هل أنت تستمع للغناء?

بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الله والرسول صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة على الغناء والمعازف وسماعهما :
عجبت كثيرا من الجرأة الشديدة الغريبة على القول بحل الغناء وجميع آلات الملاهي , مع كثرة ماورد في النهي
عن ذلك من الآيات والأحاديث والآثار عن السلف الصالح رضي الله عنهم , فنسأل الله العافية والسلامة من القول عليه
بغير علم , والجرأة على تحليل ماحرمه الله من غير برهان .

ولقد أنكر أهل العلم قديما على أبي محمد بن حزم الظاهري هذه الجرأة الشديدة وعابوه بها , وجرى عليه بسببها
محن كثيرة نسأل الله أن يعفو عنا وعنه وعن سائر المسلمين .

ولقد حذر الله عباده من القول على الله بغير علم ونهاهم سبحانه وتعالى أن يحرموا أو يحللوا بغير برهان , وأخبر عز وجل أن ذلك من أمر الشيطان وتزيينه , قال تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغي
بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون ) ( الأعراف 33).
وقال تعالى ( ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على
الله الكذب لايفلحون , متاع قليل ولهم عذاب أليم ) . ( النحل 117,116 ).
وقال تعالى ( ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين , إنما يأمركم
بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالاتعلمون ) . ( البقرة 169,168).
فحذر الله سبحانة عباده في هذه الآيات الكريمات من التحليل والتحريم بغير علم , وبين سبحانه أن القول عليه بغير
علم في رتبة رهيبة فوق الشرك ، ونبه عباده على أن الشيطان يحب منهم القول على الله بغير علم , ويأمرهم به ليفسد
عليهم بذلك دينهم وأخلاقهم ومجتمعهم ، فالواجب على كل مسلم أن يحذر القول على الله بغير علم , وأن يخاف الله
سبحانه وتعالى ويراقبه فيما يحلل ويحرم , وأن يتجرد من الهوى والتقليد الأعمى , وأن يقصد إيضاح حكم الله لعباد الله
على الوجه الذي بينه الله في كتابه أو أرشد إليه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته نصحا لله ولعباده , وحذرا من كتمان
العلم ورغبة في ثواب الله على ذلك .

• فحكم استماع الموسيقى والأغاني حرام ولاشك في تحريمه والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة:
• قال الله تعالى ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب
مهين ) . ( لقمان , 6).
قال عبدالله بن مسعود والله الذي لا إله غيره لهو الغناء يرددها ثلاث مرات وهو قول ابن عمر وابن عباس وجابر رضي
الله عنهم . (1)
وفي رواية قال عبدالله بن مسعود الغناء : والله الذي لاإله إلا هو يرددها ثلاث مرات . (2)
وفي رواية قال الغناء , وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي
ابن بذيمة , وقال الحسن البصري نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير . (3)
وتفسير الصحابي حجة , وهو في المرتبة الثالة في التفسير لأن التفسير له ثلاث مراتب , تفسير القرآن
بالقرأن , وتفسير القرآن بالسنة , وتفسير القرآن بأقوال الصحابة , حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسير الصحابي له
حكم الرفع , ولكن الصحيح أنه ليس له حكم الرفع , وإنما هو أقرب الأقوال إلى الصواب كما قال ابن عثيمين رحمه الله .

• وقال تعالى ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم
ومايعدهم الشيطان إلا غرورا ) . ( الإسراء ,64) .
فما صوت إبليس ؟ هل هو صوت حقيقي ؟ هل سمعناه ؟
قال مجاهد إنه الغناء . (4)
قيل هو الغناء , وقال مجاهد : باللهو والغناء أي استخفهم بذلك . ( 5)
• قال تعالى ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولاتبكون وأنتم سامدون ) . ( النجم ( 59ـ 61).
قال ابن عباس وعكرمة ( السمود ) هو الغناء .(6).
وجاء في لسان العرب : السمود : اللهو .. وروي عن ابن عباس أنه قال : السمود الغناء بلغة حمير .(7)
وهذا مافهمه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وهم أعلم الناس بمعاني كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم
وهم أعرف بمراد الله من كلامه ممن بعدهم .
فعبدالله بن عباس حبر هذه الأمة وترجمان القرآن والسنة الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ) كما ورد في البخاري وزاد عليه أحمد وعلمه التأويل . وابن مسعود الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم( من أحب القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قرآة ابن أم عبد ) سنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان ومسند أحمد.

• وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف ) . (8)
هنا حجة ظاهرة في تحريم استعمال المعازف وهي آلات الملاهي كالعود والطبل وغير ذلك من آلات الملاهي ـ وهنا
إعجاز بلاغي حيث شمل جميع آلات الملاهي لكي لا يتفيهق بعض متتبعي الرخص ويقول ذكر الطبل أو العود ولم يذكر
الربابة أو الكمان أو .. فالمعازف تشمل هذه كلها بأبي هو وأمي ـ وقد أجمع أهل اللغة على تفسير المعازف بآلات الملاهي.
فمن يستمع للأغاني والموسيقى فقد وقع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم يعني يستحلون الزنا والخمر والحرير
ـ وهم رجال لايجوز لهم لبس الحرير ـ والمعازف هي آلة اللهو كما ذكر أهل اللغة .
وهذا الحديث صريح في ذم مستحلي المعازف حيث قرنهم مع مستحلي الزنا والخمر والحرير .

• وقال صلى الله عليه وسلم ( من جلس إلى قينة صب في أذنه الآنك يوم القيامة ) . (9) والحديث هذا ضعيف .



• الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع : عبدالله بن مسعود وجابر بن عبدالله وروي عنهما مرفوعا .(10)


• الغناء والعزف مزمار الشيطان : أبو بكر الصديق . (11)

• الغناء باطل والباطل في النار : القاسم بن محمد . (12)

• الغناء بدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن : عمر بن عبدالعزيز . ( 13)

• الغناء إنما يفعله عندنا الفساق : مالك بن أنس . (14)

• الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال : الشافعي . (15)

• الغناء ينبت النفاق في القلب فلا يعجبني : أحمد بن حنبل . (16)

• سماع الأغاني فسق والتلذذ بها كفر : أصحاب أبي حنيفة . (17)

• الغناء ممنوع بالكتاب والسنة : القرطبي . (18)

• الغناء مع آلة الإجماع على تحريمه : ابن الصلاح . (19)

• الغناء الإجماع على تحريم أخذ الأجرة عليه : ابن عبدالبر . (20)

• الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب : الضحاك . (21)

• الغناء رقية الزنا : الفضل بن عياض . (22)

• الغناء ينقص الحياء ويزيد الشهوة ويهدم المروءة : يزيد بن الوليد . (23)

• الغناء رائد من رواد الفجور : محمد بن الفضل الأزدي . (24)

• الغناء ينوب عن الخمر ويدعو إلى الزنا : يزيد بن الوليد. (25)

• لعن الله المغني والمغنَّى له : الشعبي , وروي مرفوعا . (26)

• الغناء قرآن الشيطان : ابن القيم . (27)

• الغناء هو الزور : محمد بن الحنفية . (28)

• من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يستمع الروحانيين في الجنة , فقيل وما الروحانيون يارسول الله ؟ قال
( قراء أهل الجنة . (29)

• وقال ابن باز رحمه الله (إن الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة ..
وإذا كان مع الغناء آلة لهو كالربابة والعود والكمان والطبل صار التحريم أشد , وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو
محرم إجماعا .
أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ولامدح لمحرم في وقت من الليل
للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم).

* وقال ابن عثيمين رحمه الله ( استماع الأغاني حرام ولاشك في تحريمه .. وأوجه نصيحة إلى إخواني المسلمين بالحذر
من استماع الأغاني والموسيقى , وألايغتروا بقول من قال من أهل العلم بإباحة المعازف لأن الأدلة على تحريمه واضحة وصريحة ) .

• ومعلوم عند أهل العلم والإيمان أن الحق أولى بالاتباع وأنه لايجوز مخالفة الجماعة والأخذ بالأقوال الشاذة من غير برهان .
ولو ذهبنا نتتبع ماجاء في تحريم الأغاني والمعازف من الأحاديث والآثار وكلام أهل العلم لطال بنا الكلام وفيما تقدم
كفاية ومقنع لطالب الحق .
أما صاحب الهوى فلا حيلة فيه ونسأل الله لنا ولسائر المسلمين التوفيق لما يرضيه والسلامة من أسباب غضبه وموجبات
نقمته ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونصيحتي للمشغولين بالغناء والمعازف أن يرقبوا الله ويتويوا إليه
وأن ينيبوا إلى الحق لأن الرجوع إلى الحق فضيلة والتمادي في الباطل رذيلة .
ويقول الشاعر:
إذا حار أمرك في معنيين ^ ولم تدر حيث الخطأ والصواب
فخالف هواك فإن الهوى ^ يقود النفوس إلى مايعاب .

هذا إن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
ولاحول ولاقوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم

غفر الله لمن جمعه وكتبه ونشره وللمسلمين الموحدين جميعا

منقول