامة خطر!!!" فالأولَىأن تسعد بالله ، وهناك حقيقة ثانية:
لا يمكن أن تسعد إلا بالله ، فإذا سعد إنسان بما سوى الله فهو في خطر !! فالقرآن أليس هو كلام الله ؟ ربنا عز وجل قال في سورة طه: "ومَن أعرضَ عن ذِكري فإن لهُ معيشةً ضَنكا،ونحشُرُه يومَ القيامةِ أعمى،قال ربِّ لِمَ حشَرتَني أعمى وقد كنتُ بصيراً؟!! قال كذلك أتَتْكَ آياتُنا فنسيتَها وكذلك اليومَ تُنسى"(124-126)
فالله عز وجل قد يعطيك الدنيا ويأخذ منك راحة قلبك ، وقد يعطيك راحة القلب ويسلب الدنيا منك ، فالعبرة أن يكون قلبك غنيا بالله عز وجل ... إذن الرزاق هو الله عز وجل .
والآن ما علاقتنا بهذا الاسم ؟!! وهذه مهمة جدا ، أول شيء أن ترضى بقسمة الرزاق بدءاً من أمك وأبيك أنت ابن فلان وفلانة ، هذا تقدير الله عز وجل ، أنا أبي ليس مثل أبي فلان انظر إلى أبي فلان راق جدا ، أخلاقه عالية أنا أبي شرس أبي قاس أبي جاهل ، أبي فقير ، انظر إلى رفيقي أبوه غني أبوه مثقف ثقافة عالية ، أبوه في منصب راقٍ .يجب أن ترضى بوالديك لأن هذا منتهى الحكمة ، ويجب أن ترضى بشكلك ، فالله أقامك بهذا الشكل ، طول زائد ، قصر ، وسامة ، دمامة ، صحة ، ضعف ، هكذا أقامك الله ، فإذا اعترضتَ على الله فلستَ مؤمنا ،ولكن يجب أن ترضى عن اختيار الله لك من أي رجل وامرأة كان وجودك وبأي شكل كان وجودك ، وعن رزقك وعن زوجتك ، فالله اختار لك هذه الزوجة ، أكثر الأشخاص غير المؤمنين يمضي كل حياته في عذاب يقول ما توفقت في هذه الزوجة ، فالله اختارها لك ، علم فيك خيرا فضمها إليك لعلك تهديها إلى الله ، انظر إلى المؤمن عنده حسن ظن بالله ، لو أن الله ساق له ولد سيئ لا يتبرم ، يقول لك الله عز وجل هكذا اختار ، لو زوجه امرأة سيئة ، وفي القصة .أن رجل قيل له عن زوجته:"طلِّقها قال :"والله لا أطلِّقها فأغش بها المسلمين" .
هذا يعني أن ترضى عن رزق الله لك .
والشيء الثاني: أن تجعل يدك على مالك وأن تجعل مالك خزانة ربك ، يدك على المال يد الأمانة لا يد المُلك ، قال الله تعالى في سورة الفرقان :
إذن: أول درس من معاني الرزاق أن ترضى بما قسمه الله لك ، وإذا رضيت بما قسمه الله لك تكُن أغنى الناس .
الدرس الثاني :أن تجعل مالك مال ربك وأنت عليه أمين ولست مالكا .
والحمد لله رب العالمين
:41::24: :26:
rainyheart @rainyheart
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
جزاكِ الله تعالى خيرا كثيرا يا رغد
وجعل دنياكِ وآخرتك عيشاً رغداً إن شاء الله.
تقبلي تحياتي.:27:
وجعل دنياكِ وآخرتك عيشاً رغداً إن شاء الله.
تقبلي تحياتي.:27:
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خيرا غاليتي.
رغد الحياة:27: