jolee71 @jolee71
عضوة نشيطة
هل اعتذر لابني؟؟؟
أ. جاسم المطوع
أثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه ، ونزلت دمعة من عينه على خده ، وكنت وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم ، وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني على انفراد قائلاً: هل تعلم لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي؟ قلت له : لا والله ! فقال: إن لي ابنا عمره سبعة عشر سنة ، وقد هجرته منذ خمس سنوات لأنه لا يسمع كلامي ، ويخرج مع صحبة سيئة ، ويدخن السجائر، وأخلاقه فاسدة ، كما أنه لا يصلي ولا يحترم أمه ، فقاطعته ومنعت عنه المصروف ، وبنيت له غرفة خاصة على السطح ، ولكنه لم يرتدع ، ولا أعرف ماذا أعمل ، ولكن كلامك عن الحوار ، وأنه حل سحري لعلاج المشاكل أثر بي ، فماذا تنصحني؟
هل أستمر بالمقاطعة أم أعيد العلاقة ؟ وإذا قلت لي ارجع إليه ، فكيف السبيل ؟
قلت له: عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد ، وإن ما عمله ابنك خطأ ، ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً ، أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ ، وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه ، ومستقيما ًفي سلوكه ، فرد علي الرجل قائلاً : أنا أبوه أعتذر منه ؟ نحن لم نتربى على أن يعتذر الأب من ابنه!
قلت: يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً ، وإنما على المخطئ أن يعتذر، فلم يعجبه كلامي ، وتابعنا الدورة وانتهي اليوم الأول ، وفي اليوم الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه ، وقلت له: ما الخبر؟
قال: طرقت على ابني الباب في العاشرة ليلاً ، وعندما فتح الباب قلت له: يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات ، فلم يصدق ابني ما قلت ، ورمى رأسه على صدري ، وظل يبكي فبكيت معه . ثم قال: يا أبي أخبرني ماذا تريدني أن أفعل ، فإني لن أعصيك أبداً.
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة ، نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم ، فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار عند الخطأ ، وإذا لم يعتذر ، فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر ، هذا ما كنت أقوله في أحد المجالس في مدينة بوسطن بأمريكا ، وكان بالمجلس أحد الأصدقاء الأحباء وهو د. وليد فتيحي، فحكي لي تعليقاً على ما ذكرت ، قصة حصلت بينه و بين أحد أبنائه ، عندما كان يلعب معه بكتاب من البلاستيك ، فوقع الكتاب خطأ على وجه الطفل ، وجرحه جرحا ًبسيطاً ، فقام واحتضن ابنه ، واعتذر منه أكثر من مرة حتى شعر أن ابنه سعد باعتذاره هذا ، فلما ذهب به إلى غرفة الطوارئ في المستشفي لعلاجه ، وكان كل من يقوم بعلاجه يسأله كيف حصل لك هذا الجرح ؟ يقول: كنت ألعب مع شخص بالكتاب فجرحني ، ولم يذكر أن أباه هو الذي سبب له الجرح .
ثم قال د. وليد معلقاً ، أعتقد أن سبب عدم ذكري لأنني اعتذرت منه ، وحدثني صديق آخر عزيز علي ، وهو دكتور بالتربية ، بأنه فقد أعصابه مرة مع أحد أبنائه وشتمه واستهزأ به ، ثم اعتذر منه فعادت العلاقة أحسن مما كانت عليه في أقل من ساعة .
فالاعتراف بالخطأ والاعتذار لا يعرف صغيراً أو كبيراً ، أو يفرق بين أب وابن.
21
1K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حنان امي الحبيبة
•
رفع
الصفحة الأخيرة