د.مشبب القحطاني

د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany

إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية

هل أنتَِ من المحسنين ؟؟ للتأكد تمتعوا بقراءة خطبة هذا العيد

الملتقى العام

أما بعد أيها المسلمون :

يقول المولى تبارك وتعالى في محكم التنزيل ( تبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{2} ) ويقول عز من قائل ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) الكهف

من هذين النصين الكريمين تتضح لنا الحقيقة الكبرى ..والهدف الأعظم من خلق الناس .. وهو إحسان العمل في هذه الحياة الدنيا ..

واحسان العمل لا يكون الا بعبادة الله تعالى حق العبادة ..وهو المقصود بقوله تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون )
اذا فإحسان العمل مطلب الهي شرعي .. يجب على الإنسان أن يحرص عليه .. مهما كانت الظروف والأحوال ..ويستمر على ذلك حتى آخر لحظة من حياته ..
قال تعالى مؤكدا على هذه المسألة { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } الحجر99 واليقين معناه هنا الموت ..أي واعبد ربك حتى تموت ..

أخواني وأخواتي في الله : قد يقول قائل : كيف يحسن الإنسان عمله ..وهل هناك شروط أو ضوابط معينة ..لهذا المطلب الرباني ..

والجواب : نعم إن هناك شرطين لا ثالث لهم .. لابد أن تتوفر في العمل حتى يصبح حسنا يقبله الله تعالى ....

الشرطان هما : الأول : اخلاص العمل لله تعالى ..والثاني : أن يكون موافقا للكتاب والسنة ولا يخالفهما ..يقول تعالى مؤكدا هذين الشرطين .. { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ : أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ .. فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } الكهف110

والمسلم الواعي هو من يعرف هذين الشرطين ..ويضعهما كمعيار ومقياس لصحة عمله .. وعليهما يقيس أعماله وأفكاره وكلامه ..وكذلك يُحكِّمها في أعمال وكلام الاخرين ..

وهذا لا يمكن الا بتعلم العلم الشرعي كل بحسبه ..لأن الجاهل لا يميز بين ما يوافق الكتاب والسنة وما يخالفهما .. ولذلك تجد الجاهل إما يعصي الله عمدا او جهلا .. وأحيانا يعبده على جهل ..

وهذه مشكلة اليهود والنصارى ..فاليهود يعصون الله على علم ..ولذلك غضب عليهم ولعنهم .. والنصارى يعبدون الله على جهل .. ولذلك ضلوا وكفروا بالله تعالى فغضب عليهم ايضا ..

وبناء ذلك قال بعض العلماء أي مسلم يعصي الله على علم ففيه صفة من صفات اليهود ..وأ ي مسلم يعبد الله على جهل ففيه صفة من صفات النصارى .. ولذلك تتضح لنا الحكمة الإلهية من قراءتنا لسورة الفاتحة ..وترداد قوله تعالى في كل ركعة (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ{6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}


إخواني في الله ااذ علمنا هذا .. فدعونا نستمع الى شيء من فوائد إحسان العمل في الدنيا والأخرة ..

جاء في فضل إحسان العمل عدد من الآيات والأحاديث نذكر ببعضها ..فمن ذلك قوله تعالى { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ، وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يونس26 قال المفسرون ( للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى, الجنةُ, وزيادة عليها, وهي النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة, والمغفرةُ والرضوان, ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة, كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبدًا..
ويقول تعالى ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى .. الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ } النجم

ويقول تعالى { قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ .. لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ }الزمر10 .. معناها قل يامحمد لعبادي المؤمنين بالله ورسوله: اتقوا ربكم بطاعته واجتناب معصيته . وبشر الذين أحسنوا في هذه الدينا بعبادة ربهم وطاعته بالحسنة في الآخرة, وهي الجنة, وبالحسنة حسنة في الدنيا من صحة ورزق ونصر وغير ذلك...

ويؤيد هذا قوله تعالى ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ، وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ }النحل30

كما جاءت آيات عديدة تبين قرب الله من المحسنين ومحبته لهم وتأييدهم لهم فمن ذلك قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }النحل128 وكقوله (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }الأعراف وكقوله ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

ومما سبق يتضح لنا أن المحسن في هذه الدنيا محبوب من قبل الله معان مؤيد منصور..وهو الرابح في الدنيا والآخرة ..

وأن المسيء مبغض من قبل الله محارب مخذول ، وهو الخاسر في الدنيا والآخرة..فأسال الله أن يجعلنا جميعا من المحسنين ..

أخواني وأخواتي في الله .. ونحن ابتداء من هذه اللحظة .. مقبلون على مستقبل لا ندري ماهي ملا محة بالضبط .. ولكننا متفائلون ..

مقبلون على مستقبل خاص وعام .. مستقبل خاص بكل منا لا ندري ماهي خاتمته وماهي نهايته ؟؟.. ومستبقل للامة بشكل نعرف ملامحه .. ولكننا لا نجزم به .. وكلا المستقبلين ..تحيط به عدد كبير من المخاطر والصعوبات ..

والمخرج الصحيح من متاهات المستقبل .. هو الاحسان .. الاحسان في كل شيء ..احسان الاعتقاد ..احسان الكلام ..احسان العمل ..

ولكي يكون لنا دور في صناعة مستقبل مشرق لنا ولأمتنا ..فدعونا نلقي الضوء على بعض مظاهر الاحسان ..الذي ينبغي أن نحققها في حياتنا اليومية..

فأول شيء : علينا أن نحسن اعتقادنا في الله وفي دينه .. نطهر قلوبنا من جميع أنواع الشرك ومظاهره..نعلن التوحيد لله تعالى بكلامنا وسلوكنا ..يقول تعالى ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ ، واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ، وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }النساء125..

نتعرف على اسماء الله الحسنى وعلى معانيها وآثارها في الحياة ..ثم ندعوه بها .. ونحاول تطبيق معانيها في حياتنا اليومية ..يقول تعالى آمرا بذلك .. { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا .. وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف180.. ونكثر من ذكره جل وعلى في جميع أحوالنا .. حتى نصل إلى درجة الاحسان ..وهي أن نعبد الله كأننا نراه ..وهو اعلى مراتب الايمان ..

الأمر الثاني : نحرص على احسان عباداتنا .. نؤديها كما شرع الله في كتابه وسنة رسوله .. ونُخَلصها من طلب مرضات غير الله .. وعلى رأس تلك العبادات.. الصلاة .. نحرص على اداء الصلاة بخشوع وخضوع ..ونصلي كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..وذلك لعلمنا ..أن إحسان الصلاة من أسباب صلاح باقي الأعمال .. كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة ، فإن صلحت صلح له سائر عمله ، وإن فسدتفسد سائر عمله ( ..

ويكفينا في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم ( من توضأ فأحسنوضوءه ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما ، غفر له ما تقدم من ذنبه )*

فاذا كان المسلم يأخذ هذا الأجر على النافلة التي يحسن وضوءها وخشوعها ..فكيف بالفريضة ؟؟ لاشك أن الفريضة أفضل ..خصوصا أن هناك حديثا يبين ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء .. ثم خرج إلى الصلاة : لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب اللهعز وجل له حسنة ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئة .. فليقرب أحدكم أوليبعد .. فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له .. فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضا وبقي بعض، صلى ما أدرك وأتم ما بقي كان كذلك .. فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك (

هذا الاجر فيمن يحسن صلاته ..وهناك العديد من العبادات التي اذا أحسنها العبد ..وآدها كما شرع الله ..فان له بذلك أجر عظيم ..ونكتفي برمضان والحج .. ففي رمضان يقول صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) وفي الحج (صلى الله عليه وسلم من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه ) .. ويقاس على هذا سائر العبادات ..

الأمر الثالث : نحرص احسان الأمور التي نحن مسؤولون في الدنيا ..وسوف نسئل عنها يوم القيامة .. فمن ذلك .. نحسن الى والدينا أحياء أوأمواتا.. استجابة لأمر الله حين قال ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }الإسراء2 وقال تعالى { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً .. وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }العنكبوت8

وجاء رجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد ، أبتغي الأجر منالله .. فقال له صلى الله عليه وسلم : فهل من والديك أحد حي ؟؟ قال : نعم بل كلاهما حي ..قال : أفتبتغي الأجر منالله ؟؟ قال : نعم قال :( فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ) أخرجه البخاري

الزوج يحسن تعامله مع زوجته .. والزوجة تحسن التعامل مع زوجها .. كما جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلاأن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح ، فإنأطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، ألا إن لكم على نسائكم حقا .. ولنسائكم عليكم حقا .. فأماحقكم على نسائكم فلا يوطئن فُرٌشَكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون .. ألاوحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن . ( حسن ) _ ابن ماجه 1851

علينا أن نحسن تربية أبناءَنا جميعا خصوصا البنات منهن ..جاء في الحديث الصحيح ( من كان له أختان أو ابنتان ، فأحسن إليهما ما صحبتاه ، كنت أنا وهو في الجنةكهاتين . وقرن بين أصبعيه ) فاحسان التربية مهم بالنسبة للفرد وبالنسبة للامة ..فتربية الأبناء مسؤوية الأم والأب ..وكلهم مسؤول عن ذلك ..كما جاء في الحديث ..

علينا أن نحسن في أعمالنا التي نتقاضى عليها أجرا .. نحسن في الدوام ..نحسن في الانتاج .. جاء في الحديث الصحيح ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) قال الشخ الالباني رحمه الله _ وللحديث شاهد يقويه بعضالقوة وهو بلفظ : إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن ..

نبذل كل ما في وسعنا للاحسان في أعمالنا مهما كانت الضغوط والصعوبات ..فمادام الواحد يتقاضى راتبا .. فليؤدي ما طلب منه بكل دقة وأمانة وإحسان..

عموما أخواني واخواتي : المسلم يحسن في جميع الأعمال التي هو مكلف بها أمام الله تعالى ثم أمام الناس..

الأمر الرابع : علينا أن نحسن في سلوكنا مع الآخرين .. سواء في أقوالنا او أعمالنا ..بل وحتى في تفكيرنا وظننا بالآخرين ..
ولا شك أن المتدبر لكتاب الله وسنة رسوله ليجد كما كبيرا من النصوص التي تدعوا الى الإحسان الى الآخرين .. سواء انسا ام جنا ام ملائكة ام حيوانات او حشرات ..بل وحتى الجمادات

ونظرا لكثرة النصوص وضيق الوقت فسأذكر نفسي واخواني ببعض النصوص الكريمة ..والتي لاتخفى على امثالكم..

فمن ذلك مخاطبة الناس بأحسن الكلمات والبعد عن سفاسفها وسيئها ..يقول تعالى { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .. إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }الإسراء5 ويقول تعالى ( وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ )

ويقول تعالى داعيا المسلم الى الاحسان الى الناس المحطين بكل وسائل الإحسان الممكنة قولية اوفعلية ..يقول تعالى { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً .. وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً .. وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ، وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .. إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } النساء36 .. فنلاحظ أن الدعوة الى الاحسان تشمل كل المحتكين بالشخص ..

بل إن الأمر يتعدى من مجرد الاحسان الى الناس ..الى تحمل اساءتهم .. يقول تعالى { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ }المؤمنون96 معنى الآية والله أعلم ( إذا أساء إليك أعداؤك بالقول أو الفعل .. فلا تقابلهم بالإساءة، ولكن ادفع إساءتهم بالإحسان منك إليهم .. ولا تفكر في الرد عليهم ..بل اترك الأمر لنا .. فنحن نعرف ماذا اذا يفكرون فيه وماذا يخططون له ..وسنجازيهم على فعلهم ذلك ..)

ايها الاخوة : والأمر بالاحسان الى الناس يتجاوز المؤمنين الى الكفار من أهل الكتاب ..{ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46 ولا تجادلوا -أيها المؤمنون- اليهودَ والنصارى إلا بالأسلوب الحسن, والقول الجميل, والدعوة إلى الحق بأيسر طريق موصل لذلك, إلا الذين حادوا عن وجه الحق وعاندوا وكابروا وأعلنوا الحرب عليكم فجالدوهم بالسيف حتى يؤمنوا, أو يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون, وقولوا: آمنا بالقرآن الذي أُنزل إلينا, وآمنا بالتوراة والإنجيل اللذَيْن أُنزلا إليكم, وإلهنا وإلهكم واحد لا شريك له في ألوهيته, ولا في ربوبيته, ولا في أسمائه وصفاته, ونحن له خاضعون متذللون بالطاعة فيما أمرنا به, ونهانا عنه.

بل إن الله تعالى لم ينهى المؤمنين عن بر الكافرين والاحسان اليهم اذا لم يحاربوننا ولم يساعدوا على ذلك .. فقال عز من قائل ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ، وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ : أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8ا اي لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين, ولم يخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير, وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبرِّكم بهم. إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم..

وبناء على ما تقدم.. نخرج بـأن الاحسان الى الناس مطلب شرعي .. يشتمل على احسان القول والفعل والتفكير..أما الاحسان الى سائر المخلوفات فهناك ما يدعمه من النصوص الشرعية ..كالرفق بالحيوان ..وعدم اذية الملائكة والجن .. وعدم افساد البيئة ..ونحو ذلك ..

ايها المسلمون : وآخر شيء معنا من أنواع الاحسان ..وهو من احسن الامور وأنفعها للشخص وللامة .. هي الدعوة الى الله تعالى.. نعم الدعوة الى الله تعالى..

الدعوة الى الله تعالى بكل ما يملك الانسان من إمكانات .. يقول تعالى { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فصلت33 أي لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى توحيد الله وعبادته وحده ، وعمل صالحًا وقال: إنني من المسلمين المنقادين لأمر الله وشرعه.
وفي الآية حث على الدعوة إلى الله سبحانه , وبيان فضل العلماء الداعين إليه على بصيرة, وَفْق ما جاء عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

إخوة الايمان: إن الدعوة الى دين الله واجب على كل مسلم ومسلمة ..كل بقدر ما يستطيع ..ومن ترك الدعوة الى الله فقد حاد وأبعد عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم وسنته ..يقول تعالى مؤكدا هذه الحقيقة .. { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي .. وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108

إخواني في الله الدعوة الى دين الله هم يحمله المسلم بين جنبيه .. ينام عليه ويستيقظ عليه ..كما كان الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ..وكما كان الصحابة وسلف هذه الأمة رضي الله عنهم ..

وهذه المهمة ليست صعبة .. فكل منا يستطيع أن يدعوا الى دين الله .. وأهم وأكبر وسائل الدعوة هي القدوة الحسنة.. ثم الكلام والسلوك الحسن .. ثم القيام ببعض الأنشطة التي قد لا تكلف الانسان شيئا ..ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم ..بين مثالا لها فقال ( ..بلغوا عني ولو آية ) فلو علمت أحدا منا مثلا .. كلمة قل هو الله أحد ..فأنت بلغت ودعوت ..

المهم : اخواني في الله ..الله الله في الدعوة الى سبيل الله .. رغبة في ما عند الله ..وتثبيتا للنفس من الانحراف ..واعلاء لكلمة الله في الارض ..وانقاذا للناس من النار ..

ولنعلم أننا كلما تركنا الدعوة الى الله كلما كثرة البدع والشركيات في حياة الناس وحياتنا ..وكلما ضعف أهل التوحيد وقصروا في دعوة الناس الى الدين .كلما قوي أهل الكفر والنفاق .. ونشطوا في الدعوة الى الفساد .. في تناسب طردي ..

ايها المسلمون : الأمة الاسلامية .. مقبلة على فتح عظيم ..ونصر مبين ..والكفار مقبلون على هزمية نكراء .. وخيبة عظيمة ..

فليكن لك دور في ذلك النصر القادم ..ولو كان بالشيء اليسير .. فاليسير مع الاخلاص يجعله الله عظيم ..فأحب الأعمال الى الله أدومها وإن قل ..

ولنحرص جميعا على بذل الوسع في القيام باعمال الأحسان في جميع شئون حياتنا ..حتى يقبلنا الله ..ويجعلنا من عباده المحسنين .. يقول تعالى { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا .. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
8
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

قلب الياسمين
قلب الياسمين
جزاك
الله
خير
نور البرق
نور البرق
جزاك الله كل خير
استقامة
استقامة
جزاك الله خيرا
طائعة الله
طائعة الله
جزاك الله خير الجزاء ونفع الله بك وجعلك من التائبين الصالحين
*wed*
*wed*
والله انها درجة ارجوا ان ادركها وتذكرت هنا في سورة في القرآن

وهي سورة يوسف قد تكرر ذكر ان يوسف عليه السلام كان محسنا .... حيث احسن في عبادته لله واحسن مع الناس في تعامله وفي دعوته العجيبة الى دين الله وبالاخص لمن كان معه في السجن

فرفعه الله وجزاه ان يكون عزيز مصر وذكر الله بانه له اجر عظيم في الاخرة

.......... صراحة كل ماذكر الإحسان اتذكر نبي الله يوسف

وجميع انبياء الله محسنين وهذا بفضل الله على عباده

............................

بارك الله فيك وجعلك من المحسنين