السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنها لحظات هادئة..
ورغم كل ما فيها من آلام ومعاناة..فإنها تكون أصدق لحظات الإنسان في حياته كلها..
يرى فيها كل الحقائق التي تجاهلها أو حاول أن يتجاهلها طوال عمره..
يراها واضحة..واضحة جداً..وماثلة أمام عينيه ..ويتمنى لو يستطيع تسجيلها ليراها كل من بعده..
ولكن..لا أمل له بذلك..لأنها آخر لحظات حياته ..وآخر أنفاس روحه في ذلك الجسد.
فها هو أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه يحاول أن يوصل لكل من بعده عن هول الموت,ويقول بحسرة عند إحتضاره ((ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا؟ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟وبكى..فقالت له امرأته :تبكي وقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فقال مالي لا أبكي..ولا أدري علام أهجم من ذنوبي...))
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعن قال لإبنه:ضع خدي على التراب,فوضعه فبكى,حتى لصق الطين بعينيه , وجعل يبكي ويقول :ويلي..وويل أمي إن لم يرحمني ربي..
لكن في غمرة الحياة اليومية وبهجتها ..ينسى الإنسان دائما هذا الزائر الذي يأتي بلا ميعاد ..ويكون دائما غير مستعد للمواجهة..
ولو توقف كل إنسان دقائق بسيطة في كل يوم .. وتخيل ولو لوهلة كيف سيكون مصيره لو داهمه هذا الزائر ..لما رأينا هذا الفساد الأخلاقي الذي يعيشه العالم اليوم,والذي أخذ يستشري في مجتمعاتنا..
لو فكرت كل فتاة في تلك اللحظات الأخيرة التي ستعيشها ,وتخيلت حالها ساعة الموت لما استطاعت أن ترفع سماعة الهاتف في منتصف الليل لتخاطب من يدعي حبها,متجاهلة ثقة أهلها . .ومراقبة ربها.
.
ولو تذكرت تلك اللحظة الرهيبة التي تنفصل فيها روحها الشفافة من جسدها الجامد تلك اللحظات التي ترتفع عيناها إلى السماء الحقيقية الأبدية ..وتصعد مع كل صحائف أعمالها وأسرارها إلى أعلى ..حيث الحساب والجزاء . .لما تجرأت على عصيان الله..
إنها لحظات تودعين فيها الحياة .
.حدث هائل يقلب الموازين ويغير التفكير .
.ومن عظم هول تلك اللحظات قال الخليفة عبد الملك بن مروان ساعة وفاته:والله لوددت أني عبد لرجل من تهامة أرعى غنيمات في جبالها,ولم آلي,أما المأمون فحين حضرته الوفاة وأحس بأنه راحل,أمر أن يفرش له على الأرض فاضطجع ,وأمر بالرماد فوضعه على رأسه وجعل يبكي ويقول
:يامن لا يزول ملكه ..ارحم من قد زال ملكه
إنها الحقيقة المخيفة ..
التي لا يستطيع أي شخص أن يفلت منها.
.غني ام فقير ..
شقي أم سعيد..
الحقيقة التي تلاحقنا في كل مكان نهرب منها ,ونغمض أعيننا حتى لا نراها معتقدين أنها لن ترانا ونتغافل عن الإستعداد لها رغم أننا نحتاج العمر كله لنتجهز لها.. الحقيقة التي قد نتجاهلها عمداً حين تغمرنا المتعة والسرور والتسلية,عند التحدث في هاتف ,أو في غرف الشات ,وعند الخروج للأسواق ,أو حتى عند تشغيل مسجل بأغنية "تسلي القلب!!
كان أحد الصالحين يبكي عند موته ويقول:
"سأسافر سفراً ما سافرته قط..وسأسلك طريقا ما سلكته قط ..وسأزور سيدي ومولاي..ولم أره قط ..وسأشرف على أهوال عظيمة ما شاهدتها قط".
لقد كان إستعداد الصحابة والتابعين لهذا الزائر استعداد من لا يعلم متى يحل عليه ضيف هام فلا يتغافل ولا يتكاسل عن التجهيز لاستقباله ...ويعمل طوال الليل والنهار ليكون بأفضل حال عند وصوله .
ونحن إذ نذكر هذا الزائر فإننا لا نذكره إلا لنعتبر ونكون كما قال الحسن البصري لرجل حضر جنازة :أتراه لو رجع إلى الدنيا لعمل صالحاً؟قال :نعم ,قال:فإن لم يكن هو فكن أنت.
منقول للفائدة من مجلة الحياة للفتايات العدد الثامن والعشرين
--------------------------------------------------------------------------------

عين اليقين @aayn_alykyn
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

" فإذا بلغت التراق * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق "
مشهد رهيب .. ولحظات حرجة ..
ولكن قلوبنا غافلة .. وعن الآخرة لاهية .. وللدنيا مقبلة ..
فيارب اهدنا وأرشدنا واجعل خير أعمالنا خواتيمها ..
جزاك الله خيرا على هذه التذكرة اخيتي عين اليقين ..
مشهد رهيب .. ولحظات حرجة ..
ولكن قلوبنا غافلة .. وعن الآخرة لاهية .. وللدنيا مقبلة ..
فيارب اهدنا وأرشدنا واجعل خير أعمالنا خواتيمها ..
جزاك الله خيرا على هذه التذكرة اخيتي عين اليقين ..
الصفحة الأخيرة
قال الرسول صلى الله علية وسلم:{اذ ذكرتم بالله فانتهوا}
وقال:{انما استراح من غفر له} صحيح الجامع