هـــــذا هو المؤمن

بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي في الله ..
الحق أننا في دار ابتلاء وامتحان .. ونكد وأحزان .. وقد بلغ الضعف والوهن بكثير من الناس إلى التسخط من أقدار الله .. فبقي الصابرون الشاكرون المحتسبون هم القلة القليلة ..
وقد اقتضت حكمة الله .. أن يميز عبادة المؤمنين الصادقين من غيرهم .. فقد قال تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون )
وقال تعالى ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين )
إذن أحبتي ...
البلاء قسم الناس إلى صادق و كاذب .. وصابر و ساخط .. فالله عز وجل يبتلي عبده ليمتحن صبرة ورضاه عن ربه ومدى قوة إيمانه ..
ومع ذلك أحبتي نرى كثيرا من الناس ينزعجون لنزول البلاء .. ويتسخطون و يتمادون في ذلك ..
وأصل الإنزعاج لا ينكر إذ الطبع مجبول عليه .. وإنما الإفراط فيه .. ولا بد أن يعلم أن الذي ابتلاه هو ربه .. أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين ..
وأن الله أرسل إليه البلاء لا ليهلكه .. ولا ليعذبه .. وإنما ليمتحن صبره ورضاه .. ويرى إقباله وانكساره وابتهاله .. قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( إن عظم الجزاء عظم البلاء وإن الله إذا أحب عبدا ابتلاهم )
يبتليهم الله بشيء مما يكرهون .. ليرفع منازلهم ويحط من خطاياهم .. وإنها من نعم الله أن جعل لنا في الإبتلاء مع الصبر والاحتساب الأجر والثواب ..
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا .. وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة )
لذا كان الصالحون من السلف إذا طالت بهم العافية قالوا ( ما لنا تودع الله منا ) ..
ذكر عن هلال بن بسامة قال : كنا قعودا عند عمار بن ياسر .. فذكروا الأوجاع .. فقال أعرابي .. ما اشتكيت قط . فقال عمار : ما أنت منا أو لست منا .. إن المسلم يبتلى ببلاء فتحط عنه ذنوبه كما يحط الورق من الشجر .. وإن الكافر أو الفاجر يبتلى ببلية فمثله مثل البعير إن أطلق لم يدر لم أطلق وإن عقل لم يدري لم عقل "

فاحتسبوا الأجر ايه الأحبة .. واعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم وما أخطئكم لم يكن ليصيبكم ..
واعلموا أن البلاء في حق المؤمن خير .. لأنها تدل على فضله عند ربه ومحبته له ..

جعلني الله وإياكم من الصابرين المحتسبين ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )
بارك الله فيكم وزادكم صبرا وأجرا ..

أختكم في الله الداعيـــة ..