السلام عليكم ورحمة الله
اخوتي وأخواتي الأعضاء هذا هو الجزء الثالث من موضوع: "هلا قرأت هذه القصص"
والذي يتكون من حلقات قام بكتابتها أحد طلبة العلم جزاه الله عنا خير الجزاء
وقد طرحت من قبل الجزء الأول على هذا الرابط:
http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=316570
والجزء الثاني على هذا الرابط:
http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=351774
واليوم نكمل لكم نقل بقية الحلقات
الحلقة (9)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فلا يزال الحديث إخواني الكرام موصولا بذكر شيء من القصص الصحيحة الثابتة وما فيها من دروس وعبر وحكم ودرر فمن هذه القصص :
عنْ صُهيْبٍ أنّ رسُول اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال « كان ملِكٌ فِيمنْ كان قبْلكُمْ وكان لهُ ساحِرٌ فلمّا كبِر قال لِلْملِكِ إني قدْ كبِرْتُ فابْعثْ إِلىّ غُلامًا أُعلِّمْهُ السِّحْر. فبعث إِليْهِ غُلامًا يُعلِّمُهُ فكان في طرِيقِهِ إِذا سلك راهِبٌ فقعد إِليْهِ وسَمِعَ كَلاَمَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حبسني أهلي. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حبسني السَّاحِرُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ { وفي رواية لابن ماجه فقال بعضهم إن تلك الدابةَ كانت أسدا -}فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِىَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أي بُنَىَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّى. قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَىَّ . وَكَانَ الْغُلاَمُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِىَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شفيتني فَقَالَ إني لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ. فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قَالَ رَبِّى. قَالَ وَلَكَ رَبٌّ غيري قَالَ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلاَمِ فجيء بِالْغُلاَمِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أي بُنَىَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ . فَقَالَ إني لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فجيء بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جيء بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جيء بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِى قُرْقُورٍ { - سفينة صغيرة -} فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ { - أي انقلبت-} بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بقاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ وتصلبني عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كنانتي ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ ارمني فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قتلتني. فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ في صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ في مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ. فَأُتِىَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ في أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا. أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلاَمُ يَا أُمَّهِ اصبري فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ ».
هذه أحبتي الكرام قصة عظمية عجيبة فيها جواهر ودرر وحكم وعبر فمن هذه الحكم :
لقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة الصحابةَ الكرام رضي الله عنهم أفضل ناس بعد الأنبياء والرسل فالقصد من ذكر هذه القصة التوجيه والإرشاد ... إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع الصحابة الكرام وهم رجال كبار ويجلس معهم ويحدثهم فما بال بعض الناس عفا الله عنهم لا يفكر أحدهم أن يجلس مع أبنائه فيربي فيهم الفضيلة ويغرس فيهم المبادئ والقيم والأخلاق الحسنة والعادات الطيبة ... لقد حدثني أحد الإخوة من أهل البادية أنه كان يسمع قصص الشجعان والأبطال من أبيه وكان والده يحدثه عن التاريخ وعن الغوص والصيد ويذكر لهم من أشعار الشجعان الشيء الكثير فقال لي زميلي لقد ترسخت هذه المبادئ في نفوسنا وتربينا على الشجاعة و القوة والكرم، إذا كانت -إخواني الكرام- قصص هؤلاء الأبطال قد أثرت في نفوس الصغار فتربوا على مكارم الأخلاق فكيف بقصص الصحابة الكرام وبقصص الأنبياء والرسل فكم لها من أثر وكم تُغرس بها القيم فاحرص أخي الكريم واحرصي أختي الكريمة على الجلوس مع الأبناء وتربيتهم تربية طيبة تقوم على الدين وعلى الصلاة وعلى القيم والأخلاق الحسنة كالكرم واحترام الكبير واحترام الضيف؛ قد تقول إن ابني صغير أو ابنتي صغيرة فأقول لك:
وينشئ ناشئ الفتيان منا = على ما كان عوده أبوه .
واذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
ومن فوائد هذه القصة إخواني الكرام : خطورة السحر فقد كان لهذه الملك ساحر يخدمه بالسحر وهذا أمر عظيم حرمه الإسلام فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) .رواه البخاري ومسلم.
فينبغي الحذر من هذه الموبقة العظيمة أشد الحذر ...
ومن فوائد هذه القصة أيها الإخوة الكرام :
أن الله تعالى هو المتصرف في الكون فهو الحافظ وهو المحيي والمميت وهو الشافي فقد خلص الله عزوجل الناس من الدابة التي سدت الطريق ورد الله بصر الوزير بعد أن أصيب بالعمى وحفظ الله هذا الغلام مرتين مرة عند الجبل ومرة في البحر فسبحان من بيده مقاليد الأمور فلا بد إخواني الكرام من اللجوء إلى الله تعالى، ذكرت هذا لأن بعض الناس مثلا يخسر في صفقة تجارية فتجده يعيش حياة كلها هم وحزن وغم، وأخت من الأخوات تأخر زواجها فهي في كرب عظيم فلا ينبغي هذا أبدا، بل لا بد أن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى. واذكر لكم إخواني الكرام كلمة قالها أحد العلماء في بيان أهمية اللجوء إلى الله وفضيلة الأنس به سبحانه وتعالى : إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله وإذا أنسوا لأحبابهم فاجعل أنسك بالله وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة .
ومن فوائد هذه القصة إخواني الكرام:تمسكُ هذا الغلام الصغير بالدين فقد ثبت وصبر لأنه موقن أنه على الحق , إذا كان هذا الصبي الصغير قد تمسك بالدين هذا التمسك العظيم فما بالنا نرى بعض الكبار قد تركوا أمور الشرع والدين وراء ظهورهم.
ومن دروس هذه القصة أحبتي الكرام :أن الله عزوجل مطلع على عباده لا تخفى عليه خافية فمن صفات الله تعالى السمع والبصر قال الله تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
فقد سمع الله عزوجل دعاء الغلام لما قال : اللهم اكفنيهم بما شئت .
وهو السميع يرى ويسمع كل ما = في الكون من سر ومن إعلان
ولكل صـــوت منه سمع حـــاضر= فالسر والإعــلان مستويــانِ
والسمع منه واســـع الأصـــوات = لا يخفى عليه بعيدها والداني.
فقد يتكلم شخص على آخر فيغتابه ويقول لم يسمع أحد ونسي أن الله عزوجل سمع ما قاله من فوق سبع سماوات، عن عائشة رضي الله عنها قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها فكان يخفى علي كلامها فأنزل الله عز وجل { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما } الآية.
ومن فوائد هذه القصة :ثبات المرأة على دينها فقد اختارت أن ترمي نفسها في النار على الكفر بالله سبحانه وتعالى وفي هذا درس للأخوات الكريمات وعبرة وعظة لهن بأهمية الثبات على الدين وعلى الأخلاق الحسنة الفاضلة والعادات الطيبة فالمرأة إخواني الكرام لها مكانة عظيمة في الإسلام وللأسف الشديد كثيرا ما يطعن أعداء الإسلام في الإسلام بزعم أنه ضد المرأة.
وإليكم إخواني الكرام بعض النصوص التي تبين مكانة المرأة في الإسلام:
فعن عوف بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يكون له ثلاث بنات فينفق عليهن يبن أو يمتن إلا كن له حجابا من النار فقالت له أمرأة أو أبنتان قال أو أبنتان).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من كن له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فاتقى الله وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا. وأومأ بالسبابة والوسطى).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يمتن ( وفي رواية يبن وفي أخرى يبلغن ) أو يموت عنهن كنت أنا وهو كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى).
فانظر إلى تكريم المرأة في الإسلام فقد اهتم بها الإسلام اهتماما بالغا ...
فينبغي على ابنة الإسلام أن تقبل على دين الله فتتسلح بالدين وتتسلح بالعلم والمعرفة وخاصة العلم الشرعي فالمرأة المسلمة لها دور عظيم جدا في المجتمع المسلم فهي صانعة الرجال ومربية الأجيال، واذكر كلمة قالها بعض أهل العلم لما ذكر محاسن الإسلام وعظمة هذا الدين قال : فيا له من دين لو كان له رجال ونحن في زماننا هذا نقول: فيا له من دين لو كان له رجال وصانعات للرجال ...
نسأل الله العظيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن ينفعنا بما سمعنا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
والبقية تأتي إن شاء الله...
الطيرالمهاجر @altyralmhagr
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الحلقة (10)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فلا يزال الحديث إخواني الكرام موصولا بذكر شيء من القصص الصحيحة الثابتة وما فيها من دروس وعبر وحكم ودرر فمن هذه القصص :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : مر رجل ممن كان قبلكم بجمجمة فنظر إليها فحدث نفسه بشيء ثم قال : يا رب أنت أنت وأنا أنا أنت العواد بالمغفرة وأنا العواد بالذنوب وخر لله ساجدا , قيل : ارفع رأسك فأنت العواد بالذنوب وأنا العواد بالمغفرة فرفع رأسه فغفر له .
هذه أحبتي الكرام قصة عظيمة جدا فيها دروس وعبر فمن هذه الدروس :
* لا بد على الإنسان أخواني الكرام أن يتعظ بالحياة وبرحيل الأيام ومرورها فالأيام تمضي بسرعة بل أحياناً لا نكاد نشعر بالأسبوع، ومهما طالت حياة الإنسان في هذه الدنيا فلا بد للحياة من نهاية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس).
فتأمل في هذا الحديث العظيم فكل شيء له نهاية الحياة لها نهاية والمحبة لها نهاية والعمل له نهاية وهو الحساب والجزاء فلا بد من استغلال الأيام واغتنام الأعمار فاليوم الذي يذهب لا يعود مرة أخرى ولنا عظة وعبرة إخواني الكرام في رحيل بعض أقاربنا وأحبائنا عن هذه الحياة الدنيا فبالأمس كان فلان بين أظهرنا ولكن أين هو اليوم وكانت فلانة موجودة على مكتبها تباشر عملها ولكن أين هي اليوم ؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }الحشر18.
لقد تذكر صاحب القصة التوبة لما رأى جمجمة، فيبغي علينا إخواني الكرام أن نتذكر أننا في هذه الدنيا كالمسافر إنما هي أيام فسنرحل عنها ...
* ومن فوائد هذا الحديث إخواني الكرام:
إن البحث عن السعادة هدف كل إنسان فحتى الكافر يريد أن يعيش حياة طيبة وسعيدة والسعادة أحبتي الكرام هي الكنز المفقود في هذه الحياة عند بعض الناس فتجد الدورات تقام والندوات تعقد الكل يبحث عن السعادة ويريد السعادة والسعادة قريبة منهم إنها في طاعة الله تعالى والتقرب إليه سبحانه وتعالى فقد قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97
فضمن لأهل الإيمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا بالحياة الطيبة والحسنى يوم القيامة فلهم أطيب الحياتين فهم أحياء في الدارين ...والحياة الطيبة ليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار والأبرار والفجار من طيب المأكل والملبس والمشرب والمنكح بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافا مضاعفة وقد ضمن الله سبحانه لكل من عمل صالحا أن يحييه حياة طيبة فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده وأي حياة أطيب من حياة من اجتمعت همومه كلها وصارت هما واحدا في مرضاة الله ولم يتشعب قلبه بل أقبل على الله واجتمعت إرادته وأفكاره التي كانت متقسمة بكل واد منها شعبة فصار ذكره بالله وحبه والشوق إلى لقائه والأنس بقربه هو المستولي عليه وعليه تدور همومه وإرادته ...فيا من عاش في المعاصي أقبل على الله وستجد السعادة والراحة فالله تعالى قال لنا: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28 فإذا أردت راحة القلب فعليك بطاعة الله سبحانه وتعالى ...
* ومن فوائد هذه القصة إخواني الكرام :
أهمية التوبة الصادقة فلا بد من التوبة من الذنوب والمعاصي وقد يقول قائل من الإخوة الكرام أنا فعلت وفعلت فهل لي من توبة ؟
فالجواب نعم ومن يحول بينك وبين التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى فمن صفات الله تعالى أنه غفار للذنوب والخطايا قال تعالى :{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه82
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
فانظر إلى هذه الآية وما فيها من الترغيب العظيم في التوبة إلى الله سبحانه وتعالى بل أخبر الله عزوجل أن من تاب إليه فإنه يبدل سيئاته حسنات قال تعالى : {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70
فما أعظمها من بشارة ...
وقال صلى الله عليه وسلم لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها وقال لتائب من الذنب كمن لا ذنب له. فلنبادر إلى التوبة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى ...
واعلم أخي الكريم وأختي الكريمة أن للتوبة شروطا ذكرها أهل العلم وهي خمسة شروط:
الشرط الأول:
الإخلاص لله بتوبته بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها.
الشرط الثاني:
أن يندم على ما فعل من الذنب بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه.
الشرط الثالث:
أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه؛ فإن كان ذنبه ترك واجب قام بفعله وتداركه إن أمكن، وإن كان ذنبه بإتيان محرم أقلع عنه وابتعد عنه ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين، فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع:
العزم على أن لا يعود في المستقبل بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.
الشرط الخامس:
أن تكون التوبة في وقت القبول فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل، وفوات وقت القبول عام وخاص: أما العام فإنه طلوع الشمس من مغربها فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل لقول الله-تعالى-: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً}.
وأما الخاص فهو حضور الأجل فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار} .
* ومن الدروس المستفادة من هذه القصة:
أن العاصي قد يتوب ويعود إلى الله سبحانه وتعالى فاحذر أخي الكريم أن تسخر من الناس وتستهزئ بهم فبعض الناس عفا الله عنهم قد يسخر من بعض العصاة بل وقد يطلق عليهم عبارات خطيرة جدا فيقول فلان من المستحيل أن يغفر الله له أو فلان ليس له توبة وهذا أمر لا يجوز ولا يصح واذكر لكم إخواني الكرام قصة تبين خطورة هذه المقولة فعن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان وأن الله تعالى قال من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك . أو كما قال . رواه مسلم.
قال بعض الشعراء:
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما = من خشية الرحمن باكيتان
لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم = فالقلب بين أصابع الرحمن
ولا يعني ما ذكرته إخواني الكرام عدم نصيحة من أخطأ بل لا بد من نصحه ولكن دون سخرية واستهزاء.
* ومن فوائد هذه القصة أحبتي الكرام:
بيان سعة رحمة رب العالمين سبحانه وتعالى فقد استجاب لاستغفار الرجل فغفر الله له ...
وهو الغفور فلو أُتي بقُرابها = من غير شرك بل من العصيان
لأتـــاه بالغفران ملءَ قُرابها = سبحانه هو واســع الغفـــــران
ولكن مع هذا إخواني الكرام لا يجوز للمسلم أن يسرف في الخطايا والمعاصي والفواحش بحجة أن الله غفور رحيم فلا بد من الأخذ بالأسباب المؤدية إلى المغفرة فبعض الناس عفا الله عنهم يقعون في المعاصي والخطايا فإذا نصحته قال: إن الله غفور رحيم، وهذا لا يجوز إخواني الكرام ونقول لمن يقول هذه العبارة كما أن الله عزوجل غفور رحيم لكنه شديد العقاب فلا تحتقر معصية الله سبحانه وتعالى قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت وقال بعضهم : إذا استعظمت الذنب صغر عند الله سبحانه وتعالى وإذا استصغرت الذنب عظم عند الله سبحانه وتعالى ...وبعض الأشخاص لا يحتقرون الذنب فحسب بل ويجاهرون به وما علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه .
فلماذا يفضح من عصى الله عزوجل نفسه بين الناس ...
* ومن فوائد هذه القصة إخواني الكرام:
حاجة العبد لله سبحانه وتعالى فقد خر هذا الرجل ساجدا لله عزوجل فأين يذهب الإنسان إن عصى ربه سبحانه وتعالى فكلنا محتاجون إلى الله مفتقرون إليه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فاطر15
فالعبد مفتقر إلى الله عزوجل محتاج إليه، بل تأمل أخي الكريم في هذا الأثر عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه : يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري لا اله إلا أنت تعيدها ثلاثا حين تمسي وحين تصبح ثلاثا وتقول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا اله إلا أنت تعيدها ثلاثا حين تمسي وحين تصبح ثلاثا فقال نعم يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بهن وأنا أحب أن أستن بسنته قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت . أخرجه البخاري في الأدب المفرد، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم اللهَ عزوجل بأن لا يكله لنفسه طرفة عين لأن الإنسان محتاج إلى الله فمن الذي يعينه إن تركه الله عزوجل فاللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين .
نسأل الله العظيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن ينفعنا بما سمعنا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فلا يزال الحديث إخواني الكرام موصولا بذكر شيء من القصص الصحيحة الثابتة وما فيها من دروس وعبر وحكم ودرر فمن هذه القصص :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : مر رجل ممن كان قبلكم بجمجمة فنظر إليها فحدث نفسه بشيء ثم قال : يا رب أنت أنت وأنا أنا أنت العواد بالمغفرة وأنا العواد بالذنوب وخر لله ساجدا , قيل : ارفع رأسك فأنت العواد بالذنوب وأنا العواد بالمغفرة فرفع رأسه فغفر له .
هذه أحبتي الكرام قصة عظيمة جدا فيها دروس وعبر فمن هذه الدروس :
* لا بد على الإنسان أخواني الكرام أن يتعظ بالحياة وبرحيل الأيام ومرورها فالأيام تمضي بسرعة بل أحياناً لا نكاد نشعر بالأسبوع، ومهما طالت حياة الإنسان في هذه الدنيا فلا بد للحياة من نهاية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس).
فتأمل في هذا الحديث العظيم فكل شيء له نهاية الحياة لها نهاية والمحبة لها نهاية والعمل له نهاية وهو الحساب والجزاء فلا بد من استغلال الأيام واغتنام الأعمار فاليوم الذي يذهب لا يعود مرة أخرى ولنا عظة وعبرة إخواني الكرام في رحيل بعض أقاربنا وأحبائنا عن هذه الحياة الدنيا فبالأمس كان فلان بين أظهرنا ولكن أين هو اليوم وكانت فلانة موجودة على مكتبها تباشر عملها ولكن أين هي اليوم ؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }الحشر18.
لقد تذكر صاحب القصة التوبة لما رأى جمجمة، فيبغي علينا إخواني الكرام أن نتذكر أننا في هذه الدنيا كالمسافر إنما هي أيام فسنرحل عنها ...
* ومن فوائد هذا الحديث إخواني الكرام:
إن البحث عن السعادة هدف كل إنسان فحتى الكافر يريد أن يعيش حياة طيبة وسعيدة والسعادة أحبتي الكرام هي الكنز المفقود في هذه الحياة عند بعض الناس فتجد الدورات تقام والندوات تعقد الكل يبحث عن السعادة ويريد السعادة والسعادة قريبة منهم إنها في طاعة الله تعالى والتقرب إليه سبحانه وتعالى فقد قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97
فضمن لأهل الإيمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا بالحياة الطيبة والحسنى يوم القيامة فلهم أطيب الحياتين فهم أحياء في الدارين ...والحياة الطيبة ليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار والأبرار والفجار من طيب المأكل والملبس والمشرب والمنكح بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافا مضاعفة وقد ضمن الله سبحانه لكل من عمل صالحا أن يحييه حياة طيبة فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده وأي حياة أطيب من حياة من اجتمعت همومه كلها وصارت هما واحدا في مرضاة الله ولم يتشعب قلبه بل أقبل على الله واجتمعت إرادته وأفكاره التي كانت متقسمة بكل واد منها شعبة فصار ذكره بالله وحبه والشوق إلى لقائه والأنس بقربه هو المستولي عليه وعليه تدور همومه وإرادته ...فيا من عاش في المعاصي أقبل على الله وستجد السعادة والراحة فالله تعالى قال لنا: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28 فإذا أردت راحة القلب فعليك بطاعة الله سبحانه وتعالى ...
* ومن فوائد هذه القصة إخواني الكرام :
أهمية التوبة الصادقة فلا بد من التوبة من الذنوب والمعاصي وقد يقول قائل من الإخوة الكرام أنا فعلت وفعلت فهل لي من توبة ؟
فالجواب نعم ومن يحول بينك وبين التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى فمن صفات الله تعالى أنه غفار للذنوب والخطايا قال تعالى :{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه82
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
فانظر إلى هذه الآية وما فيها من الترغيب العظيم في التوبة إلى الله سبحانه وتعالى بل أخبر الله عزوجل أن من تاب إليه فإنه يبدل سيئاته حسنات قال تعالى : {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70
فما أعظمها من بشارة ...
وقال صلى الله عليه وسلم لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها وقال لتائب من الذنب كمن لا ذنب له. فلنبادر إلى التوبة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى ...
واعلم أخي الكريم وأختي الكريمة أن للتوبة شروطا ذكرها أهل العلم وهي خمسة شروط:
الشرط الأول:
الإخلاص لله بتوبته بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها.
الشرط الثاني:
أن يندم على ما فعل من الذنب بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه.
الشرط الثالث:
أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه؛ فإن كان ذنبه ترك واجب قام بفعله وتداركه إن أمكن، وإن كان ذنبه بإتيان محرم أقلع عنه وابتعد عنه ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين، فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع:
العزم على أن لا يعود في المستقبل بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.
الشرط الخامس:
أن تكون التوبة في وقت القبول فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل، وفوات وقت القبول عام وخاص: أما العام فإنه طلوع الشمس من مغربها فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل لقول الله-تعالى-: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً}.
وأما الخاص فهو حضور الأجل فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار} .
* ومن الدروس المستفادة من هذه القصة:
أن العاصي قد يتوب ويعود إلى الله سبحانه وتعالى فاحذر أخي الكريم أن تسخر من الناس وتستهزئ بهم فبعض الناس عفا الله عنهم قد يسخر من بعض العصاة بل وقد يطلق عليهم عبارات خطيرة جدا فيقول فلان من المستحيل أن يغفر الله له أو فلان ليس له توبة وهذا أمر لا يجوز ولا يصح واذكر لكم إخواني الكرام قصة تبين خطورة هذه المقولة فعن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان وأن الله تعالى قال من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك . أو كما قال . رواه مسلم.
قال بعض الشعراء:
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما = من خشية الرحمن باكيتان
لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم = فالقلب بين أصابع الرحمن
ولا يعني ما ذكرته إخواني الكرام عدم نصيحة من أخطأ بل لا بد من نصحه ولكن دون سخرية واستهزاء.
* ومن فوائد هذه القصة أحبتي الكرام:
بيان سعة رحمة رب العالمين سبحانه وتعالى فقد استجاب لاستغفار الرجل فغفر الله له ...
وهو الغفور فلو أُتي بقُرابها = من غير شرك بل من العصيان
لأتـــاه بالغفران ملءَ قُرابها = سبحانه هو واســع الغفـــــران
ولكن مع هذا إخواني الكرام لا يجوز للمسلم أن يسرف في الخطايا والمعاصي والفواحش بحجة أن الله غفور رحيم فلا بد من الأخذ بالأسباب المؤدية إلى المغفرة فبعض الناس عفا الله عنهم يقعون في المعاصي والخطايا فإذا نصحته قال: إن الله غفور رحيم، وهذا لا يجوز إخواني الكرام ونقول لمن يقول هذه العبارة كما أن الله عزوجل غفور رحيم لكنه شديد العقاب فلا تحتقر معصية الله سبحانه وتعالى قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت وقال بعضهم : إذا استعظمت الذنب صغر عند الله سبحانه وتعالى وإذا استصغرت الذنب عظم عند الله سبحانه وتعالى ...وبعض الأشخاص لا يحتقرون الذنب فحسب بل ويجاهرون به وما علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه .
فلماذا يفضح من عصى الله عزوجل نفسه بين الناس ...
* ومن فوائد هذه القصة إخواني الكرام:
حاجة العبد لله سبحانه وتعالى فقد خر هذا الرجل ساجدا لله عزوجل فأين يذهب الإنسان إن عصى ربه سبحانه وتعالى فكلنا محتاجون إلى الله مفتقرون إليه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فاطر15
فالعبد مفتقر إلى الله عزوجل محتاج إليه، بل تأمل أخي الكريم في هذا الأثر عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه : يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري لا اله إلا أنت تعيدها ثلاثا حين تمسي وحين تصبح ثلاثا وتقول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا اله إلا أنت تعيدها ثلاثا حين تمسي وحين تصبح ثلاثا فقال نعم يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بهن وأنا أحب أن أستن بسنته قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت . أخرجه البخاري في الأدب المفرد، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم اللهَ عزوجل بأن لا يكله لنفسه طرفة عين لأن الإنسان محتاج إلى الله فمن الذي يعينه إن تركه الله عزوجل فاللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين .
نسأل الله العظيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن ينفعنا بما سمعنا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
الباب المفتوح :جزاكِ الله الجنة ونعيمها وأحبابك وكاتب المقال ..... اللهم آآآآآمين.جزاكِ الله الجنة ونعيمها وأحبابك وكاتب المقال ..... اللهم آآآآآمين.
واياك اختي العزيزة الباب المفتوح
وبارك الله فيك
اشكرك على مرورك الكريم
وبارك الله فيك
اشكرك على مرورك الكريم
الصفحة الأخيرة
أسأل الله أن ينفع به