كدوشة @kdosh_2
عضوة فعالة
هذا الحبيب يا مُحـب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين .. أما بعد :
أيها الإخوة الكرام :
حديثي إليكم في هذه الجلسة هو من صلب الدين والإيمان ومن صميم العقيدة .. بل لا يتم إيمان العبد إلا بهذا الحديث الذي سوف أتكلم عنه .. بتطبيق هذه المسألة من أصول الدين ألا وهي علاقتنا بالنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ..
يقول الرب جل وعلا .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم ) هل بقي شيء من الدنيا ..؟! ما بقي شيء ..!!
الأولاد والأزواج والأقرباء والعشيرة والأموال والتجارات والمساكن .. كل شيء من الدنيا .. لو كانت هذه الدنيا ( أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) .. ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان .. بعض الناس يسأل ما أشعر بلذة في الدين ..؟! ما أشعر بلذة الطاعات ..؟! ما أشعر بلذة الإيمان ..؟! ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان .. أول الثلاث : أن يكون الله ورسوله أحب إليه من مما سواهما ..
يأتي رجل من الأنصار فيقول : يا رسول الله إنك لأحب إليّ من نفسي وإنك لأحب إليّ من ولدي وإني لأكون في البيت يا رسول الله فأذكرك فما أصبر ..
شفت تخيل ..!! الرجل يتذكر النبي في البيت فما يتحمل وما يصبر يقول : حتى آتي فأنظر إليك ..!! أيُّ حب هذا ..؟! أيَّ تعلق بالنبي هذا ..؟! يقول لا أتحمل حتى آتي فأنظر إليك وأجلس عندك يقول : فإذا ذكرت الموت والذي سوف يفرق بيني وبينك فإني لا أطيق لا أتحمل أبكي ولا أصبر على فراقك .. فيقول له النبي : قال الله جل وعلا ( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ ) .. هذا هو الشرط إتباع النبي ( فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ ) .. يا من تسمعني ألا تتمنى لقاء النبي عليه الصلاة والسلام ..؟! ألا تتمنى الجلوس بقربه ..؟! ألا تتمنى معانقته ومصافحته ..؟! ألا تتمنى أن تجلس فتستمع إليه ..؟! الشرط إتباع هديه عليه الصلاة والسلام .. الإخلاص لله وإتباع هديه .. قال : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل : ومن يأبى يا رسول الله قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ..
يأتي رجل ويقول يا رسول الله متى الساعة ..؟! فيقول له النبي : وما أعددت لها ..؟؟ قال : لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله .. أعمالي قليلة لكني أحب الله ورسوله .. قال : إن المرء مع من أحب .. إنك مع من أحببت .. يحشر المرء يوم القيامة مع من أحب .. نحبه إيه والله نحبه .. لما نحبه ..؟؟ لأن الله عز وجل بعثه ليخرج الناس من عبادة العباد ومن عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة رب الأرض والسماء .. تعب عليه الصلاة والسلام .. تعب وتحمل في سبيل الدعوة إلى الله .. ليخرج الناس من الظلال إلى الهدى .. ليخرجهم من الظلام إلى النور .. نصب وتعب وشقا عليه الصلاة والسلام من تعبه ونصبه حتى بدأ المشركون يعادونه ..
هاهو يأتي يوم من الأيام فيسجد عند الكعبة فيأتيه أشقى القوم ويرمي على ظهره سلا الجزور ولا تأتي إلا ابنته فاطمة رضي الله عنها تأتي فتزيل عن ظهر أبيها سلا الجزور وهي تبكي فيتم صلاته عليه الصلاة والسلام ثم يستقبل القوم فيدعوا عليهم واحدا واحدا .. يأتي يوم من الأيام فيطوف بالبيت وحول البيت الأصنام والأوثان فيغمزه المشركون ويستهزئون عليه يأتي أشقى يوم من الأيام فيخنقه حتى كاد أن يقتله عليه الصلاة والسلام حتى كاد أن يقتله ولا يدفعه عنه إلا أبوبكر أشجع الناس رضي الله عنه يدفع الفاسق المشرك وهو يقول : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله .. فاستقبل المشركون أبابكر فضربوه حتى أدموه حتى لا يعرف رأسه من قفاه من شدة الدم وظن الناس أن أبابكر قد مات فحمل إلى بيته فطببته أمه ولم تكن أسلمت في ذلك الحين فلما استفاق فرحت أمه قالت : يا بني اشرب شيئا ..؟؟ يا بني ذق شرابا ..؟؟ وكل شيئا من الطعام ..؟؟ قال : لا والله حتى تأتيني بخبر رسول الله .. فذهبت تسأل وأرسلها إلى أم جميل فجاءت تسألها : لا أعرف رسول الله ولا أعرف ابنك ..!! فجاءت بها إلى أبي بكر فقال لها أبوبكر : ماذا صنع رسول الله ..؟؟ قالت : أمك موجودة ..!! وقد كتمت إيمانها تلك المرأة فقال : لا عليك إنما هي أمي قال : أخبريني عن رسول الله ..؟؟ قالت : هو بخير .. قال لها أبوبكر : احمليني إليه .. فلما هدأ الناس وسكنت الأصوات .. حمل أبوبكر بين أمه وتلك المرأة إلى رسول الله فلما فتح الباب وكان رسول الله مستلقي وحوله أصحابه الذين كتموا إيمانهم فلما فتح الباب دخل أبوبكر على رسول الله يقبله وهو يبكي والصحابة ينظرون وبكوا من هذا المنظر فقال أبوبكر : كيف أنت يا رسول الله ..؟؟ قال : ليس بي بأس يا أبابكر كيف أنت يا أبابكر ..؟؟ قال : لا بأس بي إلا ما صنع الفاسق من وجهي يا رسول الله هذه أمي جاءت مشركة فادعوا الله لها .. فدعا الرسول لها فإذا به يدعوا ودعيت إلى الإسلام فلفظت أم أبوبكر شهادتين فقالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله .. غمزوه ولمزوه وسخروا به بل وضربوه بل خنقوه وكادوا يقتلونه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ) ..
أوذي وخنق ومنع من الدعوة إلى الله حتى قال فيه أبولهب لما دعاهم على الصفا : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ..؟؟ يستقبل الناس في الحج فيغلقون آذانهم يصمون آذانهم ويغطوا رؤوسهم يدخل خيمة خيمة عليه الصلاة والسلام يقول : من يؤويني أبلغ دعوتي ..؟؟ قولوا لا إله إلا الله تفلحوا .. فيدخل بعده من ..؟؟ رجل أحول ذو غدرتين وضيء الوجه إنه عمه أبولهب يدخل خلفه فيقول : لا عليكم منه إنه ابن أخي إنه مجنون إنه كذاب إنه ساحر ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً ) ..
هاجر إلى الطائف يدعوهم إلى الله .. فردوه بالحجارة والعبيد والسفهاء تبعوه بالحجارة هل دعا عليهم ..؟! هل دعا ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين أو على قريش ...؟! لا وربي رفع يديه إلى الله يقول : اللهم إليك اشكوا ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي لكن عافيتك أوسع لي ..
يخرج وهو مهموم لم يستفق إلا بقرن الثعالب يجلس عند إحدى المزارع ويرسل إليه أحد المشركين خادم له عداس يأتيه بشيء من العنب وكان رجلا شابا نصرانيا فجلس عند رسول الله وقد أدميت قدماه الشريفتان وسال الدم منهما فجاء عداس بالعنب إليه فسم الله رسول الله فأخذ عداس يسأله فإذا بالنبي يجيب فقال له النبي : من أين أنت ..؟؟ قال له عداس النصراني قال : أنا من نينوى .. قال : سبحان الله من بلد النبي الصالح يونس ابن متى .. قال : ومن أخبرك بيونس ابن متى ..؟؟ قال إنه أخي إنه نبي وأنا نبي مثله .. فانكب عداس على رسول الله يقبله وهو يبكي علم أنه لا يعلم عن نبي الله يونس إلا رسول مثله إلا نبي مثله ..
رجع النبي إلى بلده ماتت أمه وهو صغير لم يرى أباه خرج من الدنيا يتيما ماتت أمه وهو صغير لم يبلغ الحلم تربى عند جده ثم مات ثم تربى عند عمه فلما شب واستقام لما دعا إلى الله ونصره أبوطالب ولم يكن قد أسلم مات عمه أبوطالب ولم يكن قد أسلم احترق قلبه عليه استغفر له الله فمنعه الله جل وعلا تزوج من خديجة فإذا به يحبها كأشد إنسان إمرأته على وجه الأرض ولكنها غادرت الدنيا وفارقته وترك في هذه الدنيا بين مستهزأ وبين ساخر وبين شاتم ومن ضارب أنظر ماذا يقول الشاعر فيه :
ولى أبوك عن الدنيا ولم تره ** وأنت مرتهن لازلت في الرحم
وماتت الأم لما أن أنست بها ** ولم تكن حين ولت بالغ الحلم
ومات جدك من بعد الولوع به ** فكنت من بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمك حصنا تستكن به ** فاختاره الموت والأعداء في الأجم
ترمى وتؤذى بأصناف العذاب فما ** رئيت في ثوب جبار ومنتقم
حتى علا كتفيك الطاهرين رموا ** سلا الجزور بكف المشرك القزم
أما خديجة من أعطتك بهجتها ** وألبستك رداء العطف والكرم
ولت إلى جنة الباري ورحمته ** فأسلمتك لجرح غير ملتئم
وشج وجهك ثم الجيش في أحد ** يعود ما بين مقتول ومنهزم
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت ** به حياتك بات الأمر كالعدم
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما ** رئيت من لوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب ** في عزم متقد في وجه مبتسم
صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. أنظروا كيف صبر ..؟! لما لا نحبه ..؟! وقد أوذي وصبر لأجل من ..؟؟ لولا صبره لولا تحمله لولا جهاده عليه الصلاة والسلام لكان الواحد منا الآن يعبد ماذا ..؟؟!! يتأسى بمن ..؟؟ ينتهج أي دين ..؟؟ ماذا يكون مصيرنا ..؟؟ لولا أنه صبر في الدعوة إلى الله ..!!
لما أراد الهجرة جاء لأبي بكر صاحبه أي صاحب ..!! جاءه في وقت لم يكن يأتيه فيه ..!! الأمر غريب متقنع الوقت ظهيرة جاء فدخل على أبي بكر وعنده ابنته الصغيرة عائشة فقال له أبوبكر : يا رسول الله بأبي أنتي وأمي ما الذي جاء بك في هذه الساعة ..؟؟ قال : يا أبابكر أخرج من عندك .. كانت عائشة جالسة قال : يا رسول الله إنما هم أهلك يا رسول الله .. فقال النبي لأبي بكر : يا أبابكر إن الله قد أذن لي في الخروج .. فقال أبوبكر : يا رسول الله إذن الصحبة الصحبة يا رسول الله .. ماذا يختار ..؟؟ ماذا يريد أبوبكر ..؟؟ يريد أن يخرج في أخطر هجرة على وجه التاريخ ..!! في أخطر رحلة يعرض فيها نفسه للقتل .. فقال النبي : يا أبابكر يا أبابكر الصحبة الصحبة يا أبابكر .. فانفجر أبوبكر انفجر أبوبكر يبكي تقول عائشة : والله ما كنت أحسب أحدا يبكي من الفرح إلا بعد ما رأيت أبي يبكي في ذلك اليوم ..!! الصحبة يا رسول الله الصحبة يا رسول الله .. يخرج معه في الهجرة فرحا أبوبكر يفرح .. فلما دخل في الغار .. تعرف ماذا صنع أبوبكر ..؟؟ أبوبكر رأى جحراُ في الغار فإذا به يضع رجله في جحر آخر ويده في جحر آخر يخاف على رسول الله .. لسعه عقرب أو لسعته حية شيء من هوام الأرض فما أخرج يده والرسول نائم ورأسه على فخذ أبي بكر ولم يرفع أبوبكر يده ولا رجله من ذلك الجحر ..!! فدمعت عينا أبي بكر وسقطت دمعته على وجه رسول الله فاستيقظ النبي فقال : ما الذي أصابك يا أبابكر قال : لا شيء يا رسول الله إلا إنه أصابني من هوام الأرض لسعني شي من هوام الأرض فما أردت أن أوقظك يا رسول الله .. فأخذ النبي رجله فدعا له وبصق عليها وكأن لم يكن به شيء ..!! والنبي يقول لأبي بكر بعد أن بكى لما رأى المشركين عند المغارة يقفون قال : لو نظر أحدهم إلى رجله لأرانا يا رسول الله .. قال : أوتخاف يا أبابكر ..؟؟ قال : لا أخاف على نفسي إنما أخاف عليك يا رسول الله .. فقال النبي له : لا تخف يا أبابكر ما ظنك باثنين ما ظنك باثنين الله ثالثهما ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ) .. يخرجان من الغار يمضيان إلى المدينة فيدركهما من ..؟؟ سراقة ولم يكن أسلم في ذلك الوقت .. فيدركهما وكان بطلا شجاعا فكاد أن يصل إليهما فبكى أبوبكر فقال له النبي : لم تبكي يا أبابكر ..؟ فيقول : يا رسول والله ما أبكي على نفسي ولكن أبكي عليك ..!! فابتسم النبي وقال : اللهم أكفناه بما شئت فساخت قوائم فرسه في الأرض فسقط منها ..!! فرجع النبي إليه فنظر سراقة وعلم أن الأمر فيه شيء ..!! هذا الرجل ليس رجلا كغيره من الرجال لابد أن عنده شيء من السماء .. فقال له النبي : هل لك أن ترجع ولا تخبر بأمرنا قال : وماذا لي يا محمد ..؟؟ قال : لك يا سراقة لك يا سراقة سوار كسرى سوار أعتى رجل على وجه الأرض وأكبر دولة على وجه الأرض في ذلك الزمان إنها فارس ..!! فارس وعليها كسرى ..!! قال : يا سراقة لك سواره .. سبحان الله أنظروا إلى يقينه بنصر الله .. يقينه بموعود الله عز وجل .. وتمضي السنون ويموت رسول الله وتمضي السنون .. ويموت أبوبكر فيأتي عهد عمر فتفتح فارس ويؤتى بسوار كسرى إلى عمر ابن الخطاب فيقول كسرى أين سراقة ابن مالك ..؟؟ أين سراقة ابن مالك فيؤتى بسراقة وكان قد أسلم وجاهد في سبيل الله فقال له عمر : يا سراقة إليك سوار كسرى هذا وعد رسول الله هذا وعد رسول الله (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4}) ..
يأتي النبي إلى المدينة والصحابة الأنصار ينتظرونه في كل يوم .. إذا اشتد حر الظهيرة رجعوا إلى منازلهم وفي ذلك اليوم رجعوا لما اشتدت الشمس بحرها فلما رجعوا فإذا بيهودي يصعد على أطم من الآطام فيرى ظلين من بعيد فيعرف أنه الرسول وصاحبه فيرجع إلى الأنصار فيقول يا معشر الأنصار يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون هذا نبيكم الذي تنتظرون فثار الأنصار إلى سلاحهم واستقبلوه عند أبوابهم وهم يكبرون ويقولون الله أكبر الله أكبر جاء نبي الله جاء نبي الله استقبلوه في كل الشوارع وفي كل الأودية وعلى سطوح المنازل بالرجال والنساء والأطفال وهم يكبرون (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) ..
فإذا بالنبي يدخل المدينة يقول أنس أضاء في المدينة كل شيء بنى المسجد وأسس الدين ونشر الهداية في قلوب المؤمنين أسرهم بحبه أسرهم بأخلاقه عليه الصلاة والسلام كان يجلس مع الشيوخ ويجالس الصبيان والأطفال فإذا به يسلم عليهم واحدا واحدا تأتي إليه الجارية نبي الله خير من وطأ قدمه الثرى عليه الصلاة والسلام تأتيه الجارية فتمسك يديه الشريفتين فتذهب به حيث شاءت تسأله عن حاجتها فيقضي لها حاجتها عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله فما جزع ولا كلا ولا ملا يأتيه الأعرابي يوم من الأيام وهو يخطب الجمعة فيقول يا رسول الله يا رسول الله علمني ديني فينزل من خطبته ويجلس إليه يعلمه أمر دينه الله أكبر لما يأتي رجل من الأعراب يبول في المسجد فكاد الصحابة يقتلونه أو يهموا به فيقول للصحابة دعوه ولا تزرموه رحمة وأي رحمة فيأتيه النبي بعد أن يقضي بوله يقول له : يا فلان هذه المساجد لم توضع لهذا ولا لذاك إنما وضعت للصلاة والذكر وقراءة القرآن والعبادة .. فيقول الرجل بعد أن يرى خلقه يقول : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا .. فيبتسم النبي ويقول له : لقد حجرت واسعا يا هذا ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ..
كانوا يحبونه حبا جما في الجهاد تظهر صور المحبة .. هذا طلحة رضي الله عنه في غزوة أحد يقاتل دون النبي عليه الصلاة والسلام يقاتل وكلما أراد القتال قال أنا يا رسول الله فيقول له النبي اجلس يقاتل أحد الصحابة فيقاتل حتى يقتل حتى جاء دور طلحة رضي الله عنه فيقاتل حتى قطعت أصابعه فإذا به يقول حس قال لو قلت باسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون ..
أبوطلحة الأنصاري في أحد يقول يا نبي الله يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف لا تشرف لا يصبنك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك يا رسول الله نحري دون نحرك يا رسول الله ..
أبودجانة في معركة أحد يقول يترس نفسه على النبي والسهام والنبال تقع على ظهره رضي الله عنه وهو لا يبالي وهو لا يهتم رضي الله عنه لأن السهام تقع على ظهره ولا تصيب رسول الله ..
من هذا النبي الذي أحبه الناس هذا الحب قال شاعر فيه :
أصفى من الشمس في نطق وموعظة ** أمضى من السيف في حكم وفي حكمي
أغر تشرق من عينيه ملحمة ** من الضياء لتجلوا الظلم والظلمي
في همة عصفت كالدهر واتقدت ** كم مزقت من أبي جهل ومن صنمي
محرر العقل باني المجد باعثنا ** من رقدة في دثار الشرك واللممي
بنور هديك كحلنا محاجرنا ** لما كتبنا حروف صغتها بدمي
هذا أحد الأنصار يقول النبي من رجل يشتري لنا نفسه فيقول الرجل أنا يا رسول الله أنا يا رسول الله فيدخل الرجل في صفوف المشركين أنظروا للتضحية لرسول الله فيقاتل الرجل حتى تثخنه الجراح فيحمل وقد سالت الدماء من على جسده فيوضع والنبي جالس عليه الصلاة والسلام يوضع خده على قدم النبي عليه الصلاة والسلام ويقول النبي أدنوه مني أدنوه مني فإذا بالرجل خده على قدم النبي تفيض روحه إلى بارئها ..
سعد ابن الربيع سعد بن الربيع يقول النبي أين سعدا أين سعدا ابحثوا عن سعد وأتوني بخبره فيذهب الصحابة يبحثون عنه فيأتيه رجل وإذا بسعد يحتظر في الرمق الأخير يقول له يا سعد إن رسول الله يقرؤك السلام ويقول كيف تجدك كيف تجدك فيقول سعد أخبر رسول الله أبلغه مني السلام وأخبره أني أجد ريح الجنة أني أجد ريح الجنة الله أكبر وهو في الدنيا يشم رائحة الجنة ثم أخبر قومي الأنصار وقل لهم لا عذر لكم لا عذر لكم إن يُخلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف
هذا أنس بن النضر لما رأى الصحابة جالسين قال لهم من الذي أجلسكم قالوا مات رسول الله فما تصنعون بالحياة بعده فما تصنعون بالحياة بعده قوموا قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله فدخل أنس يموت لأن النبي قد مات يخترق صفوف المشركين فيقاتل في سبيل الله فيصاب بأكثر من ثمانين ضربة وطعنة فيخر على الأرض صريعا ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ..
أما في حنين وما أدراك ما الذي حصل في حنين لما تراجع الناس تقدم أشجع الناس إنه رسول الله عليه الصلاة والسلام يتقدم وهو على بغله والصحابة يمسكون زمامها يريد النبي أن يتقدم في صفوف المشركين رافعا عصاه وسلاحه وهو يقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب يا عباس نادي أصحاب السمرة نادي أصحاب البيعة فيناديهم العباس فإذا بالصحابة يتذكرون تلك البيعة التي بايعوا فيها النبي على الجهاد فيرجعون بدوابهم ومن لم يستطع الرجوع بدابته رمى نفسه من عليها وهم يقولون لبيك رسول الله لبيك رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا لما انتهت المعركة قسم النبي الغنائم على الذين أسلموا حديثا ولم يعطي الأنصار شيئا فخاف الأنصار أن النبي قد هجرهم وأنه سوف يرجع إلى وطنه وإلى بلاده فإذا بالنبي يجمعهم في حائط فيقول لهم يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي فبكى الأنصار الله ورسوله أمن ثم قال لهم النبي اسمع ما الذي قال ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي إلى رحالكم فبكى الأنصار وقالوا الله ورسوله أمن ثم قال لهم لولا الهجرة لكنت أمرا من الأنصار لو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها الأنصار شعار والناس دثار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار وأخذ يدعوا لهم فبكى القوم حتى ارتفع صوتهم بالبكاء واخضلت لحاهم وهم يقولون رضينا برسول الله رضينا برسول الله قسما وحظا ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) ..
سمع أن يهوديا من جيرانه يهودي مرض ماذا يصنع وهم أشد الناس عداوة له ماذا يفعل نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام هل فرح هل استبشر بأن يهوديا مرض هل دعا عليه بالموت بل زاره عاده وجلس عند رأسه شاب مريض وعند الشاب أبوه يهودي كبير تعرف ماذا قال له قال له النبي يا فلان قل لا إله إلا الله أشهد أني رسول الله فإذا بالشاب لا يرد على النبي عليه الصلاة والسلام فنظر الشاب إلى أبيه واليهود يعرفونه كما يعرفون أبناءهم نظر اليهودي إلى أبيه ماذا يقول له أبوه تعرف ماذا قال أبوه قال اليهودي الكبير قال يا بني يا بني أطع أبا القاسم أطع أبا القاسم فقال الشاب أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فمات الشاب من ساعته فخرج النبي متهللا مبتسما ضاحكا وهو يقول الحمد لله الحمد لله الذي أنقذه من النار بي الذي أنقذه من النار بي ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ..
بل كان المنافقون يسبونه ويشتمونه وكان يدعوا لهم ويستغفر لهم بل صلى عليهم حتى قال الله عز وجل ( إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ) .. قال : لأزيدن على السبعين مرة فنهاه الله عز وجل أنظروا إلى رحمته كان ينادي حليمة السعدية مرضعته كان يناديها وهو قد تجاوز الأربعين من العمر يناديها يا أماه يا أماه دعا الله استأذن ربه أن يزور قبر أمه وقد ماتت مشركة فأذن الله له فاستأذنه أن يستغفر لها فلم يأذن الله له فكان إذا مر على قبرها زار قبرها وجلس عند قبرها وأخذ يبكي عليه الصلاة والسلام رحمة وأي رحمة
زيد ابن حارثة مولى من الموالي خدم عند النبي سنين فلما جاءه أبوه وعرفه أراد أبوه أن يرجعه إليه فطلب زيد من أبيه أن يبقى عند النبي عليه الصلاة والسلام يقدمونه الناس على آباءهم على أمهاتهم على أبناءهم حب وأي حب هذا ..
يأتيه رجل من الأعراب فيجبذه من رداءه حتى أثر الرداء على صفحة عنقه عليه الصلاة والسلام فإذا بالأعرابي يقول يا محمد أعطني من المال أعطني شيئا من المال فإذا بالنبي يبتسم فيقول لأصحابه أعطوه من بيت المال أعطوه من بيت المال ..
يسوي الصفوف يوم من الأيام فإذا برجل من الصحابة متقدم فيدفعه النبي فكأن وجهه قد تغير فقال له النبي أوجعتك قال له نعم قال تريد أن تقتص قال الصحابي نعم الله أكبر قائد الجيش مع فرد من الأفراد قال تريد أن تقتص قال نعم قال خذ حقك والصحابة ينظرون فقال له الرجل يا رسول الله إن بطني مكشوف فاكشف لي عن بطنك فكشف النبي عن بطنه يريد الصحابي الآن أن يأخذ حقه تعرف ماذا صنع انكب الصحابي على بطن النبي وأخذ يقبله وهو يبكي قال النبي لم فعلت هذا يا فلان قال أردت قبل الجهاد ربما أموت أردت أن تمس بشرتي بشرتك قبل أن ألقى الله عز وجل ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ{1} مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ{2} وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ{3} وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{4} ) من الذي يصفه بهذا رب العالمين جل وعلا يصفه بأنه على خلق عظيم
في معركة بدر يقول عبدالرحمن بن عوف يقول غمزني شاب عن يميني قلت له قال يا عم أين أبوجهل قال ما شئنك وشأنه يا غلام قال لقد سمعته أنه سب رسول الله فوالله لإن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال سبحان الله يقول فغمزني شاب عن يساري فقال لي نفس الكلام قال سمعت أنه سب رسول الله
أين شباب الأمة اليوم أين من الذين يسبون رسول الله أين من الذين يطعنون برسول الله أين هم من الذين يستهينون بسنة رسول الله أنا لا أقول نغتالهم أنا أقول على الأقل ندافع عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام إن كان الأمر جهاد فالقتل هو نهاية من يطعن برسول الله الحرب والقتل والجهاد يقول فلما رأيت أباجهل قلت لهما هذا صاحبكما يقول فانقضا عليه كما ينقض الصقر على الفريسة فارداه قتيلا لم إنه الحب لرسول الله حبهم لرسول الله لا يعدله حب ألبته
يقول أحد الكفار أحد المستشرقين يقول لو كان محمد حيا لحل مشاكل الشرق والغرب كل المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كل المشاكل يقول لو كان محمد حيا بيننا الآن هذا مستشرق يقول لحل مشاكل العالم وهو يشرب فنجان قهوة وهو يشرب فنجان قهوة تعرف لم يا عبد الله لأنهم يعرفون قدره كان يحب الله عز وجل وكثير العبادة كان إذا جاء الليل عليه الصلاة والسلام وأرخى الليل ستوره يقوم بين يدي الله يكبر فيصلي ويبكي يقول لعائشة في يوم من الأيام ذريني يا عائشة أتعبد ربي قالت والله يا رسول الله إني أحبك وأحب قربك وأحب ما تحبه فتركته تقول فتوضأ فكبر يصلي تقول فبكى حتى أخضلت لحيته فبكى حتى بل حجرة فبكى حتى بل الأرض كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ويخشى الله عز وجل أشد الخشية لما انكسفت الشمس في حياته فزع فقام من مكانه وذهب للصلاة يقولون حتى نسي رداءه فجاءه الصحابة بردائه ووضعه على كتفيه وهو يصلي فأخذ يصلي ويقرأ القرآن قراءة طويلة يقول الراوي فأخذ يبكي في الصلاة وهو يقول ويدعوا الله يقول ربي ربي لم تعدني هذا وأنا فيهم ربي لم تعدني هذا ونحن نستغفرك ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ) كرامته على الله (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ..
بل كان إذا جاءت الريح يخاف عليه الصلاة والسلام وكان يقول عذب قوم بالريح وظنوا أنه عارض ممطرهم ولكنها كانت ريح فيها عذاب شديد ..
يوم القيامة أنظروا كيف يرفعه الله عز وجل على العالمين كل الأنبياء يقولون نفسي نفسي إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله إلا النبي عليه الصلاة والسلام صاحب الشفاعة الكبرى الذي يقول للناس أنا لها أنا لها فيذهب فيسجد بين يدي الله ولا يحق لأحد السجود إلا رسول الله حبيبنا عليه الصلاة والسلام يسجد بين يدي الله عز وجل فيقول له الرب بعد أن يلهمه تسابيح لم يكن يعلمها في الدنيا يا محمد ارفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع فيقول اللهم اللهم أمتي أمتي أمتي أمتي قال فيه الشاعر :
لما اتتتق من ليلة استجبت لها ** العين تغفوا وأما القلب لم ينم
تمسي تناجي الذي أولاك نعمته ** حتى تغلغلت الأورام في القدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى ** ودمع عينيك مثل الهاطل العمم
الليل تسهره بالوحي تعمره ** وشيبتك بهود آية استقم
صبر ودعا إلى الله فلم يجزع يوما من الأيام كان يحلم على كل من جهل عليه كان يدعوا إلى الله عز وجل رجاء أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا في حجة الوداع أوحى الله إليه أنك يا محمد سوف تغادر هذه الدنيا لقد قربت المهمة على النهاية فإذا به فإذا به يهيأ قومه ويهيأ المسلمين لهذا أيها الناس خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ونعاه الله عز وجل بقوله ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3} ) ..
فرجع من حجه وفي شهر صفر أصيب بوعك شديد فدخل على عائشة فقال يا عائشة وارأساه قالت عائشة يا رسول الله وارأساه قال بل أنا وارأساه يا عائشة فجلس مريضا وأشتد به المرض عليه الصلاة والسلام حتى عصب رأسه يوم من الأيام فخرج على المنبر في الناس فجمع الصحابة فقال بعد أن حمد لله وأثنى عليه قال إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبينما عند الله فأختار العبد ما عند الله فبكى بالصحابة رجل واحد من هو إنه خليله إنه صاحبه إنه أبوبكر رضي الله عنه إنه صاحبه أبوبكر قال فديناك فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله ثم قال إن من أمن الناس علي في صحبتي ومالي أبوبكر لو كنت متخذا خليلا لتخذت أبابكر خليلا لكن صاحبكم خليل الرحمن وأبوبكر يبكي ولا يعلم الناس لم يبكي علم أبوبكر بالخبر علم أبوبكر بأن النبي يخبر الناس بأنه هو العبد الذي إختار ما عند الله خرج عليه الصلاة والسلام ليلة من الليالي مع أبي مويهبة إلى المقبرة إلى البقيع يستغفر للمؤمنين قال يا أبامويهبة إني قد خيرت بين مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة وبين لقاء ربي والجنة قال أبومويهبة بأبي أنت وأمي يارسول الله اختر اختر الخلد في الدنيا والجنة قال لا يا أبامويهبة اخترت لقاء ربي اخترت لقاء ربي والجنة ..
مرت الأيام أشتد بالنبي المرض حتى ارتفعت به الحمى واشتدت به الحرارة حتى جاء ذلك اليوم الذي استأذنه بلال بالصلاة فقال النبي لعائشة قال مري بلال يقرأ أبابكر السلام ويقول له أن يصلي بالناس أن يصلي بالناس قالت عائشة إن أبابكر رجل أسيف مر غيره قال مر أبابكر فليصل بالناس خليفته من بعده إنها الخلافة الشرعية التي سوف تكون هي الخلافة السياسية فإذا ببلال يؤذن بأبابكر أن يصلي بالناس فأقام بلال الصلاة أول صلاة يصلي فيها أحد من الصحابة لا يصلي بهم النبي عليه الصلاة والسلام فكبر أبوبكر بالصلاة وأخذ الصحابة يبكون لأن التكبير وإن كان أبوبكر لكنه ليس حبيبهم صلى الله عليه وسلم يوم ويومان ويشتد بالنبي المرض كان يسكب عليه بالقرب الماء الكثير حتى يقوم في الناس حتى يقوم ليصلي ولكن لم يستطع عليه الصلاة والسلام دخلت عليه فاطمة فبكت لما رأت حاله قالت واكرب أبتاه واكرب أبتاه قال يا فاطمة لا كرب على أبيك بعد اليوم لا كرب على أبيك بعد اليوم جاءت إليه فأسرها بسر فبكت فاطمة ثم بسر آخر فضحكت فاطمة رضي الله عنها فقالت عائشة بعد زمن ماذا كان الذي أخبرك به قالت أخبرني بأنه سوف يفارق الدنيا فبكيت ثم أخبرني بأني أول الناس لحوقا به فضحكت واستبشرت بهذا ..
مر اليومان ثم في اليوم الثالث أشتد بالنبي عليه الصلاة والسلام المرض أشتد به المرض وكان على رجل عائشة فدخل عبدالرحمن أخوها وكان بيده سواك فنظر النبي إلى السواك فرطبته عائشة بريقها وسوكت به النبي عليه الصلاة والسلام ورأسه بين سحر عائشة ونحرها وبل ريقه ريقها ثم بعد قليل قال النبي بعد أن وصى الأمة بما وصاها بها قال لا إله إلا الله لا إله إلا الله إن للموت سكرات إن للموت سكرات ثم قال بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى ثم غمضت عيناه وفارقت تلك الروح الطاهرة ذلك الجسد الطيب فأظلم في المدينة كل شيء فدمعت أعين الصحابة وبكى من بكى أما علي فلم يقدر على الكلام أما عثمان فلم يقوى على القيام أما عمر رضي الله عنه فقال من زعم أن رسول الله قد مات لأضربنه بالسيف إن محمد لم يمت إن رسول الله لم يمت ذهب واعد ربه كما واعده موسى حتى جاءه أبوبكر فدخل على بيت ابنته عائشة فدخل على النبي وقد سجي بالغطاء فأزال الغطاء عن وجهه فدمعت عينا أبي بكر ثم قبله بين عينيه ثم دمعت عينا أبي بكر فقال طبت حيا وميتا يا رسول الله والله لا يذيقنك الله الموت مرة أخرى ثم خرج إلى الناس فنظر إلى عمر يهدد قال يا عمر أجلس فما جلس يا عمر أجلس فما جلس فقام أبوبكر خطيبا في الناس أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم قرأ قول الله ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) ..
يقول عمر كأنني أسمع الآية لأول مرة فرددها الصحابة في الطرق والشوارع والكل يردد هذه الآية ..
ومضى يوم ويومان ثم غسل النبي عليه الصلاة والسلام ثم أدخل جسده الطاهر ذلك القبر الشريف في المكان الذي توفي فيه تقول فاطمة وقد بكت بعد أن دفن تقول كيف طابت أنفسكم كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله أما علي رضي الله عنه وهو يغسله يقول وهو يبكي ما أطيبك حيا وميتا يارسول الله أما أنس يقول لما دفناه أنكرنا قلوبنا وأظلم في المدينة كل شيء وأظلم في المدينة كل شيء حتى بعد أن مضى شيء من الزمان قال أبوبكر وقد قام في الناس خطيبا قال أما بعد فقد قال النبي وهو على هذا المنبر فتوقف أبوبكر وأخذ يبكي وهو يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أما عمر بعد أن فتح بيت المقدس وأذن بلال بالناس وقف عند أحد الجدر وقف عندها عمر بن الخطاب وأخذ يبكي وبكى الصحابة معه لما تذكروا إمامهم وقدوتهم محمد عليه الصلاة والسلام (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ..
إن الناس في علاقتهم بالنبي على ثلاث درجات منهم من يحبه ويرفعه أكثر من قدره عليه الصلاة والسلام حتى إن بعضهم أوصله لمراتب الألوهية ومراتب الربوبية حتى إن بعضهم يدعوه من دون الله ويذبح له من دون الله ويستغيث به من دون الله وهؤلاء قد جاوزا الحد حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله فهو عبد الله أشرف وصف وصف به عليه الصلاة والسلام ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ )
وصنف آخر من الناس حجوه عليه الصلاة والسلام جفوه عليه الصلاة والسلام وهجروا سنته بأبي هو وأمي لا يتبعون سنته ولا يقتفون أثره عليه الصلاة والسلام لا يعرفون شيء عن حياته ولا شيء عن سيرته لو سألتهم عن اللاعبين والمغنين لجاءوك بحياتهم وسيرهم أما عن حياة نبيهم أزواجه أبناؤه أصحابه سيرته جهاده معاركه عبادته لا يعرفون شيئا عنها تركوه حتى إنك لو أتيتهم بحديث قالوا لا نأبه بالحديث نأخذ القرآن وندع السنة حتى قال فيهم عليه الصلاة والسلام إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه وقال من رغب عن سنتي فليس مني
أما الصنف الآخر الثالث هم المتبعون له عليه الصلاة والسلام هم الذين يحشرون معه ويدخلون الجنة معه كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يارسول الله قالوا ومن يأبى يارسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ..
يوم من الأيام يخلع نعاله عليه الصلاة والسلام يخلع نعاله في الصلاة فإذا بالصحابة كلهم يخلعون نعالهم فينظر إليهم يقول فما الذي حملكم على هذا يقولون رأيناك خلعت نعالك فخلعنا نعالنا فقال لهم عليه الصلاة والسلام إن جبريل قد أخبرني أن فيها أذى فخلعتها أرأيتم إتباعا كهذا أما الناس اليوم إلا من رحم الله بعضهم قد هجر سنته واتبع هديا غير هديه (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) ..
يتشرف الواحد منا لما يتأسى بهديه عليه الصلاة والسلام لما يتأسى بمظهره بعبادته بأخلاقه بدعوته بجهاده بسيرته لأنه صاحب الخلق العظيم لما سألت عائشة عن خلقه قالت كان خلقه القرآن قال بعضهم
يا أمة غفلت عن نهجه ومضت ** تهيم من غير لا هدي ولا علم
تعيش في ظلمات التيه دمرها ** ضعف الأخوة والإيمان والهمم
يوما مشرقتا يوما مغربتا ** تسعى لنيل دواء من ذي سقم
لن تهتدي أمة في غير منهجه ** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
بأبي هو وأمي كم علت همته في البذل الذي بذل والهول الذي احتمل لتحرير البشرية من وثنية الشرك والضمير وضياع المصير فجزاه الله خير ما جزى نبيا عن أمته وجعله أعلى النبيين درجه وأقربه منه وسيله وأعظمه منه جاها وتوفانا على ملته وعرفنا وجه في رضوانه والجنة وحشرنا معه غير خزايا ولا نادمين ولا شاكين ولا مبدلين ولا مرتابين وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وأجمعين ..
محاضره للشيخ: نبيل العوضي
منقول
0
348
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️