ليس ككل الأعوام ... هذا العام !
عامٌ انسلخ عن كل ماسبقه من عمر الزمن منذ بدايته إلى نهايته..
وتفرد بسمة طغت على الجنس البشري وفرضت عليه قيوداً إجبارية
ذلك هو الوباء المسلط الذي جاء كصفعة إفاقة ليدرك الإنسان حجمه ..
فيتضاءل جبروته .. وغروره .. وإحساسه بالعظمة والمنعة والقوة والكبرياء
سلط الله أضعف خلقه على أقواها ..
مخلوق لاعقل له مهين لايرى بالعين ولا يبين..
على أعقلها وأمكنها في الأرض ..!
فحلّ البلاء وعم الجميع من أدناها إلى أقصاها ..
ومن أفقرها إلى أغناها ...
ومن صغيرها إلى كبيرها ...
أجبرهم هذا المخلوق الحقير الضئيل الضارب وجعاً..
على اتخاذ موقف واحد اتقاءً..
حين حل نذير الخطر ودقت أجراس البلاء ..
ولم تتوحد البشرية يوماً على الخير ..
بل تشعبت وتجمعت فئاتاً وفرقاً على:
المصالح والمطامح والطمع والجشع و الاستعمار
والاستغلال ..والسيطرة والتملك ..
.....................
وهنالك على الجانب الآخر كانت تتحرك جنود الخير بهدوء على خط السلام ..
جنودا تحمل سلاح الإيمان وتنثر في الأرض بذور العطاء والحب والتكافل ..
لتترعرع في القلوب المحتاجة .. سنابل خير وعطاء..!
وها أن العام انقضى وما زال الوباء وما رفع البلاء ..!
ونتساءل :
ترى هل تعلمت البشرية الدرس من عام الامتحان ..؟!
الحقيقة أن دروس المحنة لم تثمر في الكثيـــــــــــــر ..
وحتى من غمرته نوبة التوبة .. عاد لما اعتاده من اعوجاج ..
ولجأ خوفاً على صحته وليس عن توبة صادقة إلى اتباع الوقاية
مع البقاء على نية الخطيئة والضلال ..!
احصائيات الموت لاتكذب .. تظهر حقيقة البلاء ..
وهل أكبر من الموت درساً للأحياء ..؟!
**
سطر عامنا الراحل.. عام المحن في صحائفنا الكثير من مواقف :
الخطأ والصواب..
والحزن والفرح .. الفقد والميلاد .. والندم و اللامبالاة ..واجتراح السيئات
اقتراف الأخطاء ... والتجاهل... !
الحب... الكره ...
المرض والعافية ...الغفلة واليقظة ..!
......................
مرّعام !
سلب من الكثير أعز الأقارب والأصحاب ..
وقَربت إلينا أبعد الأغراب!
تغيرعلينا بعض الأحباب ، وبقى على عهد الوفاء لنا صفوة الأحباب !
......................
مرّعام !
كشف لنا معادن الناس وأبان حقيقتها ..
فكان معدن بعضها نفيس .. والبعض معدنها رخيص ..!
........................
مرّ عام !
سقطت فيه أقنعة .. !
فأشاح البعض وجوههم عنا وأداروا لنا ظهورهم..
وتركونا في دوامة المحن ...فرادى ..!
واحتوانا البعض بحب وتبنى حاجاتنا ..
وشد على أيدينا ..فكان عوناً وسنداً لنا..!
فتعلمنا أن الحب أخلاق تترجمها المواقف
وليس كلام يقال حتى إذا جدّ ت الأمور وحم البلاء انسلخوا عنّا ..!
.........................
مرّ عام !
تعلمنا فيه أن الحجر الذي يقف عثرة في طريقنا ..
لن يثنينا عن المضي في طريقنا ، ولن يجبرنا على التراجع..
..............................
مرّعام !
تعلمنـــــا دروساً من الحياة التــــــــــي خلّفت بصماتها على عنق أيامه..
تعلمنا أن لا نطلق أحكاماً على إنسان ألفناه في هدوءه ..
قبل أن نواجهه عند غضبه !
وتعلمنا أن من أطاع الواشي ضيع الصديق ،
ومن نكث بالوعد أضاع الثقة
ومن خان الأمانة استحق الخيانة فالجزاء من جنس العمل !
علمنا أن الضربة التي لاتميتنا تقوينا .. !
علمنا أن الطيبة يعدها البعض سذاجة وغفلة أجدر أن تستغل ..!
وعلمنا أن القلوب البيضاء جداً... نادره ! وأن أغلب القلوب بلا لون !
علمنا أن طلب الحاجة من غير الله تورث الضعف ..
وأن الافتقار لله ينفخ في أرواحنا القوة والعزة والمنعة . .
...........................
مرّ عام ...! وبكل حب نهدي باقة شكر :
لمن بقي في حياتنا ولم تؤثر فيه العواصف ، أو تغير اتجاه أشرعته الرياح !
لمن حمل لنا في قلبه التقدير والمودة وذكرنا بالخير في غيابنا وحضورنا
لكل عزيز أهدانا من حياته لحظة جميلة وهبتنا السعادة
وكل إنسان رفع دعوة لنا بظهر الغيب...
نشكر كل من تحمل تقلب أمزجتنا أحياناً ،
وغفر لنا هفواتنا وزلاتنا في حقه ..
وسامحنا على أخطائنا ..
ونظر إلينا كما يرى نفسه فكلنا بشر. ..
وكلنا كالقمر له جانب مضئ وجانب معتم ..
نشكر قلوبا نقيه لازالت تهدينا ورود السلام
وتغرد في قلوبنا بلابل سعادة وتمنحنا دفء الحياة
وتؤكد لنا أن العالم مازال بخير ..
ورغم العام الذي قلب الموازين ..
فهو لن يفلح في تغيير مقياس القلوب الصادقة
نشكر من لازال قلبه يحتضننا ويهدينا العطاء والود والتضحية
...
كلما ادلهم الليل واظلمت الدنيا في أعيننا ..
ودخل قمر السعادة المحاق ..
تطلعنا إلى السماء ..على أمل ومض من نجمــــــــــــة بعيــــــــــــدة
يعيد الأمـــــــــــــــان لقلوبنــــــــــــــا المتوجسة ..
فعلاً هذا العام كان مختلفاً بكل تفاصيله ....
تعلمنا دروس وأهمها أن المحنة فيها منحة من الله لمن صبر وأحتسب وفوض أمره الى الله...
شكراً غاليتي على جميل ماكتبت هنا....
حفظك الله ودام عطاؤك