هديتي لكن قبل الاختبارات @

الطالبات

حمل إليَّ بريدي الإليكتروني رسالة بعنوان : ( من الماضي ) ، كانت عبارة عن صورة لتعليق خطته يدي عام 1409 هـ ، على بحث بعنوان : ( الأسباب الجالبة لمحبة الله ) ، في مادة التوحيد ، قَدَّمه أحد طلبة السنة الثالثة المتوسطة ، قلتُ فيه : ( أشكرك على هذا البحث الجيد ، وخصوصاً مع التزامك بأسلوب البحث إلى حد كبير ، وأسأل الله لك مستقبل مزدهر في الكتابة الإسلامية ، والدعوة إلى الله ) .

وفي تعليقه على الصورة كَتَبَ : ( لأن العلم رحم بين أهله ، فإني أخبركم بأني أحد تلاميذكم ومحبيكم وصنعة يدكم المباركة في معهد الأحساء العلمي ، وإذا عدتم بذاكرتكم إلى الوراء ، وتحديداً عام 1409هـ ، حيث كان أحد تلامذتكم في الثالث المتوسط ، وقد طُبعت في ذهنه من تلك السنة حتى اللحظة ، كلمات تشجيع صادقة ، دبجتها يدكم الكريمة في دفتره ، على بحث قدمه تلميذكم في شرح الأسباب الجالبة لمحبة الله ، لا يزال يحتفظ به طيلة هذه السنين - مع كل تقلبات الدهر ، وتحول الأحوال ، ومع كثرة المشايخ والأساتذة الذين أفاد منهم - ولكن لتلك الكلمات أثرها البالغ ، وهي من طراز كلمات التثبيت والتشجيع التي لا تُنسى ) .

واحد وعشرون عاماً مضت لأجد الطالب الذي كان يشغل الكرسي الأول في الصف إلى اليمين ، أصبح : الدكتور قائد ، حاصلٌ على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن ، وإمام وخطيب جامع الحي ، ومدقق شرعي لأحد المصارف ، وأب لأسرة فيها سبعة أولاد أربعة منهم يحفظون كتاب الله تعالى .

نعم . . حُقَّ لمثلي أن يفتخر بنموذج ممن كان لي شَرَف تدريسهم ، أصبحوا لبنات فاعلين في مجتمعاتهم ، ناجحين في حياتهم الأسرية والعملية ، وإن لم يكن لي الدور الحقيقي فيما بلغوه من شأن ، فإن علاقة المعلم بطلابه صورة من علاقة الأب بأبنائه . فالنتيجة التي وصل إليها الدكتور قائد ، هي الصورة التي كانت ترتسم على مُحيَّاه عندما كان على مقعده الدراسي .

وحُقَّ لكل معلم أن يفتخر بمئات النماذج الناجحة التي كانت له معها بصمة رائعة خلال سنوات تدريسه لهم ، لنَجِدَ منهم الإمام ، والقاضي ، والمعلم ، والوزير ، والمدير ، والمهندس ، والطيار ، والطبيب ونحوهم . . كلهم قد كتبت أعمالهم في صحيفته يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله عز و جل و ملائكته و أهل السموات و الأرض حتى النملة في جحرها و حتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) . وقال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) .

إنها صورة أرسلها مع فائق دعواتي الصادقة لأبنائي الطلبة ، وبناتي الطالبات على مختلف مراحلهم الدراسية ، أدعوهم فيها لاستشراف مقاعدهم المستقبلية في الحياة ، لتحديد بغيتهم من النجاحات منذ الآن ، لرسم أهدافهم التي ينشدونها وفق منظور دقيق واضح مدروس .

يقول الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي ، الداعية المعروف ، في اليوم الأول لدراستي الجامعية في كلية الشريعة بالأحساء ، وعند استلامي لمقرر مادة التفسير ، فتحت الصفحة الأولى ، وكتبت عليها : الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي ، فقال لي الطالب المجاور في المقعد متعجباً ، الدكتور !! فقلت له : نعم ، بإذن الله لن أقبل بغير الحصول على شهادة الدكتوراه .

إنها صورة رائعة لوضوح الهدف ، صورة رائعة للهمم العالية ، صورة رائعة للخطط المدروسة ، فإن علم التنمية البشرية يقول لنا : " من يريد يحصل على ما يريد بإذن الله " .

ماذا أريد أن أكون في المستقبل ؟ سؤال ينبغي أن يسعرضه كل طالب وطالبة على مقاعد الدراسة لتكون خُطاه واضحة ، سؤال ينبغي لكل ولي أمر أن يناقشه مع أولاده ، سؤال نحتاج أن تتكاتف الجهود لتبيانه لدى الطلبة ، مدير المدرسة ، والمرشد الطلابي ، والمعلم ، وولي الأمر ، إن لذلك أثر فاعل في استنهاض همة طلبتنا للوصول إلى أهدافهم ، ولتحقيق مراكز تُحقق ذواتهم ، وتنفع أسرهم ، ومجتمعاتهم ، وأوطانهم ، ولا ننس أن " الناجحين هم الذين يثقون دائماً في قدرتهم على النجاح ".

ابني الطالب . . ابنتي الطالبة :

منذ الآن . . الآن ادرس واقعك جيداً ، حدِّد ما الذي تودُّ أن تكون عليه مستقبلاً ، اكتب قصة حياتك التي ستكون بإذن الله بعد عشرين أو ثلاثين سنة ، كيف ستجدها ! اصنع نفسك مرتين :

الأولى : على الورق ، ارسمها واضحة : شهادتك العلمية ، وظيفتك ، مهاراتك ، خبراتك ، إلخ .

والثانية : على أرض الواقع ، من خلال الاستعانة بالله القدير ، وصدق الالتجاء إليه ، والعمل بجد ومثابرة ، ومصاحبة الجادِّين الصالحين ، وتقويم الخطوات والنتائج أولاً بأول .

حاول جسيمات الأمور ولا تقل
إن المحامد والعلى أرزاق

وارغب بنفسك أن تكون مقصراً
عن غاية فيها الطلاب سباق

وأخيراً . . لنضع نصب أعيننا مقولة الفاروق رضي الله عنه : " لا تصغرنّ همتك فإني لم أر أقعد بالرجل من سقوط همته " ومقولة الإمام ابن الجوزي رحمه الله : ( ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه ، فلو كان يتصَوَّر للآدمي صعود السموات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض ) .

منقول
مع اصدق تمنياتي لكن بنجاح
1
548

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

محبوبة بنتها اثير
السلام عليكم
ربي يوفقك على هالنقل الجميل
صرااحة احب الكتابات اللي زي كذا تفاؤلية ..
ربي يحقق حلمي وحلمك وحلم البنات بخير وصحة وسلامة ..